يطمس الحقيقة ويخفي جرائمها.. قرار إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل ضربة لحرية الصحافة
يطمس الحقيقة ويخفي جرائمها.. قرار إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل ضربة لحرية الصحافة
توقف بث قناة الجزيرة في إسرائيل يوم الأحد، في خطوة مفاجئة تأتي على إثر قرار الحكومة الإسرائيلية بإغلاقها بعد تصاعد الخلافات بين الجانبين جراء الحرب الأخيرة في قطاع غزة، دخل هذا القرار حيز التنفيذ بعد ساعات فقط من إعلان الحكومة الإسرائيلية إغلاق القناة القطرية في البلاد لمدة 45 يومًا قابلة للتمديد.
وتم تعليق بث قناة الجزيرة في إسرائيل على جميع منصات البث التلفزيونية والأقمار الصناعية بناء على قرار الحكومة الإسرائيلية، وجاء هذا القرار بعد أن أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في الأول من أبريل 2024 قانونًا يسمح لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات بحظر وسائل الإعلام الأجنبية التي تشكل تهديدًا لأمن إسرائيل، وفي مقدمتها قناة الجزيرة.
وفي شهر فبراير 2024، صدَّقت الهيئة العامة للكنيست في القراءة الأولى على مشروع قانون يمنح وزير الاتصالات صلاحيات لمنع المذيعين الأجانب من التأثير على الأمن، وكذلك لإغلاق مكاتب وسائل الإعلام الأجنبية الموجودة في إسرائيل وتقييد الوصول إلى مواقعها الإلكترونية.
تعتبر قناة الجزيرة من أبرز وسائل الإعلام العربية والعالمية، ولها شهرة واسعة بين المشاهدين في المنطقة، وقد تأسست القناة في عام 1996 وتعتبر جزءًا من شبكة الجزيرة الإعلامية العالمية، والتي توفر تغطية شاملة للأخبار والأحداث العالمية.
تعليق الحكومة الإسرائيلية على القرار يأتي في سياق التوترات السياسية والأمنية بين إسرائيل وقطاع غزة، وقد أثارت الحرب الأخيرة في القطاع جدلاً واسعًا في المجتمع الدولي وأدت إلى تصعيد التوترات بين الجانبين.
ويعتبر توقف بث قناة الجزيرة في إسرائيل خطوة مهمة تؤثر على حرية الإعلام وحق الجمهور في الوصول إلى مصادر متنوعة للمعلومات، ويعتبر هذا القرار جزءًا من سلسلة من التدابير التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية لضبط وسائل الإعلام الأجنبية وتقييد نشاطها في البلاد.
من جانبها، أعربت قناة الجزيرة عن استيائها من هذا القرار واعتبرته انتهاكًا لحرية الصحافة وحرية التعبير، وقد أشارت القناة إلى أنها تلتزم بتقديم تغطية متوازنة ومهنية للأحداث العالمية، وتعتبر نفسها صوتًا حرًا للمنطقة.
ولم يكن ذلك القرار الأول، ففي منتصف أكتوبر 2023 وافقت إسرائيل على "لوائح الحرب" التي تسمح بإغلاق مؤقت لوسائل الإعلام الأجنبية التي تعتبر أنها تشكل تهديدًا لأمنها وتهدد مصالحها.
وصرح وزير الاتصالات الإسرائيلي، شلومو كارهي، بأنه من المتوقع أن تستهدف هذه الإجراءات قناة الجزيرة.
وفي عام 2017، أعلن وزير الاتصالات الإسرائيلي آنذاك، أيوب قرة، أن إسرائيل قررت إغلاق مكاتب قناة الجزيرة وسحب اعتماد صحفييها، وطلب وزير الاتصالات الإسرائيلي من شركات توزيع البث إغلاق مكاتب القناة، وطلب أيضًا من وزارة الأمن الداخلي إغلاق مكاتبها في القدس.
ومن المتوقع أن يثير هذا القرار ردود فعل متباينة في المجتمع الدولي، حيث سيتم اعتباره تدخلاً في حرية الصحافة وحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات، وقد تتخذ المنظمات الحقوقية والصحفية إجراءات للتنديد بهذا الإجراء ودعم حرية الإعلام في إسرائيل.
"جسور بوست"، تناقش القرار وتبعاته على حرية الإعلام وتأثيره على حق الجمهور في الوصول للمعلومة.
ردود فعل دولية
عبّرت عدة دول غربية، بما فيها الولايات المتحدة، عن قلقها إزاء القانون الإسرائيلي الجديد في مجال الإعلام، وأعربت وزارة الخارجية الألمانية عن متابعتها الحريصة للقانون، مؤكدة أن حرية الصحافة المتنوعة تشكل جزءًا أساسيًا من الديمقراطية الليبرالية.
وفي ما يتعلق بحرية الصحافة، قال وزير الخارجية النرويجي، إيسبر بارث عبر وسائل إعلامية، إن حظر وسيلة إعلامية مثل قناة الجزيرة يشكل انتهاكًا مباشرًا لحرية الصحافة.
وأعربت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جون بيير، عن قلق الولايات المتحدة بشأن موافقة الكنيست على إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل، مؤكدة دعم واشنطن لحرية الصحافة، بما في ذلك عمل الصحفيين في تغطية الأحداث.
وأشارت النائبة الديمقراطية في الكونغرس الأمريكي، رشيدة طليب، إلى أن إسرائيل تسعى الآن إلى إغلاق قناة الجزيرة بالكامل لمنع العالم من رؤية جرائم الحرب التي ترتكبها.
وفي سياق متصل، أكدت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن إسرائيل تستخدم كل الوسائل الممكنة لقمع قناة الجزيرة بسبب تغطيتها الشاملة لواقع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، داعية إلى إلغاء القانون ووقف مضايقاتها العدوانية ضد القناة.
وفي ما يتعلق بتقييم القانون، قال الخبير في منظمة هيومن رايتس ووتش عمر شاكر، إن القانون يشكل تصعيدًا مقلقًا في جهود إسرائيل لقمع النقاد ومنتقدي الانتهاكات.
إدانة القرار
وقال رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين بالأردن نضال منصور، إن توقف بث قناة الجزيرة في إسرائيل يعد تطورًا مثيرًا للجدل بعد الحرب الأخيرة في قطاع غزة، هذا القرار يعكس التوترات السياسية والأمنية بين الجانبين، ويثير قضية حرية الإعلام وحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات، ومن المهم مراقبة التطورات القادمة وردود الفعل الدولية حيال هذا الإجراء والعمل على المحافظة على حرية الصحافة، ونحن هنا في مركز حماية وحرية الصحفيين ندين قرار الحكومة الإسرائيلية بالإجماع إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل، ومصادرة معداتها، وسحب البطاقات الصحفية من مراسليها، مشيرة أن القرار سينفذ فورا.
وأضاف في تصريحاته إلى “جسور بوست”: "يرجع هذا الاستهداف بالطبع إلى تغطيات الجزيرة الصحفية للحرب على غزة، والتي أماطت اللثام عن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة، والضفة الغربية، وساعدت في تغيير الرأي العام الدولي ليصبح أكثر مناصرة للقضية الفلسطينية".
وأشار منصور إلى ضرورة حماية الصحفيين، مؤكدًا أهمية أن يتحرك العالم لوقف هذه القرارات التي تمنع الصحافة من ممارسة دورها، مذكرا أن دولة الاحتلال منعت كل وسائل الإعلام في العالم من دخول غزة، وتغطية الحرب التي تشنها إسرائيل منذ 7 شهور.
وأتم: إنهم يكشفون كل يوم عن عدوانيتها تجاه الصحافة، وكل من يكشف حقيقة هذا الكيان العنصري المتطرف المعادي للحقوق الإنسانية.
نضال منصور
لماذا الجزيرة؟
وعن استهداف الجزيرة بعينها قالت الحقوقية الأردنية نسرين زريقات: تعتبر الجزيرة الهدف الرئيسي لقانون الكنيست، وذلك بسبب تغطيتها الشاملة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وفضحها استهداف الأبرياء وجرائم الاحتلال.
وعن دوافع القانون، أضافت في تصريحات لـ"جسور بوست": الهدف من القانون هو إرضاء اليمين المتطرف ومنع الجزيرة ووسائل إعلام أخرى من نقل الحقيقة وفضح الجرائم، وتثير هذه الخطوة تساؤلات حول مدى تأثيرها على حرية الصحافة وحق المواطنين في الوصول إلى المعلومة، وسط مخاوف من تزايد التضييق على الحقوق الإنسانية وحرية التعبير في إسرائيل.
نسرين زريقات
وأتمت: تظل قضية حرية الصحافة والتحقيق الصحفي في إسرائيل محط اهتمام عالمي، وتستدعي تداعيات قرارات الحكومة والكنيست المزيد من المراقبة والتفاعل من جانب المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان.
مشروعية القانون
وقال أستاذ القانون الدولي رأفت فودة: إن البعض يتساءل عن مدى مشروعية هذا القانون وتأثيره المحتمل على حرية الصحافة وحقوق الإنسان، ويعتبر قانون إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل إجراءً قانونيا مثيرا للجدل، حيث يتعارض بشكل واضح مع مبادئ حرية الصحافة وحقوق الإنسان المعترف بها دولياً، فالقانون الذي ينص على منع بث القناة وإغلاق مكاتبها في إسرائيل -ما يشكل تدخلاً مباشراً في حرية التعبير والإعلام- هو بلا شك غير مشروع.
وتابع في تصريحات لـ"جسور بوست": من الجانب القانوني، تُعد مناقشة مدى مشروعية هذا القانون أمراً حيويا، يمكن للسلطات في إسرائيل أن تبرز الأمن القومي والتهديدات الأمنية كمبرر لاتخاذ إجراءات قانونية مثل هذه، ولكن يجب أن تتوافر ضمانات ملموسة لحماية حرية الصحافة وحقوق الإنسان، فإغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل سيكون له تأثيرات كبيرة على حرية الإعلام والتغطية الإعلامية في المنطقة، فقد كانت الجزيرة تقدم تغطية شاملة للأحداث في الشرق الأوسط، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وإغلاقها سيؤدي إلى ضياع مصداقية وتنوع التغطية الإعلامية.
الدكتور رأفت فوده
وتابع: بالإضافة إلى ذلك قد يؤدي إغلاق قناة الجزيرة إلى زيادة الشكوك بشأن حرية الإعلام في إسرائيل وتقويض الديمقراطية، ويمكن أن يشعر الصحفيون والناشطون بالقلق بشأن مدى تضييق المساحة لحرية التعبير والتغطية الصحفية في المستقبل.
وأتم: إقرار قانون لوقف قناة الجزيرة في إسرائيل يثير تساؤلات حول مدى مشروعيته وتأثيراته على حرية الإعلام وحقوق الإنسان.