"واشنطن بوست": الحرب على غزة تثير غضب موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية

لارتفاع عدد ضحايا موظفي الإغاثة

"واشنطن بوست": الحرب على غزة تثير غضب موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية
الحرب الإسرائيلية على غزة

تصاعدت حدة الغضب بين موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID" بسبب ارتفاع عدد الضحايا العاملين في المجال الإنساني والتنموي الذين سقطوا خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أودت بحياة آلاف المدنيين، وفق صحيفة "واشنطن بوست".

وأفاد تقرير للصحيفة بأنه سقط 135 من عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، ويقول المسؤولون إن هذا العدد من الضحايا يفوق عددهم في أي صراع آخر في تاريخ المنظمة الممتد لـ78 عاماً.

وزادت حدة الغضب داخل الوكالة الأميركية للتنمية، بعدما قتل الجيش الإسرائيلي أحد المتعاقدين مع الوكالة برفقة عائلته، لترتفع الأصوات المطالبة داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمطالبة بمحاسبة الإسرائيليين. 

وذكرت الصحيفة أن هاني جنينة (33 عاماً)، وهو متعاقد مع الوكالة الأمريكية للتنمية، قال في رسالة أخيرة لزملائه في الضفة الغربية، قبل أن يقتله الجيش الإسرائيلي مع زوجته وابنتيه في القطاع الشهر الماضي: "بناتي يشعرن بالرعب وأحاول تهدئتهن، ولكن القصف هنا مرعب".

وأشارت الصحيفة إلى أن جنينة سقط مع عائلته في غارة جوية إسرائيلية ضربت حي الصبرة بمدينة غزة في 4 نوفمبر الماضي، وفقاً لبيان أصدرته الوكالة الأمريكية.

وكان جنينة من بين مئات العاملين في المجال الإنساني والإغاثي الذين قتلتهم إسرائيل خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من شهرين، وهي الإحصائية التي قالت إنها أثارت غضب مسؤولي "USAID" الذين يريدون من إدارة جو بايدن تكثيف الضغوط على إسرائيل للحد من إراقة دماء المدنيين.

وتكبدت جماعات الإغاثة الأخرى خسائر مثل منظمة إنقاذ الطفولة، التي أعلنت الثلاثاء الماضي أن أحد موظفيها وأطفاله الأربعة وزوجته والعديد من أفراد عائلته، المكونة من 28 فرداً، قتلتهم غارة إسرائيلية في 10 ديسمبر الجاري.

وقال مسؤولو الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذين وقّع بعضهم على رسالة مفتوحة الشهر الماضي تحث على وقف إطلاق النار في غزة، لـ"واشنطن بوست"، إنه "يتعين على إدارة بايدن أن تستخدم نفوذها لفرض تغيير في سلوك إسرائيل، بما في ذلك فرض قيود على مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لها سنوياً".

تقاعس البيت الأبيض

ونقلت الصحيفة عن أحد مسؤولي الوكالة الأمريكية، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله: "لقد رأينا الكثير من التقاعس من جانب البيت الأبيض وقيادة الوكالة بشأن هذه المسألة".

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه لا يستطيع تأكيد أو نفي مسؤولية إسرائيل عن قتل جنينة، وأضاف: "نحن نعمل على تفكيك القدرات العسكرية والإدارية لحركة (حماس) رداً على هجماتها".

واعتبر رئيس المنظمة الدولية للاجئين جيريمي كونينديك، وهو مسؤول سابق في إدارة بايدن، والذي عمل في "USAID" في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أن "الجهود الأمريكية للحد من العنف في غزة ليست كافية". 

وأضاف كونينديك: "مخاوف الولايات المتحدة بشأن الخسائر تظل فقط مجرد كلام خطابي، فلا يوجد استخدام لأي نفوذ سياسي من أجل هذه المسألة على الإطلاق، بل يقتصر الأمر على الإعراب عن القلق والأسف فقط".

ويقول البيت الأبيض إنه "يعمل جاهداً للضغط على إسرائيل من أجل تبني نهج أكثر دقة في حملتها العسكرية في غزة"، كما أنه يدعي الفضل في إقناع تل أبيب بالسماح بدخول الغذاء والدواء إلى القطاع، ولكن توزيع تلك المساعدات يتطلب وجود عاملين في المجال الإنساني، والذين قتلت إسرائيل العديد منهم.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض إن "الأمر ليس مجرد كلام خطابي، فقد أثرنا مخاوفنا بشأن قتل العاملين في المجال الإنساني مع مسؤولين رفيعي المستوى للغاية في إسرائيل، وذلك في مناسبات عديدة"، معتبراً أن "إسرائيل قامت، نتيجة للضغوط الأمريكية، بإنشاء نظام يسمح لعمال الإغاثة بمشاركة الإحداثيات والمواقع التي يعملون فيها".

لكن المسؤول الأمريكي أقر بأن تل أبيب شنت غارات جوية داخل المناطق التي يفترض أنها أكثر أماناً والتي أنشأها هذا النظام، ما تسبب في حالة من الفوضى والارتباك لدى عمال الإغاثة. وقال: "لقد أعربنا في هذه الحالات عن قلقنا لإسرائيل من قيامها بشن ضربات في مناطق خفض الاشتباك هذه".

ولفتت الصحيفة إلى أن إحدى نقاط الضعف الموجودة في هذا النظام أيضاً تتمثل في الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والإنترنت في القطاع، ما يمنع عمال الإغاثة من نقل إحداثياتهم أو تحديد المناطق الأكثر أماناً.

خيبة أمل

وإلى جانب الشعور بالإحباط من نهج البيت الأبيض، أعرب العديد من موظفي "USAID" عن خيبة أملهم أيضاً، لأن الوكالة لم تعترف برحيل جنينة علناً، أو في المحادثات الداخلية التي تتم على مستوى الموظفين، وذلك على الرغم من أن مديرة الوكالة سامانثا باور، كانت على عِلم بوفاته منذ أواخر نوفمبر الماضي على الأقل، عندما بعثت برسالة إلى الرئيس التنفيذي لمنظمة "جلوبال كوميونيتيز" المتعاقدة مع "USAID" والتي كان يعمل فيها.

وكتبت باور إلى الرئيس التنفيذي كاري هيسلر رادليت: "بالنيابة عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أرجو أن تتقبلوا أعمق تعازينا لخسارة هاني جنينة وزوجته وابنتيه".

ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم باور، جيسيكا جينينجز، قولها إن مجمع الوكالة الأمريكية للتنمية "يشعر بالحزن لسقوط المدنيين الأبرياء والعديد من العاملين في المجال الإنساني في هذا الصراع، بما في ذلك الأفراد الشجعان مثل هاني جنينة وعائلته".

وعندما سُئلت عما إذا كانت باور أثارت مسألة رحيل جنينة مع المسؤولين الإسرائيليين، قالت جينينجز إنه في "كل محادثة نجريها مع حكومة إسرائيل، نثير حاجة العاملين في المجال الإنساني لأن يكونوا قادرين على توزيع المساعدات بأمان، وأن يتمكن المدنيون أيضاً من الحصول على هذه المساعدات".

وقالت المنظمة التي كان يعمل فيها جنينة، في بيان، إنه في اليوم الذي رحل فيه هو وعائلته، كانوا يقيمون مع أصهاره في مدينة غزة، وأضافت: "لقد لجأت العائلة إلى هناك بعد فرارها من الغارات الجوية على حي الشيخ رضوان في مدينة غزة ولكنهم سقطوا جميعاً".

العدوان على قطاع غزة

عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات.

وأسفر القصف عن سقوط  أكثر من 19 ألف قتيل وإصابة نحو 55 ألف مواطن فلسطيني، 70 في المئة منهم من الأطفال والنساء، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة، موضحة أنّ هذه الحصيلة ليست نهائيّة.

ونزح أكثر من مليون ونصف المليون شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.

وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1200 شخص بينهم أكثر من 400 جندي وضابط، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 5 آلاف بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة.

وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية أصوات 120 صوتا، الجمعة 27 أكتوبر، مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ووقف القتال.

في الأول من ديسمبر الجاري، انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة مصرية قطرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية.

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية