بوروندي تستعرض تقريرها الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان
في إطار دورته الـ54 المنعقدة في جنيف
بارتكاب جريمة التعذيب والإفلات من العقاب، تركزت معظم الانتقادات والتوصيات الموجهة إلى دولة بوروندي، خلال تقرير الاستعراض الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ54 للمجلس الأممي بجنيف خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023 للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
واختار المجلس الأممي المجموعة الثلاثية لتيسير الاستعراض المتعلق بدولة بوروندي، والتي ضمت الأرجنتين وبنغلاديش والسنغال.
وأحيلت إلى بوروندي قائمة تساؤلات أعدتها سلفاً العديد من الدول، أبرزها بلجيكا وبنما وسلوفينيا وبريطانيا وأيرلندا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية.
وترأس وفد دولة بوروندي وزيرة التضامن الوطني والشؤون الاجتماعية وحقوق الإنسان إيميلدي سابو شيميكي، للرد على تلك التساؤلات والملاحظات والتوصيات الدولية التي وجهت إليها خلال الاستعراض الدوري الشامل.
استعراض الإنجازات
قالت إيميلدي سابو شيميكي، إن بلادها شرعت في تطبيق بدائل للعقوبات السالبة للحرية، كعقوبة الخدمة المجتمعية على مرتكبي مخالفات معينة والعفو الرئاسي والإفراج المشروط عن السجناء الذين قضوا ربع عفويتهم، وحملة إطلاق السراح المؤقت التي تسمح للمحتجزين على ذمة المحاكمة بالمثول أمام المحكمة طلقاء السراح، ما لم يكونوا متهمين بجرائم قتل أو اغتصاب أو بجريمة تهديد الأمن الوطني.
وعلى الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، فقد أولت بوروندي القطاع الزراعي الأولوية واعتبر بمثابة الدعامة الأساسية للتنمية، وقدمت الحكومة دعما ماليا للتعاونيات الزراعية، كما قدمت إعانات مالية لشراء الأسمدة والمدخلات الزراعية بنسبة تصل إلى 70 بالمئة.
ومن أجل تمكين النساء والشباب اقتصادياً، أنشئت أيضاً مؤسستان ماليتان لدعم هاتين الفئتين، وهما مصرف الاستثمار والتنمية للمرأة ومصرف الاستثمار للشباب، كما أنشئت آلية إشراف مجتمعي على الشباب.
وبحسب وزيرة التضامن الوطني، توفر برامج حكومية شتى الدعم للفئات ظاهرة الهشاشة، مثل كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والجنود المسرحين ذوي الإعاقة، فعلى سبيل المثال، يجري توفير الرعاية الصحية مجانا لكبار السن، والأجهزة المعينة على الحركة للأشخاص ذوي الإعاقة، كما أنشئت آلية تمويل مصغر لدعم الجنود المسرحين في مزاولة أنشطة مدرة للدخل.
وأعرب وفد بوروندي عن ارتياحه لاستتباب الأمن على أراضي بلاده، مشيراً إلى عودة أعداد كبيرة من اللاجئين طوعا إلى ديارهم واستقبالهم وإدماجهم في المجتمع، وحماس السكان للمشاركة في الأنشطة المجتمعية الإنمائية، وتدفق الأشخاص على البلد تدفقاً واضحاً، وما يبديه المستثمرون الأجانب من اهتمام واضح.
وأكد الوفد البوروندي مجدداً التزام بلاده بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، وتطوير التشريعات المحلية بما يتوافق مع الإرادة السياسية الهادفة إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي.
انتقادات وتوصيات
وأثناء جلسة التحاور وردود الدولة موضوع الاستعراض، أدلى 105 وفود ببيانات وتوصيات في تقرير دولة بوروندي.
وأشادت جيبوتي بما بذلته بوروندي من جهود في سبيل تدعيم حقوق الإنسان وتعزيزها على الصعيد المؤسسي من خلال اعتماد السياسة الوطنية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وخطة عملها للفترة (2021-2024).
وأعربت مصر عن تقديرها لجهود بوروندي الرامية إلى تحسين حالة حقوق الإنسان، فيما أثنت إستونيا على التقدم في مجال مكافحة الإتجار بالبشر.
وأقرت فنلندا بما أحرزته بوروندي من تقدم في مجالي حقوق الإنسان والحكم الرشيد، وأثنت على مشاركتها في الحوار، كما أشارت إثيوبيا إلى تنفيذها توصيات الاستعراض الدوري الشامل وعملها على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.
وأقرت غانا بإنشاء المفوضية الوطنية للشؤون الجنسانية والآلية الوقائية الوطنية لمناهضة التعذيب، فيما رحبت اليونان بالتشريعات المتعلقة بجملة أمور، منها حماية الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز حقوقهم.
على الجانب المقابل، أعربت جورجيا عن استمرار قلقها من عدم تعاون بوروندي تعاوناً كافياً مع الآليات الإقليمية والدولية، كما أعربت ألمانيا عن قلقها من تجدد تضييق الحيز السياسي والمدني وعدم إجراء تغييرات هيكلية في بوروندي.
واستعرضت نيترانيا تقارير تفيد بتعرض صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان للتعذيب والاعتداء الجنسي والاعتقال التعسفي والتخويف في بوروندي.
وأعربت مالطا عن قلقها إزاء سلامة المدافعين عن حقوق الإنسان، وعدم وجود آلية لمنع التعذيب، واستمرار عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وحالات الوفاة غير المشروعة.
وشاركت هولندا الدول السابقة في قلقها إزاء حالة حقوق الإنسان عموماً، لا سيما أوجه عدم المساواة بين الجنسين ومعاملة الأقليات الجنسية والجنسانية.
وأعربت النرويج عن قلقها إزاء استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في بوروندي، بما في ذلك الإفلات من العقاب على عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي.
وأعربت بولندا عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بتزايد انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والاختفاء القسري، وحالات التعذيب والمعاملة القاسية أو المهينة، والعنف ضد المرأة.
وردا على تلك الانتقادات، قال وفد بوروندي إنه في ما يخص إلغاء عقوبة الإعدام، فقد التزمت البلاد بإلغاء هذه الممارسة القاسية واللا إنسانية من قوانينها.
وأضاف الوفد: “فيما يخص المساواة بين الجنسين، التزمت بوروندي بمكافحة العنف الجنساني وأنشأت إدارة معنية بمنع العنف الجنساني وبتوفير الرعاية الشاملة للضحايا، وشرعت أيضاً في إنشاء آليات شتى في هذا المجال، وذلك إلى جانب وجود برنامج لتمكين المرأة اقتصادياً من خلال إنشاء مصرف استثمار وتنمية للمرأة”.
وفيما يخص مكافحة الفقر، التزمت بوروندي بمكافحة أوجه الاستضعاف الهيكلية وأوجه التفاوت الاجتماعي، وقد وضعت بالفعل موضع التنفيذ سياسة وطنية لتوفير الضمان الاجتماعي الشامل.
وبشأن التعليم، اتخذت بوروندي تدابير تكفل التعليم المجاني في المدارس، كما أنشأت وزارة التعليم الوطني مكتباً معنياً بالتعليم الجامع، وهو مكتب تتمثل أهم إنجازاته في إعداد دلائل تعليمية موحدة بشأن التعليم الجامع.
وشدد وفد بوروندي على ضرورة التمييز بين الشباب المنتمين إلى حركة إمبونيراكور وبين قوات الأمن التي ينص عليها الدستور والتي تحترم حقوق الإنسان فيما تنفذه من مهام تندرج في إطار سيادة الدولة، وأضاف أن أفراد قوات الأمن يمثلون أمام الادعاء العام في المحاكم العادية في حال ارتكابهم أي خطأ أو تجاوز.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.