اللاجئون والحقوقيون يواجهون نيران الخطر على حدود بولندا

اللاجئون والحقوقيون يواجهون نيران الخطر على حدود بولندا

نعيش في عالم مليء بالصراعات والأزمات، تنشأ غالبها بدافع مصلحة طرف قوي يستخدم فيها طرفاً أو أطرافاً أخرى أضعف لتحقيقها، والضحية دائماً هو الإنسان، وخصوصاً الأشخاص من الشرق الأوسط وإفريقيا، فعلى طول مسار التاريخ تعرض المواطنون الشرق أوسطيون والأفارقة إلى الاستخدام من قبل أطراف أخرى سواء بالاستخدام المباشر كالاستعباد والاسترقاق أو عن طريق الاستخدام غير المباشر من وراء الستار، كالحالة التي نستعرضها في هذا المقال. 

حيث بدأت القصة حين فرض الاتحاد الأوروبي في عام 2020، عقوبات على بيلاروسيا عقب الانتخابات التي أسفرت عن فوز لوكاشينكو بولاية جديدة، شككت أوروبا في نزاهة مصداقية نتائج هذه الانتخابات، فضلاً عن حملات قمعه لمعارضيه.

ونتيجة لذلك، استخدم ألكسندر لوكاشينكو ورقة اللاجئين في أواخر نوفمبر من عام 2021، فكما أفادت تقارير أوروبية فقد فتح لوكاشينكو التأشيرات لطالبي اللجوء من الدول التي تعيش أوضاعا إنسانية مأساوية في الشرق الأوسط وإفريقيا، للعبور للاتحاد الأوروبي (تنفي بيلاروسيا أنها فعلت ذلك) عبر بولندا التي أغلقت حدودها أمامهم، وأصبح هناك تجمع للاجئين على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا. 

وفي خضم الأزمة، أقامت بولندا، مطلع سبتمبر، منطقة مغلقة على الحدود ونصبت الأسلاك الشائكة ونشرت آلاف الجنود.

ولا تزال آلاف الحشود من المهاجرين عالقة على الجانب البيلاروسي من الشريط الشائك الحدودي مع بولندا، حيث يحاول بعضهم العبور إلى الجانب الآخر، مستخدماً القواطع وجذوع الأشجار وقوة الدفع الجماعي، بالتزامن مع صدهم من قبل الشرطة البولندية، بواسطة قنابل الغاز المسيل للدموع.

ومنذ ذلك الحين تحاول منظمات الإغاثة الدولية، والمنظمات المعنية بشؤون اللاجئين، والحقوقيون، مساعدة هؤلاء العالقين على الحدود البيلاروسيا البولندية، وخصوصاً مع انخفاض درجات الحرارة في هذا الشتاء القارص، الآن أنه رغم جهودهم في إنقاذ اللاجئين يتعرضون لمضايقات وانتهاكات وتهديدات من قبل سلطات البلدين، عطفاً على الصحفيين والإخباريين الذين يتعرضون لمضايقات كبيرة لمنعهم من تصوير هذه المأساة الإنسانية. 

لذلك، دعا مقررو الأمم المتحدة يوم الثلاثاء 15 فبراير 2022، بولندا إلى التحقيق في تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يساعدون المهاجرين على الحدود مع بيلاروسيا، للتهديد والترهيب.

كما طالب الخبراء المستقلون، المكلفون من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولكن من دون أن يمثلوا المجلس، بالسماح للصحفيين والعاملين في المجال الإنساني بـالوصول إلى المنطقة الحدودية ليتمكنوا من العمل بحرية وأمان.

ووقع على الطلب ماري لولور المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان وأيرين خان التي تعمل على حماية الحق في حرية الرأي والتعبير، ويدعمهما فيليب غونزاليز موراليس، المقرر المعني بوضع حقوق الإنسان الخاص بالمهاجرين، وفريق عمل الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي.

وقالت لولور تلقيت عدة تقارير عن تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يساعدون المهاجرين ويوثقون انتهاكات حقوق الإنسان التي يعانون منها على الحدود بين بولندا وبيلاروس، للمضايقات، وأنا قلقة للغاية حيال هذه الممارسة.

كما يتعرض المترجمون والصحفيون لهذه الممارسات، حيث واجهت الصحفية أوليفيا كورتاس والصحفي كريستوف كوربل، بالإضافة إلى اثنين من السكان البولنديين، مضايقات من قبل جنود أثناء تصوير فيلم وثائقي عن وضع حقوق الإنسان لدى المهاجرين على الحدود.

وأشار خبراء الأمم المتحدة إلى وضع المصورين الصحفيين ماسيج موسكوا وماسيج نبرداليك اللذين تم توقيفهما وتفتيشهما وتقييدهما بالأصفاد من قبل جنود مجهولين خارج معسكر للجيش، وقام الجنود بتفتيش معداتهما وتوثيق اتصالاتهما الهاتفية.

وأشارت لولور إلى أن المترجمين والصحفيين، وكذلك الأطباء والمحامين وغيرهم ممن يعملون بشكل سلمي لحماية حقوق الإنسان أو يقدمون المساعدة الإنسانية، هم من المدافعين عن حقوق الإنسان، ويتواصل الخبراء مع السلطات البولندية بشأن هذا الموضوع.

وما زالت بولندا والدول الغربية تتهم النظام في بيلاروس بالتشجيع أو حتى استغلال أزمة المهاجرين حتى الآن، بيد أن غالبية اللاجئين العالقين من الشرق الأوسط، فقد تم وعدهم بتسهيل دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي من قبل بيلاروسيا، وهو ما تنفيه مينسك كما ذكرنا مسبقاً.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية