تحرير فلسطين.. تخريب الأردن!

تحرير فلسطين.. تخريب الأردن!
محمد الحمادي

اختار الأردن أن يكون بجانب الشعب الفلسطيني واختار أن يدعم غزة وكأنها جزء من المملكة، فمنذ السابع من أكتوبر والأردن يبذل المساعي السياسية والدبلوماسية والإنسانية لاحتواء الحرب ولحقن دماء الأبرياء من الشعب الفلسطيني، وكان الأردن حاسماً في رفض أي مخطط لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن، ولا يزال إلى اليوم على موقفه الذي يتماشى مع إرادة الشعب الفلسطيني، ونتيجة للقرب الجغرافي والديمغرافي للأردن من فلسطين فإن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة ومضاعفة وكذلك الضغوط الدولية كانت عليه مذهلة، لكن ملك الأردن استطاع أن يتعامل مع الوضع الدقيق والحساس في المنطقة بحكمة كبيرة ليضمن عدم تفاقم الضرر في الداخل الفلسطيني وعدم انتقال تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة إلى خارجها. 


دول المنطقة والعالم بأسره حذرت إسرائيل من تداعيات رد فعلها العسكري العنيف على المنطقة وكثير من المحللين حذروا من احتمال خروج الوضع عن السيطرة وزعزعة استقرار دول المنطقة بأسرها، لكن الحكومة الإسرائيلية اختارت ألّا تستمع إلا لصوت غرورها ولرغبة انتقامها وأن تفعل ما يشفي غليلها وترد على هجوم طوفان الأقصى بطريقتها، دون أي اعتبار للقانون الدولي أو للصداقات والتحالفات الدولية أو المصالح، فهي ترى أن أحداً لا يشعر بألمها وأن أحداً لن يأخذ لها حقها، وبالتالي لها الحق أن تفعل ما تراه مناسباً! 


وبعد كل تلك الأشهر من الحرب والقتل والتهجير، يتحقق ما كنا نحذر منه، ويظهر من يستغل الوضع في فلسطين ليثير ويحرك الشارع الأردني ويحاول إثارة الفوضى التي لن يستفيد منها إلا المتطرفون الذين لن يزيدوا النار إلا حطباً يحرق ما بقي من القضية، فحماس تحرض الشارع الأردني والشارع العربي، وإيران يبدو كأنها متورطة في هذه التحركات تدعمها وتغذيها، والهدف ليس غزة وإنما استكمال الخراب في المنطقة


الحجة هي فلسطين وغزة والحقيقة هي الرغبة في خلق الفوضى وزعزعة أمن الدول المستقرة وخصوصاً الأردن ومصر فطلب التظاهر والخروج إلى الشارع الذي دعا إليه الإخوان على لسان قادة حماس لم توجه للفلسطينيين في الداخل وإنما إلى الشارع العربي، وهذا يكشف ما يسعى إليه الإخوان، وهو إثارة الفوضى والتخريب في الدول بحجة نصرة غزة، فالجميع في كل الدول العربية يدعم غزة منذ اليوم الأول وليسوا بحاجة إلى الخروج إلى الشوارع وإثارة الفوضى كما كان مخططاً له وكما رأينا الإخوان ومحور المقاومة يحتفون بتلك التحركات ويشجعونها عبر جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي رغم أنهم يدركون أنها لن تفيد أهل غزة في شيء وفي المقابل تضر الوضع في الأردن! 


الشارع العربي بحاجة إلى أن يكون أكثر نضجاً وإدراكاً عندما تنطلق مثل تلك الدعوات، فالفوضى والتخريب لن يحلان مشكلة ولن يغيران الواقع ولا يمكن أن تحل مشكلة غزة بتخريب الأردن أو مصر أو أي دولة عربية، فلن يستفيد من أي فوضى أو تخريب إلا دعاة الفوضى بل المستفيد إسرائيل التي سيغطون بأفعالهم على ما تقوم به في غزة، والتي يدعي أصحاب تلك الدعوات أنهم يريدون هزيمتها! وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على الشارع العربي والمواطن العربي في الأردن اليوم وفي أي بلد عربي غداً، فعليه أن ينتبه كي لا يكون أداة لأصحاب الأيدولوجيات الفاسدة وأصحاب الدعوات المشبوهة، بل أن يكون سداً في وجه كل دعوة تضر وطنه وتضر بمصلحة القضية الفلسطينية، فتحرير فلسطين لن يكون أبداً عن طريق تخريب أي دولة أخرى.


من الواضح أن أحلام عودة الربيع العربي لا تزال تدغدغ مشاعر الإخوان وغيرها من الجماعات التي تعتقد أنها يمكن أن تربح في الفوضى كما حدث في تلك السنوات، لكنهم لا يدركون أن الزمن تغير وأن الشعوب تعلمت من درس أسوأ "ربيع" عاشوه ولن يساهموا في تكراره حتى وإن كانت هناك مجموعات تحاول أن تخدعهم وإن كان البعض تنطلي عليه الخديعة إلى حين.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية