الطريق الإفريقي نحو الذكاء الاصطناعي

الطريق الإفريقي نحو الذكاء الاصطناعي

 

يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي (AI) إلى الأنظمة أو الأجهزة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام والتي يمكنها أن تحسن من نفسها استناداً إلى المعلومات التي تجمعها.

 ويتجلى الذكاء الاصطناعي في عدد من الأشكال، مثل استخدام روبوتات محادثة الذكاء الاصطناعي لفهم مشكلات العملاء بشكل أسرع وتقديم إجابات أكثر كفاءة، وتحليل المعلومات الهامة من مجموعة كبيرة من البيانات النصية لتحسين الجدولة، وبعض محركات التوصية التي تقدم توصيات مؤتمتة للبرامج التلفزيونية استناداً إلى عادات المشاهدة للمستخدمين وغيرها الكثير من الاستخدامات لهذه التكنولوجيا التي تتطور بسرعة كبيرة.

كما أن الذكاء الاصطناعي يتعلق بالقدرة على التفكير الفائق وتحليل البيانات أكثر من تعلقه بشكل معين أو وظيفة معينة، وعلى الرغم من تصوير الذكاء الاصطناعي بأنه يقدم صوراً عن الروبوتات العالية الأداء الشبيهة بالإنسان التي تسيطر على العالم، إلا أنه يهدف إلى تعزيز القدرات والمساهمات البشرية بشكل كبير، مما يجعله أصلاً ذا قيمة كبيرة من أصول الأعمال.

وخلال الأعوام القليلة الماضية، أصبح الذكاء الاصطناعي مصطلحاً شاملاً للتطبيقات التي تؤدي مهام مُعقدة كانت تتطلب في الماضي إدخالات بشرية مثل التواصل مع العملاء عبر الإنترنت أو ممارسة لعبة الشطرنج، ويعتمد الذكاء الاصطناعي على مبدأ رئيسي هو أن يحاكي ويتخطى الطريقة التي يستوعب ويتفاعل بها البشر مع العالم من حولنا.

الأمر الذي أصبح سريعاً الركيزة الأساسية لتحقيق الابتكار، بعد أن أصبح الذكاء الاصطناعي مزودا بأشكال عدة من التعلم الآلي التي تتعرف على أن ما طال بيانات بما يُمكنه من عمل التنبؤات، ويمكن للذكاء الاصطناعي إضافة قيمة إلى الأعمال من خلال توفير فهم أكثر شمولية لفيض البيانات المتوفرة، والاعتماد على التنبؤات من أجل أتمتة المهام ذات التعقيد الشديد فضلاً عن المهام المعتادة.

لذلك يتقدم العالم وخصوصاً الدول المتقدمة بخطوات سريعة نحو المستقبل، معتمدين بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي، إذ تتوقع البحوث والتقارير أنه بحلول 2030، أي بعد 8 سنوات، سيضيف" الذكاء الاصطناعي وحده ما يزيد على 15,7  تريليون دولار إلى الناتج المحلى الإجمالي العالمي، بواقع 6,6 تريليون دولار في صورة زيادة في الإنتاجية، و9,1 تريليون دولار كتأثيرات ناتجة من الاستهلاك.

وبعد التقدم الذي شهدته هذه التقنيات في الأعوام القليلة الماضية وتوجه الدول المتقدمة نحو الاعتماد عليه بشكل أكبر في حياتهم اليومية، أضحى على الدول الإفريقية مواكبة هذا التقدم والوثب نحوها بصورة سريعة حتى تتمكن القارة من تسخير قدراتها البشرية الهائلة في مثل هذه التكنولوجيا التي ستُيسر الحياة وترفع من جودة الحياة في القارة. 

لذلك في خطوة أقل ما يقال عنها إنها خطوة عظيمة، أعلنت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا عن إطلاق المركز الإفريقي لأبحاث الذكاء الاصطناعي يوم الخميس 17 فبراير في برازافيل بالكونغو، وذلك في بيان صدر يوم الأحد 20 فبراير.

يقع المركز الجديد في مقر جامعة دينيس ساسو نغويسو في كينتيلي، وسيشرف الوزراء الأفارقة المسؤولون عن تكنولوجيا المعلومات والاتصال رسميا على إطلاق أنشطته، والهدف من هذا المركز أن يكون مكانا للبحث المتطور في الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على أهداف تعزز من الإنسان لجني أكثر الفوائد ومواجهة تحديات تطوير واستخدام هذه التكنولوجيا من أجل التنمية الاجتماعية الاقتصادية في القارة.

وسيجري المركز بحوثا حول التبعات القانونية والأخلاقية والاقتصادية والمجتمعية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، كما سيقوم بتطوير الأدوات والخدمات المؤسسة على الذكاء الاصطناعي لمساعدة الدول الإفريقية في تطبيق هذه التكنولوجيا في كل جهودها من أجل تحقيق أهداف التنمية الوطنية، وكذلك أهداف التنمية المستدامة، كما هو متفق عليه على المستوى الدولي.

وأنشئ المركز الجديد بفضل إرادة لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا في مساعدة بعض الدول الإفريقية لتعزيز وتبني التكنولوجيا الجديدة والناشئة من أجل الدفع بتطلعاتها للتنمية نحو تحويل اقتصاداتها في إطار نمو الاقتصاد الرقمي العالمي والمعرفة.

تمثل هذه الخطوة بداية طريق القارة الإفريقية نحو عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي فإذا أحسن الأفارقة عمله وإتقانه يمكنهم استغلاله في العديد من المجالات الهامة على مستوى القطاع العام والخاص، فعلى سبيل المثال قطاع الرعاية الصحية، يمكن للذكاء الاصطناعي، في ظل قلة الكوادر الطبية والمنشآت والمرافق الصحية في معظم دول القارة، أن يقدم خدمات هائلة باستخدام عدد قليل من الكوادر والمرافق، وذلك من خلال الإسراع في الإجراءات، والكشف، والتشخيص، والتجريب، ومتابعة ما بعد العلاج.

كما يمكن من خلاله استخدام التطبيقات الجينية الدوائية، التي تركز على الاستجابة المحتملة لفرد ما تجاه استخدام أدوية علاجية معينة استناداً إلى بعض العلامات الجينية، بما يسهل إمكانية إعطاء الأدوية المناسبة بالشكل والكمية المناسبين للأفراد.

إجمالاً.. بالرغم من التحديات العديدة التي تواجه تقنية الذكاء الاصطناعي في القارة كنقص البنية التحتية الأساسية والرقمية، والافتقار إلى أنظمة تشريعية مرنة وفعالة تخدم هذه التكنولوجيا، علاوة على نقص المهارات الفنية المطلوبة للتعامل مع هذه التقنيات، ولا سيما بين الشباب، إلا أن الذكاء الاصطناعي يعد بفرص واسعة النطاق بوسعها أن تضع القارة الإفريقية في مكانة متقدمة في ظل الثورة الصناعية الرابعة والتقدم التكنولوجي الهائل.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية