حقوقيات يطالبن المجتمع الدولي بحماية نساء السودان من العنف الجنسي (فيديو)

حقوقيات يطالبن المجتمع الدولي بحماية نساء السودان من العنف الجنسي (فيديو)

دعت مدافعات سودانيات عن حقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك بصورة عاجلة، لحماية النساء في السودان من خطر العنف الجنسي المتفشي في خضم الحرب المستمرة في أنحاء متفرقة من البلاد.

وسلطت الناشطات الثلاث -بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة- الضوء على معاناة المرأة السودانية بسبب الحرب التي فاقمت من معاناة السودانيين والسودانيات، وأجبرت الملايين منهم على الفرار من ديارهم، كما يواجه أطراف النزاع اتهامات باستخدام أجساد النساء "كساحات للحرب"، أي استخدام العنف الجنسي -وعلى رأسه الاغتصاب- كأسلوب من أساليب الحرب.

ممثلة للمجتمع المدني في السودان، تحدثت المديرة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الإفريقي، هالة الكارب في جلسة لمجلس الأمن عقدت تحت عنوان "مشاركة المرأة في السلم والأمن الدوليين: من النظرية إلى الممارسة".

وقالت الكارب إن مشاركتها في الجلسة كانت بهدف تقديم إضاءة حول العنف والفظاعات الممنهجة والكبيرة التي تحدث للنساء السودانيات، وخاصة في دارفور- ولتوضيح أن ما يحدث في السودان هو انتهاك صارخ تستخدم فيه أجساد النساء وحيواتهن كتكتيك لهذه الحرب، على حد تعبيرها.

وقالت إن ما تم ارتكابه من جرائم خلال هذه الحرب "قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية".

ودعت هالة الكارب المجتمع الدولي إلى القيام "بواجبه الذي تخلى عنه منذ أكثر من عشرين عاما لم تتوقف فيها الانتهاكات والتنكيل بالسودانيين وقتلهم" على حد قولها.

وأضافت: "الاغتصاب والاعتداء الجنسي ونزع الممتلكات والتهجير القسري هذه كلها جرائم مارسها نظام الرئيس السابق عمر البشير، بالتعاون مع مليشيات الجنجويد، والتي أصبحت لاحقا مليشيات الدعم السريع".

وقالت الناشطة السودانية إن هذه الانتهاكات استمرت حتى خلال الفترة الانتقالية ولم تتم محاكمة مرتكبي الجرائم "بل تمت ترقيتهم إلى مناصب أعلى في الدولة، الأمر الذي أعطى المنتهكين إحساسا بأنهم فوق القانون" حسب قولها.

وشددت هالة الكارب على ضرورة المحاسبة عن الجرائم المرتكبة، مشيرة إلى أن العنف الجاري حاليا هو امتداد "للانتهاكات التي حدثت للمدنيين في دارفور منذ عشرين عاما بواسطة قوات الدعم السريع".

أما الآن، وفقا لهالة الكارب، فإن الطرفين -الجيش السوداني والدعم السريع- يمارسان "انتهاكات ضد المدنيين تتمثل في القصف الممنهج للمناطق السكنية في الخرطوم ونيالا الأمر الذي يؤدي إلى وقوع ضحايا من المدنيين".

وأكدت “الكارب” ضرورة وقف العدائيات بشكل كامل، وأضافت قائلة: "طالبنا مجلس الأمن بأن يضيف العنف الجنسي والعنف ضد النساء باعتباره أحد شروط رفع العقوبات عن السودان، لأن الحكومة السودانية ظلت، ولفترة طويلة، تعتقد أن بإمكانها أن تمارس ما تشاء من العنف الجنسي، وقد أصبحت هذه المسألة لا تطاق لأنها استمرت لأكثر من عشرين سنة".

تعزيز صوت المتضررات من العنف

وقالت رئيسة منظمة نساء دارفور من أجل العمل الجاد نعمات أحمداي، إن الحرب الدائرة الآن فاقمت الكارثة المستمرة في دارفور منذ عشرين عاما، داعية العالم إلى عدم نسيان السودان في خضم الكوارث الكثيرة التي تجري في أجزاء متعددة من العالم.

وأشارت أحمداي إلى لقائها بممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن ومسؤولي الأمم المتحدة -ومن بينهم ممثلة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع- بهدف إيصال صوت النساء السودانيات بالتركيز على المطالب بتوفير الحماية والأمن وإيصال المساعدات الإنسانية لكافة المتضررين من الحرب وخاصة النساء ودعم المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني الموجودة على الأرض التي تقوم بدور كبير في مساعدة المتضررين من الحرب وخاصة المتضررات من العنف الجنسي. 

وأكدت نعمات أحمداي ضرورة حماية المدنيين وفتح الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية، بدون أي عوائق، وقالت إن هذا الأمر لن يحدث إلا “بتدخل دولي”، وقالت إن الناس في السودان، وخاصة دارفور، عانوا بما فيه الكفاية من ويلات الحرب، وتابعت: "الوضع في السودان خطير جدا وإذا لم يحدث تدخل دولي ستحدث أزمة وموت جماعي".

وطالبت مجلس الأمن باتخاذ التدابير اللازمة "للتدخل بهدف حماية المدنيين وخاصة النساء".

وناشدت أحمداي الأطراف المتصارعة وقف الحرب التي قالت إن الأطراف المتصارعة استخدمت فيها "أجساد النساء ساحات للحرب"، الأمر الذي "يشكل انتهاكا وجريمة عظمى".

وأكدت أنه "ما من منتصر في هذه الحرب وأن الخاسر هو الشعب السوداني".

الانتهاكات ليست وليدة اللحظة

وقالت الناشطة النسوية والمدافعة عن حقوق النساء فهيمة هاشم إن النساء يقعن دائما ضحايا للنزاعات المتكررة التي ظل السودان يشهدها، منبهة إلى أن العنف ضد النساء يهدف إلى "كسر النساء وإجهاض العمل النسوي".

وذكرت أن الحركة النسوية السياسية في السودان ظلت تناضل من أجل حقوق النساء في السودان، مشيرة إلى أن الحكومات المتعاقبة ظلت تتغاضى عن حقوق النساء. 

وتحدثت عن الحملات التي ظهرت عقب الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2018، والتي كانت تطالب بإشراك النساء بنسبة لا تقل عن 50 في المئة في الحكومة.

تطرقت فهيمة أيضا إلى ما وصفتها بـ"القوانين المجحفة في حق النساء" التي وضعتها حكومة الرئيس السابق عمر البشير -مثل قانوني الأحوال الشخصية والنظام العام- ولا تزال هذه القوانين موجودة على الرغم من إلغائها في أعقاب الثورة. 

وأضافت قائلة: "حتى قبل الحرب، كان يتم استخدام أجساد النساء، بصورة منهجية، كساحات للحرب، وعندما اندلعت الحرب الحالية، رأى الناس وخاصة في الخرطوم مواقف مختلفة، حيث تم احتلال منازلهم واغتصاب فتياتهم وطفلاتهم أمام أعينهم واختطاف بعضهن إلى مناطق أخرى.. لا يمكن أن يحدث أقبح من هذا بالنسبة للنساء".

كل هذه الجرائم، وفقا للسيدة فهيمة، تعد بمثابة جرائم ضد الإنسانية ومن المفترض أن تتم محاسبة مقترفيها وخاصة بعد صدور القرار 1325. 

وقالت إن مجلس الأمن أصدر قرارات عديدة “وكلها تؤكد أن الجرائم التي تحدث أثناء النزاعات هي جرائم ضد الإنسانية”، وشددت على ضرورة توثيق كافة الجرائم التي تحدث في السودان، وخاصة في دارفور، بهدف تحقيق المحاسبة.

وأشارت إلى أن واحدة من المشاكل التي ظل السودان يواجهها طوال تاريخه هي أن من يرتكبون الجرائم لا تتم محاسبتهم الأمر الذي جعل هذه الجرائم "أمرا عاديا" ويعتقد مرتكبوها أنه ليس بالإمكان محاسبتهم.

دعت فهيمة هاشم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية إلى إلزام الحكومات المقبلة في السودان بضرورة إعطاء الأولوية لقضية المحاسبة على الجرائم المرتكبة ضد النساء.

وقالت إنه ما لم تشارك النساء، بصورة جادة، في أي مفاوضات مستقبلية، بهدف مناقشة القضايا التي تمسهن "فلن نستطيع الحصول على حكومة قوية، وسنظل نكرر المشاكل نفسها، لأن الرجال لا يريدون أن يتعلموا ويعوا دور النساء في مجال التغيير السياسي والاجتماعي والثقافي". 

جاءت هذه الدعوة من النساء السودانيات المدافعات عن حقوق الإنسان، خلال وجودهن في نيويورك، للمشاركة في فعاليات بمناسبة الذكرى السنوية لقرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلم والأمن. 

وتعقد هذه الفعاليات السنوية للتأكيد على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة وضرورة إشراكها بصورة هادفة في عمليات السلام.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية