لويس بوينو: دعم دول الشرق الأوسط أولوية لنا وعلاقتنا بالخليج استراتيجية

الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في حوار مع "جسور بوست"

لويس بوينو: دعم دول الشرق الأوسط أولوية لنا وعلاقتنا بالخليج استراتيجية
الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لويس ميغيل بوينو

نواجه أزمة أمن غذائي تشمل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.. واعتمدنا دعماً للمنطقة بقيمة 225 مليون يورو

الاتحاد الأوروبي “يشعر بالفزع” من وحشية الأطراف المتحاربة في السودان وتجاهلها للمدنيين.. ومستعد للنظر في استخدام جميع الوسائل المتاحة لإنهاء الصراع

الشفافية في إدارة الشؤون العامة والخطوط الواضحة للمسؤولية والمساءلة ووجود هيئات رقابية قوية ومستقلة ومكافحة الفساد إصلاحات ضرورية في لبنان

الاتحاد الأوروبي يتابع بقلق بالغ التطورات في اليمن.. والنزاع ضاعف التحديات والاختلالات الاقتصادية ما يسبب تأثيرات مدمرة ودائمة على معيشة شرائح كبيرة

نتابع باهتمام وقلق بالغين الوضع في ليبيا.. والجهود المبذولة للإسهام في استقرارها وازدهارها على رأس جدول أعمال الاتحاد الأوروبي

تمر تونس بفترة انتقالية دقيقة ورسالتنا واضحة: نحن هنا لتقديم الدعم

الخليج منطقة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي ونريد تقريب منطقتينا من أجل منفعتنا المتبادلة

التزامنا بصفتنا الاتحاد الأوروبي هو العمل من أجل إحياء الاتفاق النووي الإيراني وهذا ما نقوم به

لا يزال "داعش" يشكل تهديداً خطيراً.. وما زلنا ملتزمين بمواجهة تهديده في سوريا والعراق وأماكن أخرى

الانقلاب الأخير في النيجر لإرساء دكتاتورية عسكرية خبر سيئ بالنسبة لمحاربة الإرهاب

 السبيل الوحيد لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو اتفاق ينهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967.. ويجب أن تتخلى إسرائيل عن خطط الضم

 

رحبنا بتطبيع الدول العربية مع إسرائيل لثلاثة أسباب.. ولن يكون هناك سلام واستقرار مستدامان في المنطقة دون تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي 

أجرى الحوار: سامي جولال

عصفت بالمنطقة العربية خلال الفترة الأخيرة مجموعة من الأزمات، من بينها أزمة الأمن الغذائي، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، في ظل اعتماد عدد من دول المنطقة على الحبوب الأوكرانية بشكل كبير، والأزمة السياسية والاقتصادية في تونس، والحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والانقلاب العسكري في النيجر. 

وتشهد المنطقة استمرار عدد من الأزمات، التي بدأت قبل سنوات طويلة، ولم تعرف طريقها إلى الحل إلى غاية الآن، منها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والأزمة الليبية، والأزمة اللبنانية، والأزمة اليمنية.. كل هذه الأزمات يتابعها الاتحاد الأوروبي باهتمام كبير، وتحظى بأهمية بالغة في أجندته الخارجية، وينخرط ميدانيّاً في تدبيرها وتسويتها، وفق ما أوضحه الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لويس ميغيل بوينو، في حوار خاص مع "جسور بوست".

بوينو تحدث أيضاً، في حواره مع "جسور بوست"، عن عمل الاتحاد الأوروبي على إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وعن استمرار خطورة "داعش"، ومواصلة الاتحاد الأوروبي التزامه بمواجهة تهديده في سوريا، والعراق، وأماكن أخرى، وانخراطه في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، وموقف الاتحاد الأوروبي من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والحل الذي يقترحه لتسوية هذا النزاع المستمر منذ أكثر من 70 عاماً، وكذا موقفه من اتفاقيات التطبيع واستئناف العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، وأهمية منطقة الخليج بالنسبة للاتحاد الأوروبي، واستراتيجيته لتعزيز علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي.

وفي ما يلي نص الحوار: 

أزمة الأمن الغذائي

في منتصف يوليو المنصرم، انسحبت روسيا من اتفاق الحبوب، الذي وقعته في يوليو 2022 مع أوكرانيا في إسطنبول برعاية الأمم المتحدة وتركيا، لإعادة فتح الموانئ الأوكرانية الواقعة على البحر الأسود، من أجل تصدير الحبوب، بعدما أوقفت الحرب الروسية- الأوكرانية عمليات التصدير، بعد انطلاقها في 24 فبراير 2022. 

وهاجمت روسيا قبل أيام ميناء "إسماعيل" في نهر الدانوب على الحدود مع رومانيا، ما تسبب في أضرار بالميناء وصوامع الحبوب، وهاجمت أيضاً مستودعات الحبوب في "ريني" الواقعة كذلك على نهر الدانوب، في وقت أصبح فيه ميناءَا "إسماعيل" و"ريني" منفذي التصدير الرئيسيين للمنتجات الزراعية الأوكرانية عبر رومانيا.

- كيف ستتأثر بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بهذه التطورات، في ظل اعتماد عدد من دول المنطقة على الحبوب الأوكرانية بشكل كبير؟

لنكن واضحين، نحن نواجه أزمة أمن غذائي، بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.. قبل الحرب العدوانية، التي شنتها روسيا على أوكرانيا، التي تعد مورداً عالميّاً بالغ الأهمية للأغذية، جاء خمس شعير العالم من أوكرانيا، فضلاً عن سدس الذرة، وثمن القمح، ثم غزت روسيا أوكرانيا، حيث هاجمت حقول الحبوب والصوامع، وأغلقت الموانئ الأوكرانية، والنتيجة هي أن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت إلى مستويات قياسية، وعرضت الإمدادات الغذائية، التي تشتد الحاجة إليها في العديد من البلدان المستوردة، للخطر.

إن مبادرة حبوب البحر الأسود تهدف إلى فتح طريق لهذه الصادرات، وعلى الرغم من العديد من التحديات، فقد حققت هدفها الرئيسي.. منذ أغسطس 2022، لعب تصدير ما يقرب من 33 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية من أوكرانيا إلى 45 دولة مختلفة دوراً أساسيّاً في خفض أسعار الغذاء العالمية بنحو 25%.

وفي عام 2023، قدمت أوكرانيا 80% من القمح، الذي تحتاج إليه الأمم المتحدة لدعم العمليات الإنسانية في أكثر البلدان، التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، مثل أفغانستان، وجيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا، والصومال، والسودان، واليمن.. والآن، قررت روسيا عدم تجديد هذه المبادرة، على الرغم من الفوائد، التي تجلبها لجميع هذه البلدان، وليس هذا فقط، تهاجم روسيا أيضاً منشآت أوكرانيا في البحر الأسود ونهر الدانوب، ما أدى إلى تفاقم أزمة غلاء المعيشة العالمية، وهذا غير مقبول ويجب إدانته بحزم.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اعتمد الاتحاد الأوروبي حزمة دعم بقيمة 225 مليون يورو، للتخفيف من آثار الأزمات الغذائية الناشئة المحتملة، بسبب الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية، التي تعطلت بسبب الحرب، كما تعهد بتقديم أكثر من مليار يورو، لمعالجة الأمن الغذائي في منطقة الساحل، و633 مليون يورو للدعم العاجل، وتعزيز النظم الغذائية والقدرة على الصمود في القرن الإفريقي، لكن طالما استمرت روسيا في استخدام الغذاء كسلاح، ستستمر الأزمة.. يجب أن تتوقف روسيا عن استخدام الغذاء كسلاح، واللعب بمصير الملايين في جميع أنحاء العالم.

ما الحلول التي تقترحونها لكي تستطيع بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الحفاظ على أمنها الغذائي؟ وما الإجراءات التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي لمساعدة دول المنطقة؟

رداًّ على تصرفات روسيا، ينشط الاتحاد الأوروبي على أساس 3 خطوط رئيسية: أولاً، سنواصل دعم الجهود الدؤوبة للأمم المتحدة وتركيا، لاستئناف مبادرة حبوب البحر الأسود، ثانياً، نواصل تعزيز ممرات التضامن كطرق بديلة للصادرات الزراعية الأوكرانية، للوصول إلى الأسواق العالمية من خلال الاتحاد الأوروبي. 

وحتى الآن، أتاحت هذه الممرات تصدير أكثر من 41 مليون طن من السلع الزراعية الأوكرانية، ونعمل على زيادة ذلك قدر الإمكان، للتخفيف من عواقب إنهاء روسيا لاتفاقية حبوب البحر الأسود، ثالثاً، قمنا بزيادة دعمنا المالي للبلدان والأشخاص الأكثر احتياجاً، حيث قدمنا 18 مليار يورو لمعالجة الأمن الغذائي حتى عام 2024.

الأوضاع في السودان

تشهد السودان، منذ 4 أشهر، حرباً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تسببت في انتهاكات كبيرة على مستوى حقوق الإنسان في البلاد، إذ "قتل أكثر من 3 آلاف شخص أغلبهم مدنيون، كما خلفت الحرب ما يزيد على 3 ملايين نازح ولاجئ"، بحسب وزارة الصحة والأمم المتحدة. 

وقال مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، في بيان بمناسبة مرور 3 أشهر على بدء القتال بين الطرفين، إن "شعب السودان عانى على مدى هذه الفترة حتى الآن معاناة لا توصف، وسط أعمال عنف تمزق بلادهم".

- كيف تتابعون الأوضاع في السودان؟

إن الاتحاد الأوروبي يشعر بالفزع من الوحشية، والتجاهل التام، الذي أبدته الأطراف المتحاربة تجاه المدنيين في الصراع في السودان، الذي يستمر لأكثر من 100 يوم.. من المعروف أن أكثر من 1100 شخص، من بينهم 435 طفلاً، قتلوا، وأصيب 12000 آخرون، ونزح أكثر من 3 ملايين شخص، وانتشر العنف الجنسي والجنساني. 

إن الوضع في دارفور مثير للقلق بشكل خاص، حيث تردد روايات الناجين فظائع الانتهاكات الجسيمة بحق سكان دارفور قبل 20 عاماً، لا يمكننا أن ندع التاريخ يعيد نفسه، يحتاج القادة إلى معرفة أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يحقق بالفعل في الجرائم على الأرض.

- ما الجهود التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في إحلال السلام بالسودان؟ وما الإجراءات التي تقترحونها ليتجاوز السودان هذا الوضع؟

حشد الاتحاد الأوروبي آليته الدبلوماسية منذ بداية الصراع، وقد انخرط مع الأطراف المتحاربة، وحافظ على اتصالات مع المنظمات الإقليمية، والدول المجاورة، كذلك كانت المبعوثة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي، أنيت ويبر، نشطة في رحلاتها إلى المنطقة، وسعت إلى وقف إطلاق النار مع شركائنا، وخاصة الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد).

وفي الشهر الماضي، استضفنا في بروكسل ممثلين عن الشعب السوداني، من مجموعة واسعة من وجهات النظر السياسية والمجتمع المدني، وزودناهم بمنصة لمناقشة الأفكار فيما بينهم، حول كيفية تشكيل مستقبل سلمي ومزدهر لشعب السودان. 

هذا الحدث هو مثال على مساهمة الاتحاد الأوروبي في الجهود الإقليمية والدولية الجماعية، تحت قيادة الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد)، لوقف القتال، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، واستئناف الانتقال إلى الديمقراطية وحكم مدني. 

كما يجب تلبية التطلعات المشروعة لثورة 2018/ 2019، التي يظل تحقيقها محور مشاركتنا.. إن الاتحاد الأوروبي على استعداد للنظر في استخدام جميع الوسائل المتاحة له، بما في ذلك التدابير التقييدية أو العقوبات، للمساهمة في إنهاء الصراع، وتشجيع السلام.

ما المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لدعم الشعب السوداني في ظل الظروف القاسية التي يعانيها؟

إن الاتحاد الأوروبي يحتل موقع الصدارة في الجهود، التي يبذلها المجتمع الدولي، لتقديم المساعدة الإنسانية لضحايا الصراع في السودان، وقد قمنا بتسليم 236 مليون يورو كمساعدات إنسانية في عام 2023 وحده، كما أنشأنا جسراً جويّاً لتقديم المساعدة للمحتاجين، ونشرنا خبراء في البلدان المجاورة، لمساعدة السلطات المحلية في التعامل مع الفارين من الصراع، وندعو إلى وصول هذه المساعدة إلى من يحتاجون إليها، لكن هذه المساعدة لا يمكن أن تكون فعالة إلا إذا تم ضمان الوصول الآمن، وفي الوقت المناسب، ودون عوائق للعمليات الإنسانية من قِبل جميع أصحاب المصلحة، في جميع الأوقات، وبغض النظر عن وقف إطلاق النار.

الأوضاع في لبنان

يعيش لبنان أزمة اقتصادية ومالية خانقة، وصفت بأنها "إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ المعاصر"، ما تسبب في تدهور الأوضاع المعيشية للشعب اللبناني بشكل كبير جداًّ.

في نظركم، ما خارطة الطريق، التي يجب اتباعها، لتحسين الأوضاع في لبنان، وتجاوز الوضع الحالي؟

نعتقد أن هناك حاجة لاستعادة قدرة لبنان على وجه السرعة على اتخاذ القرارات السياسية والإدارية وتنفيذها، كما يحتاج لبنان إلى إيجاد حل للأزمة الاقتصادية على سبيل الأولوية.. إن من شأن الإصلاحات النقدية والمالية أن تعيد السيولة المطلوبة بشدة إلى الاقتصاد، وتوقف الانزلاق إلى الاقتصاد غير الرسمي، وتعيد بناء النظام المصرفي اللبناني المختلة وظيفته، كذلك إن تنفيذ الإجراءات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي منذ أكثر من عام، سيفتح الطريق لبرنامج الانتعاش الاقتصادي، بمساعدة صندوق النقد الدولي، والمجتمع الدولي بما في ذلك أوروبا.

لقد دعا الاتحاد الأوروبي ويدعم تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بالحوكمة في لبنان.. إن الإجراءات الشفافة في إدارة الشؤون العامة، مع خطوط واضحة للمسؤولية والمساءلة، ونظام مشتريات عام مناسب، وهيئات رقابية قوية ومستقلة بما في ذلك القضاء، وعدم التسامح مع الفساد، ليست سوى أمثلة قليلة لما قد يتطلبه نظام حسن الإدارة ونوع الإصلاحات الهيكلية اللازمة لوضع لبنان على طريق الانتعاش.

ما المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للبنان في هذه الظروف القاسية؟

لقد ساعد الاتحاد الأوروبي الدول الأوروبية على مواءمة أنظمتها السياسية، وتحديث إداراتها العامة، وتمكين القضاء، وتقوية اقتصادها، وبهذا المعنى شارك الاتحاد الأوروبي خبرته في لبنان، وساهم في قانون المشتريات العامة، وساعد في بناء قدرات هيئة المشتريات العامة.. لقد اقترحنا توصيات للسلطات اللبنانية حول كيفية تعزيز المؤسسات القضائية، ونقدم المشورة القانونية للدولة اللبنانية، من أجل تحسين مشروع قانون استقلال القضاء. 

لقد وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب لبنان عقودا من الزمن، واستمر في القيام بذلك في السنوات القليلة الماضية، لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً في البلاد على تحمل آثار الأزمة الاجتماعية، والاقتصادية، والمالية. 

كما ندعم آلاف العائلات اللبنانية من خلال برامج الحماية الاجتماعية، والتعليم، والمياه، والصحة، ونبقى مستعدين للدخول في حوار بناء حول كل هذه القضايا، ضمن الحدود، التي يفرضها احترامنا لسيادة لبنان.. في النهاية، الأمر متروك للبنانيين، ليقرروا مصيرهم، وليس لنا أن نفرض حلولاً من الخارج.

الأوضاع في اليمن

يشهد اليمن منذ ما يقرب من عقد من الزمن حرباً وصراعاً حول السلطة، ويعيش أزمة متفاقمة في مختلف المجالات، وأوضاعاً إنسانية مزرية.

كيف تنظرون إلى الأوضاع في اليمن؟

يتابع الاتحاد الأوروبي من كثب، وبقلق بالغ، التطورات في البلاد، وسط الجمود المستمر في الوضع السياسي، إن اليمن واليمنيين بحاجة إلى السلام. 

- ما الحلول والإجراءات التي تقترحونها لحل الأزمة اليمنية؟ وما الجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في إحلال السلام هناك؟

منذ بداية هذا الصراع، شارك الاتحاد الأوروبي بنشاط في دعم عملية السلام، التي تقودها الأمم المتحدة، وكان يقدم الدعم المالي، والفني، والاستشاري، بطرق مختلفة في هذا السياق.. لم يتم تمديد الهدنة، لكننا شهدنا حالة من الاستقرار النسبي، مع انخفاض كبير في الأعمال العدائية في جميع أنحاء البلاد. 

كما يواصل العديد من اليمنيين الاستفادة من الرحلات الجوية بين صنعاء وعَمان، والعديد من الشحنات، التي تدخل موانئ الحديدة، لقد دعمنا بنشاط جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، لتحقيق سلام دائم في اليمن، كما واصلنا انخراطنا الدبلوماسي مع جيران اليمن. 

إن دور المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان أساسي في هذا الصدد، وقد قمنا مع دولنا الأعضاء بست زيارات إلى عدن، ناهيك عن الزيارات العديدة لتعاوننا وزملائنا في القسم الإنساني في الاتحاد الأوروبي إلى صنعاء وأماكن أخرى في البلاد، وقد زار الرئيس العليمي بروكسل في فبراير، وسيواصل الاتحاد الأوروبي دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، لإيجاد حل سياسي دائم لهذه الأزمة. 

ماذا عن المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لدعم اليمن خلال هذه الأزمة؟

استجاب الاتحاد الأوروبي للأزمة من خلال رفع مساعداته الإنسانية، وواصل الاتحاد الأوروبي تقديم المساعدات الإنسانية، فمنذ بداية الصراع في اليمن، ساهم الاتحاد الأوروبي بأكثر من 889 مليون يورو من المساعدات الإنسانية، ودعا إلى الرفع الفوري للقيود الإدارية والبيروقراطية الرئيسية في جميع أنحاء البلاد، ما يحد من وصول المساعدات الإنسانية وأنشطة التنمية. 

تذهب هذه المساعدات إلى مشاريع ينفذها شركاء الاتحاد الأوروبي: الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر وفروع الصليب الأحمر، والمنظمات الدولية غير الحكومية، في مختلف أنحاء البلاد. 

ويبقى تركيز الاتحاد الأوروبي على المساعدات الطارئة للسكان المتضررين من النزاع، ويشمل ذلك النازحين، والمتأثرين بشكل مباشر بالعنف، بالإضافة إلى الدعم الأوسع نطاقاً في مجال التغذية، خاصة لمعالجة الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، وبرامج الرعاية الصحية والأمن الغذائي.. ضاعف النزاع التحديات، والاختلالات الاقتصادية، الموجودة مسبقاً في البلد، ويؤدي ذلك إلى تأثيرات مدمرة ودائمة على سبل معيشة شرائح كبيرة من سكان اليمن.

ومنذ 2015، قدم الاتحاد الأوروبي إلى اليوم 487 مليون يورو كمساعدات طويلة المدى، ما يجعل الاتحاد الأوروبي أحد الشركاء التنمويين الرائدين في اليمن. 

ركز الاتحاد الأوروبي هذه المساعدات على توفير الخدمات الأساسية، لتعزيز صمود المجتمعات المحلية معيشيّاً في مواجهة الأزمة، ويقوم الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن ببرمجة المساعدات التنموية الشاملة لمرحلة السنوات السبع القادمة، وسيستمر في كونه شريكاً قويّاً للتنمية والتعافي في اليمن.

 

الأوضاع في ليبيا

بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية، التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر 2021، بسبب قانون الانتخابات المتنازع عليه، والشخصيات المثيرة للجدل، التي أعلنت ترشحها، ما تسبب في خيبة أمل كبيرة لليبيين، الذين يحلمون بالاستقرار، والعودة إلى الحياة الطبيعية، بعد سنوات طويلة من الحروب والعنف، منذ سقوط نظام معمر القذافي في سنة 2011، تعيش ليبيا من جديد هذه الأيام خلافاً حول مخرجات لجنة "6+6" المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، بشأن القوانين الانتخابية المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة ومجلسي النواب والشيوخ المقبلين، إذ أعلنت اللجنة في 6 يونيو المنصرم، بعد مباحثات استمرت نحو أسبوعين في مدينة بوزنيقة بالمغرب، عن توقيع أعضائها بالإجماع على القوانين الانتخابية المذكورة، لكن رئيسي مجلسي النواب والدولة الحاليين، عقيلة صالح وخالد المشري، لم يوقعا عليها كما كان مقرراً، رغم وجودهما في المغرب وقتها.

كما عارض تلك القوانين عدد من النواب في المجلسين، وأحزاب سياسية طالبت بتعديلها، لكن اللجنة أعلنت أن قوانينها نهائية ونافذة، في وقت تشهد فيه البلاد صراعاً على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع سنة 2022 وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

برأيكم ما الذي تحتاج إليه ليبيا للخروج من أزمتها وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والعودة إلى الوضع الطبيعي للدولة؟

إننا نتابع باهتمام، وقلق بالغ، الوضع في ليبيا، لقد قمنا بحثّ جميع الأطراف على مواصلة الامتناع عن الأعمال العدائية المسلحة، والدخول في حوار من أجل تهدئة الوضع، واستعادة الهدوء، كذلك طالبنا جميع الأطراف المتورطة في أعمال العنف بالوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، وضمان حماية المدنيين. 

لقد سئم الليبيون الوقوع في مرمى النيران، وهم بالنهاية يستحقون أن يتم الاستماع إلى تطلعاتهم في السلام وتحقيقها، إن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس هي تذكير حي بهشاشة الوضع الأمني في ليبيا، والحاجة الملحة لإجراء انتخابات، من أجل إيجاد حل سياسي مستدام وشامل. 

ما الجهود التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي من أجل تحقق ذلك؟

موقفنا واضح، نحن نؤيد بشدة جهود الوساطة، التي تقودها الأمم المتحدة وممثلها، عبدالله باتيلي، ويغطي دعمنا مجموعة متنوعة من القطاعات.. لطالما كانت الجهود المبذولة للمساهمة في الاستقرار والازدهار في ليبيا على رأس جدول أعمال الاتحاد الأوروبي. 

وكانت بعثة الاتحاد الأوروبي من بين الأوائل، الذين عادوا إلى طرابلس في عام 2021، ومنذ ذلك الحين، يعمل رئيس بعثتنا وفريقه بلا هوادة على الأرض.. إن مشاركتنا ليست سياسية فقط، كما أنها مرتبطة بالتنمية الاقتصادية، والمساعدة الفنية والإنسانية، تكملها بعثاتنا لسياسة الأمن والدفاع المشتركة، وهي عملية "إريني" (معنية بتنفيذ قرار حظر الأسلحة على ليبيا)، وبعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية (يوبام)، لكن المحصلة النهائية بالنسبة لنا، هي أن الليبيين يجب أن يمتلكوا العملية نحو حل سياسي دائم.

الأوضاع في تونس

مساء الثلاثاء (1 أغسطس 2023)، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس قيس سعيد، أقال رئيسة الحكومة، نجلاء بودن، وعين أحمد الحشاني خلفاً لها، وهو رابع رئيس حكومة يعينه سعيد خلال فترة حكمه للبلاد (منذ أواخر سنة 2019)، التي تعاني من غياب الاستقرار السياسي، ومن أزمة اقتصادية ومالية، ومن نقص في عدد من المواد الأساسية، ومن غلاء الأسعار، ومن ضعف الخدمات الأساسية.

كيف تنظرون إلى طريقة إدارة الرئيس التونسي للبلاد وكيفية تعامله مع الأوضاع الصعبة التي تعيشها؟

مهمتنا ليست تقييم كيفية حكم شركائنا لبلدانهم، مهمتنا هي العمل مع شركائنا من أجل مصلحتنا المتبادلة ومصلحة شعوبنا، وهذا هو الذي نقوم به.

ما الحلول التي يقترحها الاتحاد الأوروبي لخروج تونس من هذا الوضع؟ وما المساعدات التي يقدمها للبلد في هذه الأوضاع؟

تربط الاتحاد الأوروبي وتونس علاقات وثيقة وطويلة الأمد.. سياسيّاً، أقام الاتحاد الأوروبي وتونس شراكة مميزة في عام 2012، عززت العلاقات الثنائية بينهما، من منظور تجاري، كانت تونس الشريك الأول في الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي، الذي يوقع وينفذ اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، كما يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر مستثمر أجنبي في تونس، حيث يمثل 85% من الاستثمار الأجنبي المباشر. 

ويعد الاتحاد الأوروبي أيضاً الشريك التجاري الأكبر لتونس، حيث استحوذ على 56% من تجارتها في عام 2022، فقد ذهبت 70% من صادرات تونس إلى الاتحاد الأوروبي، و46% من واردات تونس جاءت من الاتحاد الأوروبي.

الآن، يمر شريكنا وجارنا بفترة انتقالية دقيقة.. رسالتنا واضحة: نحن هنا لتقديم الدعم، فقد قدم الاتحاد الأوروبي أكثر من 3 مليارات يورو منذ 2011 إلى تونس عبر مختلف القطاعات، والاتحاد الأوروبي مستعد لمواصلة دعمه، بما في ذلك المساعدة المالية الكلية، كما قالت رئيسة المفوضية. 

في هذا السياق، اتفق الاتحاد الأوروبي وتونس على العمل معاً على حزمة شراكة شاملة، وتعزيز العلاقات، التي تربط الجانبين، بطريقة تعود بالنفع على الطرفين، إننا نعتقد أن هناك إمكانات هائلة لتوليد فوائد ملموسة للاتحاد الأوروبي وتونس، وستغطي الشراكة الشاملة المجالات التالية: تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، وشراكة طاقة مستدامة وتنافسية، والهجرة والاتصالات بين الناس. 

كذلك يشترك الاتحاد الأوروبي وتونس في أولويات استراتيجية وفي جميع هذه المجالات، سنستفيد من العمل معاً بشكل أوثق.. أيضاً سيعمل تعاوننا الاقتصادي على تعزيز النمو والازدهار، من خلال روابط تجارية واستثمارية أقوى، وتعزيز الفرص للشركات، بما في ذلك الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، كما سيتم النظر في الدعم الاقتصادي، بما في ذلك شكل المساعدة المالية الكلية. 

وستساعد شراكتنا في مجال الطاقة تونس في التحول إلى الطاقة الخضراء، وخفض التكاليف، وإنشاء إطار للتجارة في مصادر الطاقة المتجددة، والتكامل مع سوق الاتحاد الأوروبي.

تعد الاتصالات بين الأفراد أساسية لشراكتنا، حيث سيشمل مسار العمل هذا تعاوناً أقوى في البحث، والتعليم، والثقافة، بالإضافة إلى تطوير شراكات المواهب، وفتح فرص جديدة لتنمية المهارات، والتنقل، خاصة للشباب، وكذلك سيوفر الحوار السياسي والسياساتي المعزز داخل مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس قبل نهاية العام، فرصة مهمة لتنشيط العلاقات السياسية والمؤسسية، بهدف مواجهة التحديات الدولية المشتركة معاً، والحفاظ على النظام القائم على القواعد.

هل يمكن أن يتكرر السيناريو اللبناني في تونس؟

نحن لا نتحدث عن تكهنات، بالنسبة لنا، الشيء الأكثر أهمية هو تعزيز علاقتنا مع تونس في هذه المرحلة الصعبة.

العلاقات والتعاون مع الخليج

خلال السنوات القليلة الماضية، ازداد الإشعاع العالمي لبلدان الخليج العربي بشكل كبير، بعدما استضافت تظاهرات عالمية، ونظمتها في ظروف ممتازة، بعضها نظم لأول مرة في المنطقة العربية، من بينها "كأس العالم قطر 2022"، و"إكسبو 2020 دبي" في دولة الإمارات العربية المتحدة. 

كما ستستضيف دبي، في نوفمبر- ديسمبر 2023، الدورة الـ28 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28"، فضلاً عن التحول الكبير، الذي يشهده الدوري السعودي لكرة القدم، الذي التحق به عدد من كبار نجوم كرة القدم في العالم، وغيرها من الأمور الأخرى.

كيف تتابعون هذه الحركة التظاهراتية العالمية وهذه التطورات التي تشهدها بلدان الخليج العربي؟ 

الخليج منطقة ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ففي عام 2022، قدم الاتحاد الأوروبي استراتيجيته لتعزيز علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك مع دول الخليج الفردية.. الأهداف واضحة، تعزيز التجارة والاستثمار، والعمل معاً بشأن تغير المناخ وأمن الطاقة، والتنسيق بشأن التنمية والمساعدات الإنسانية، وتعزيز السلام والاستقرار وخفض التصعيد في الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا.

ماذا تمثل بلدان الخليج العربي بالنسبة للاتحاد الأوروبي على مستوى التحالفات والتعاون؟ 

إن هذه المنطقة هي عقدة اتصال مهمة، وبوابة مهمة، بين أوروبا، وآسيا، وإفريقيا.. في هذا السياق، نعمل على توسيع وجودنا الدبلوماسي في الخليج، فقد افتتحنا أحدث بعثة لنا في قطر، ونستعد للقيام بذلك أيضاً في عُمان، وكذلك زادت الزيارات رفيعة المستوى، بما في ذلك زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى حوار المنامة في عام 2023، وقد تم تعيين أول مبعوث للاتحاد الأوروبي إلى منطقة الخليج، السيد لويجي دي مايو، في عام 2023، وزار المنطقة بالفعل.

تلعب منطقة الخليج دوراً رئيسيّاً في مجالات التحول الأخضر وأمن الطاقة، كما تمتلك دول الخليج الموارد الطبيعية للطاقة النظيفة بوفرة، الرياح والشمس، ولدينا الدراية الفنية بالتقنيات الحالية والناشئة، مثل جمع الكربون وتخزينه.

يمكننا مساعدة دول الخليج في التنويع بعيداً عن الهيدروكربونات، على المدى المتوسط، يمكن أن تصبح منطقة الخليج منتجاً ومَصدراً مهمّاً للطاقة المتجددة، بما في ذلك الهيدروجين.

من حيث التجارة والاستثمار، يمثل الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي 20% من الاقتصاد العالمي، ويغطي أكثر من نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم. 

كذلك يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للتنمية في العالم، ولديه اهتمام كبير بالتنسيق مع دول الخليج، التي أصبحت أيضاً مانحاً دوليّاً رئيسيّاً.

نريد أن نعزز انخراطنا في المنطقة كذلك من حيث الأمن، نريد تعاوناً أوثق بشأن الأمن البحري، على سبيل المثال، لضمان ممرات شحن آمنة، وكما قالت رئيسة المفوضية، نحن مهتمون أيضاً بالعمل على نهج منسق تجاه إيران، بتركيز أوسع من التركيز على الطاقة النووية. 

إن أمن الخليج مهم لأوروبا، حيث إن أمن أوروبا يهم الخليج، أخيراً، تعد الاتصالات بين الأشخاص أيضاً جانباً مهمّاً من جوانب العلاقة، خاصة من خلال برامج مثل إيراسموس، فنحن نريد تقريب منطقتينا، من أجل منفعتنا المتبادلة حالياً وعلى المدى الطويل.

الاتفاق النووي الإيراني

سحب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بلاده في مايو 2018 من الاتفاق النووي الإيراني، ومع وصول الرئيس جو بايدن إلى الحكم، أعربت إدارته عن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، بشرط أن تعود إيران إلى الالتزام بتعهداتها كافة، وشكل بايدن فريقاً متخصصاً للتعامل مع هذا الملف. 

وبدأت المفاوضات غير المباشرة في إبريل 2021، لإعادة إحياء الاتفاق، لكنها عُلِّقت مرات عديدة بسبب اختلاف الرؤى، ومؤخراً، تحدثت تقارير عن محادثات محتملة بين واشنطن وطهران بخصوص هذا الملف.

هل يتوفر في الوقت الحالي السياق المناسب والظروف المساعدة على إحياء الاتفاق النووي الإيراني؟

التزامنا بصفتنا الاتحاد الأوروبي هو العمل من أجل إحياء الاتفاقية، وهذا ما نقوم به.

ما الأدوار التي يلعبها الاتحاد الأوروبي في هذا الجانب؟ 

اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 2231 في 2015، الذي تبنى خطة العمل الشاملة المشتركة، وأنشأ لجنة مشتركة ينسقها الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، ومنذ ذلك الحين، عمل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، مع جميع الأطراف في الصفقة، وكذلك مع المجتمع الدولي بأكمله. 

وقد كنا نقود المحادثات الدبلوماسية في فيينا منذ إبريل 2021، للتفاوض بشأن عودة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، ولضمان التنفيذ الكامل والفعال للاتفاقية مرة أخرى من قِبل جميع الأطراف، إننا نعتبر خطة العمل الشاملة المشتركة أفضل إطار عمل ممكن، إن لم يكن الوحيد، لمعالجة مخاوف عدم الانتشار المشروعة للمجتمع الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني. 

بالموازاة مع ذلك، تتواصل دبلوماسيتنا مع إيران، فقد كانت هناك اجتماعات بين الاتحاد الأوروبي والسلطات الإيرانية في يونيو في الدوحة، لمناقشة خطة العمل الشاملة المشتركة من بين جملة قضايا أخرى.. في الآونة الأخيرة، في أغسطس، أجرى الممثل الأعلى، نائب الرئيس مكالمة مع وزير الخارجية الإيراني، أكد خلالها مجدداً أن الحوار حول خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى جانب خطوات التهدئة في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، والتعاون مع الوكالة الذرية، كلها أمور ضرورية.

الإرهاب في العراق وسوريا

في ديسمبر 2017، استعادت بغداد، بمساندة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، آخر المناطق العراقية، التي كان يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي. 

وفي مارس 2019، نجحت سوريا، مدعومة من قِبل قوات التحالف الدولي، في إنهاء سيطرة "داعش" على بلدة الباغوز، التي كانت آخر معاقل التنظيم الإرهابي في سوريا، لتُكتب نهاية دولة "الخلافة" المزعومة، التي أعلنها "داعش" في 29 يونيو 2014، لكن عناصر التنظيم المتوارين مستمرون في شن هجمات في البلدين، خصوصاً ضد قوات الأمن.

إلى أي مدى يواجه العراق وسوريا خطر عودة "داعش" بالقوة نفسها التي تمتع بها التنظيم بالبلدين في الفترة ما بين سنتي 2014 و2019؟

لا يزال داعش يشكل تهديداً خطيراً، ما زلنا ملتزمين بمواجهة تهديد داعش في سوريا، والعراق، وأماكن أخرى، حيث اعتمدنا مجموعة واسعة وشاملة من التدابير للقيام بذلك، وقد أدت مشاركة الاتحاد الأوروبي كشريك غير عسكري في التحالف العالمي لمكافحة داعش، إلى زيادة التعاون مع دول المنطقة بشأن مكافحة الإرهاب، حيث أدت إلى تطوير مجموعة كبيرة من المشاريع المتعلقة بمكافحة التطرف، والأمن الداخلي والحدودي. 

ما إسهامات الاتحاد الأوروبي في محاربة الإرهاب في هذين البلدين؟

إن الاتحاد الأوروبي يعتبر جهة مانحة عالمية رائدة في الاستجابة لأزمتي سوريا والعراق.. فعلى سبيل المثال، قدمنا 7 ملايين يورو إلى دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (يونماس)، لإدارة مخاطر المتفجرات، و3.5 مليون يورو لدعم رقمنة المواد الاستدلالية، التي تحتفظ بها السلطات الوطنية العراقية، لدعم أعمال التحقيق في فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب داعش (يونيتاد)، وتم توجيه 11 مليون يورو للصندوق الاستئماني الإقليمي للاتحاد الأوروبي، استجابة للأزمة السورية في موئل الأمم المتحدة لمشروع الإنعاش الحضري في نينوى ومستشفى سنجار. 

ونشارك مع دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في رئاسة مجموعة العمل الفرعية لإدارة مخاطر المتفجرات في إطار مجموعة عمل تحقيق الاستقرار.. ومع ذلك، من الواضح أن القضاء على داعش، والكيانات الإرهابية الأخرى المدرجة في قائمة الأمم المتحدة، في سوريا، يتطلب حلاًّ سياسيّاً للصراع في سوريا، لم يتحقق ذلك بعد، ولكن سيحدث هذا من خلال انتقال سياسي حقيقي، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.

الإرهاب في الساحل الإفريقي

بعد فقدان "القاعدة" و"داعش" معاقلهما الرئيسية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، تحولت منطقة الساحل الإفريقي -بحسب مجموعة من المعطيات- إلى مركز الثقل الجديد للتنظيمين الإرهابين المذكورين. 

وكشفت معطيات أن هذه المنطقة، التي تتوفر فيها الأرض الخصبة، وكل الظروف الملائمة، لتكون المصنع الجديد للإرهاب، تشهد تسارع أعمال عنف الميليشيات المتشددة بشكل أسرع من أية منطقة أخرى في إفريقيا.

كيف تتابعون تطور الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي؟

عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب على وجه الخصوص، كان نهجنا هو تعزيز دعمنا للبرامج، التي تركز على الوصول إلى الخدمات الأساسية، والتحولات السياسية ذات المصداقية، والسلطات الشرعية ديمقراطياً، وهذا النهج بالتأكيد ليس نهج مرتزقة فاغنر. 

إن الانقلاب الأخير في النيجر لإرساء دكتاتورية عسكرية، هو خبر سيئ بالنسبة لمحاربة الإرهاب.. إذا نظرنا إلى مالي، حيث حدث انقلاب آخر، فقد ازدادت الهجمات الإرهابية، والهجمات ضد المدنيين، خاصة منذ وصول فاغنر إلى ذلك البلد.

ما الأدوار التي يلعبها الاتحاد الأوروبي لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي؟ 

منذ عقد من الزمن، ينخرط الاتحاد الأوروبي في منطقة الساحل، جنباً إلى جنب مع شركائه الأفارقة، والدوليين، في مكافحة الإرهاب، وقد نشرنا ثلاث بعثات، اثنتين في مالي وواحدة في النيجر، وكذلك حشد الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء فيه، أكثر من 8 مليارات يورو، لتغطية التنمية، والمساعدات الإنسانية والتقنية، منذ عام 2014.

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

يستمر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ أكثر من 70 عاماً، ولم يتفق الطرفان حول حل الدولتين، الذي تدعمه الأمم المتحدة ومعظم الدول، المتمثل في إقامة دولة فلسطينية على الحدود، التي تسبق سيطرة إسرائيل على الأراضي العربية في حرب عام 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين، إلى جانب حق العودة للاجئين، كما أن أغلب الفلسطينيين يرفضون -بحسب استطلاعات رأي- حل الدولتين، ويطالبون باسترجاع كامل فلسطين.

في نظركم وفي ظل هذه المعطيات ما الحلول العملية الممكنة لتسوية هذا النزاع؟

أعرب الاتحاد الأوروبي باستمرار عن مخاوفه بشأن التطورات على الأرض، والتي تهدد بجعل حل الدولتين مستحيلاً، ونرى أن السبيل الوحيد لحل النزاع هو من خلال اتفاق ينهي الاستيلاء على الأرض، الذي بدأ عام 1967، وينهي كل المطالب، ويحقق تطلعات الطرفين، ولتحقيق هذه الغاية، يضطلع الاتحاد الأوروبي بمجموعة من الأنشطة، السياسية والعملية، وهو أكبر مانح لجهود بناء الدولة الفلسطينية، التي تهدف إلى إقامة دولة فلسطينية على أساس سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، كما أنه أكبر مانح للأونروا، وكذلك دعا باستمرار إلى المصالحة الفلسطينية الداخلية، وإجراء انتخابات ديمقراطية.. إن أحداث العنف الأخيرة تذكر بهشاشة الوضع على الأرض، في ظل غياب احتمالات الحل السياسي. 

لقد واصل الاتحاد الأوروبي انخراطه الدبلوماسي في هذه القضية، ففي فبراير 2023 التقى الممثل الأعلى بوزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، واتفقا على إحياء مبادرة السلام العربية، والبناء عليها، وكذلك أكد الاتحاد الأوروبي من جديد اقتراحه الخاص بحزمة غير مسبوقة من الدعم الاقتصادي، والسياسي، والأمني، في سياق الوضع النهائي، وبناءً على هذا الاجتماع، واصل الاتحاد الأوروبي مشاركته، لا سيما من خلال المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، سفين كوبمانس، والعمل بشكل وثيق مع شركاء عرب ودوليين آخرين. 

في حين أننا لا نستطيع إجبار الأطراف على صنع السلام، فإننا نتشاطر مسؤولية تمهيد الأرض.

إن الأمن، وسيادة القانون، والسلام، في الشرق الأوسط، يمثل أولوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ويجب أن نعمل بشكل عاجل لإيجاد طريقة لإعادة بناء الثقة بين الطرفين، من الأهمية بمكان أن يشارك الطرفان بشكل هادف، وبحسن نية، لإعادة فتح أفق سياسي نحو التسوية السلمية للصراع، ويبقى الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم هذه الجهود.

التطبيع العربي الإسرائيلي

تشهد المنطقة العربية انقساماً حول التعامل مع إسرائيل، بين دول عربية اقتنعت بضرورة التعامل معها، والانفتاح عليها، وطبَّعت أو استأنفت العلاقات معها، وشرعت في التعاون معها في مختلف المجالات، ودول عربية أخرى ترفض التعامل مع إسرائيل، حتى تحرير الأراضي الفلسطينية.

في سياق تعد فيه إسرائيل دولة قائمة وذات نفوذ عالمي وخبرات عالية في مختلف المجالات هل أصبح رفض دول عربية التعامل مع إسرائيل أمراً متجاوزاً ولم يعد له معنى في السياق الحالي؟

لقد رحبنا بتطبيع الدول العربية مع إسرائيل لثلاثة أسباب، أولاً، لأننا نعتقد أن هذه الاتفاقيات تساعد في إقامة علاقات رسمية جديدة بين الدول، التي قررت تنحية خلافاتها جانباً، والانخراط في تعاون ثنائي سلمي، ثانياً، رحبنا بهذه الاتفاقيات لأنها يمكن أن تعزز العلاقات في مجالات مثل التكنولوجيا، أو السياحة، أو الطاقة، أو التجارة، أو الصحة، أو التعاون الإقليمي، ثالثًا، لأننا نعتقد أنه يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على البلدان الأخرى، وكذلك على نطاق أوسع على الاستقرار الإقليمي، وهو ما حاول الاتحاد الأوروبي باستمرار تعزيزه.

ومع ذلك، على الرغم من أن هذه الاتفاقيات تأتي بتطورات إيجابية، فإننا بحاجة إلى رؤية الصورة الإقليمية الأوسع.. لقد التزمت إسرائيل في إطار صفقة التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة بتعليق خططها لضم الأراضي في الضفة الغربية، كانت هذه خطوة إيجابية، واحتفلنا بها، ورحبنا بها، لكن الاتفاقات نفسها لا تتناول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولا تزال خطط الضم الإسرائيلية بحاجة إلى التخلي عنها، وليس تعليقها مؤقتاً، بل الإقلاع عنها تماماً.. إن موقفنا واضح، لن يكون هناك سلام واستقرار مستدامان في المنطقة دون تسوية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي، ولا سيما الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على أساس حل الدولتين التفاوضي والقابل للحياة، بناءً على المعايير المتفق عليها دوليّاً. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية