مئات الجياع يفرّون من شمال قطاع غزة

مئات الجياع يفرّون من شمال قطاع غزة

دفع الجوع مئات الفلسطينيين إلى الفرار الأحد من شمال قطاع غزة، في وقت أعطى مجلس الحرب الإسرائيلي الضوء الأخضر لمواصلة المناقشات بهدف التوصل إلى اتفاق هدنة.

ويستمر الوضع الإنساني في التدهور في القطاع الفلسطيني حيث بات حوالي 2,2 مليون شخص، هم الغالبية العظمى من سكّانه، مهدّدين بخطر "مجاعة جماعية"، وفق الأمم المتحدة.

ويخضع إدخال المساعدات إلى غزّة لموافقة إسرائيل، ويصل الدعم الإنساني الشحيح إلى القطاع بشكل أساسي عبر معبر رفح مع مصر، لكنّ نقله إلى الشمال دونه مخاطر بسبب الدمار والقتال.

على المستوى الميداني، استمرّت المواجهات خلال الليل في مدينة خان يونس (جنوب) وأيضاً في بيت لاهيا وحي الزيتون (شمال)، بينما دفع نقص الغذاء مئات الأشخاص إلى مغادرة شمال القطاع باتجاه الوسط، وفقا لوكالة فرانس برس.

"أملنا كبير فقط بربّنا" 

بين هؤلاء سمير عبدربه (27 عاماً) الذي وصل من جباليا إلى النصيرات صباح الأحد، نازحاً بسبب الجوع مع زوجته وطفلته التي تبلغ من العمر عاماً ونصف العام.

وقال "جئت مشياً على الأقدام من شمال غزة من عزبة عبدربه... لا أستطيع أن أصف كمية المجاعة هناك... عندي بنت صغيرة عمرها عام ونصف، لا يوجد حليب. أحاول أن أطعمها الخبز الذي أصنعه من بقايا العلف والذرة، لا تهضمه، لا مغيث، أملنا كبير فقط بربنا".

في جباليا (شمال)، أظهرت مقاطع فيديو تدافع عشرات الأشخاص السبت حاملين أواني فارغة للحصول على الطعام. ووسط حالة من الفوضى، صرخ رجل يبدو أنّه مسؤول عن توزيع حساءٍ قائلاً "خلص"، في دعوة لوقف التدافع.

وصرخ أحد المحتشدين بالقول "ليرَ كلّ العالم أين وصلنا وما الذي يحلّ بنا".

في لقطة أخرى، تجمّع عشرات المحتجّين على نقص المواد الغذائية، وبينهم أطفال، حملوا عبارات كتب عليها "أطفالنا يموتون من الجوع"، و"أدخلوا المساعدات إلى شمال غزة"، و"لا لسياسة التجويع".

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر، بعدما نفّذت حركة حماس هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل 1160 شخصاً غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.

كما احتُجز خلال الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا في غزّة، ويُعتقد أنّ 30 منهم لقوا حتفهم.

وتعهّدت إسرائيل ردا على الهجوم، بـ"القضاء" على حماس التي تولّت السلطة في غزّة عام 2007 والتي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، "منظمة إرهابية". وتردّ منذ ذلك التاريخ، بقصف مدمّر على قطاع غزة وعمليات برية منذ 27 أكتوبر ما تسبّب بمقتل 29606 فلسطينيين، غالبيتهم العظمى من المدنيين، وفق أحدث تقرير لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

وتعلن الوزارة عن سقوط نحو مئة قتيل يومياً في قطاع غزة، نتيجة القصف.

 هدنة 

واستؤنفت خلال الأيام الماضية المحادثات التي تشارك بها الولايات المتحدة وقطر ومصر من أجل التوصل إلى هدنة في الحرب.

وذكر مسؤولون ووسائل إعلام إسرائيلية السبت أنّ مجلس الحرب الإسرائيلي أعطى الضوء الأخضر لإرسال وفد إلى قطر قريباً، لمواصلة المناقشات التي جرت في الأيام الأخيرة في باريس بهدف التوصل لاتفاق هدنة في غزة يشمل إطلاق سراح رهائن.

وكان وفد إسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنيع زار باريس الجمعة لإجراء محادثات حول الهدنة.

وبحسب مصدر في حماس، تنص الخطة على وقف القتال 6 أسابيع وإطلاق سراح ما بين 200 و300 معتقل فلسطيني في سجون إسرائيلية مقابل 35 إلى 40 رهينة تحتجزهم حماس.

وقال تساحي هنغبي، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء السبت إنّه من أجل إبرام اتفاق، تُطالب إسرائيل أولاً "بالإفراج عن جميع الرهائن، بدءاً بجميع النساء".

وأضاف أنّ "مثل هذا الاتفاق لا يعني نهاية الحرب".

وتطالب حماس بـ"وقف كامل لإطلاق النار" وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.

في تل أبيب، تجمّع آلاف الأشخاص مساء السبت في ما بات يعرف بـ"ساحة الرهائن" لمطالبة الحكومة بالعمل على تحرير الرهائن في غزة.

وقالت أورنا تال (60 عاماً)، وهي صديقة أحد الرهائن، "نفكّر فيهم طوال الوقت، ونريدهم أن يعودوا إلينا أحياء وبأسرع وقت ممكن".

"أسرع وقت ممكن" 

ويتزايد القلق حول مصير مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع حيث يتكدّس ما لا يقل عن 1,4 مليون شخص، معظمهم نازحون، بسبب العملية البرية التي يُعدّ لها الجيش الإسرائيلي.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السبت أنّه سيجمع "في بداية الأسبوع مجلس الوزراء للموافقة على الخطط العملياتية في رفح بما في ذلك إجلاء السكان المدنيين".

وأفاد مراسل وكالة فرانس برس بأنّه تمّ تنفيذ 6 غارات جوية على الأقل على المدينة مساء السبت.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنّه يواصل "غاراته المركّزة" في قطاع غزة، وأنّه قتل "عدداً من الإرهابيين" السبت في وسط القطاع.

ويواصل على وجه الخصوص عملياته في خان يونس (جنوب)، حيث أوقف "إرهابيين كانوا يحاولون الفرار، بينما كانوا مختبئين بين المدنيين".

الحرب على قطاع غزة       

عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات كما تصاعدت وتيرة العنف في الضفة الغربية.

وأسفر القصف عن مقتل أكثر من 29 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 69 ألف جريح، إضافة إلى نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.

ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.

وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1140 شخصا بينهم 574 من الضباط والجنود منهم 225 منذ بداية الهجوم البري في قطاع غزة، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 5 آلاف بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة. 

وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية أصوات 120 صوتا، الجمعة 27 أكتوبر، مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ووقف القتال.

في الأول من ديسمبر الماضي، انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة مصرية قطرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها القطاع والمطالبات الدولية والأممية بزيادة وتسهيل دخول المساعدات الإغاثية.

وتسببت الانتهاكات الإسرائيلية والأزمة الإنسانية الحادة في غزة في مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية" لأول مرة منذ تأسيسها.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية