هجوم مسلح على محكمة زاهدان بإيران تتبناه جماعة "جيش العدل"
هجوم مسلح على محكمة زاهدان بإيران تتبناه جماعة "جيش العدل"
شهدت مدينة زاهدان، عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية، اليوم السبت، هجوماً مسلحاً استهدف مبنى محكمة العدل العليا، في عملية عنيفة تسببت في سقوط قتلى وجرحى، وسط حالة استنفار أمني غير مسبوقة في المنطقة التي تشهد توتراً مزمناً منذ سنوات.
وأكدت وسائل إعلام إيرانية، من بينها وكالة "فارس" التابعة للحرس الثوري، أن ثلاثة من المهاجمين قُتلوا خلال تبادل إطلاق النار، مشيرة إلى أن الجهات المختصة ستعلن لاحقًا الحصيلة النهائية للضحايا.
وفي بيان لاحق، أعلن قسم العلاقات العامة في مقر "قدس" التابع للقوة البرية في الحرس الثوري، أن ما لا يقل عن تسعة أشخاص لقوا مصرعهم، فيما أصيب عشرون آخرون خلال الهجوم على المحكمة.
تفاصيل مرعبة وتكتم
وثّقت وكالة "فارس" مشاهد من أمام المحكمة، حيث سُمع دوي انفجارات متتالية وإطلاق نار كثيف، ما أثار حالة من الذعر في محيط المكان.
وأشارت الوكالة إلى وجود تكهنات بأن أحد منفذي الهجوم كان انتحاريًا، فيما لا تزال الأسباب الدقيقة للانفجار غير واضحة نظرًا لمنع الصحفيين من دخول المبنى.
وأكدت وكالة "ميزان" القضائية انتهاء الاشتباكات داخل مبنى المحكمة، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول هوية الضحايا أو الإجراءات الأمنية اللاحقة.
هجوم على القضاة
في سياق موازٍ، نقل موقع "حال واش"، المعني بأخبار بلوشستان، روايات شهود عيان تحدثوا عن اقتحام عدة مسلحين للمحكمة الواقعة في شارع الحرية وسط زاهدان، مؤكدين أنهم استهدفوا مكاتب القضاة بشكل مباشر، وأسفر الهجوم عن وقوع قتلى وجرحى بين الموظفين وأفراد الأمن.
وأشار الموقع إلى استخدام قذائف هاون خلال العملية، ما زاد من فداحة الهجوم، في وقت عززت فيه السلطات من وجودها الأمني حول المبنى.
وتبنّت جماعة "جيش العدل" السنية المسلحة الهجوم، وأطلقت عليه اسم "يد العدالة"، ووصفت المهاجمين بأنهم "فدائيون من أجل العدالة الإلهية".
وفي بيان لها، أعلنت الجماعة أن الهجوم جاء انتقاماً لما وصفته بـ"الجرائم التي يرتكبها النظام الإيراني"، في إشارة مباشرة إلى أحداث "الجمعة الدامية" في زاهدان خريف عام 2022، حين قُتل عشرات المصلين والمحتجين خلال قمع أمني عنيف من قبل القوات الإيرانية.
الصراع في بلوشستان
تُعد جماعة "جيش العدل" إحدى أبرز الجماعات السنية المناهضة للسلطات الإيرانية، وتنشط بشكل أساسي في المناطق ذات الغالبية البلوشية السنية جنوب شرقي البلاد.
وتُصنَّف الجماعة منظمة إرهابية من قبل إيران والولايات المتحدة، وقد نفّذت عدة عمليات مسلحة استهدفت الحرس الثوري وقوات الأمن خلال العقد الماضي، متهمة السلطات الإيرانية باضطهاد الأقليات الدينية والعرقية، لا سيما في المناطق الحدودية.
وتعكس العملية تصاعد التوتر في إقليم سيستان وبلوشستان، الذي يشهد منذ سنوات احتجاجات شعبية واشتباكات مسلحة متقطعة، على خلفية التهميش السياسي والاقتصادي الذي يعانيه سكان الإقليم، والذين ينتمون بغالبيتهم إلى الطائفة السنية، في بلد تهيمن عليه الطائفة الشيعية.
ورغم الإجراءات الأمنية المشددة التي تطبّقها طهران، فإن تكرار الهجمات في هذه المناطق يكشف عن هشاشة السيطرة الحكومية، ويثير تساؤلات حول فعالية السياسات الأمنية في التعامل مع التحديات المتصاعدة، لا سيما في ظل استمرار التوترات المذهبية والإقليمية.