"الإيكونوميست": العالم يتجاهل الحرب والإبادة الجماعية والمجاعة في السودان

"الإيكونوميست": العالم يتجاهل الحرب والإبادة الجماعية والمجاعة في السودان

في وقت سابق من هذا الشهر، ذهب مسلحو الإبادة الجماعية من منزل إلى منزل لمدة ثلاثة أيام في مخيم للاجئين في دارفور- السودان، بحثا عن رجال "المساليت" وقتلهم، لم يكن هذا أول هجوم من نوعه، ولكن بحلول الوقت الذي انتهوا فيه، كما يقول السكان المحليون، قتل ما بين 800 و1300 من أفراد المجموعة العرقية الإفريقية السوداء، وفقا لمجلة "الإيكونوميست" البريطانية.

تظهر مقاطع فيديو لم يتم التحقق منها شوارع مليئة بالجثث وأشخاصا مذعورين محتشدين في ما يبدو أنه مقبرة جماعية، أو يتعرضون للضرب من قبل مقاتلين من قوات الدعم السريع، وهي جماعة شبه عسكرية، تنفي هذه المزاعم.

يقول أحد عمال الإغاثة المرهقين: "هناك إبادة جماعية تحدث من حولنا.. إنه شعور ميؤوس منه للغاية"، ويعد هذا التطهير العرقي هو مجرد واحد من أربعة أهوال ابتلي بها السودان.

والثاني هو "الحرب الأهلية" اندلع القتال قبل سبعة أشهر بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، (الجيش الرسمي)، ما أدى إلى تسوية أجزاء من العاصمة الخرطوم بالأرض، وأودى بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، وبدأت الخطوط الأمامية التي كانت مستقرة إلى حد كبير في التحول بسرعة، ومنذ ذلك الحين، سيطرت قوات الدعم السريع على معظم دارفور، حيث يبدو أنها عازمة على القضاء على "المساليت"، كما يبدو أنها تسيطر على الخرطوم، حيث يحاصر المدنيون المتبقون.

وأجبر الصراع نحو 6.3 مليون شخص على الفرار من منازلهم (بالإضافة إلى 3.7 مليون شخص فروا خلال نوبات العنف السابقة) وتسبب في ما تصفه الأمم المتحدة بأنه "واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث".

وأغلق ما يقرب من ثلاثة أرباع المستشفيات والعيادات في الخرطوم بسبب القصف أو القتال، أما القلة القليلة التي لا تزال تعمل في أجزاء من المدينة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع فقد حرمت من المواد الغذائية والإمدادات الطبية بسبب الحصار الذي فرضته القوات المسلحة السودانية المنافسة.

تقول كلير نيكوليه، من منظمة أطباء بلا حدود، وهي منظمة إغاثة: "نحن الآن نشهد بالفعل حالة حصار".

وهناك أمل ضئيل في أن يوافق أي من الجانبين على وقف إطلاق النار، لا يزال كل منهما يعتقد أن لديه ما يكسبه من القتال أكثر من الكلام، وذلك لأن الحرب برمتها ليست أكثر من مجرد معركة على السلطة المطلقة بين الجنرال عبدالفتاح البرهان، الذي يرأس القوات المسلحة السودانية، ومحمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع، وكان الاثنان قد عملا معا سابقا في عام 2021، حيث نظما انقلابا لمنع ظهور حكومة بقيادة مدنية بعد الإطاحة بعمر البشير الذي تولى السلطة لفترة طويلة، لكن في أبريل قدم كل منهما محاولة للحصول على السلطة المطلقة.

البلاء الثالث هو "الجوع"؛ لقد دمرت الحرب الأهلية اقتصاد السودان، ودمرت نظامه المصرفي، وشردت شعبه وقسمته إلى مناطق سيطرة متنافسة، ما أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ونتيجة لذلك، لا يملك 20 مليون شخص ما يكفي من الطعام، ومن بين هؤلاء، هناك 6 ملايين على وشك المجاعة، مع اقتراب 40% من النساء الحوامل والأمهات المرضعات من الجوع بالفعل.

وبدون مساعدة في الأشهر المقبلة، فإن عشرات الآلاف من الناس معرضون لخطر الجوع، لكن وكالات الإغاثة تكافح من أجل جلب الإمدادات، وتسيطر القوات المسلحة السودانية على بورتسودان، مركز الاستيراد الرئيسي، وتمنع تدفق عمال الإغاثة والإمدادات إلى الأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وتبدو القوات المسلحة السودانية قادرة على تجويع شعبها وقوات الدعم السريع قادرة على تطهير دارفور عرقيا إلى حد كبير بسبب البلاء الرابع للسودان: "اللامبالاة المطلقة في العالم الأوسع" ويبدو أن الاتحاد الإفريقي غير متأثر بالكارثة ويتراجع إلى سياسة "عدم التدخل" في شؤون أعضائه، بعد أن جلس مكتوف الأيدي في السابق بينما قتل ما بين 385 ألفا و600 ألف شخص خلال حرب أهلية على منطقة تيغراي في إثيوبيا.

وكان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بلا أنياب وعقد مشاورات غير رسمية فقط بشأن السودان، هذا ليس لأن يديه مقيدتان بمصالح استراتيجية أو انقسامات عميقة بين القوى العظمى، كما هي الحال مع أوكرانيا أو سوريا، ولكن بسبب الإهمال الجسيم.

ولم تُعِر أمريكا سوى القليل من الاهتمام، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تشتيت انتباهها بسبب أوكرانيا، ومؤخرا غزة، "لقد كان الصمت يصم الآذان"، تقول ماتيلد فو من المجلس النرويجي للاجئين.

ومع ذلك، لا يحتاج العالم إلى مشاهدة كارثة تتكشف بلا حول ولا قوة، وينبغي للحكومات أن تلبي طلبات وكالات المعونة للحصول على الأموال.

 وينبغي للزعماء الأفارقة أن يضاعفوا جهودهم الدبلوماسية، ويجب أن يكون مجلس الأمن، على الرغم من انقسامه، قادرا على إصدار قرار يحث الأطراف المتحاربة في السودان على حماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات، وهذا من شأنه أيضا أن يشير إلى أنه ستتم مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب.

وتقول "الإيكونوميست"، إن العالم لا يعاني من نقص في الأزمات، لكن الأمر أكثر تعقيدا وتتمتع أمريكا بنفوذ أقل مما كانت عليه في عام 2000، عندما قادت متأخرا الجهود للحد من التطهير العرقي في دارفور، في السودان الذي يموت من الإهمال.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية