المغرب.. الجفاف والحرائق تخنقان واحات درعة

المغرب.. الجفاف والحرائق تخنقان واحات درعة

سجلت واحات جهة درعة تافيلالت في المملكة المغربية خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة، حيث وصلت في بعض الأقاليم إلى أكثر من 47 درجة، مما يزيد من مخاطر اشتعال الحرائق واندلاعها بشكل كبير، وفق إفادة عدد من سكان هذه الواحات.

وتعتبر ظاهرة “حرائق الواحات” تحديا خطيرا يهدد البيئة الهشة للواحات ومصادر رزق سكانها، مما دفع عددا من الفعاليات البيئية والمهتمة بالمجال الواحي إلى مطالبة السلطات المختصة في المملكة، باتخاذ إجراءات استباقية للتصدي لهذه الظاهرة، التي يساهم فيها التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة وفقا لصحيفة "هسبريس".

وفي هذا الإطار، قال جمال عسينو، فاعل جمعوي مهتم بالمجال الواحي بالرشيدية، إن واحات درعة تافيلالت تمثل جزءا مهما من التراث الثقافي والبيئي للجنوب الشرقي بصفة عامة، مضيفا أن واحات النخيل تلعب دورا محوريا في دعم الحياة البشرية والنظم البيئية في الصحراء، وتعتبر المصدر الرئيسي للمياه العذبة والغذاء.

وكشف المتحدث ذاته، أنه في قلب الصحراء الشاسعة تنبض واحات النخيل كنبض الحياة، مشيرا إلى أن هذه الأراضي الخصبة المحاطة بأشجار النخيل تشكل بؤرة الاستقرار والرخاء في هذه المناطق القاحلة. وأضاف أن أشجار النخيل تساهم في خلق بيئة معتدلة داخل الواحة، وفي حماية التربة من الانجراف والتصحر.

ومع ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة بسبب التغيرات المناخية وغياب التساقطات المطرية، يرى عدد من سكان واحات درعة تافيلالت، خاصة بمنطقة أوفوس بإقليم الرشيدية، أن الواحة أصبحت مهددة بالزوال بسبب الجفاف وتوالي الحرائق.

وأوضح عدد من السكان، في تصريحات متطابقة، أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة يزيد من احتمال اشتعال النيران، مؤكدين أن الرياح الساخنة والجافة في فصل الصيف تساهم في انتشار لهيب النيران بسرعة كبيرة في حال اندلاعها.

وتسبب حرائق الواحات سنويا خسائر فادحة، حيث تدمر المحاصيل والأشجار المثمرة، وتهدد حياة السكان والحيوانات، كما تسبب أضرارا بيئية كبيرة مثل تلوث الهواء وتدهور التربة وفقدان التنوع البيولوجي، وهذا ما يجعل الواحات تواجه تهديدا حقيقيا بالزوال. كما تشكل ظاهرة الحرائق والجفاف خطرا كبيرا على استدامة هذه البيئات الهشة والمهمة للغاية.

من جهته، يرى مسؤول تابع لوزارة الداخلية، فضل عدم البوح بهويته للعموم، أنه لمواجهة هذا التحدي، المتمثل في ظاهرة الحرائق والجفاف في الواحات، يجب على السلطات المختصة والقطاعات الحكومية والجمعيات المحلية اتخاذ إجراءات وقائية وتدابير احترازية، خاصة ما يتعلق بتعزيز أنظمة الإنذار المبكر والاستعداد للطوارئ، وتوفير معدات مكافحة الحرائق الملائمة، وتدريب السكان على كيفية التصرف في حالات الحريق.

وأوضح المتحدث ذاته، أن الواحات تواجه 5 تحديات كبرى، تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة وموجات الجفاف، وشح المياه، والحرائق، والتصحر وتدهور التربة، وفقدان التنوع البيولوجي، مشيرا إلى أن هذه التحديات يجب العمل عليها من أجل حماية النظام الواحي وسكان الواحات من الزوال والهجرة الجماعية.

ولمواجهة هذه التحديات، أكد المسؤول ذاته أنه يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة على المستويين المحلي والوطني، والتنسيق مع المنظمات الدولية، من خلال تبني استراتيجيات للتكيف مع التغيرات المناخية، وتعزيز الممارسات المستدامة في إدارة المياه والزراعة، بالإضافة إلى تكثيف جهود مكافحة الحرائق والحفاظ على التنوع البيولوجي.

قضية التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات والملوثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

اتفاق تاريخي

وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.

وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية