"الإيكونوميست": القوة وحدها لا تستطيع تحقيق الأمن لإسرائيل

قالت إن الجيش الإسرائيلي قصير النظر

"الإيكونوميست": القوة وحدها لا تستطيع تحقيق الأمن لإسرائيل

لا شك أن قصة جيش الدفاع الإسرائيلي هي قصة إسرائيل نفسها.. فمنذ إنشاء الدولة في عام 1948، خاض جيش الدفاع الإسرائيلي مراراً حروباً مع الدول العربية، ويرى الإسرائيليون أن جيشهم هو أفضل جيش في المنطقة، فهو قوي وذكي ومبتكر، وفق مجلة "الإيكونوميست".

وبحسب المجلة، فإنه على الرغم من الفشل الفادح للجيش الإسرائيلي في التنبؤ أو منع التوغل من غزة في 7 أكتوبر 2023، يعتقد العديد من الإسرائيليين أن جيشهم خاض حرباً جيدة في غزة، وقال جنرال إسرائيلي سابق ومستشار للأمن القومي هذا الأسبوع إن عملية السيوف الحديدية سيُنظر إليها على أنها نموذج لكيفية إدارة القتال في المناطق الحضرية.

وعلى الجانب الآخر، ترى تقارير المجلة البريطانية أن الواقع في غزة مختلف، فالحملة ضد حماس لها ما يبررها، لكن شابها اعتماد الجيش الإسرائيلي المفرط على التكنولوجيا والافتقار إلى التفكير الاستراتيجي، والأهم من ذلك كله هو أن الجيش عانى من المنافسات التي تخدم مصالحه الذاتية والرؤية الضيقة للقادة السياسيين في إسرائيل، وكما هي الحال في كثير من الأحيان دفع الفلسطينيون الثمن.

وتقول المجلة، إن هناك مجالين فشل فيهما جيش الدفاع الإسرائيلي، وهما مسؤولياته كقوة احتلال وواجبه في تقليل الوفيات بين المدنيين، حيث نزح نحو 1.7 مليون شخص، ويفتقر الكثيرون إلى الغذاء أو الماء أو الدواء الكافي، ولعدة أشهر، كانت بضع مئات من شاحنات الغذاء تدخل إلى غزة، وهو أقل بكثير من 500 شاحنة يوميا وهو الحد الأدنى المطلوب، ولجأت بعض الدول إلى عمليات إسقاط جوي خطيرة ومكلفة.

وتصر إسرائيل على أنها فعلت كل ما يقتضيه القانون الإنساني، ولكن الحظر المستمر والتعسفي على ما يبدو للمساعدات يتناقض مع ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للجهود التي بذلتها إسرائيل في الأيام الأخيرة، تحت ضغط كبير من أمريكا، حليفتها الرئيسية، لمنع مجاعة تلوح في الأفق، وقد ألقى ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي باللوم على السياسيين في النقص، لكن على الأقل كان عليهم أن يتوقعوا كيف سيحدد هذا النقص عملياتهم.

ويشكل عدد القتلى المدنيين أيضاً مصدر قلق بالغ، بالنسبة لكثير من الناس، لا يمكن أبدًا تبرير سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وتدمير جزء كبير من غزة، بينما يرد المسؤولون الإسرائيليون بأن الحرب قاسية وأن نسبة الوفيات بين المدنيين إلى المقاتلين تبلغ حوالي 2: 1، وهو رقم يتطابق تقريبًا مع دراسات مستقلة ويشبه ما حدث في العراق عندما ضرب تحالف بقيادة الولايات المتحدة تنظيم "داعش" في الموصل بين عامي 2016 و2017.

وتقول "الإيكونوميست"، المقارنات صعبة والأرقام غير دقيقة، ولكن حتى لو كان ذلك صحيحا، فإن العديد من الجيوش ستجد أن قواعد الاشتباك الإسرائيلية غير متناسبة وبالتالي غير قانونية، وتفيد التقارير بأن جيش الدفاع الإسرائيلي قد حدد عتبة الوفيات بين المدنيين في تبرير قرارات ضرب مقاتل صغير من حماس بنسبة 20:1 وقائد كبير بنسبة 100:1، بالنسبة لصدام حسين، في العراق، حددت أمريكا عتبة 30:1، ربما كان جيش الدفاع الإسرائيلي أيضًا عشوائيًا، وهو ما قد يكون غير قانوني أيضًا.

ويزعم تقرير من داخل إسرائيل أنه في وقت مبكر من الحرب، عندما كان الجيش مصممًا على الانتقام في السابع من أكتوبر، قام بتجميع قوائم الأهداف باستخدام الذكاء الاصطناعي وأن الضغط للمضي قدمًا كان كبيرًا جدًا لدرجة أن البشر لم يعطوا النظام سوى إشراف سريع.

وينفي المسؤولون الإسرائيليون ذلك بشدة، لكنها لن تكون المرة الأولى في الحرب التي تصبح فيها معدلات القتل مقياساً للتقدم، من دون إحساس واضح بما يمكن اعتباره نصراً.

وفي خضم هذه التجاوزات، يخاطر جيش الدفاع الإسرائيلي بالفشل في تحقيق هدفه الرئيسي المتمثل في تدمير حماس، وبعد ستة أشهر، لا يزال كبار قادة الحركة على قيد الحياة، ولا يزال أكثر من 100 رهينة في الأسر، ويتحدث جيش الدفاع الإسرائيلي عن مهاجمة أربع كتائب متبقية تابعة لحماس في رفح، جنوب قطاع غزة، لكن ذلك سيؤدي لكارثة.

يعيش حوالي 1.5 مليون شخص بالقرب من رفح، ولم تضع إسرائيل بعد خطة لحمايتهم، ويبدو أن إسرائيل لا تملك استراتيجية لمنع حماس أو ما يشبهها من النهوض من تحت الأنقاض.

وتؤكد "الإيكونومست": لم يفت الأوان بعد لتغيير المسار، ومع ذلك، يريد السياسيون الإسرائيليون، ومن بينهم ضباط سابقون في جيش الدفاع الإسرائيلي، أن تحل القنابل والرصاص محل الرؤية السياسية لنهاية الحرب، ومن دون خطة للسلام، سينتهي الأمر بإسرائيل كدولة احتلال أو ستضرب غزة بشكل متكرر، وفي كلتا الحالتين، ستدفع ثمناً باهظاً عسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً.

يعتمد جيش الدفاع الإسرائيلي على دول خارجية، وخاصة أمريكا وألمانيا، لتزويده بالأسلحة الحيوية، وإذا رفض الناخبون الغربيون فكرة دعم صراع لا ينتهي، فإن ساستهم سوف يحذون حذوهم في نهاية المطاف.

وتقول المجلة، إن اقتراحا للسلام مبنياً على وقف مؤقت لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن من شأنه أن يؤدي إلى صفقة إقليمية تشمل الأموال العربية، وربما الأمن.. والآن، لا إسرائيل ولا حماس مهتمتان بذلك، وقد يكون هذا أمر منطقي بالنسبة لحماس، لكن بالنسبة لإسرائيل وجيشها فإن هذا الأمر لا معنى له على الإطلاق.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية