تقرير أمام الدورة 56 لمجلس حقوق الإنسان: الانتهاكات الحقوقية في إريتريا "مريعة"
اختفاء قسري واحتجاز تعسفي وتصاعد قمع حرية الدين و المعتقد
كتب: سلمان إسماعيل
كشف تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إريتريا محمد عبدالسلام بابكر، عن أن حالة حقوق الإنسان في إريتريا لا تزال مريعة، بسبب الانتهاكات المستمرة المرتكبة ضد المواطنين الإريتريين في سياق الخدمة الوطنية الإلزامية غير محددة المدة، وتصاعد قمع حرية الدين أو المعتقد، وحالة الأفراد الذين يتعرضون للاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي لفترات طويلة.
وأدان المقرر الخاص حالة اللاجئين وملتمسي اللجوء الإريتريين مهيبا بالدول ممارسة التضامن وحمايتهم على نحو كاف وضمان حصولهم على حقوق الإنسان وتمتعهم بها، حسب ما ورد في التقرير الذي اطلع "جسور بوست" على نسخة منه، والمقرر مناقشته ضمن البند الثاني من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ56.
وقال بابكر، إن القوات المسلحة الإريترية لا تزال موجودة وضالعة في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في أجزاء من منطقة تيغراي الإثيوبية، وإن إريتريا تعيش حالة تعبئة دائمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار شديدة على حقوق الإنسان للسكان، بما في ذلك من خلال الاضطهاد الفردي للمتهربين والفارين من الخدمة العسكرية، والعقاب الجماعي لأسرهم ومجتمعاتهم المحلية.
وأضاف أنه لا يزال الإطار المؤسسي والقانوني لإقامة العدل في إريتريا غير كافٍ لحماية حقوق الإنسان الأساسية ودعمها، ولا يزال غياب سيادة القانون وانعدام المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان السابقة والمستمرة يؤديان إلى ترسيخ الإفلات من العقاب، وعدم وصول الضحايا وأسرهم إلى العدالة، وإدامة انتهاكات حقوق الإنسان.
وحكم الرئيس أسياس أفورقي البلد منذ الاعتراف الرسمي بإريتريا كدولة مستقلة، في عام 1993، دون إجراء انتخابات وطنية، وبدون هيئة تشريعية فعالة وبدون قضاء مستقل. ويفتقر القضاء إلى الاستقلال عن السلطة التنفيذية، ويعين رئيس الجمهورية القضاة ويعزلهم وهم يتبعون تعليمات الحكومة، ولا تخضع سلطة الرئيس لقيود ولا لضوابط وتوازنات مؤسسية.
وظلت حكومة إريتريا تحرم الأشخاص مسلوبي الحرية باستمرار من حقهم الأساسي في الحرية والأمن الشخصي، والحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في الصحة والحق في الغذاء، والحق في محاكمة عادلة، والحق في حرية التعبير والرأي، في جملة حقوق أخرى، بحسب التقرير.
ولاحظ المقرر الخاص أن إريتريا تخلفت باستمرار عن الوفاء بالتزاماتها الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهيئة.
ووفقا للتقرير، لا تزال الحقوق المتعلقة بالمحاكمة وفق الأصول القانونية تنتهك بشكل منهجي. ويتم التعامل خارج نطاق القضاء مع القضايا السياسية، بما في ذلك احتجاز المعارضين ومنتقدي الحكومة والمدافعين عن حقوق الإنسان والزعماء الدينيين والصحفيين والمتهربين من التجنيد.
ولا يزال آلاف الأشخاص يعانون من الاحتجاز التعسفي لفترات غير محددة ولفترات مطولة دون توجيه تهم إليهم أو محاكمتهم، ودون الحصول على التقدم القانوني الأساسي الواجب، بما في ذلك المراجعة القضائية لقانونية احتجازهم المثول أمام القضاء. ويحتجز الناس بشكل روتيني دون مذكرة توقيف ودون إبلاغهم بأسباب اعتقالهم.
وعبر المقرر الخاص عن قلقه إزاء حالة العديد من الإريتريين الذين يتعرضون للاختفاء القسري لسنوات أو حتى لعقود. ويعتقد أن بعضهم محتجزون بمعزل عن العالم الخارجي في الحبس الانفرادي في أماكن سرية أو غير معلنة، بينما يعتقد أن آخرين قتلوا أو ماتوا في الحجز.
واستمر القمع الديني في التصاعد بحسب التقرير، مع تجدد موجات اعتقال الزعماء الدينيين والأشخاص المتدينين، والانتهاكات المستمرة لحق الفرد في العبادة وإظهار دينه أو معتقده، والإجراءات المستمرة للسيطرة على جميع جوانب الحياة الدينية في إريتريا وفي الشتات، ولا يزال الإسلام السني وكنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإريترية والكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة اللوثرية الطوائف الدينية الأربع الوحيدة المرخص لها من الحكومة في البلد.
وظل 16 صحفيا مختفيا منذ حملة القمع ضد الصحافة الحرة في عام 2001، ما يجعل منهم الصحفيين المحتجزين لأطول مدة في العالم، وعلى مدى ما يقرب من 23 عاما، سجنوا دون تهم أو محاكمة، وحرمت عائلاتهم من المعلومات المتعلقة بمكان وجودهم أو حالتهم الصحية، وهناك بواعث قلق من أن بعض الأفراد المحتجزين ربما ماتوا في الحجز.
وحتى منتصف عام 2023، كانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين قد سجلت أكثر من 623 ألف لاجئ وطالب لجوء إريتري على الصعيد العالمي، ويقدر عدد سكان إريتريا بـ3,7 مليون نسمة، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
ويبلغ عدد الإريتريين الذين فروا من بلدهم 17 في المئة من السكان، ما يجعل إريتريا أحد بلدان المنشأ التي لديها أكبر عدد من اللاجئين وملتمسي اللجوء مقارنة بسكانها.