فوبيا الطعام.. عندما يصبح الأكل حالة مرضية وسبباً للقلق
فوبيا الطعام.. عندما يصبح الأكل حالة مرضية وسبباً للقلق
خبراء: الأسباب غير معروفة وقد يكون نتيجة تجارب سلبية لدى المريض
الأمم المتحدة: الطعام حق من حقوق الإنسان ويشترط أن يكون كافياً ومتاحاً
في سخرية وكناية عن ضآلة ما يتاح لها من حقوق قالت غادة السمان: "اكتشفتُ أن حقوقي لا تتعدى حق الأكل والشرب والإنجاب والموت"، بالطبع لم تكن تعلم أن هناك من لا يتاح لهم حتى تناول الطعام ليس لفقرهم وإنما لخوفهم منه.
فرغم أن حاجة الإنسان إلى الطعام ليست خيارا بالنسبة له، بل هي أمر أساسي كي يتمكن من الحفاظ على صحته، فإن هناك عددا من الأشخاص في العالم، يعانون نوعا من الرهاب غير الشائع، يدعى "سيبوفوبيا" أو ما يعرف برهاب الخوف من الطعام.
ووفقًا لخبراء، فإن رهاب الخوف من الطعام، هو رهاب معقد نسبيا، ومن الصعب التعرّف على المصابين بأعراضه في المجتمع، في زمن يعمد فيه عدد كبير من الأشخاص، ومن منطلق المحافظة على رشاقتهم إلى تجنب تناول بعض الأطعمة تماما.
يجب التفريق بين الأشخاص الذين يخشون تناول الطعام، بسبب تأثيره على شكل أجسادهم، وبين الذين يعانون من رهاب "سيبوفوبيا" الذين يخافون من الطعام نفسه، فالأشخاص المصابون بالسيبوفوبيا، قد يشعرون بالخوف من تناول مختلف أنواع الأطعمة، أو قد يقتصر خوفهم على أطعمة معينة، حيث إن علامات الإصابة بهذه الفوبيا تتمثل بالخوف من تناول أطعمة مثل المايونيز والحليب والفواكه والخضروات الطازجة واللحوم، على اعتبار أنها أطعمة شديدة التلف أو فاسدة بالفعل.
وفقًا للأبحاث، يشعر العديد من الأشخاص بفوبيا الطعام بالاختناق أو الغثيان عند تناول أنواع معينة من الطعام، هذه الأعراض يمكن أن تؤدي إلى فقدان الوزن غير المقصود أو النقص الغذائي، ما يؤثر على صحة شخص مصاب بفوبيا الطعام بشكل سلبي.
وعلى الرغم من التحديات التي يواجهونها، يمكن للأشخاص الذين يعانون من فوبيا الطعام العثور على الدعم والمساعدة.. يجب على المصابين البحث عن العلاج المناسب، بما في ذلك تقنيات التحكم في القلق والعلاج النفسي المعرفي، والتي تستهدف تغيير الأفكار السلبية والسلوكيات المرتبطة بالطعام، لا يوجد علاج سحري لفوبيا الطعام، لكن يمكن للعلاج المناسب أن يساعد المصابين على تحسين نوعية حياتهم وتجاوز هذا الخوف المستمر.
من المهم توعية المجتمع وتشجيع المحيطين للتفهم والدعم لأولئك الذين يعانون من هذا الاضطراب الصحي النفسي.
فوبيا الطعام ليست مجرد قلق عادي حيال الأطعمة، بل هي مشكلة خطيرة قد تؤثر على حياة الأشخاص المتأثرين بها، ويجب زيادة الوعي حول هذا الاضطراب وتقديم الدعم والمساعدة للأفراد الذين يواجهونه، من أجل تعزيز صحة العقل والجسم لجميع الأفراد في مجتمعين.
"جسور بوست" تناقش المشكلة مع خبراء متخصصين للتوعية من مخاطرها..

الجوانب الأساسية للحق في الطعام
ورغم تخوف البعض من الطعام فإن الأمم المتحدة تعتبره حقا أصيلا من حقوق الإنسان، ووفقًا لتقارير لها فإن العناصر الأربعة الأساسيّة للحق في الغذاء هي:
التوافر: يجب أن يكون الغذاء متوفّرًا من الموارد الطبيعية، سواء من خلال إنتاج الغذاء، عبر زراعة الأرض أو من الإنتاج الحيواني، أو من خلال طرق أخرى مثل صيد الأسماك أو الصيد البري أو جمع الثمار.
ويجب أن يكون الغذاء متوفرًا للبيع في الأسواق والمحلات.
إمكانية الوصول: يجب أن يكون الغذاء متوفّرًا بأسعار مقبولة، ويجب أن يتمكن الأفراد من الحصول على نظام غذائي كافٍ من دون المساس بأي من احتياجاتهم الأساسية الأخرى، مثل مصاريف المدارس أو الأدوية أو إيجار المسكن، ويجب أن يكون سبيل الوصول إلى الغذاء متاحًا للمجموعات الضعيفة جسديًا، بمن في ذلك الأطفال والمرضى والأشخاص ذوو الإعاقة وكبار السن.
كما يجب أن يكون الغذاء متوفّرًا للأشخاص في المناطق النائية ولضحايا النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والسجناء.
الكفاية: يجب أن يشبع الغذاء الاحتياجات الغذائية، مع مراعاة عمر الشخص، وظروف المعيشة، والصحة، والعمل والجنس، إلخ، ويجب أن يكون الغذاء آمنًا لاستهلاك الإنسان وخاليًا من المواد الضارة.
الاستدامة: يجب أن يبقى الغذاء متوفّرًا لأجيال اليوم والغد على حد سواء.

الأسباب غير معروفة
علق الخبير النفسي الدكتور جمال فرويز على المشكلة بقوله، إن فوبيا الطعام واحدة من الاضطرابات النفسية التي تؤثر على العديد من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، تُعرف هذه الحالة أيضًا باسم اضطراب القلق النمطي للطعام وهو نوع من الاضطرابات التي تجعل الأشخاص يعانون من قلق حاد وخوف غير معقول عند تناول الطعام.
وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، يشعر المصابون بتوتر شديد ورهاب عند تناول أنواع معينة من الطعام أو حتى عند مجرد التفكير فيه، وتعتبر فوبيا الطعام مشكلة متنوعة ومعقدة تؤثر على حياة الأشخاص الذين يعانون منها، وقد يشعرون بالعار أو الإحراج مما يعتبره الآخرون مجرد طعام عادي، ويمكن لهذا القلق أن يتعارض مع حياتهم الاجتماعية والشخصية، حيث قد يتجنبون الأماكن العامة أو الاجتماعات الاجتماعية التي تتضمن الطعام، ما يؤثر سلبًا على جودة حياتهم.

الدكتور جمال فرويز
وقال إن هناك عدة أسباب محتملة لظهور فوبيا الطعام، بما في ذلك الخبرات السلبية في الماضي مع الطعام، مثل التسمم الغذائي أو التعرض للتهكم من قبل الآخرين بسبب تفضيلاتهم الغذائية، كما قد تؤثر العوامل الوراثية أو البيئية وحتى الحالات الصحية الأخرى على ظهور هذا الخوف الشديد من الطعام.