"الإيكونوميست": اعتماد إسرائيل على القوة لإخضاع الفلسطينيين يجعلها "منبوذة"

يبقى السلام هو الخلاص الوحيد

"الإيكونوميست": اعتماد إسرائيل على القوة لإخضاع الفلسطينيين يجعلها "منبوذة"

كشفت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، عن أضرار الحرب الدائرة في غزة على الجميع، مشيرة إلى أن الفلسطينيين يخسرون أرواحهم، فيما تخسر إسرائيل مستقبل دولتها وتصبح دولة “منبوذة”.

وأضافت في تقرير لها، أنه في مواجهة جيش إسرائيلي متفوق إلى حد كبير، سيظل أقوى سلاح لصالح الفلسطينيين هو الموت والمعاناة التي يتعرضون لها، وسيكون مصير إسرائيل محزنا أيضا إذا أرادت أن تصبح ديمقراطية مزدهرة وحديثة، فإذا اعتمدت إسرائيل بشكل دائم على جيشها لإخضاع الفلسطينيين، فإنها ستصبح منبوذة تفرض الفصل العنصري.

سوف يفسد الإسرائيليون الذين يقومون بأعمال القمع اليومية التي تتخللها جولات من القتل.. وخلصت "الإيكونوميست" إلى أنه بالنسبة لشعبين محبوسين في دائرة قتال عنيف، فإن السلام هو الخلاص الوحيد، ولكن كيف تصل إلى ذلك؟ لا يزال الإسرائيليون يعانون مما حدث في 7 أكتوبر، وما زال الفلسطينيون يشاهدون جثث النساء والأطفال المشوهة تتراكم في غزة.

موقف الغرباء

وفي خضم المذبحة، يبدو إلحاح الغرباء على السلام ساذجا، إلى جانب ذلك يرى الفلسطينيون والإسرائيليون المتعبون أن المحادثات التي لا نهاية لها هي آلية لتأخير السلام، وليس صياغته.. لقد سحق المفاوضون في الماضي تقريبا كل تبديل يمكن تخيله لتبادل الأراضي والترتيبات الأمنية.. فشل كل شيء.

ومع ذلك تغير شيء ما بعد 7 أكتوبر، لقد تحطمت استراتيجية إسرائيل لتهميش الفلسطينيين وأحلامهم، لدى كلا الجانبين فرصة للعثور على قادة جدد برؤية جديدة.

وبعد سنوات من الإهمال، قد يكون الغرباء على استعداد للمساعدة، بما في ذلك مجموعة من الدول العربية، ويجب ألا يقعوا في فخ الاعتقاد بأن السلام يتطلب الجهد مرة أخرى، يعتمد النجاح على رغبة الجانبين في السلام -والأصعب من ذلك بكثير- الإيمان به.

استراتيجية جديدة

إذا كان للحرب أن يكون لها أي معنى، فيجب أن تؤدي إلى السلام، ما يعني أمتين تعيشان جنبا إلى جنب، فقد أسفر القصف الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 17 ألف فلسطيني، وعلى الرغم من أن بعض الفلسطينيين قد تطرفوا بسبب ذلك والإذلال اليومي للاحتلال، فإن الكثيرين يكرهون حماس وحروبها التي لا يمكن الفوز بها، وسيعيشون مع إسرائيل إذا استطاعوا الازدهار، وطالما أن الرجال الذين يحملون البنادق لا يعترضون طريقهم، فإن هؤلاء الناس سيسعون إلى السلام.

وتحتاج إسرائيل أيضا إلى استراتيجية جديدة، حيث فشلت استراتيجيتها القديمة في الوفاء بوعد الدولة الأساسي بإنشاء أرض آمنة لليهود، حيث قتل 1400 شخص أو اختطفوا من قبل حماس، وتم إجلاء مئات الآلاف الآخرين.

قادة جدد

ويتطلب السلام أيضا قادة جددا، لأن القادة الحاليين فقدوا مصداقيتهم، في إسرائيل يشكل بنيامين نتنياهو عقبة أمام مصالحة حقيقية، وكلما أسرع في الذهاب كان ذلك أفضل، ويمكن لأمريكا أن تشير بشكل مفيد إلى أنها تتوقع أن تجري إسرائيل انتخابات قريبا، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيحل محله بيني غانتس، وهو جنرال سابق يفهم حصيلة الحرب، ولم يؤيد غانتس قيام دولة فلسطينية، لكنه لم يستبعد ذلك.

وهناك حاجة إلى قيادة فلسطينية جديدة أيضا، حيث إن حماس عدو معلن للسلام: طالما أنها تدير غزة، فإن التعهدات الفلسطينية بتبني السلام لن تكون قابلة للتصديق.

وفي الضفة الغربية، محمود عباس، الذي يدير السلطة الفلسطينية، يفتقر إلى أي شرعية ديمقراطية، ووسط أنقاض الحرب، ستحتاج غزة إلى وقت لإعادة البناء وإعادة تأسيس نوع من الإدارة المستقرة.

دور الدول العربية

ويتعين على الدول العربية المعتدلة أن ترعى قيادة فلسطينية انتقالية للضفة الغربية وقطاع غزة قادرة على البدء في بناء الثقة بين شعبها، وبشكل حيوي، مع الإسرائيليين، قبل إجراء الانتخابات، ومن خلال إدارة كل من غزة والضفة الغربية، ستصبح شريكا أكثر مصداقية للسلام.

وسيتعين على الجانبين مواجهة المتطرفين الذين سيخربون التعايش، ويجب على السلطة الفلسطينية التصدي للفساد، ويتطلب تعزيز الاقتصاد العديد من الاتفاقيات مع إسرائيل بشأن التجارة والمرافق وتصاريح العمل، حيث يحتاج الفلسطينيون إلى معرفة أنهم يكتسبون الحريات والحقوق.

المستوطنات

يمكن أن تنتظر عمليات تبادل الأراضي، لكن على إسرائيل أن تتعامل مع المستوطنات العميقة جدا في الضفة الغربية بحيث لا يمكن أن تكون جزءا من إسرائيل، يجب أن تبدأ في مراقبتهم ومنعهم من التوسع أكثر، يجب أن يكون واضحا أن المستوطنين الذين يعيشون فيها والبالغ عددهم 100 ألف أو نحو ذلك سيضطرون في النهاية إلى الانتقال أو الخضوع للحكم الفلسطيني.

وهذا أمر يصعب على الإسرائيليين والفلسطينيين القيام به بمفردهم، لذلك يجب إشراك العالم الخارجي، في عهد أوسلو، كانت أمريكا هي الراعية، لكنها كافحت لممارسة الضغط على إسرائيل، التي يمكنها حشد دعم هائل في الكونغرس.

اتفاقات إبراهيم

هذه المرة، ينبغي للعالم العربي أن يلعب دورا حاسما، وبموجب اتفاقات إبراهيم، التي تم التفاوض عليها خلال إدارة ترامب، اعترفت عدة دول بإسرائيل.

كان ذلك جزءا من رؤية للشرق الأوسط تقوم على التجارة والازدهار بدلا من الأيديولوجية، وستكون أموالهم مطلوبة لإعادة بناء غزة، ويمكن لجنودهم المساعدة في توفير الأمن عندما تغادر إسرائيل القطاع، وهو ما يجب أن يحدث في أقرب وقت ممكن.

وإذا عملوا معا، يمكن لثقلهم أن يمنح زعيما فلسطينيا انتقاليا غطاء دبلوماسيا بينما يؤسس نفسه وإدارته.

الاعتراف بفلسطين

ووفقا للـ"إيكونوميست"، المفتاح هو الضغط المبكر الذي تمارسه أمريكا والمملكة العربية السعودية على إسرائيل والفلسطينيين، وتجادل السلطة الفلسطينية بأن السلام يمكن أن يبدأ إذا أرسلت أمريكا والاتحاد الأوروبي إشارة إلى إسرائيل من خلال الاعتراف بدولة فلسطينية مقدما - طوهي فكرة أيدتها إسبانيا، التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي- يجب على أمريكا أن تفي بوعدها بفتح بعثة دبلوماسية للفلسطينيين في القدس.

ولكن الاعتراف الكامل بفلسطين من قبل الغرب وإسرائيل يجب أن ينظر إليه كمكافآت للمستقبل، وكحافز للتقدم.

والوقت المناسب لذلك قصير، حيث يبقى اليمين الإسرائيلي المناهض للفلسطينيين قويا، وبمجرد سقوط هذه الحكومة، قد يكون أمام الحكومة التالية ولاية واحدة فقط لإحياء إيمان الإسرائيليين بأن السلام ممكن.

قد تكون إدارة بايدن مستعدة للضغط على إسرائيل، وإذا كان للحرب الدائمة أن تدمر الشعبين، فيجب على الإسرائيليين والفلسطينيين وكل من يعتز بهم اغتنام الفرصة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية