بالانتقال من الاحتباس الحراري إلى «الغليان».. العالم فوق صفيح ساخن

بالانتقال من الاحتباس الحراري إلى «الغليان».. العالم فوق صفيح ساخن

في العقود الماضية، كان الاحتباس الحراري هو المصطلح الشائع لوصف ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن انبعاثات الغازات الدفيئة، ومع ذلك، فإن هناك تصاعدًا في الحديث عن تحول المناخ من مرحلة الاحتباس الحراري إلى مرحلة الغليان. 

ويعتبر 2023 هو عام كسر الأرقام القياسية للاحترار العالمي، على مدى أكثر من 120 ألف عام، وفق المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، وخدمة كوبر نيكوس لتغير المناخ في الاتحاد الأوروبي.

ويُعتقد أن مرحلة الغليان تشير إلى زيادة كبيرة ومتسارعة في درجات الحرارة وتأثيراتها على النظم الإيكولوجية والحياة البشرية. 

وبعد التحول من مرحلة الاحتباس الحراري إلى مرحلة الغليان، ومن خلال تحليل البيانات المناخية، يتضح أن هناك ازديادًا في درجات الحرارة العالمية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، فقد سجلت بعض البلدان والمناطق أرقامًا قياسية لأعلى درجات حرارة مسجلة على الإطلاق. 

وحطم شهر يوليو الماضي، المستوى القياسي لأكثر الأشهر حرا على الإطلاق في العالم بفارق 0.33 درجة مئوية عن يوليو من عام 2019، حسب ما أعلن مرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي حول التغير المناخي. 

وسجل شهر يوليو الماضي الذي شهد موجات حر وحرائق غابات في العالم، حرارة جو أكثر سخونة بـ0.72 درجة مقارنة مع أشهر يوليو في السنوات الممتدة بين 1991 و2020. 

مرحلة الغليان العالمي

دفع ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى القول إن البشرية انتقلت من مرحلة الاحتباس الحراري لتدخل "مرحلة الغليان العالمي". 

وقد يحطم العام 2023 مستويات قياسية أخرى، فقد قال مرصد كوبرنيكوس: "نتوقع أن تكون نهاية العام 2023 حارة نسبيا بسبب تطور ظاهرة إل نينيو”، وتؤدي هذه الظاهرة المناخية الدورية فوق المحيط الهادئ لارتفاع إضافي في معدلات الحرارة.

هذا الارتفاع السريع في درجات الحرارة يشير إلى أننا قد ندخل مرحلة تفوق فيها النظام المناخي الحدود السابقة لمرحلة الاحتباس الحراري، منها زيادة تكرار الأحداث المناخية المتطرفة، حيث تشهد العديد من البلدان والمناطق حدوث أحداث مناخية متطرفة بشكل متكرر، مثل الفيضانات العارمة والجفاف الشديد والعواصف العاتية.. هذه الأحداث تشير إلى تغيرات جوهرية في نظام المناخ وتعزز فكرة التحول إلى مرحلة الغليان، أيضًا تأثيرات سلبية متصاعدة، ويشهد العالم تأثيرات سلبية متنوعة نتيجة للتغير المناخي المتسارع. 

وتتضمن هذه التأثيرات ارتفاع مستوى سطح البحر، وتآكل التنوع البيولوجي، ونقص الموارد المائية، وزيادة حدة الأحداث الجوية المتطرفة، وتتفاقم هذه التحديات وتزداد تعقيدًا، ما يشير إلى أننا قد نكون في مرحلة تجاوزت فيها تأثيرات الاحتباس الحراري المألوفة ودخلنا مرحلة الغليان.

"جسور بوست"، تناقش الأزمة وتبعاتها وتأثيراتها على الإنسان وحقوقه وفقًا لمعايير الأمم المتحدة.

ما هو الاحتباس الحراري .. أسباب وتأثيرات الخطر المحدق بالبشرية

تأثيرات مدمرة

ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن تغير المناخ يهدد التمتع الكامل والفعلي بمجموعة متنوعة من حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة، والحق في الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي، والحق في الغذاء، والحق في الصحة، والحق في السكن، والحق في تقرير المصير، والحق في الثقافة، والحق في التنمية. 

وتنص الدراسات والتقارير العلمية على أن الأرض مقبلة على تطرفات مناخية أشد خلال الأعوام القادمة، ما سيجعل الحياة عليها صعبة وقاسية جدا بالنسبة لمختلف الأنواع والكائنات الحية وليس البشر فقط، على وقع تصاعد وتائر حرائق الغابات والجفاف والتصحر، وانحسار للمساحات الخضراء والمسطحات المائية، وذوبان متسارع لجليد القطبين الجنوبي والشمالي، وارتفاع في منسوب البحار وتزايد لتأثيرات الاحترار القياسي على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، وعلى قابلياته الإدراكية والإنتاجية والسلوكية، وإخلال بطبيعة الأشياء وبالتوازن البيئي والحيوي على كوكب الأرض.

وأوردت الأمم المتحدة في مواثيقها، أن العبء يقع على عاتق الدول، التزامًا في مجال حقوق الإنسان يقضي بمنع الآثار السلبية المتوقعة لتغير المناخ، وضمان أن يتمتّع الأشخاص المتضررون منه، لا سيّما من يعيش أوضاعًا هشّة، بإمكانية الوصول إلى التعويضات ووسائل التكيف الفعالة لعيش حياة كريمة.

تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري على منطقة الشرق الأوسط - آفاق علمية وتربوية

 الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي

وفي هذا الإطار قالت الأكاديمية والخبيرة الاقتصادية، الدكتورة خلود حسام، إن العالم يشهد جهودًا متزايدة لمكافحة تغير المناخ والتأثيرات السلبية الناجمة عنه، منها اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015، والتي تهدف إلى الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية بحدود 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وبذل جهود للوصول إلى زيادة في درجات الحرارة لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية، هذا الالتزام العالمي بالطبع يشير إلى الاعتراف بأن التغير المناخي قد تجاوز المرحلة السابقة ويحتاج إلى استجابة أكبر وأكثر فاعلية. 

وعن التحديات المستقبلية أضافت الدكتورة خلود في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، رغم وجود دلائل على التحول من مرحلة الاحتباس الحراري إلى مرحلة الغليان، فإن هناك تحديات مستقبلية تواجهنا في سبيل مواجهة تأثيرات التغير المناخي، وتشمل هذه التحديات، زيادة التعاون الدولي ويتطلب التحول إلى مرحلة الغليان تعاونًا دوليًا أكبر وجهودًا مشتركة لتقديم حلول فعالة، ويجب على الدول والمنظمات العالمية تعزيز التعاون وتبادل المعرفة والتكنولوجيا للتصدي لتحديات التغير المناخي، أيضًا تكنولوجيا الطاقة المستدامة، فيجب زيادة الاستثمار في تطوير واعتماد تكنولوجيا الطاقة المستدامة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة النووية النظيفة، ويمكن أن تلعب هذه التكنولوجيات دورًا حاسمًا في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق الاستدامة البيئية. 

الدكتورة خلود حسام

واستطردت: “يجب تغيير السلوكيات ونمط الحياة، فمن الضروري تغيير نمط الحياة الحديثة وسلوكياتنا لتكون أكثر استدامة مع تشجيع الاعتماد على وسائل النقل العام والدراجات والمشي، وترشيد استهلاك الموارد والماء، وتقليل إنتاج النفايات وإعادة التدوير”.  

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية