أول مركز لتناول المخدرات في الولايات المتحدة يحمي المدمنين من الجرعات الزائدة

يسعى أول مركز من نوعه لتناول المخدرات في حي إيست هارلم في نيويورك بالولايات المتحدة، إلى إثبات فعاليته وتشكيل نموذج يُحتذى، في بلد يسجل نسباً عالية من الوفيات جراء جرعات زائدة من المخدرات، بحسب وكالة فرانس برس.

"هذا المكان ينقذ الأرواح" هكذا كُتب على أحد جدران المركز "باللغتين الإنجليزية والإسبانية، في ظل وجود صف من 4 غرف مفتوحة مجهّزة بكراسٍ وطاولات ومرايا لرصد "أي أمر طارئ قد يحصل"، وفق ما أوضح مارك "اسم مستعار"، البالغ 29 عاماً، وهو زائر دائم للمركز.

وقال مارك، في هذا المكان "يُتابَع وضعك، وثمة موسيقى من دون حاجة للاستعجال، أما في المراحيض العامة، فعليك أن تأخذ الجرعات بسرعة، لأن احتمال أن تنسى أي واحدة منها مرتفع، وسيتسبب ذلك بخراج للجلد".

ويسعى مارك، وهو من كاليفورنيا ويعمل حالياً ضمن وظيفتين في نيويورك، إلى تقليل إدمانه على "المهدئات والمواد الأفيونية"، وهو كفاح بدأ به منذ عامين.

محاقن وأربطة مطاطية

فوق إحدى الطاولات داخل المركز توضع محاقن وأربطة مطاطية وكمادات ومجموعة ملوّنة من القش، ويُتاح في غرفتين صغيرتين تدخين الكراك "الكوكايين"، وهو نوع مخدر رخيص الثمن، وعلى الجانب الآخر، توجد غرفة للاستراحة أو لممارسة عدد من النشاطات، وهي مساحة واسعة ومفتوحة فيها تلفزيون كبير على الحائط.

وقال مدير "OnPoint NYC" المسؤول عن مركزين في نيويورك "في كل مرة أجرينا فحصا "لرصد المخدرات"، سجلنا وجود الفنتانيل".

وبدعم من بلدية المدينة التي يقودها الديموقراطيون، افتُتح الموقع الذي يسميه القائمون عليه بـ"مركز الوقاية من الجرعات الزائدة"، لهذا السبب في 30 نوفمبر، خلف مدخل عادي لأحد الشوارع، بينما كان يستقبل من قبل مدمنين لتقديم علاجات لهم أو إتاحة سبل للوقاية.

“كنّا نعلم أنّ البعض يتناول المخدرات في المراحيض، هكذا قال سام ريفيرا، البالغ 59 عاماً، مضيفا ”كان لدينا متّسع من الوقت للاستجابة في حال تعرّضوا لمضاعفات جراء تناول جرعات زائدة".

ويعتبر ريفيرا، أن إقامة مثل هذا المركز بصورة علنية تمثل "تغييراً كبيراً"، مشيراً إلى أنّ هذا النموذج معتمد منذ زمن في أوروبا.

ومن بين الأشخاص الذين يتولون مراقبة المدمنين ألسان ميزون، وهي ممرضة، تبلغ 56 عاماً، تبقى على أهبة الاستعداد للتدخل في حال شعر أي شخص بمضاعفات، ويحدث ذلك "مرة واحدة على الأقل في الأسبوع".

مشكلة الجرعات الزائدة

وأعادت مشكلة الجرعات الزائدة إحياء الجدل في الولايات المتحدة حول غرف تناول المخدرات هذه المحظورة نظرياً من الحكومة الفدرالية، وأعلنت وزارة العدل أنها كانت تدرس هذه المبادرة وتجري مناقشات حول "الضمانات مع الولايات والمنظمين المحليين".

لكن الموضوع لا يزال نقطة خلافية، بعد جدل أثاره أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون الذين يتهمون الرئيس جو بايدن بالرغبة في تمويل "غليون الكراك" بالأموال الفدرالية.

وقُتل 2062 شخصاً جراء تلقي جرعات زائدة من المخدرات في مدينة نيويورك عام 2020 في خضم وباء كورونا، مقابل أقل من 1500 عام 2019 وأقل من ألف شخص عام 2015، وسجلت النسب الأعلى من الوفيات في الأحياء الفقيرة وبين أوساط الأمريكيين السود.

وسجلت الولايات المتحدة رقماً قياسياً في عام واحد، إذ تخطى عدد الوفيات جراء الجرعات الزائدة بين إبريل 2020 وإبريل 2021 مئة ألف.

ويعود سبب وفاة 77% من إجمالي الوفيات بجرع زائدة في نيويورك عام 2020 إلى الفنتانيل، وهي مادة أفيونية صناعية قوية وخطرة يُضاف إليها الهيرويين أو الكوكايين، وتسبب هذا المزيج في قتل نجم مسلسل "ذي واير" مايكل ك.ويليامز في 6 سبتمبر 2021.