أخطرها الوقود الأحفوري.. عوامل تسبب الاحتباس الحراري

أخطرها الوقود الأحفوري.. عوامل تسبب الاحتباس الحراري
من فعاليات أسبوع المناخ في نيويورك

تتصدر قضية الاحتباس الحراري المشهد العالمي مع تدشين آلاف المحتجين فعاليات "أسبوع المناخ"، بعدما اكتظت بهم شوارع منطقة ميدتاون بحي مانهاتن في نيويورك، بالتزامن مع الانعقاد الحالي للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وحددت الأمم المتحدة الوقود الأحفوري، المتمثل في الفحم والنفط والغاز، السبب الرئيسي في تغير المناخ العالمي، وفق موقع الحرة، إذ يمثل أكثر من 75 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، وما يقرب من 90 في المئة من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.. لكن هناك عوامل أخرى تسهم في أزمة التغير المناخي.

ويأتي التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري على رأس مطالب المحتجين من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وزعماء العالم.

ومن المقرر خلال أسبوع المناخ تنظيم ما يزيد على 500 احتجاج في 54 دولة حول العالم، مع توقع مشاركة ما يزيد على مليون شخص في أنحاء العالم.

وتأتي الاحتجاجات قبل شهرين من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي تعتزم فيه أكثر من 80 دولة الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق عالمي للتخلص التدريجي من الفحم والنفط والغاز.

الوقود الأحفوري

حددت الأمم المتحدة محطات توليد الكهرباء والحرارة عن طريق حرق الوقود الأحفوري باعتبارها المتسبب الأكبر في جزء كبير من الانبعاثات العالمية.

وبينما تغطي انبعاثات الغازات الدفيئة الأرض، فإنها تحبس حرارة الشمس، وهذا يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

وترتفع درجة حرارة العالم الآن بشكل أسرع من أي وقت مضى في التاريخ، ما يؤدي إلى تغيير أنماط الطقس والإخلال بتوازن الطبيعة.. وهذا يشكل العديد من المخاطر على البشر وجميع أشكال الحياة الأخرى على الأرض.

ونقل موقع "هيومان رايتس كاريرز" عن دراسة نشرتها مجلة Environmental Research Letters، في عام 2021، قولها إن 5 في المئة من محطات الطاقة البالغ عددها 29 ألف محطة التي شملتها الدراسة مسؤولة عن 73 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن صناعة توليد الكهرباء العالمية.

وتوجد محطات الطاقة "شديدة التلوث"، كما تسميها الدراسة، في أماكن مثل شرق آسيا والهند وأوروبا. وعدم كفاءة هذه المحطات هو سبب كبير للتلوث.

وأوضحت الدراسة أن محطات الفحم على وجه الخصوص تشكل مشكلة، إذ توجد نحو 8500 محطة طاقة تعمل بالفحم على مستوى العالم، وتنتج نصف إجمالي الغازات الدفيئة، وهذا يجعلها أكبر مصدر منفرد للاحتباس الحراري.

كما أشارت الأمم المتحدة إلى أن تصنيع البضائع (المتمثل في الصناعات التحويلية والصناعة) ينتج عنه "انبعاثات معظمها يأتي من حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة لصنع أشياء مثل الإسمنت والحديد والصلب والإلكترونيات والبلاستيك والملابس وغيرها من السلع".

وذكرت الأمم المتحدة أن معظم وسائل النقل والمركبات تعمل بالوقود الأحفوري، ما يجعل النقل سببا أساسيا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، خاصةً انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

الزراعة والماشية

وفقا للبنك الدولي، تعتبر الزراعة أحد أبرز أسباب تغير المناخ، إذ تنتج ما بين 19-29 في المئة من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة مثل الميثان الذي يشكل مصدر قلق كبير لأنه أقوى بـ26 مرة من ثاني أكسيد الكربون.. وينطلق غاز الميثان من إنتاج الماشية والأرز، إذ إن نحو ثلث انبعاثات غاز الميثان العالمية الناتجة عن الزراعة تأتي من الماشية، وفقا لموقع "هيومان رايتس كاريرز".

وأوضح الموقع أن الأرز المزروع ينتج نحو 11 في المئة من الانبعاثات الناجمة عن الزراعة.

 كما أشار إلى أن أكسيد النيتروز، الذي هو أقوى 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون، يمثل مشكلة أيضًا، إذ إن 60 في المئة من انبعاثات أكسيد النيتروز التي يسببها الإنسان تأتي من الزراعة، حيث يتم إنتاجه بعد تسميد الأراضي الزراعية وبعد حرق مخلفات المحاصيل.

وحذرت المفوضية الأوروبية من زيادة تربية الماشية، إذ تنتج الأبقار والأغنام كميات كبيرة من غاز الميثان عندما تهضم طعامها.

مدافن النفايات

توصلت دراسة نشرتها وكالة "رويترز"، في أغسطس 2022، إلى أن تحلل نفايات الطعام يؤدي إلى إطلاق آلاف الأطنان من غاز الميثان الذي يسبب الاحتباس الحراري في مدافن النفايات.

وأوضحت أنه مع انبعاث نحو 570 مليون طن من الغازات الدفيئة كل عام من العمليات الصناعية والطبيعية، فإن تركيز غاز الميثان في الغلاف الجوي يتزايد بوتيرة قياسية، وفقا للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي.

إزالة الغابات

ذكرت الأمم المتحدة أنه يتم تدمير ما يقارب 12 مليون هكتار من الغابات كل عام، مشيرة إلى أن إزالة الغابات، إلى جانب الزراعة والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي، مسؤولة عما يقارب ربع انبعاثات غازات الدفيئة في العالم.

وأشارت المنظمة إلى أن إزالة الغابات تتسبب في انبعاثات لأنه عند قطع الأشجار تطلق الكربون الذي كانت تخزنه، ونظرًا لأن الغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون.

الحفر البحري

ذكر "هيومان رايتس كاريرز" أن الحفر البحري هو استخراج النفط من التكوينات الصخرية الموجودة تحت قاع البحر.. ويطلق كميات كبيرة من غاز الميثان، بحسب دراسة أجراها علماء من جامعة برينستون.

ويهدد الحفر البحري أيضًا صحة المحيطات وصحة الإنسان، كما أن حرق الوقود المستخرج من خلال الحفر البحري يزيد من انبعاثات الغازات الدفيئة أيضًا.

الصيد الجائر

وفقا لموقع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المعنية بتغير المناخ، فإن الأبحاث العلمية الحديثة وجدت أن أنشطة الصيد تزيل كميات كبيرة من الكربون الأزرق من المحيط، وتطلقه في الغلاف الجوي.

علاوة على ذلك، تطلق أساطيل الصيد ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون كل عام نتيجة لحرق الوقود (الاتحاد الأوروبي وحده يطلق 7.3 مليون طن سنويا).

وبينما انتعشت أعداد الأسماك في مياه الاتحاد الأوروبي في العقد الماضي، كشف تقرير للاتحاد الأوروبي صدر في العام الماضي أن الصيد الجائر آخذ في الارتفاع مرة أخرى، حيث يتعرض 43 في المئة من الأسماك في المحيط الأطلسي و83 في المئة من الأسماك في البحر الأبيض المتوسط للصيد الجائر.

ذوبان الجليد

ذكر موقع الأمم المتحدة أن التربة الصقيعية للأرض تذوب، وتحديدا في القطب الشمالي، وهو ما يفاقم أزمة الاحتباس الحراري، لأنه يقضي على بعض الحيوانات الحية، كما أنه يهدد بإطلاق الكائنات الحية الدقيقة الخطيرة وانبعاثات الكربون المحتملة التي ظلت حبيسة الجليد لآلاف السنين.

الاستهلاك البشري

ذكرت الأمم المتحدة أن استهلاك البشر المتزايد من الطاقة، وكميات الأكل والملابس والإلكترونيات والبلاستيك والمركبات جميعها عوامل تسهم في انبعاثات الغازات الدفيئة.

وأوضحت أن الأغنياء يتحملون المسؤولية الأكبر، إذ إن أغنى 1 في المئة من سكان العالم مجتمعين يتسببون في انبعاثات لغازات الدفيئة أكثر مما يتسبب به أفقر 50 في المئة من السكان.

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

تحذير أممي

وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، ​أنطونيو غوتيريش​، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء ​الفيضانات​ والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات​"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.

في نهاية يوليو الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الوضع الذي يمر به كوكب الأرض، قائلا: "تغير المناخ هنا مرعب، وهذه فقط البداية.. لقد انتهى عصر الاحتباس الحراري، لقد حان عصر (الغليان العالمي)".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية