مسلسلات رمضان 2024.. نجوم الكوميديا يواجهون دراما الواقع وقضايا حقوقية
مسلسلات رمضان 2024.. نجوم الكوميديا يواجهون دراما الواقع وقضايا حقوقية
ظلال الواقع على مسرح الكوميديا.. تحديات حقوق الإنسان في دراما رمضان 2024
دور الدراما الكوميدية في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان
تلعب الدراما باعتبارها وسيلة فنية دورًا حيويًا في نشر الوعي بقضايا حقوق الإنسان وتعزيز التفاهم والتلاحم الاجتماعي، فالفن الأصيل يمكنه أن يؤثر بشكل عميق في العقول والقلوب للأفراد، وبالتالي يمكن أن يشكل قوة تغيير إيجابية في المجتمعات.
وتُطل علينا مسلسلات رمضان 2024 على اختلافها فيما تُخيم على بعضها ظلال الواقع المصري والعربي المُعقد، تاركةً تساؤلات حول دور الدراما الكوميدية في معالجة قضايا حقوق الإنسان.
ويواجه صناع الكوميديا الرمضانية هذا العام تحديًا خاصًا، فبينما تُشكل الأحداث الجارية في مصر والعالم العربي خلفية غنية للميلودراما، تُصبح رسم الابتسامة على وجه المشاهد مهمة صعبة.
من ناحية أخرى، يعد التلفزيون والمسلسلات التلفزيونية، وخاصة تلك التي يتم بثها بشكل يومي، وسيلة فعالة لنقل الرسائل والقيم وتشكيل السلوكيات للجمهور، وفي البلدان التي لا يزال مستوى الأمية فيها مرتفعًا أو حيث قد يكون الوصول إلى التعليم محدودًا تصبح المسلسلات التلفزيونية مصدرًا رئيسيًا للمعرفة والمرجعية الاجتماعية.
من خلال تقديم قصص وشخصيات مشوقة وملهمة، يمكن للدراما أن تسلط الضوء على مجموعة واسعة من قضايا حقوق الإنسان، ويمكنها استخدام الكوميديا والسخرية لاستعراض التحديات الاجتماعية والثقافية التي تعوق حقوق الأفراد، مثل التمييز العنصري والتحيز الاجتماعي.
ولا ينحصر دور الدراما في مجرد التسلية والترفيه، بل يتجاوز ذلك ليُصبح أداة فعّالة لنشر ثقافة حقوق الإنسان، ولذا تُعد المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من بين العديد من المواد التي تؤكد أنه لا يجوز التدخل التعسفي في حياة الفرد الخاصة أو في شؤون أسرته أو مراسلاته، ولا يجب أن يتعرض لحملات تشويه لشرفه وسمعته.
هذه المادة تلخص العديد من الجوانب الاجتماعية والنفسية والإنسانية التي تتجلى في دراما المسلسلات، والتي تُظهر خطورة اختراق الحياة الشخصية للأفراد والمجموعات.
هذه الظاهرة تزداد انتشارًا مع التطور التكنولوجي، ولا سيما انتشار تكنولوجيا الهواتف الذكية. فبالإضافة إلى إتاحة التواصل السهل والاندماج في المجتمعات الافتراضية، فإنها تفتح أيضًا الباب أمام استغلال الخصوصية والتشهير وانتهاك حقوق الإنسان.
من هذا المنطلق، يأتي دور الدراما الكوميدية في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، فالدراما الكوميدية، عندما تُنتج وتُعرض بشكل صحيح ومسؤول، يمكن أن تلعب دورًا هامًا في توعية الجمهور بقضايا حقوق الإنسان وتعزيز القيم الإنسانية الأساسية.
في هذا التقرير، نتناول الدراما الرمضانية وحقوق الإنسان، وما قد توفره الكوميديا من وسيلة للتوعية بهذه الحقوق.
حقوق الإنسان والكوميديا
في إطار المسلسلات التلفزيونية التي تسلط الضوء على قضايا حقوق الإنسان، يأتي مسلسل "آباء وأبناء" للممثل هشام ماجد، يتناول المسلسل قصة شخصية هشام ماجد، الذي يقوم بتجسيد دور البطولة المطلقة في مسلسل "أشغال شقة".
يركز المسلسل على أزمة البحث عن جليسة أطفال، حيث يعمل الزوج كخبير طب شرعي وترزق زوجته بتوأم، ما يدفعهما إلى استئجار جليسة للأطفال ومواجهة تحديات وصعوبات فريدة.
وفي سعي للاستمرار في نجاح الموسم السابق، يعود صناع مسلسل "كامل العدد" بالجزء الثاني في موسم مسلسلات رمضان 2024.
يتعرض الزوجان في هذا الموسم لمواقف كوميدية جديدة، حيث يواجهان تحديات الحياة اليومية ومسؤولية رعاية أبنائهما.
يشارك في بطولة المسلسل نخبة من النجوم بمن في ذلك دينا الشربيني وشريف سلامة، ويتولى إخراجه خالد الحلفاوي.
ويأتي في إطار آخر مسلسل "خالد نور وولده نور خالد" الذي يسلط الضوء على صراعات الحياة الزوجية، يتناول المسلسل بشكل إنساني قضايا الحياة اليومية التي يواجهها الأزواج وأبناؤهم، ما يسلط الضوء على أهمية التفاهم والتواصل العائلي في بناء علاقات صحية ومستدامة.
ويسلط مسلسل "لانش بوكس" الضوء على قضايا اجتماعية تتعلق بحقوق الأمهات، تدور الأحداث حول ثلاث نساء: الأولى تعمل في سوبرماركت، والثانية في مستشفى، والثالثة هي ربة منزل، المسلسل من تأليف وحوار عمرو مدحت، وإخراج هشام الرشيدي، ويشارك في البطولة جميلة عوض وأحمد وفيق وصدقي صخر.
أما في مسلسل "بقينا اتنين"، فيتم استعراض تجارب المرأة المطلقة، يتناول المسلسل قصة امرأة تقرر الانفصال عن زوجها، والتحديات التي تواجهها في مواجهة نظرة المجتمع لها بوصفها امرأة مطلقة، العمل من بطولة رانيا يوسف وشريف منير، وإخراج طارق رفعت، ويعتمد على المفارقات الكوميدية الساخرة.
بمسلسل "فراولة"، قررت نيللي كريم الابتعاد عن الأحداث الكئيبة بعد العام السابق، والتركيز على الضحك، يتناول المسلسل قصة فراولة، ابنة حارس عقار، التي تواجه تحديات في حياتها حتى تصبح سيدة أعمال.
في الكوميديا الخليجية
قضايا اجتماعية في الدراما الخليجية.. البداية مع المسلسلات الكويتية التي تعد الأنجح والأكثر شهرة خلال العقود الماضية بين الجمهور العربي، وسيشارك الإنتاج الكويتي بعدد كبير من المسلسلات الاجتماعية، فيأتي في المقدمة مسلسل "زوجة واحدة لا تكفي" من إنتاج إيغلز فيلمز وإخراج البحريني علي العلي، للمؤلفة الكويتية هبة مشاري حمادة التي قدمت للدراما الخليجية عددا من الأعمال الجماهيرية خلال السنوات الأخيرة مثل الجزء الثاني من مسلسل "سيلفي" عام 2016 و"دفعة القاهرة" في 2019 و"دكة العبيد" في 2023.
ويجمع المسلسل الفنانة الكويتية هدى حسين بالمصرية نور الغندور بعد النجاح الكبير الذي حققته الفنانتان معا في مسلسل "من شارع الهرم" عام 2022، ويشاركهما عدد من النجوم المصريين، من بينهم آيتن عامر وماجد المصري الذي يقدم أولى مشاركاته الخليجية.
وتكتمل مناقشة القضايا المهمة والمشكلات الحياتية مع المسلسل الكويتي العائلي "منت رايق" الذي يرصد الأزمات التي تواجه الشباب خلال فترة الدراسة الجامعية.
مسلسل "منت رايق" من بطولة هبة الدري وعبدالعزيز نصار وشيلاء سبت وسعود بن شهري، ومن تأليف العمانية منى النوفلي وإخراج الإماراتية نهلة الفهد.
مسلسل "قلم رصاص"
كما يستعرض مسلسل "قلم رصاص" فلسفة حياتية تناقش الأزمات التي يواجهها الأزواج.
تعتمد أحداث المسلسل على قصة حقيقية وقعت في المجتمع الكويتي عام 1990، لذلك اختارت المؤلفة مريم القلاف اسم "قلم رصاص" لأنها ترى أن كل الأخطاء التي يرتكبها الإنسان يمكن تصحيحها طالما لم تكتب بقلم حبر.
مسلسل "قلم رصاص" للمخرج عبدالله التركماني، ويشارك في بطولة المسلسل نخبة من نجوم الخليج، مثل ميلا الزهراني وإبراهيم الحربي وحسين الحداد.
ويعرض المسلسل السعودي "الخطة باء" بطولة إبراهيم الحجاج وميلا الزهراني وإبراهيم الخير لله.
يتناول المسلسل مواقف كوميدية يخوضها فريق “منجوم” يحاولون تنفيذ خطط غريبة ومضحكة لتحقيق أهدافهم.
يتميز المسلسل بالطابع الكوميدي الساخر ويقدم نظرة ساخرة على الحياة والمجتمع.
دور الدراما الرمضانية في خدمة حقوق الإنسان
علّقت البرلمانية والحقوقية التونسية، ليلى حداد، بقولها، إن الدراما الكوميدية تلعب دورًا حاسمًا في خدمة حقوق الإنسان من خلال قدرتها على بناء تواصل عاطفي بين المشاهدين والشخصيات التي يرونها على الشاشة، ما يعزز التفاعل والتعاطف مع قضايا حقوق الإنسان عندما يتم معالجتها بشكل سليم، لقد نجحت الدراما العربية والمصرية خلال السنوات الماضية في منح القضايا الحقوقية أهمية متزايدة تؤثر بشكل مباشر على الرأي العام، على سبيل المثال، مسلسل "القاهرة كابول" الذي عُرض في شهر رمضان لعام 2021، يعد واحدًا من الأعمال المميزة التي تناولت قضية التنشئة الاجتماعية والتربية على الأفكار المتطرفة.
وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست": بالفعل أصبحت الدراما سلاحًا قويًا في معالجة مختلف القضايا الحقوقية، نظرًا لقوتها التأثيرية اللطيفة على المجتمع بأكمله، وقد دفع ذلك المنظمات الحقوقية إلى استخدام الفن في تعزيز حقوق الإنسان، فالدراما تستخدم القوة السردية والتمثيلية لإلقاء الضوء على المشكلات الاجتماعية والقانونية والأخلاقية التي يواجهها الأفراد والمجتمعات، كما توفر فرصة لاستكشاف القوانين واللوائح والأنظمة القانونية المختلفة وتأثيرها على حياة الأفراد والمجتمعات.
وأتمت: تلعب الدراما الكوميدية دورًا حيويًا في تعزيز حقوق الإنسان عن طريق بناء روابط عاطفية مع المشاهدين ومعالجة القضايا الحقوقية بشكل يلامس الواقع، وتستخدم الدراما السردية والتمثيلية لإلقاء الضوء على التحديات الاجتماعية والقانونية والأخلاقية، ما يسهم في نشر الوعي وتحقيق التغيير في المجتمع.
الدراما الكوميدية وحقوق الإنسان
قالت الناقدة الفنية فايزة هنداوي، إن الدراما الكوميدية يمكنها أن تسلط الضوء على الظواهر الاجتماعية والثقافية التي تتعارض مع حقوق الإنسان، من خلال استخدام الفكاهة والسخرية، فيمكن للمسلسلات الكوميدية تناول قضايا مثل التمييز العنصري، والتحيز الجنسي، والعنف الأسري، وحقوق الأقليات، وغيرها من القضايا التي قد تكون صعبة ومحفوفة بالمخاطر إذا تم تناولها بشكل مباشر، كما رأينا في كثير من الأعمال، ومنها هذا العام مسلسل "بابا جه" والذي يناقش الأبوية النرجسية وخطورتها بشكل فكاهي.
وأضافت فايزة، في تصريحات لـ"جسور بوست": يمكن للدراما الكوميدية أن تسهم في تغيير النظرة العامة والمفاهيم الخاطئة حول بعض قضايا حقوق الإنسان، فمن خلال الأدوار الكوميدية والشخصيات الطريفة يمكن للمسلسلات الكوميدية تقديم منظور جديد ومشوّق لقضايا مثل المساواة بين الجنسين، وحرية التعبير، وحقوق الطفل، وغيرها، هذا يساعد على تعميق الفهم وتغيير الاتجاهات السلبية تجاه هذه القضايا.
وتابعت: الكوميديا تعزز التفاعل الاجتماعي والحوار حول قضايا حقوق الإنسان، فعندما تُعرض شخصيات مضحكة ومحببة تواجه تحديات قد يواجهها العديد من الأشخاص في المجتمع، يمكن أن يتفاعل الجمهور ويناقش مختلف القضايا المطروحة، ويمكن لهذا الحوار أن يعزز الوعي ويشجع على التغيير والتحرك نحو تحقيق حقوق الإنسان.. ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن الدراما الكوميدية ليست الحل السحري لجميع المشكلات المتعلقة بحقوق الإنسان، إنها جزء من جهود أوسع للتوعية والتغيير الاجتماعي، يجب أن تُعرض بشكل متواصل.
وأتمت: من خلال الشخصيات المميزة والقصص المؤثرة، يتم تسليط الضوء على قضايا اجتماعية مهمة وتعزيز الوعي بأهمية حقوق الأفراد والأسرة، هذه الأعمال الدرامية تعكس التطور في صناعة التلفزيون والسينما العربية، حيث يتم تناول القضايا الاجتماعية بشكل أكثر إنسانية وواقعية.
القضايا الاجتماعية والثقافية في رمضان
وقالت الحقوقية الأردنية نسرين زريقات، إن رمضان ساحة واسعة ومهمة لمناقشة قضايا حقوق الإنسان، خاصة إذا ما نُوقشت بأسلوب كوميدي يحبه الناس ويؤثر فيهم، وتعتبر الدراما الكوميدية العربية مصدرًا مهمًا للتعبير عن القضايا الاجتماعية والثقافية في المجتمعات العربية، وفيها يتم تناول مواضيع مثل حقوق المرأة، والفساد، والتحديات الاجتماعية، والحريات الفردية، والتعليم، والعديد من القضايا الأخرى، وذلك من خلال تقديم شخصيات كوميدية تعبر عن تلك القضايا بشكل مبتكر ومسلٍ، ما يسهم في توعية الجمهور وتحفيزه على التفكير والتحرك نحو التغيير.
وأضافت نسرين، في تصريحات لـ"جسور بوست": نشاهد المسلسلات الرمضانية كل عام وبنسبة كبيرة تعمل الدراما الكوميدية العربية على مكافحة التعصب والتمييز من خلال تقديم شخصيات كوميدية تتخطى الحدود الثقافية والدينية وتعزز الانفتاح والتسامح، ويتم تناول القضايا المتعلقة بالتمييز العرقي، والتعصب الديني، والانحياز السياسي، وغيرها من المشكلات التي تواجه المجتمعات العربية، ويعمل ذلك على توعية الجمهور بأهمية الانفتاح والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة.
وأضافت: تعمل الدراما الكوميدية العربية على تعزيز المشاركة المجتمعية وتمكين الفرد من خلال تناول قضايا الحريات الفردية وحقوق الإنسان، ويتم تسليط الضوء على قضايا مثل الحرية الدينية والتعبير، وحقوق المرأة، والحق في التعليم، والحق في المشاركة السياسية، وتسعى الدراما الكوميدية العربية إلى توعية الجمهور بأهمية المشاركة والمساواة في المجتمعات العربية، ومن خلال الكوميديا والدراما يتم تقديم رسائل قوية ومؤثرة تلامس قلوب المشاهدين وتشجعهم على التفكير والتحلي بالتسامح والتعاطف.
وفصّلت: على الرغم من تنوع قصص هذه الأعمال الدرامية، تجمعها رسالة واحدة، وهي أهمية بناء علاقات صحية ومستدامة بين الآباء والأبناء، فالأسرة هي أساس المجتمع، ومن خلال توعية الجمهور وتشجيعه على احترام حقوق الأفراد داخل الأسرة يمكننا بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وأتمت: لنستمتع ونستفِد من هذه الأعمال الدرامية الرائعة ولنتعلم منها قيمًا إنسانية وحقوقية تعزز التعاون والتسامح في المجتمع، إنها فرصة لنا جميعًا لنتأمل في حقوقنا وواجباتنا كأفراد وأسرة ومجتمع ونسعى لبناء عالم أفضل للجميع.