عمالة الأطفال في 2023.. تأثيرات مأساوية على حقوق الإنسان

عمالة الأطفال في 2023.. تأثيرات مأساوية على حقوق الإنسان

لا يزال ملايين الأطفال في عام 2023، حول العالم يتعرضون لعمالة الأطفال، وهي مشكلة تنتهك حقوقهم الأساسية وتشكل خطرًا حقيقيًا على مستقبلهم وتطورهم. 

وتعد عمالة الأطفال ظاهرة عالمية تؤثر بشكل أساسي على الأطفال في الدول النامية، وتتسبب في تعطيل فرصهم التعليمية وتعرضهم لمخاطر صحية واجتماعية خطيرة. 

ووفقًا لتقديرات منظمة العمل الدولية، يوجد حوالي 152 مليون طفل يعملون حول العالم، وتشكل هذه النسبة حوالي 10% من إجمالي قوة العمل العالمية.

وتعيش معظم حالات عمالة الأطفال في الدول النامية، حيث يقضي طفل -تقريبا- من بين 5 أطفال في هذه الدول جزءًا كبيرًا من طفولته في العمل بدلاً من التعليم واللعب، وتتأثر الفتيات بنسبة أعلى من الفتيان بعمالة الأطفال، حيث تعمل حوالي 58 مليون فتاة قاصر حول العالم. 

ووفقًا لتقديرات منظمة العمل الدولية (ILO)، يوجد حوالي 152 مليون طفل يعملون في جميع أنحاء العالم، ومن بينهم، يعمل حوالي 73 مليون طفل في أعمال خطرة.

وتتوزع عمالة الأطفال حسب القارات على النحو التالي:

آسيا والمحيط الهادئ: 62 مليون طفل يعملون، وفي إفريقيا 72 مليون طفل، بينما في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 10.5 مليون طفل، وفي أوروبا وآسيا الوسطى 5.5 مليون طفل، وفي الدول العربية 1.2 مليون طفل يعملون، ويتأثر الأطفال العاملون بشكل رئيسي في قطاعات مثل الزراعة والصناعات التقليدية والخدمات المنزلية والمناجم والبناء.

وتتأثر الفتيات بشكل خاص بعمالة الأطفال، حيث يمثلن نسبة مرتفعة من الأطفال العاملين في الخدمات المنزلية والعمل المنزلي غير المدفوع. 

يتعرض الأطفال العاملون لمخاطر صحية وسلامة جسدية ونفسية خطيرة، فهم أكثر عرضة للإصابة بحوادث العمل والتسمم الناتج عن المواد الكيميائية الضارة وتشوهات النمو الجسدي والعقلي.  

وتتداخل عمالة الأطفال مع التعليم، حيث يتم منع الأطفال العاملين من الحصول على تعليم جيد وفرص تطويرهم الشخصي، وبالتالي، يتأثر مستقبلهم ويكونون عرضة للبقاء في دائرة الفقر والتهميش، كما يعمل الأطفال عادة في ظروف غير إنسانية وغير آمنة، ويتعرضون للاستغلال الجنسي والعنف وسوء المعاملة. 

ووفقًا لتقارير متخصصة، تؤثر عمالة الأطفال على الاقتصادات المحلية والعالمية، حيث يستغل أصحاب الأعمال العمالة الرخيصة لتحقيق أرباح غير مشروعة على حساب صحة وحقوق الأطفال.. هذه الإحصائيات والتأثيرات تعكس خطورة مشكلة عمالة الأطفال وتدعو إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحتها وحماية حقوق الأطفال. 

يجب على الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي العمل سويًا لتوفير فرص تعليمية آمنة وجيدة للأطفال وضمان حمايتهم من أي أشكال من أشكال الاستغلال والعنف، كما يجب توفير دعم إضافي للأسر والمجتمعات المتأثرة بهذه المشكلة لمساعدتهم على تحسين ظروفهم المعيشية وتوفير بدائل اقتصادية مستدامة للأطفال. 

ويرى محللون أن عمالة الأطفال لا تزال مشكلة كبيرة في عام 2023، وتؤثر بشكل كبير على حقوق الأطفال ومستقبلهم، وتتطلب مكافحة هذه المشكلة تعاونًا دوليًا قويًا وتكثيف الجهود لضمان حماية الأطفال.

"جسور بوست"، تناقش الأزمة وتبعاتها مع محللين وخبراء دوليين.

منظمة العمل الدولية: عمالة الأطفال تعيق التنمية ويجب إنهاؤها فورا | أخبار  الأمم المتحدة

 الآثار الاجتماعية والبشرية

عن الآثار الاجتماعية والبشرية لعمالة الأطفال على المجتمعات، قال أستاذ علم الاجتماع وكشف الجريمة، فتحي قناوي إن هذه الآثار تشمل الفقر والتشرد، حيث يعملون في وضع اقتصادي ضعيف ويعانون من سوء المعيشة، ويزيد ذلك من أعباء الدعم الاجتماعي على الحكومة ويؤثر على استقرار المجتمع، أيضًا يعمل الأطفال في بيئات غير صحية ومعرضة للمخاطر، ما يزيد من احتمالية انتشار الأمراض وتدهور الصحة في المجتمعات المعنية، ويعاني الأطفال العاملون من نقص التغذية والإسكان غير اللائق وظروف العمل الخطرة. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، يتأثر الأطفال العاملون بشكل سلبي في ما يتعلق بتطورهم الاجتماعي والنفسي، ويفتقدون فرص اللعب والتعلم والتفاعل الاجتماعي الصحيح، ما يؤثر على تنمية قدراتهم وقدرتهم على تحقيق إمكاناتهم الحقيقية، مشيرًا إلى أن الأطفال يعملون في مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك الزراعة والتعدين والصناعة والخدمات المنزلية والسياحة، ويعتبر قطاع الزراعة أحد أكبر الأقسام التي يعمل فيها الأطفال، حيث يتعرضون لمخاطر المبيدات الزراعية والأجواء القاسية والأعمال الشاقة، وفي الصناعات المتقدمة، يعمل الأطفال في مصانع الملابس والأحذية والسجاد والإلكترونيات، ويكونون عرضة للاستغلال والعمل في ظروف غير آمنة. 

واستطرد، يعد الفقر والبطالة وعدم التعليم والتمييز والنزاعات المسلحة من بين العوامل التي تدفع الأطفال إلى العمل، والأطفال الذين يعانون من ظروف عائلية صعبة، مثل الأيتام أو الأطفال الذين يعيشون في أسر فقيرة، يكونون عرضة أكبر للانخراط في عمالة الأطفال، وقد يتم تجنيد الأطفال في بعض الحالات للعمل في صناعات غير قانونية مثل الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة.  

الأم القاتلة.. سيدة تتخلص من أطفالها بالسم لتنفرد بعشيقها فى قنا.. مريضة  نفسيا تخنق أبناءها بأسوان .. وثالثة تقتل رضيعها بالريموت لتنام في هدوء..  أستاذ بالمركز القومى للبحوث يرصد 7 أسباب لهذه الجرائم

فتحي قناوي

تأثيراتها على الاقتصاد

وقالت البرلمانية الأردنية السابقة والحقوقية، ليلى حداد، إن من الأبعاد الاقتصادية لعمالة الأطفال تقليل الإنتاجية، حيث يعمل الأطفال في ظروف غير آمنة ودون الحصول على التعليم اللازم، ما يقلل من إمكانياتهم الفردية ويؤثر سلبًا على إنتاجيتهم العملية، وبالتالي، يترتب على ذلك تقليل الإنتاجية العامة للدولة وتدني معدلات النمو الاقتصادي، من تلك الآثار أيضًا تقليل التنافسية، ويتم استغلال الأطفال عادةً في الصناعات ذات التكاليف المنخفضة، ما يؤدي إلى تشويه التنافسية بين الشركات والصناعات الأخرى التي تلتزم بمعايير العمل اللائقة، فيعاني الاقتصاد من انعدام التوازن وتدهور القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. 

وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست"، يعمل الأطفال في سن مبكرة بدلاً من التعليم، ما يحرمهم من الحصول على المعرفة والمهارات اللازمة للتنمية الشخصية والمستقبلية وبالتالي، ينخفض مستوى التعليم والمهارات في المجتمع، ما يؤثر على القدرة التنافسية للدولة في الاقتصاد العالمي، توضح الأرقام والإحصاءات التي نطالعها أن عمالة الأطفال تؤثر بشكل سلبي على الاقتصادات المحلية والعالمية، وتترتب على ذلك تداعيات اجتماعية وبشرية خطيرة، بما في ذلك تدني الإنتاجية، وتشويه التنافسية، وتأثير على التعليم والمهارات، وانتشار الفقر وسوء الصحة، وتأثير على الدور الاجتماعي والتنمية الشخصية للأطفال. 

وعن تخفيف تأثير عمالة الأطفال أكدت ليلى ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي والحكومات إجراءات قوية لتنفيذ التشريعات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل والتعليم الشامل وتحسين ظروف المعيشة للأسر المعرضة للفقر، فعلى الرغم من أنها توفر قوة عمل رخيصة للشركات والصناعات، فإنها تسبب ضررًا بالغًا على المدى الطويل، ويؤدي تشغيل الأطفال إلى تراجع الإنتاجية والابتكار في المجتمعات، حيث يفتقدون الفرصة للحصول على تعليم جيد وتطوير مهاراتهم، وعلى المدى الاقتصادي العالمي، تؤثر عمالة الأطفال على المنافسة العادلة في السوق وتؤدي إلى تشويه في آليات العرض والطلب.

النائب ليلى حداد ل

ليلى حداد

القانون وحماية الأطفال

وقالت الحقوقية الأردنية، نسرين زريقات، إن العناية بحقوق الأطفال وحمايتهم من العمالة هي قضية مهمة يجب التعامل معها قانونيًا واجتماعيًا، ويعتبر القانون أداة أساسية لحماية الأطفال وضمان حقوقهم، وتقوم الدول بتبني قوانين وتشريعات تهدف إلى منع ومكافحة عمالة الأطفال، ويتضمن ذلك تحديد سن الحد الأدنى للعمل وتحديد الأعمال التي يُسمح للأطفال بالقيام بها وتحديد ساعات العمل المسموح بها وتوفير آليات تنفيذ القوانين وتطبيق العقوبات على المخالفين، وتلتزم الدول بالاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الطفل، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وتكرس هذه الاتفاقيات حقوق الأطفال وتعزز الجهود العالمية للقضاء على عمالة الأطفال وتوفير بيئة آمنة وصحية للنمو والتنمية الطبيعية للأطفال.

وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست"، تُنشأ هيئات رقابية مستقلة وحكومية لمراقبة تنفيذ قوانين حماية الأطفال ومنع عمالة الأطفال، وتقوم هذه الهيئات بتفتيش مواقع العمل وتطبيق القوانين المتعلقة بالأطفال وتقديم التقارير والتوصيات لتعزيز الحماية وتحسين الظروف، ويتم تعزيز التوعية والتثقيف حول حقوق الأطفال وأضرار عمالة الأطفال من خلال حملات توعوية وبرامج تعليمية في المدارس والمجتمعات، ويهدف ذلك إلى توعية الناس بأهمية حقوق الطفل وضرورة حمايتها، وتتعاون الدول في مجال التشريع وتبادل المعلومات والتجارب لمكافحة عمالة الأطفال، كذلك توفر المنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية دعمًا فنيًا وماليًا للدول لتعزيز القدرات وتنفيذ برامج حماية الأطفال.

واستطردت، تقوم الدول بتقديم الدعم والمساعدة للأطفال الذين يعانون من عمالة قسرية، بما في ذلك توفير الرعاية الصحية والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي، يتضمن ذلك أيضًا توفير برامج إعادة التأهيل والتأهيل المهني للأطفال الذين تم استغلالهم في العمل، ويعتبر الفقر وسوء الظروف الاقتصادية من العوامل الرئيسية التي تسهم في زيادة عمالة الأطفال لذا، يجب على الدول العمل على تحقيق التنمية الشاملة وتوفير فرص عمل للبالغين وتقديم الدعم الاجتماعي والاقتصادي للأسر للحد من الفقر والحاجة إلى توظيف الأطفال. 

الإفراج عن الناشطة نسرين زريقات بكفالة| جراءة نيوز

نسرين زريقات

وأتمت، تعمل العديد من المنظمات الدولية والحكومات والمجتمع المدني على مكافحة عمالة الأطفال وحماية حقوق الطفل، منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسف هي بعض المؤسسات التي تعمل بنشاط في هذا المجال، وتركز المبادرات العالمية على زيادة الوعي وتعزيز التشريعات وتعزيز فرص التعليم وتوفير الدعم للأسر المحتاجة، ويتم تنفيذ برامج لمكافحة عمالة الأطفال في العديد من الدول، وتشمل هذه البرامج التوعية ورصد ومراقبة وتوفير فرص تعليمية وتدريبية للأطفال المتضررين. 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية