«الغارديان»: جزر المحيط الهادئ تحذر من تباطؤ الدول الغنية في خطط المناخ
«الغارديان»: جزر المحيط الهادئ تحذر من تباطؤ الدول الغنية في خطط المناخ
حذّرت بعض الدول الأكثر ضعفًا في العالم من أن تباطؤ الدول الغنية في إعداد خطط جديدة لمكافحة أزمة المناخ يعرّض الفقراء لمخاطر متزايدة، ورغم أن جميع الحكومات مطالبة بنشر خطط لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري خلال هذا العام، فإن غالبية ضئيلة فقط التزمت بذلك حتى الآن، وكانت بعض الخطط المقدمة غير كافية لمستوى العمل المطلوب.
رسائل عاجلة إلى الدول الغنية
وذكرت صحيفة "الغارديان" السبت، أن دول جزر المحيط الهادئ وجّهت رسائل إلى حكومات الدول المتقدمة تحثّها فيها على الإسراع في تنفيذ تخفيضات كبيرة في انبعاثات الكربون، كما لم توضّح الدول الغنية بعد تفاصيل كيفية الوفاء بتعهداتها بتوفير تدفقات تمويلية تصل إلى 1.3 تريليون دولار سنويًا للدول الفقيرة لمواجهة تغير المناخ بحلول عام 2035.
وتساءلت الجزر في رسالتها: "لقد عبّرنا مرارًا عن الواقع الذي نواجهه: سلامة جزرنا تعتمد على التزاماتكم الجماعية باتخاذ إجراءات حاسمة، والسؤال الوحيد الآن هو: ماذا ستفعلون بهذه المعرفة؟".
أوضحت الصحيفة أنه في قمة المناخ التي نظمتها الأمم المتحدة العام الماضي (كوب 29)، انسحبت الدول الجزرية الصغيرة ومجموعة الدول الأقل نموًا من المحادثات احتجاجًا على تباطؤ الالتزامات، وطالبت هذه الدول باتخاذ إجراءات ملموسة قبل انعقاد قمة كوب 30 المقبلة، التي ستستضيفها البرازيل في نوفمبر.
انخرطت عدة جزر بالمحيط الهادئ أيضًا في تحريك دعاوى قضائية ضد الدول الغنية، سعيًا لمحاسبتها دوليًا على إخفاقها في التصدي لتغير المناخ، ويُذكر أن جميع الدول ملزمة بموجب اتفاق باريس بخفض الانبعاثات بما يحافظ على ارتفاع درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.
التأخر عن الالتزامات الدولية
رغم الانسحاب الأمريكي السابق من اتفاق باريس، إلا أن بقية الدول بقيت ملتزمة به. ومع ذلك، تُظهر التقديرات أن الالتزامات الحالية قد تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى نحو 2.8 درجة مئوية، ما يستلزم المزيد من التخفيضات العاجلة.
كانت الأمم المتحدة قد طلبت من الدول إعداد إسهاماتها المحددة وطنيًا (NDCs) بحلول سبتمبر المقبل بعد تأخر غالبية الدول عن الوفاء بالموعد الأصلي المحدد في فبراير ورغم نصيحة الأمم المتحدة بضرورة تقديم خطط تفصيلية بدلًا عن التعجيل بتقديم خطط غير مكتملة، إلا أن التقدم ظل بطيئًا.
من المتوقع أن يقدم الاتحاد الأوروبي إسهاماته خلال الصيف، في حين وعدت الصين هذا الأسبوع بنشر خطتها قبل قمة كوب 30، دون تحديد موعد دقيق، وتصر جزر المحيط الهادئ على ضرورة الالتزام الفوري، محذرة من أن الوقت ينفد، ومطالبة مجموعة العشرين خصوصًا بتقديم خطط وطنية شاملة وطموحة تشمل جميع غازات الاحتباس الحراري.
دعوات لتخفيضات حقيقية وليست تعويضات
شددت الدول الجزرية على أن المساهمات الوطنية يجب أن تركّز على التخفيضات المحلية للانبعاثات، لا على تعويضات الكربون، ودعت إلى مراجعة إضافية لهذه المساهمات خلال قمة كوب 30 إذا كانت غير كافية، كما طالبت بأن تتضمن الخطط تفاصيل واضحة حول كيفية التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
أشارت الجزر إلى أن الدول الغنية قد تتردد في تقديم الدعم اللازم، لكنها حذّرت من أن تكلفة التقاعس ستكون أعلى بكثير، متمثلة في تفاقم الكوارث الطبيعية، وانهيار الأنظمة البيئية والغذائية، والأزمات الاقتصادية، والهجرات الجماعية، وأكدت أن "الإنسانية والرؤية والتعاون" تمثل الطريق الوحيد نحو مستقبل آمن.
تداعيات تغير المناخ عالمياً
يشكل تغير المناخ تهديدًا متزايدًا للحياة على كوكب الأرض، إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تسريع ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر، ما يهدد بابتلاع المناطق الساحلية والجزر المنخفضة. كما يسهم تغير المناخ في زيادة شدة الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، ويؤثر بشكل مباشر في الأمن الغذائي والمائي والصحي للمجتمعات، ولا سيما في البلدان الفقيرة والأقل استعدادًا، وتؤكد التقارير العلمية أن استمرار الانبعاثات بنسقها الحالي قد يؤدي إلى انهيار الأنظمة البيئية وفقدان التنوع البيولوجي، مع تداعيات اقتصادية واجتماعية تهدد الاستقرار العالمي، ما يجعل العمل المناخي العاجل ضرورة ملحة لضمان مستقبل آمن ومستدام للأجيال القادمة.