مئة ألف لاجئ أم مئة ألف قتيل؟

مئة ألف لاجئ أم مئة ألف قتيل؟

عندما أصبح نيكول باشينيان رئيساً لحكومة أرمينيا عام 2018، رحّب القوميون الأرمن بالحدث.. إنه الرجل القوي الذي سوف يحفظ سيادة أرمينيا واستقلال إقليم ناغورنو كاراباخ، «القطاع» الأرمني الواقع ضمن أذربيجان.

لكن عندما قررت أذربيجان طرد سكان كاراباخ جميعاً إلى أرمينيا لم يرسل عسكرياً واحداً لمنع ذلك، مئة ألف أرمني أفرغوا الإقليم من دون مجابهة واحدة، أليس ذلك جبناً وخوفاً وتقاعساً؟

فريق من الأرمن يقول إنه كذلك ويدعو إلى المقاومة، وبينهم أرمن لبنان، وفريق يقول ما هي جدوى الحروب الخاسرة التي لا يمكن ربحها؟ أليس من الأفضل لمئة ألف أرمني أن يلجؤوا مهانين إلى أرضهم الأم، من أن يبقوا في أرضهم جثامين وجثثاً محترقة؟ أليس من الأفضل التمعّن في الوقائع الاستراتيجية بعد تخلي روسيا عن علاقتها التاريخية مع أرمينيا؟

أنا من الذين يقولون إن 100 ألف لاجئ حي أفضل من ألف 100 قتيل، خصوصاً في القضايا التي لا حل لها.. وإلى متى سوف تظل كاراباخ سبباً لحروب تتجدد عبثاً كل فترة، وسوف يظل أخف عبئاً على أرمينيا أن تواجه مشكلة استيعاب 100 ألف لاجئ في أسبوع واحد من أن تواجه حرباً أخرى، ليست هي الجانب الرابح فيه بالتأكيد!

لكن حتى سياسة باشينيان هذه، وإخلاء الإقليم المتنازع عليه، لا تعنيان أن النزاع قد انتهى، أو هدأ، الإشارات من أذربيجان أنها ترفض حتى الآن مبادرات السلام إلى أن تتمكن من إعادة رسم الخريطة وفقاً لرؤيتها، وتؤيدها في ذلك روسيا وأمريكا وإسرائيل، فيما لا تلقى أرمينيا التأييد العلني المطلق إلا من فرنسا، وفرنسا اليوم شبه محاصرة بنقاط الضعف في كل مكان، وفي الشرق الأوسط وإفريقيا.

نزاعات مفتوحة في المدار الروسي السابق وإغلاقها صعب، وثمة أحلاف ومحاور لا تفك، وعلى سبيل المثال 70 في المئة من سلاح أذربيجان إسرائيلي، و40 في المئة من استهلاك إسرائيل النفطي أذري.

زرع ستالين الاتحاد السوفيتي بالأقليات لكيلا تتجمع أكثرية واحدة ضد الحكم المركزي في موسكو.. ناغورنو كاراباخ كانت واحدة منها، الآن يدفع الأرمن الثمن.


نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية