خبيرة أممية: الحياة الاقتصادية في غزة تدمرت بشكل شبه كامل

خبيرة أممية: الحياة الاقتصادية في غزة تدمرت بشكل شبه كامل

 

قالت خبيرة اقتصاد العمل في منظمة العمل الدولية آيا جعفر إن العديد من الأسر الفلسطينية ستواجه كثيرا من الصعوبات الاقتصادية وخصوصا تلك التي فقدت أو ستفقد معيلها بسبب الحرب في غزة، محذرة من أن تلك الأسر قد تلجأ إلى وسائل أخرى لكسب قوت يومها بما في ذلك انتشار عمالة الأطفال مما سيؤثر عليهم وعلى مستقبل دولة فلسطين واقتصادها.

في ضوء التقرير الأخير الذي أصدرته المنظمة بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، قالت آيا جعفر إن حوالي 25% من القتلى في غزة كانوا من الرجال في سن العمل، "وبالتالي خسارة حياتهم تعني خسارة قوى عاملة، وتعني خسارة مهارات، وتعني أن جميع القطاعات سوف تتأثر في المستقبل خاصة تلك القطاعات التي تعتمد على هكذا مهارات وهكذا قوى عاملة".

وأشارت إلى أن تأثير الإصابات طويلة الأمد والتي يمكن أن تؤدي إلى إعاقات تؤثر على قدرة الأفراد على العمل، وما يترتب على ذلك من نقص في العمالة والمهارات المطلوبة في قطاعات معينة وفقا لموقع أخبار الأمم المتحدة.

القطاعات الأكثر تضرراً

وأظهرت نشرة منظمة العمل الدولية الأخيرة أنه حتى 31 يناير، تم فقدان حوالي 201,000 وظيفة في قطاع غزة بسبب الحرب المستمرة، وهو ما يمثل حوالي ثلثي إجمالي العمالة في القطاع.

وقالت الخبيرة في اقتصاد العمل إن هذا نتيجة فقدان حوالي 90% من الوظائف في القطاع الخاص، و15% من الوظائف في القطاع العام، فضلا عن خسارة وظائف جميع العمال من غزة الذين كانوا يعملون في الاقتصاد الإسرائيلي.

وأفادت جعفر بأن أكثر القطاعات تأثرا بفقدان الوظائف في غزة هو قطاع البناء حيث سجل التراجع الأكبر بنسبة حوالي 96% في الربع الرابع من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة من عام 2022، يليه قطاع الزراعة بنسبة حوالي 93%، وقطاع الصناعة بنسبة 92%، وقطاع الخدمات بحوالي 77% في الربع الأخير من 2023.

وأشارت إلى أنه رغم أن "الحياة الاقتصادية في غزة تدمرت بشكل شبه كامل"، وبالرغم من أن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني يقول إن قطاع غزة يعمل حاليا بطاقة إنتاجية قدرها 14% فقط، فإن بعض القطاعات الحيوية اضطرت للاستمرار في العمل خلال الحرب، بما فيها القطاع الصحي وبعض المخابز والمحال التي تبيع مواد أولية يحتاج إليها الناس، مشيرة إلى أن جزءا من قطاع التجارة الداخلية ضروري لسد احتياجات الناس من الغذاء والدواء وغيره.

خسائر في الضفة الغربية

وأوضح تقرير المنظمة أن الخسائر التي لحقت بسوق العمل في قطاع غزة تُرِجمت إلى خسائر يومية في الدخل وصلت إلى 4.4 مليون دولار حتى نهاية يناير.

أما في الضفة الغربية فوصلت تلك الخسائر اليومية إلى 21.4 مليون دولار حيث تم فقدان 306,000 وظيفة أو ما يعادل أكثر من ثلث إجمالي العمالة، في الضفة والتي تأثر فيها الاقتصاد بشكل كبير جدا.

وكان أكثر القطاعات تأثرا في الضفة الغربية، كما تقول الخبيرة في اقتصاد العمل، آيا جعفر، هو قطاع البناء حيث انخفضت القيمة المضافة فيه بنسبة 27% في الربع الرابع من عام 2023 بالمقارنة مع نفس الفترة من عام 2022، يليه قطاع الصناعة حيث انخفضت القيمة المضافة بنسبة 24% تقريبا، ثم قطاع الخدمات الذي شهد أيضا انخفاضا بنسبة حوالي 21% في القيمة المضافة، وأخيرا قطاع الزراعة والذي انخفضت القيمة المضافة فيه بنسبة 12%.

ولفتت جعفر إلى أن هناك الكثير من الأشخاص "خاصة في فترات الحرب والصراعات" يلجؤون إلى قطاع الزراعة بعد خسارة وظائفهم لتدبير أمورهم إلى أن تتحسن الأوضاع، وهو ما فعله فلسطينيون بسبب الوضع الحالي.

سيناريوهان لانكماش الاقتصاد

وتضمن تقرير منظمة العمل تصورا لما قد تعنيه تلك الخسائر للاقتصاد الفلسطيني في عام 2024 على ضوء التطورات الراهنة.

وقالت جعفر إنه وفقا لسيناريوهين تضمنهما التقرير، إذا كانت الحرب انتهت في نهاية مارس 2024، فإنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد في فلسطين بنسبة حوالي 10% في عام 2024، وأن ينخفض دخل الفرد بنحو 12%.

وأضافت "في السيناريو الثاني، أظهرت النتائج أنه من الممكن أن يتراجع الاقتصاد إذا استمرت الحرب حتى أواخر شهر يونيو بنسبة 15%، وهو ما سيتُرجم إلى انخفاض بدخل الفرد بنسبة 17%. وبالتالي نحكي عن خسائر جدا كبيرة وجدا هائلة سيتكبدها الاقتصاد الفلسطيني وستحتاج ربما إلى أعوام أو عقود حتى تتم معالجتها".

وقالت المنظمة أيضا في تقريرها إنه في حال استمرار الحرب حتى نهاية شهر مارس 2024، فمن المتوقع أن يصل معدل البطالة السنوي لعام 2024 بأكمله إلى 42.7%، وفي حال استمرار الحرب لربع ثانٍ، أي حتى نهاية يونيو 2024، فمن المتوقع أن يرتفع المعدل السنوي للبطالة إلى 45.5%.

وأوضحت التقديرات كذلك أنه من المتوقع أن يؤدي استمرار الحرب حتى نهاية شهر مارس إلى ارتفاع معدل البطالة في الأرض الفلسطينية إلى نسبة مذهلة تبلغ 57% خلال الربع الأول من عام 2024.

دعم العمال وأصحاب العمل

ومن أجل التخفيف من آثار تلك الخسائر البالغة، أكدت الخبيرة في اقتصاد العمل في منظمة العمل الدولية أن هناك حاجة لحلين، أولهما سياسي "وهو وقف الحرب بشكل كامل ووقف الصراع حتى نستطيع القيام بالعمل الإنساني والتنموي بشكل جيد".

وأضافت أن الحل الثاني هو حل اقتصادي "الذي من خلاله يجب على جميع الجهات أن تعمل معا من أجل وضع استراتيجيات اقتصادية تهدف ليس فقط إلى دعم النمو الاقتصادي في فلسطين، وإنما أيضا إلى خلق وظائف لائقة توفر أجورا لائقة للعمال في بيئة عمل لائقة".

وأكدت أن تلك الجهود يجب أن تركز على تقديم الدعم للعمال، والنظر كذلك إلى حاجات الشركات، والأشخاص الذين يعملون لحسابهم الخاص، والمؤسسات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تضررت بشكل كبير.

وقالت كذلك إنه ينبغي وضع برامج إعمار وبرامج توظيف طارئة لتقديم أو توفير الدخل للأفراد الذين خسروا وظائفهم ومساعدتهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم، مشيرة إلى برامج البنية التحتية كثيفة العمالة التابعة لمنظمة العمل الدولية التي تهدف إلى خلق وظائف للمجتمعات المحلية، وتطوير وإعادة إعمار البنية التحتية التي دُمرت.

وشددت على أهمية تطوير المهارات قائلة "نحن بحاجة إلى برامج لتطوير المهارات والتدريب المهني لتنمية مهارات الأشخاص ومهارات الباحثين عن عمل، وضمان أن المهارات التي يمتلكونها تتناسب مع حاجات سوق العمل".

وأدى هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي إلى مقتل أكثر من 1140 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.

وخُطف نحو 250 شخصا خلال الهجوم أطلق سراح 100 منهم في نهاية نوفمبر خلال هدنة مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

ردا على الهجوم، بدأت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق "للقضاء" على حركة حماس خلفت أكثر من 34 ألف قتيل فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 77 ألف جريح، إضافة إلى نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة، وخسائر مادية هائلة تقدر بمليارات الدولارات.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية