العرب والذكاء الاصطناعي “7”

الذكاء الاصطناعي.. محرك التحول نحو المدن العربية الذكية

الذكاء الاصطناعي.. محرك التحول نحو المدن العربية الذكية

تواجه المدن العربية تحديات كبيرة تتعلق بزيادة النمو السكاني وتزايد الطلب على الموارد وتأثيرات التغيرات المناخية. 

ويسعى القادة والمسؤولون في العالم العربي إلى اعتماد حلول مبتكرة لتحسين جودة الحياة والحفاظ على الموارد، ومن بين هذه الحلول المبتكرة يبرز تحويل المدن العربية إلى مدن ذكية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ويوفر الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة لتحسين إدارة الموارد والاستدامة وتعزيز جودة الحياة للمواطنين. 

ويعيش العالم اليوم في عصر الثورة الرقمية، حيث يتم تطبيق التكنولوجيا الرقمية في مختلف المجالات، ومن بين هذه التكنولوجيا المبتكرة يبرز الذكاء الاصطناعي، الذي يمتلك قدرات مذهلة في معالجة البيانات وتحليلها واتخاذ القرارات. 

ويتميز الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تعلم الأنماط من البيانات والتكيف مع التغيرات، ما يجعله أداة قوية في تحويل المدن العربية إلى مدن ذكية.

ويتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات حركة المرور في دبي لتحديد الطرق التي يمكن تحسينها، أدى ذلك إلى تقليل الازدحام المروري بنسبة 15% في المدينة.

كما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات استهلاك المياه في الرياض لتحديد مناطق الهدر، وأدى ذلك إلى خفض استهلاك المياه في المدينة بنسبة 10%. 

وباستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات استخدام شبكة النقل العام في القاهرة لتحسين كفاءة الشبكة، يمكن تقليل أوقات التنقل للمواطنين بنسبة 20%. 

وكذلك مع استخدام تقنيات تحليل بيانات السجلات الطبية في بيروت لتحسين كفاءة التشخيص الطبي، سيؤدي ذلك إلى تحسين معدلات الشفاء من الأمراض بنسبة 15%.

وتواجه المدن العربية تحديات كبيرة في إدارة الموارد وتحقيق الاستدامة، ومن هنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة الموارد المختلفة، مثل الطاقة والماء والنقل والنفايات، وباستخدام تحليل البيانات والتنبؤات، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين كفاءة استخدام الموارد وتوجيهها بشكل أكثر فاعلية، فعلى سبيل المثال، يمكن لنظام ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الاستهلاك وتوجيه الأفراد لتقليل استهلاك الطاقة وتحسين كفاءة الاستخدام.

وتعد جودة الحياة للمواطنين هدفًا رئيسيًا في تحويل المدن العربية إلى مدن ذكية؛ بفضل التقنيات الذكية يمكن تحسين الخدمات الحكومية والبنية التحتية والترفيه والرعاية الصحية في المدن الذكية، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين جودة الحياة من خلال تحسين الأمان والمرافق العامة وتوفير وسائل النقل الذكية وتطوير الخدمات الصحية الذكية.

وأثبتت تجارب بعض المدن العربية في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي نجاحًا كبيرًا في تحسين إدارة الموارد وتعزيز الاستدامة وتحسين جودة الحياة، فعلى سبيل المثال في مدينة دبي تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين نظام النقل العام وتقليل الازدحام المروري، وفي الرياض تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة النفايات وتحسين عمليات التنظيف. 

ومع ذلك، تواجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المدن العربية بعض التحديات، من بين هذه التحديات القضايا المتعلقة بالخصوصية والأمن، حيث يجب ضمان حماية البيانات الشخصية ومنع انتهاك الخصوصية كما تشمل التحديات الأخرى قضايا التكلفة والتكامل التقني وتأثير التغيير على سوق العمل.

ووفقًا للخبراء، يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة هائلة لتحويل المدن العربية إلى مدن ذكية تعزز الاستدامة وتحسن جودة الحياة للمواطنين. 

ومن خلال تحليل البيانات واتخاذ القرارات الذكية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون شريكًا قويًا في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار في المدن العربية.

وتناقش "جسور بوست"، في حلقة جديدة من "العرب والذكاء الاصطناعي"، ما قد يحدثه ويقدمه الذكاء الاصطناعي للمدن الجديدة، وتحديات يواجهها.

الذكاء الاصطناعي ai في الطب: تطبيقاته وأدواته - نيوفيرستي

الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي

قال خبير التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات الدكتور محمد عزام، إن الذكاء الاصطناعي يعتبر جزءًا حاسمًا من الثورة الرقمية التي تشهدها العالم، ويقوم الذكاء الاصطناعي على استخدام تقنيات مثل التعلم العميق وتحليل البيانات الضخمة لتمكين الأنظمة من تنفيذ مهام تشابه القدرات البشرية، ويمكن أن يترجم تطبيق الذكاء الاصطناعي في المدن الذكية إلى تحسين كبير في العديد من جوانب الحياة اليومية للمواطنين، والمدن العربية تواجه تحديات متعددة في إدارة الموارد وتحقيق الاستدامة، ويمكن لتطبيق التقنيات الذكية والذكاء الاصطناعي في هذا المجال أن يؤدي إلى توفير المزيد من الكفاءة والتوجيه الفعال للموارد، على سبيل المثال يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الاستهلاك الكهربائي في المدن العربية وتوفير توصيات حول كيفية تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني والمرافق العامة.

وأضاف “عزام” في تصريحات لـ"جسور بوست"، يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين إدارة المياه والتنبؤ بالتغيرات الجوية وتوجيه استراتيجيات الاستدامة، والمدن الذكية تهدف إلى تحسين جودة الحياة للمواطنين، من خلال ما قد يحدثه من فرق كبير في هذا الصدد من خلال توفير خدمات متقدمة ومناسبة للمواطنين على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين خدمات الحكومة الإلكترونية لتيسير الوصول إلى المعلومات والخدمات الحكومية، ويمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين الأمن والسلامة العامة وتوفير وسائل النقل الذكية وتطوير الرعاية الصحية الذكية.

واستطرد: تشهد بعض المدن العربية نتائج إيجابية جراء تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، في مدينة دبي تم استخدام الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، وهما تطور هائل في التكنولوجيا الذي يؤثر على جميع جوانب الحياة البشرية، وتقوم الثورة الرقمية على استخدام التكنولوجيا الرقمية والشبكات الإلكترونية لتحويل الطريقة التي نعيش بها ونعمل ونتفاعل مع بعضنا البعض، والذكاء الاصطناعي هو مجال من مجالات العلوم الحاسوبية يهدف إلى تمكين الأجهزة والنظم من محاكاة قدرات العقل البشري، يعتمد الذكاء الاصطناعي على تطوير نماذج رياضية وخوارزميات معقدة لمعالجة البيانات وتعلم الأنماط واتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات.

واستكمل: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات والصناعات، فيمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض وتوجيه العلاج وتحسين إدارة المرضى، كذلك يمكن للنظم الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الطبية الكبيرة لتوفير تشخيص دقيق ومخصص لكل مريض، أيضًا تحسين نظم المرور وتوجيه حركة المرور وتحسين السلامة على الطرق، ويمكن للسيارات الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من الاستشعارات والكاميرات لتوجيه السائقين وتحسين كفاءة السير.

خبير تكنولوجيا المعلومات: الدولة المصرية تشهد طفرة فى البنية المعلوماتية

الدكتور محمد عزام

وأتم: استخدام الذكاء الاصطناعي كثير كما في تحليل البيانات التجارية وتوجيه استراتيجيات التسويق وتحسين خدمة العملاء، وتحليل أنماط سلوك العملاء وتوفير توصيات شخصية ومخصصة لكل عميل، أيضًا في تطوير أنظمة تعليمية ذكية وتحسين عملية التعلم.

تحديات ولكن

رغم المميزات الكثيرة التي توفرها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إنشاء المدن الذكية، فإن ثمة تحديات تواجهها، وفي هذا الشأن قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور صلاح الدين فهمي، إن تطبيق الذكاء الاصطناعي في المدن العربية قد يواجه عددًا من التحديات، من بين هذه التحديات البنية التحتية التكنولوجية، وقد تكون المدن العربية في حاجة إلى تحديث البنية التحتية التكنولوجية لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، هذا يشمل الشبكات اللاسلكية ذات السرعة العالية والأجهزة المتصلة والبنية التحتية السحابية التي تتيح معالجة البيانات بكفاءة، أيضًا البيانات والخصوصية، ويتطلب تطبيق الذكاء الاصطناعي وجود كمية كبيرة من البيانات للتحليل والتعلم. 

وأضاف فهمي في تصريحات لـ"جسور بوست": يمكن أن تواجه المدن التحديات في جمع البيانات المناسبة وتنظيفها وحمايتها بشكل مناسب، ولذا من الضروري أن تتم معالجة مسألة حماية الخصوصية لضمان سلامة وأمان بيانات المواطنين، كذلك التكلفة والتمويل وقد يكون تطبيق التقنيات الذكية والذكاء الاصطناعي في المدن العربية تحديًا من حيث التكلفة والتمويل، وتحتاج المدن إلى استثمارات كبيرة في شراء الأجهزة وتطوير البرمجيات وتدريب الكوادر اللازمة، ويمكن أن تتطلب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيضًا صيانة وتحديثا مستمرا للحفاظ على كفاءتها، أيضًا التبني والقبول، وقد يواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في المدن العربية تحديات في ما يتعلق بالتبني والقبول من قبل المواطنين والجهات المعنية، وقد تكون هناك مخاوف بشأن الاعتماد الكامل على التكنولوجيا وتأثيرها على الوظائف البشرية والخصوصية.

واستطرد: يجب أن تتم توعية المواطنين وإشراكهم في عملية التصميم والتنفيذ لضمان قبول والتبني الفعال للتقنيات الذكية، فمن بين التحديات أيضًا، التحديات القانونية والتنظيمية، وهنا قد تواجه المدن التحديات القانونية والتنظيمية في تطبيق التقنيات الذكية والذكاء الاصطناعي، ويكون من الضروري أن تتوافق مبادئ الأمان والخصوصية والاستخدام العادل مع التشريعات المحلية واللوائح المعمول بها، وقد تحتاج المدن إلى وضع إطار قانوني وتنظيمي مناسب لضمان سلامة وأمان تقنيات الذكاء الاصطناعي. 

د. صلاح الدين فهمى محمود: مصر ستحظى بمكانة اقتصادية رفيعة بعد إنتهاء أزمة  كورونا - بوابة دار المعارف الإخبارية.. بوابة إلكترونية تهدف إلى إثراء  المحتوى الرقمي العربي من خلال الفنون والقوالب الصحفية

الدكتور صلاح الدين فهمي

وأتم: هذه مجرد بعض التحديات التي يمكن أن تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في المدن العربية، ويجب ملاحظة أن هذه التحديات ليست فريدة من نوعها للمدن العربية فقط، بل قد تواجهها المدن في جميع أنحاء العالم، ويمكن التغلب على تلك التحديات من خلال التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتوعية المواطنين، ووضع إطار قانوني وتنظيمي مناسب.

حلول مستدامة

وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور رشاد عبده، إن المدن العربية تواجه اليوم تحديات عديدة، بما في ذلك النمو الحضري السريع وزيادة الازدحام المروري ونقص الموارد الطبيعية وتغير المناخ، ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا مهمًا في تحسين البنية التحتية والخدمات العامة في المدن العربية، ما يؤدي إلى تحسين جودة الحياة وتجربة المواطنين وتعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تحسين إدارة البنية التحتية في المدن العربية من خلال إدارة النفايات، ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات من حاويات النفايات الذكية لتحديد أنماط الاستهلاك وتحديد الأماكن التي تحتاج إلى تفريغها، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين كفاءة جمع النفايات وتقليل التكلفة.

وأضاف “عبده” في تصريحات لـ"جسور بوست"، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات استخدام المياه والكهرباء لتحديد فرص التوفير، كما يمكن أن يساعد ذلك في الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل التكاليف، أيضًا يمكنه رصد حالة البنية التحتية وتحديد المشكلات المحتملة قبل حدوثها، وأن يساعد في منع الأعطال وتقليل التكاليف، وأيضًا يساعد في تحسين الخدمات العامة في المدن العربية من خلال تحسين النقل العام، وتحسين تخطيط الشبكة وتوجيه الحافلات والقطارات بشكل أكثر كفاءة.

واستطرد: يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليل أوقات التنقل وتحسين تجربة الركاب، أيضًا لتحسين تشخيص الأمراض وتوفير الرعاية الصحية الشخصية، وأن يؤدي ذلك إلى تحسين النتائج الصحية للمرضى وتقليل التكاليف، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لرصد وتحليل البيانات لمنع الجريمة وتعزيز السلامة العامة، ويؤدي ذلك إلى جعل المدن أكثر أمانًا للمواطنين. 

رشاد عبده: مصر حافظت على قوة الاقتصاد خلال الموجة الأولى لكورونا|فيديو -  بوابة الأهرام

الدكتور رشاد عبده

وأتم: يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات كبيرة لتحسين البنية التحتية والخدمات العامة في المدن العربية، ومع استمرار تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، من المرجح أن نرى المزيد من التطبيقات الجديدة لهذه التقنيات في المدن العربية خلال السنوات القادمة.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية