بانضمام مصر والإمارات والسعودية إلى بريكس.. هل تتغير خريطة العالم الاقتصادية؟
بانضمام مصر والإمارات والسعودية إلى بريكس.. هل تتغير خريطة العالم الاقتصادية؟
خبراء: مصر والإمارات والسعودية على طاولة بريكس.. آفاق جديدة لنهضة اقتصادية عربية
من المقولات الخالدة التي يرددها رواد الاقتصاد في العالم مقوله تنسب لـ"أدولف هتلر" إذ يقول: "يجب أن تكون هناك قوة وراء الاقتصاد، لأن القوة وحدها هي التي تضمن الاقتصاد".
وقد تختلف أو تتفق على قائلها لكنك حتمًا ستتفق مع حقيقتها، فسياسات الدول الجيدة تعمل على نهضتها ومن ثم قوة اقتصادها ثم ارتقائها إلى التنافسية العالمية والتأثير في خريطة العالم الاقتصادية، وإن شئت فقل تغييرها.
من بين تلك الدول القوية التي استطاعت فرض وجودها على المجموعة الاقتصادية الأهم "بريكس"، كانت مصر والإمارات والسعودية.
ففي خطوة مفاجئة وذات أهمية كبيرة في العلاقات الدولية، أُعلن انضمام الدول الثلاث إلى مجموعة بريكس، المجموعة الاقتصادية والسياسية المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وأعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الخميس، دعوة 6 دول جديدة للانضمام إلى مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة.
وقال رئيس جنوب إفريقيا خلال كلمة ألقاها في مستهل اليوم الأخير من اجتماع قمة بريكس، إن مجموعة دول "بريكس" اتفقت على دعوة مصر، والسعودية، والإمارات، والأرجنتين، وإثيوبيا، وإيران للانضمام إلى عضوية المجموعة.
من جانبه قال رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، إن بلاده تقدر موافقة قادة مجموعة بريكس على ضم دولة الإمارات إلى هذه المجموعة المهمة، مؤكدًا "تطلع بلاده إلى العمل معا ضمن مجموعة بريكس، من أجل رخاء ومنفعة جميع دول وشعوب العالم".
ويقوم تحالف بريكس بإعادة تشكيل النظام العالمي من خلال تحويل القوة من "الشمال العالمي" إلى "الجنوب العالمي".
وتظهر الأرقام القوة الاقتصادية التي وصلت إليه دول بريكس، فقد أصبحت مسيطرة وكبيرة على مستوى العالم، وتظهر بيانات صندوق النقد الدولي، أن مساهمة التكتل بلغت 31.5 بالمئة في الاقتصاد العالمي بنهاية 2022، مقابل 30.7 بالمئة للقوى السبع الصناعية.
ووفقًا لخبراء هاتفتهم "جسور بوست"، فإن هذه الدعوة تأتي في إطار التطورات الجيوسياسية الحالية وتحركات الدول العربية والخليجية نحو توسيع دوائر التعاون الدولي وتنويع شراكاتها الاقتصادية والسياسية.
وتعكس هذه الدعوة رغبة كل من السعودية ومصر والإمارات في تعزيز مكانتهم ودورهم في المنطقة وعلى الصعيد العالمي.
من المتوقع أن تكون هذه الدعوة للانضمام إلى مجموعة بريكس بمثابة نقلة نوعية للدول المدعوة مؤخرًا.
وتشترك السعودية ومصر والإمارات في العديد من العوامل التي تجعلها مرشحة قوية للانضمام إلى مجموعة بريكس.
فجميعها تمتلك اقتصادات ضخمة وتعتبر مراكز اقتصادية رئيسية على المستوى الإقليمي والعالمي، بالإضافة إلى ذلك، تتمتع هذه الدول بمواقع جيوسياسية استراتيجية وتلعب أدوارًا مهمة في الشؤون الإقليمية والدولية.
الخبراء ذاتهم وضحوا أنه ثمة تحديات ستواجهها هذه الدول، واحدة من هذه التحديات هي التوافق بين أجندات الدول العربية الثلاث وأجندة مجموعة بريكس، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والتجارية والاستراتيجية، وقد تحتاج هذه الدول إلى تعديل سياساتها وإجراءاتها لتتوافق مع متطلبات وأهداف الانضمام إلى المجموعة.
ومن المتوقع أن يثير هذا القرار تفاعلًا كبيرًا في الأوساط الدولية والإقليمية، فإضافة السعودية ومصر والإمارات إلى مجموعة بريكس ستعزز قوة المجموعة وتسهم في تغيير توازنات القوى العالمية، وقد تؤدي هذه الخطوة أيضًا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول العربية ومجموعة بريكس، وتفتح آفاقًا جديدة للتبادل التجاري والاستثمار والتعاون التكنولوجي.
تأتي هذه الدعوة في إطار جهود الدول العربية والخليجية لتوسيع شراكاتها وتنويع علاقاتها الدولية، فقد شهدت المنطقة تحركًا نشطًا في السنوات الأخيرة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، وتطوير الاقتصادات وتنويع مصادر الدخل.
من المتوقع أن تسهم دعوة السعودية ومصر والإمارات للانضمام إلى مجموعة بريكس في تعزيز هذه الجهود وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية كبيرة للدول العربية.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك أكثر من 20 دولة من الجنوب العالمي طلبت رسميًا الانضمام قبل القمة.
"جسور بوست"، تناقش مع خبراء ومحللين أهمية الانضمام إلى مجموعة بريكس، وما تعكسه من توسيع دوائر التعاون الدولي وتعزيز مكانتهم الإقليمية والعالمية، والعلاقات الدولية وتوازنات القوى العالمية، وتأثير ذلك على الخريطة الاقتصادية.
تحرر نسبي من الدولار
وقال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، الدكتور صلاح الدين فهمي، إن العالم يتجه الآن إلى تكتلات اقتصادية، فمنذ عام 1995 حينما تم التوقيع على اتفاقية منظمة التجارة العالمية، في المادة 24 للمنظمة وتم إقرار أن الأفضل للبلدان النامية والاقتصادات الناشئة الدخول إلى المنظمة من خلال تكتلات اقتصادية بدلًا من الدخول فرادى، حيث يوفر لها ذلك تعاونا متبادلا ولا تضطر لأن تكون تابعة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك قطبين على مستوى العالم: القطب الشرقي والقطب الغربي، الشرقي تمثله روسيا مع الصين وبعض الدول، والقطب الغربي تمثله أمريكا ومعها الاتحاد الأوروبي، ومع حرب أوكرانيا وروسيا ظهرت مشكلة، حيث أصبحت الأمم المتحدة تؤثر على بعض الدول للانضمام لها، وكذلك فعلت روسيا، ثم بدأت اللعبة، مع العلم أن أمريكا تستمد قوتها من نقطتين أساسيتين، أولاهما القواعد العسكرية الأمريكية الكثيرة على مستوى العالم، والثانية هي الدولار.
وتابع في تصريحاته لـ"جسور بوست": “عمدت أمريكا إلى رفع سعر الفائدة ومن ثم أصبح التعامل بالدولار في حركة التجارة بالنسبة للدول الناشئة، ومن ثم جاءت فكرة الانضمام إلى تكتلات اقتصادية تقوم على المقايضة للعملات فبدلًا من الدفع بالدولار يتم الدفع بالتبادل بعملة الدولة المصدرة والمصدر لها، وبدأت دول مثل الأرجنتين والإمارات والسعودية ومصر الانضمام في هذا الإجراء لتقليل التعامل بالدولار، ما سيخفف عنها أعباء اقتصادية وهذا شيء إيجابي”.
وأتم: "هذا لا يعني أن الدولار بدأ في السقوط للهاوية لأنه عملة قوية وسوف تدافع عنه أمريكا بقوة من خلال تحالفات، وهذا يؤدي إلى تعدد القطبية ما يعطي مردودا إيجابيا على التجارة الدولية ومنها مصر والإمارات والسعودية، ما يجعلهم مؤثرين ومستفيدين.
الدكتور صلاح الدين فهمي
إعلان ثقة
وبدوره قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، الدكتور فخري الفقي، إن هذه الدعوة بمثابة إعلان ثقة في الدول العربية المدعوة بأن اقتصادها قوي وقادر، وثمة منفعة متبادلة، فكما ستستفيد تلك الدول كذلك ستستفيد "بريكس" ذاتها، ومن شأن ذلك تخفيف التعامل بالدولار ودعم العملات المحلية لتلك الدول، كذلك تنشيط السياحة وزيادة حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء خاصة بالعملة المحلية بدلا من الدولار، وبالتالي سعر صرفه سيقل ولكن بداية من 2024.
وتابع في تصريحاته لـ"جسور بوست": “تهدف دعوة الإمارات ومصر والسعودية إلى تعزيز التكامل الاقتصادي وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجية، ويتوقع أن تسهم هذه الدول في الاقتصاد العالمي بشكل كبير وتعمل على تبادل المعرفة والخبرات مع باقي الدول الأعضاء في مجموعة بريكس، ويمكن لهذه الدول العمل بالتنسيق مع الأعضاء الأصليين في التصويت على القرارات الدولية التي تهم المنطقة وتأثيرها الإقليمي والدولي”.
الدكتور فخري الفقي
وأتم: “دعوة الإمارات ومصر والسعودية للانضمام إلى مجموعة بريكس تعتبر خطوة مهمة في توسيع نطاق التعاون الاقتصادي، وتعزيز الاستقرار السياسي، وتعزيز الدور العالمي لهذه الدول في العالم، وستكون لهذه الدول فرصة لتعزيز التعاون مع الدول الأعضاء والعمل على تعزيز الرخاء والاستقرار في المنطقة والعالم”.
تحالف بريكس
بريكس هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتينية BRICS المكونة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وعقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة في يكاترينبورغ بروسيا في يونيو 2009 حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية.
وعقدت أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول «بريكس» في يوليو عام 2008، وذلك في جزيرة هوكايدو اليابانية حيث اجتمعت آنذاك قمة «الثماني الكبرى»، وشارك في قمة «بريكس» رئيس روسيا فلاديمير بوتين ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جين تاو ورئيس وزراء الهند مانموهان سينغ ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، واتفق رؤساء الدول على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية، بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية، وانضمت دولة جنوب إفريقيا إلى المجموعة عام 2010، فأصبحت تسمى بريكس بدلاً من بريك سابقا.
تشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40% من سكان الأرض، ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حاليا، حسب مجموعة غولدمان ساكس البنكية العالمية، والتي كانت أول من استخدم هذا المصطلح في عام 2001.