تأثيرات التغيرات المناخية على الوضع البيئي في تونس وأمل COP28 في تقديم حلول مستدامة

أمل العرب “2”

تأثيرات التغيرات المناخية على الوضع البيئي في تونس وأمل COP28 في تقديم حلول مستدامة

كغيرها من دول الشرق الأوسط تواجه تونس، تحديات جسيمة تتعلق بتغير المناخ وآثاره السلبية على البيئة والمجتمع. 

إلا أنه في ضوء الاجتماع الدولي للأمم المتحدة للتغير المناخي (COP28) المنعقد حاليا في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، يتجلى أمام العالم فرصة استثنائية لتحويل هذه التحديات إلى إيجاد حلول، وجعل تونس محطة للأمل والتغيير. 

هذه الفعالية الدولية المهمة ربما كانت محفزًا للحكومة التونسية والمجتمع المدني على اتخاذ إجراءات جذرية لمواجهة تحديات المناخ، بما يضمن استدامة البيئة وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد. 

ومن أجل تونس وغيرها من الدول العربية، خصصت "جسور بوست"، حلقات مسلسلة حملت عنوان: أمل العرب"، تستطلع فيه على حدة رأي خبراء كل دولة عن آمالهم وما يمكن أن يحمله لهم مؤتمر الأطراف لمواجهة التغيرات المناخية.

تحليل الواقع

قبل أن نتطرق إلى الأمل الذي يمكن أن يجلبه COP28 إلى تونس، يجب أن نفهم الوضع الحالي، وتعاني تونس من زيادة درجات الحرارة ونقص الموارد المائية، ما يؤثر سلبًا على القطاع الزراعي والصناعي والاقتصاد بشكل عام. 

ووفقًا للبيانات الحديثة، ارتفعت درجات الحرارة في تونس بنسبة 1.5 درجة مئوية خلال القرن الماضي، وأثرت على كل مناحي الحياة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة إذا لم تتخذ إجراءات عاجلة وفعالة. 

ويأتي COP28 كفرصة لتونس للتعاون مع الدول الأخرى وتبادل الخبرات والتكنولوجيا لمواجهة تحديات المناخ. 

ويشهد هذا الحدث والذي انطلق في الثلاثين من نوفمبر الماضي حضورًا كبيرًا للقادة العالميين والخبراء في مجال التغير المناخي، ما يمنح تونس فرصة للعب دور قيادي في هذا المجال. 

بدعم من الأرقام والبيانات، يمكن أن نرى تأثيرًا حقيقيًا لـ COP28 على مستوى تونس في ما هو قادم، فوفقًا لتقارير متخصصة، إذا تم اتخاذ إجراءات فعالة للتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الاستدامة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل ارتفاع درجات الحرارة بنسبة 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030. 

وهذا ليس فقط يحمي البيئة والتنوع البيولوجي، بل يعزز أيضًا الاقتصاد المستدام ويخلق فرص عمل جديدة في قطاعات وتكنولوجيا الطاقة المتجددة والنظيفة. 

التحركات المستدامة في تونس 

تشهد تونس بالفعل بعض تحركات مستدامة واعدة، والتي يمكن أن تكون قاعدة للتطور في إطار COP28، على سبيل المثال، تم تنفيذ مشروعات الطاقة الشمسية والرياح في مناطق مختلفة من البلاد، ما ساهم في توليد الكهرباء بطرق نظيفة وخفض الانبعاثات الضارة. 

بالإضافة إلى ذلك، تم اعتماد استراتيجية وطنية للتكيف مع تغير المناخ، تهدف إلى تحسين قدرة تونس على التكيف مع التحديات المناخية وتقليل آثارها. 

ويرى خبراء أن COP28، يمكن أن يكون له تأثير عميق ومستدام على مشكلات المناخ في البلاد، بالتعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، يمكن أن نشهد تحولًا حقيقيًا نحو استدامة الموارد وحماية البيئة.

وربما يمثل COP28 الأمل الذي تحتاج إليه تونس لمستقبل أفضل، حيث يمكن أن تتخذ إجراءات جريئة ومبتكرة للتصدي لتحديات تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة. 

حلول 

وعن الحلول والآمال المنتظرة تحدثت الإعلامية التونسية ريم بن خليفة بقولها، إن بلادنا تشهد كغيرها وضعًا كارثيًا بسبب التغيرات المناخية، تتمثل هذه التأثيرات في زيادة درجات الحرارة، وتغيرات في نمط الأمطار، وارتفاع مستوى البحر، وتأثيرات سلبية على النظم البيئية والتنوع الحيوي منذ عقود، تشهد تونس ارتفاعًا في درجات الحرارة بوتيرة أعلى من المتوسط العالمي، ووفقًا لتقرير منظمة الأرصاد العالمية، ارتفعت درجات الحرارة في تونس بمعدل 1.2 درجة مئوية بين عامي 1900 و2018، هذا الارتفاع في درجات الحرارة يؤدي إلى تأثيرات سلبية على النظم البيئية في البلاد، من تناقص كميات المياه المتاحة في تونس، وبالفعل نلاحظ انخفاضًا في تساقط الأمطار مع زيادة في التبخر، ما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الموارد المائية والزراعة. 

وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست"، جميعنا يلاحظ والعالم كله يفعل تأثير ذلك على كافة القطاعات لدينا، حيث تزداد حدة الجفاف وتتأثر النباتات والحيوانات بشكل سلبي، وبالطبع ربما برز COP28 كحل وأمل لتونس، حيث يعد حدثًا هامًا للتصدي لتحديات التغير المناخية وتحقيق تنمية بيئية مستدامة لكل العالم وتونس بعض من العالم، يمكن أن يحمل COP28 حلولًا وآمالًا، هو عبارة عن منصة دولية للتعبير عن التزام العالم بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتنفيذ سياسات وإجراءات مناخية طموحة، ويمكن أن يؤدي تحقيق هذه الالتزامات إلى تقليل تأثيرات التغير المناخي وتحقيق استدامة بيئية، يمكنه أيضًا تشجيع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار في استخدام التكنولوجيا النظيفة، ويمكن أن تساهم هذه الخطوات في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحسين جودة الهواء والمحافظة على الموارد الطبيعية.

 ريم بن خليفة

واستطردت، أن الحكومة التونسية تبذل جهدا في ذلك، ولكن ليست هناك دولة واحدة تستطيع مواجهة الكارثة بمفردها، لا بد من تضافر الجهود وأعتقد أن هذا ما يطالب به مؤتمر الأطراف في دورته الحالية بالإمارات، ولا يفوتنا التوصية بضرورة تعزيز القدرة التقنية والتمويلية للتكيف مع زيادة الجفاف وتأثيرات ارتفاع مستوى البحر، وإدارة موارد المياه بشكل أفضل وتطوير بنية تحتية مقاومة للكوارث.

تأثيرات التغيرات المناخية على الوضع الاقتصادي والاستثمار 

وعلق الخبير في مجال البيئة والنقل، الدكتور سمير الشفي بقوله، إن تونس كدولة ساحلية في شمال إفريقيا، تتعرض لتأثيرات سلبية كبيرة ناجمة عن التغيرات المناخية، وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والاستثمار في البلاد، حيث تعتبر الزراعة والثروة الحيوانية قطاعين حيويين في اقتصاد تونس، لكن التغيرات المناخية تهدد إنتاجية هذين القطاعين، كما أن ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار يؤثران سلبًا على محاصيل الزراعة وموارد المياه اللازمة لرعي الماشية، ويؤدي ذلك إلى تراجع في الإنتاج الزراعي وتدهور الظروف الاقتصادية للمزارعين. 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، يعتبر القطاع السياحي والساحلي من محركات النمو الاقتصادي في تونس.. تتعرض الشواطئ والمناطق الساحلية لتأثيرات التغير المناخي مثل ارتفاع مستوى البحر وتدهور الشعاب المرجانية، ما يؤدي إلى تراجع جاذبية الوجهات السياحية الساحلية.

مؤتمر COP28 سيساعد في تقديم حلول ويحمل للعالم كله آمالا، وهو فرصة لتونس للمشاركة في المحادثات العالمية حول التغير المناخي وتقديم حلول وآمال للتحديات التي تواجهها، ويمكن لتونس استخدام هذه الفرصة في مجال التكنولوجيا النظيفة والاستثمار في مشاريع مستدامة، ويمكن تطوير البنية التحتية الخضراء وتعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة وتكنولوجيا المياه لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي.

وأتم، تواجه تونس تحديات كبيرة في ظل التغيرات المناخية وتأثيرها على الوضع الاقتصادي والاستثمار، ويجب وضع حدًا لهذا وإلا سينفجر الكوكب علينا، ومثلنا مثل باقي الدول، وما يجب التركيز عليه هو ضرورة التشديد على التزام الدول بما سيتم الاتفاق عليه.

 الدكتور سمير الشفي

تأثيرات على السياحة ودور COP28

وعن تأثيرات التغيرات المناخية على قطاع السياحة تحدثت الكاتبة المتخصصة مريم حمودة بقولها، إن قطاع السياحة من القطاعات الحيوية والمؤثرة في اقتصاد تونس، حيث يعتمد العديد من الأشخاص على هذا القطاع لتحقيق دخلهم، ومع ذلك، تتعرض السياحة في تونس لتحديات كبيرة نتيجة التغيرات المناخية، ويعد اجتماع الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP28) فرصة لتونس لتعزيز جهودها في مواجهة هذه التحديات وتحقيق تنمية سياحية مستدامة.

وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست"، قبل أن نتحدث عن الآمال والطموحات علينا أولًا شرح تأثيرات التغيرات المناخية على السياحة في تونس، حيث تواجه صناعة السياحة في تونس تأثيرات سلبية جمة، حيث تشهد تونس ارتفاعًا في درجات الحرارة، ما يؤثر على جاذبية الوجهات السياحية خلال فصول الصيف، كذلك يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تراجع في السياحة الشاطئية والنشاطات الخارجية. 

واستطردت، تعاني تونس من تغيرات في نمط الأمطار، حيث تشهد بعض المناطق نقصًا في كمية الأمطار، يمكن أن يؤدي ذلك إلى نقص في الموارد المائية وتأثير سلبي على المزارع والحدائق التي تعتمد على الري، أيضًا ارتفاع مستوى البحر، يعرض ذلك الشواطئ والمنتجعات السياحية لخطر الغرق والتآكل، ما يقلل من جاذبية الوجهات السياحية الساحلية.

مريم حمودة

دور COP28 في تقديم حلول وآمال

أضافت مريم حمودة، يأمل العالم في أن يسهم COP28 في تقديم حلول وآمال لتونس في مواجهة التحديات المناخية وتعزيز صناعة السياحة، ينبغي على COP28 تشجيع التوجه نحو تكييف قطاع السياحة في تونس للتغيرات المناخية، ويمكن تبني سياسات تشجع السياحة المستدامة والمقاصد السياحية البديلة التي تقلل من تأثيرات التغير المناخي، يمكن لـ COP28 تعزيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في تونس، مثل الطاقة الشمسية والرياح، ويمكن أن يساهم ذلك في تقليل الانبعاثات الضارة وتحسين توافر الطاقة النظيفة للمنشآت السياحية، يجب أن يكون له دور رائد في تعزيز التوعية والتثقيف بشأن التغيرات المناخية وتأثيرها على السياحة في تونس. 

واستطردت، يمكن تنفيذ حملات إعلامية وبرامج تثقيفية للسياح والمجتمعات المحلية لتعزيز الوعي بأهمية المحافظة على البيئة والسياحة المستدامة، أيضًا التعاون الدولي وتوفير التمويل لتنفيذ مشاريع مقاومة التغير المناخي في قطاع السياحة في تونس، ويمكن أن تساهم الدول المانحة والمؤسسات المالية الدولية في توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع تحسين التحمل والاستدامة في السياحة. 

وأتمت، لا شك أن السياحة في تونس تواجه تحديات كبيرة نتيجة التغيرات المناخية، ولكن يمكن لـ COP28 أن يكون فرصة لتقديم حلول وآمال، ويجب أن تعمل الحكومة والمؤسسات المعنية والمجتمع الدولي معًا لتحقيق هذه الأهداف وجعل السياحة في تونس مقاصد جاذبة ومستدامة في ظل التحديات المناخية العالمية.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية