اليوم الدولي للسعادة.. تذكير أممي للدول بالحفاظ على مستويات الرضا والرفاه للشعوب
دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً
رغم اختلاف مفاهيم السعادة وفقا لتباين الثقافات والشعوب، فإنها باتت الشعور الذي يعبر عن الرفاه والرضا عن الحياة، ما يحقق التنمية المستدامة ويقضي على الفقر والتعاسة.
ويحيي العالم، اليوم العالمي للسعادة، في 20 مارس من كل عام، اعترافا بأهمية السعادة والرفاه بوصفهما قيمتين عالميتين ما يتطلع إليه البشر في كل أنحاء العالم، ولما لهما من أهمية في ما يتصل بمقاصد السياسة العامة.
ووفق الأمم المتحدة، تعد السعادة هدفا إنسانيا أساسيا، وما يترتب على ذلك من اتباع نهج أكثر شمولا وإنصافا وتوازنا تجاه النمو الاقتصادي يحقق التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر، والسعادة والرفاه لجميع الشعوب.
وتقول إنه ينبغي للحكومات والمنظمات الدولية أن تستثمر في الظروف التي تدعم السعادة بدعم حقوق الإنسان وبدمج الرفاه والأبعاد البيئية في أطر السياسات العامة، مثل أهداف التنمية المستدامة 2030.
وتوضح أن فعالية الحكومات في دعم السلام والنظام الاجتماعي، وكذلك في مجالات الضرائب والمؤسسات القانونية وتقديم الخدمات العامة، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمتوسط رضا المواطنين عن الحياة.
وتقول موسوعة "ستانفورد" للفلسفة إن هناك مفهومين للسعادة، حيث يستخدم المرء الكلمة كمصطلح مرادف تقريبا للرفاهية أو الازدهار، كما أنه قد يستخدمها أيضا كمصطلح نفسي وصفي بحت مشابه لـ"الاكتئاب" أو "الهدوء".
وبدأ الاهتمام البحثي بمفهوم السعادة منذ أكثر من 2500 عام، حيث كرس فلاسفة عظماء مثل كونفوشيوس وسقراط وأرسطو وبوذا حياتهم لمتابعة وبحث هذا الموضوع.
ومنذ 2012، دأبت الأمم المتحدة على إصدار تقرير لقياس مؤشرات السعادة في دول العالم، ويعتمد التقرير 6 معايير لقياس السعادة، منها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط عمر الفرد، وحرية اتخاذ القرارات، إضافة إلى جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وانعدام الفساد، وانتشار العدل.
وفي عام 2016 أظهرت دراسة أجريت في دولة ليتوانيا أن الأشخاص الذين يتمتعون بعقلية إيجابية كانوا أكثر استعدادا للشعور بالسعادة بنسبة 33 بالمئة لأنهم يكونون نشطين بدنيا لمدة 10 ساعات أو أكثر أسبوعيا.
ووجدت دراسة أجرتها جامعة وارويك في عام 2014 أن السعادة كانت حافزا على زيادة الإنتاجية بنسبة 12 بالمئة في أماكن العمل، بينما وجدت أبحاث في هولندا عام 2008 أن السعادة تساعد على التفكير بشكل أكثر إبداعا وحل المشكلات بشكل أكثر سهولة.
الإمارات نموذجاً عربياً
وتولي الإمارات العربية المتحدة أهمية كبرى لتحقيق سعادة الأفراد والمجتمع، وتعتبر ذلك من إحدى أهم أولوياتها، كذلك فهي تحرص على توفير الرخاء والرفاهية والاستقرار لشعبها والمقيمين على أرضها.
واحتلت دولة الإمارات في مؤشر السعادة العالمي المركز الأول عربياً والمرتبة 21 على مستوى العالم كأسعد الشعوب، وتهدف الحكومة الإماراتية بأن تكون ضمن أفضل 5 دول في العالم.
وفي عام 2016، استحدثت الإمارات منصب وزير دولة للسعادة، بهدف مواءمة كافة الخطط والبرامج والسياسات الحكومية لتحقيق سعادة المجتمع، كما أعدت برنامجا وطنيا للسعادة وجودة الحياة.
ويضم البرنامج مجموعة من السياسات، والبرامج، والمبادرات، والخدمات التي تعزز من أنماط الحياة الإيجابية، إضافة إلى خطة لتطوير مؤشر السعادة، وقياس رضا الأفراد.
ويشمل البرنامج 3 محاور رئيسية وهي تضمين السعادة وجودة الحياة في سياسات وبرامج وخدمات الجهات الحكومية كافة، وبيئة العمل فيها، وترسيخ قيم السعادة وجودة الحياة، وتطوير مقاييس وأدوات لقياس السعادة في مجتمع دولة الإمارات.
ويغطي البرنامج الوطني للسعادة المواطنين الإماراتيين والمقيمين والزوار، كما يشجع القطاعين العام والخاص على طرح وتوصية وتبني مبادرات وخطط تحقق الأهداف المنشودة للسعادة.
ويطلق البرنامج مبادرات تتعلق بنشر المحتوى العلمي والثقافي الخاص بالسعادة، وذلك من خلال المؤلفات والمطبوعات وتشجيع القراءة في هذا المجال لتنمية الوعي بأهمية السعادة وجودة الحياة كأسلوب حياة متكامل، ونشر الوعي بمصادر السعادة، والعادات التي تسهم في سعادة الناس والمجتمعات.
وفي عام 2016، اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عدة مبادرات تهدف إلى خلق بيئة عمل سعيدة ومنتجة في المكاتب الحكومية الاتحادية، التزاماً بخلق البيئة الأسعد لمجتمع الإمارات.
ومن بين أهم المبادرات التي ترمي إلى تحقيق بيئة عمل سعيدة، هو تعيين رؤساء تنفيذيين للسعادة وجودة الحياة، وتأسيس مجالس للسعادة وجودة الحياة لدى الجهات الاتحادية، وتخصيص أوقات لأنشطة السعادة وجودة الحياة في الجهات الاتحادية، وتعديل مسمى مراكز خدمة المتعاملين إلى مراكز سعادة المتعاملين، وقياس سعادة المتعاملين من خلال مؤشرات خاصة سنوية، وتعيين رؤساء تنفيذيين للسعادة وجودة الحياة.
ويترتب على ذلك أن يقوم الوزير أو رئيس مجلس الإدارة بتسمية أحد موظفي الجهة الاتحادية الحاليين كرئيس تنفيذي للسعادة وجودة الحياة، والذي يتولى مسؤولية تعزيز ثقافة السعادة وجودة الحياة في الجهة.
كما يتولى الرئيس التنفيذي التنسيق مع وزارة تنمية المجتمع لتنفيذ مبادرات البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة في الجهة الحكومية، وإدارة وتنسيق المبادرات والمشاريع لتعزيز السعادة وجودة الحياة لدى الموظفين والمتعاملين، فضلاً عن إطلاق برامج لتصنيف بيئة العمل في القطاع الحكومي والخاص حسب مستويات السعادة فيها.