"منظمات حقوقية إسرائيلية": مركز الاحتجاز "سدي تيمان" موقع لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
"منظمات حقوقية إسرائيلية": مركز الاحتجاز "سدي تيمان" موقع لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
تقوم إسرائيل بنقل مئات السجناء الغزيين إلى خارج سدي تيمان، وهو مركز احتجاز غامض يديره الجيش في صحراء جنوب إسرائيل، والذي زعم سجناء سابقون ومبلغون عن المخالفات أنه موقع لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، أعلنت السلطات الإسرائيلية أنها بدأت بنقل المعتقلين إلى منشآت أخرى ردا على جلسة عقدتها المحكمة العليا في البلاد، أمس الأربعاء، وهي الأولى للطعن في شرعية "سدي تيمان".
وكانت هذه أحدث خطوة من جانب جماعات حقوق الإنسان لتسليط الضوء على ما يقولون إنه "ثقب أسود" قانوني نشأ بعد 7 أكتوبر، وتنفي إسرائيل مزاعم الانتهاكات وترفض الكشف عن الأسماء وأماكن التواجد والادعاءات ضد عدة آلاف من سكان غزة الذين تقول إنهم محتجزون على أراضيها.
وفي جلسة الأربعاء، قدمت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل ومقرها تل أبيب و4 منظمات حقوقية أخرى التماسًا إلى أعلى محكمة في إسرائيل لإغلاق مركز الاحتجاز، بحجة أن "الانتهاكات الفظيعة في سدي تيمان تجعل حرمان هؤلاء الأشخاص من الحرية غير دستوري بشكل صارخ".
وقال معتقلون سابقون في غزة لـ"واشنطن بوست" في يناير، إنهم تعرضوا للضرب، وحرموا من الرعاية الطبية، وأجبروا على الركوع مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين لأيام متتالية في مواقع اعتقال إسرائيلية سرية.
وفي الشهر الماضي، وجد تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" بشأن سدي تيمان أن المعسكر مقسم إلى قسمين: مناطق مغلقة تؤوي مجموعات من المعتقلين المقيدين -بعضهم مكبلو الأيدي بشدة لدرجة أنهم اضطروا إلى إزالة أجزاء من أجسادهم جراحيا- ومستشفى ميداني، حيث كان المرضى يتلقون العلاج، ويتم إطعامهم بالقوة.
وقالت جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، في بيانها للمحكمة: "لقد كشفت الشهادات المتزايدة عن انتهاكات لا يمكن تصورها في سدي تيمان، عمليات جراحية دون تخدير، وتقييد طويل الأمد في أوضاع مؤلمة تؤدي إلى بتر الأعضاء، وتعصيب العينين لأيام حتى أثناء العلاج الطبي واستخدام المرحاض، وإجبار المعتقلين على ارتداء الحفاضات، والضرب المبرح والتعذيب".
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم الاثنين أن الشرطة العسكرية فتحت تحقيقا جنائيا في مقتل 48 فلسطينيا، توفي معظمهم أثناء الاعتقال أو في طريقهم إلى أحد المنشآت.
أنشأ الجيش الإسرائيلي "سدي تيمان" في أعقاب الهجمات التي قادتها حماس في العام الماضي لاحتجاز المعتقلين في غزة تحت شكل من أشكال الاعتقال الإداري، أو السجن دون محاكمة، باستخدام قانون المقاتلين غير الشرعيين بعيد المدى في البلاد، ولا يتم تصنيف المعتقلين كأسرى حرب.
وقال محامو الدولة الإسرائيلية يوم الأربعاء إن "سدي تيمان" كان يهدف إلى أن يكون بمثابة منشأة استقبال وتحقيق وفرز أولي لاحتجاز المعتقلين لفترة "قصيرة فقط" قبل نقلهم إلى مواقع أخرى وسيتم إعادته إلى "غرضه الأصلي".
وقال محامي الدولة أنير هيلمان للمحكمة إنه تم بالفعل نقل حوالي 700 فلسطيني إلى منشأة "عوفر" العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وسيتم نقل 500 آخرين في الأسابيع المقبلة.
وقال "هيلمان" إن الدولة ستبلغ المحكمة خلال 3 أيام بوضع 200 معتقل إضافي ما زالوا في "سدي تيمان".
وقالت محامية جمعية حقوق المواطن، روني بيلي: "يبدو أنهم يدركون أن ما فعلوه حتى الآن لا يمكن أن يستمر"، لكنها كانت قلقة بشأن اقتراح الدولة بإمكانية استخدام "سدي تيمان" كموقع احتجاز مؤقت.
وقالت: "إذا كان مركز الاحتجاز لا يتوافق مع شروط القانون الإنساني الدولي والقانون الإسرائيلي، فلا يمكن استخدامه حتى لاحتجاز شخص واحد ليوم واحد".
ولم يتناول رد الحكومة أيا من مزاعم الانتهاكات، قائلا إنه سيتم تشكيل لجنة للتحقيق في الظروف في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية.
ووصف البيت الأبيض الشهر الماضي التقارير عن الأوضاع في "سدي تيمان" بأنها "مثيرة للقلق العميق" و"مقلقة للغاية".
يذكر أنه، تم اعتقال حوالي 1500 مسلح في 7 أكتوبر وفي الأيام التي تلت ذلك، وفقا للسلطات الإسرائيلية، واعتقلت قوات الدفاع الإسرائيلية آلاف الفلسطينيين الآخرين، من المقاتلين والمدنيين على السواء، في غزة ونقلتهم إلى إسرائيل.
وفي الشهر الماضي، ردا على طعن قانوني آخر، قالت السلطات الإسرائيلية إن حوالي 4000 من سكان غزة اعتقلوا وتم إطلاق سراح حوالي 1500 بسبب نقص الأدلة، وهي أول محاسبة علنية للاعتقالات السرية السابقة.
وقال المدير التنفيذي للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، تال شتاينر، إن سكان غزة محتجزون في 3 مواقع اعتقال إسرائيلية رئيسية -سجن سدي تيمان وعناتوت وعوفر- بالإضافة إلى مواقع مؤقتة تديرها أجهزة الأمن الإسرائيلية وغيرها من مرافق السجون الإسرائيلية.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت جنرال هرتسي هاليفي، الأسبوع الماضي إن الجيش يحقق في مزاعم سوء المعاملة والظروف العامة في مواقع الاحتجاز الرئيسية الثلاثة.
وفي أواخر مايو، استمعت المحكمة العليا الإسرائيلية إلى المرافعات الأولية في التماس قدمته اللجنة العامة لمناهضة التعذيب وغيره من جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية تتحدى استخدام قانون المقاتلين غير الشرعيين، وبموجب التعديلات التي أدخلت في زمن الحرب على قانون الأحوال المدنية، يمكن احتجاز المعتقلين لعدة أشهر قبل أن يراجع القاضي قضيتهم أو يتم السماح لهم بالاتصال بمحام.
وقالت اللجنة في بيان لها: "القانون، الذي يسمح باحتجاز المدنيين في غزة بمعزل عن العالم الخارجي في ظروف مزعومة، غير دستوري، وغير متناسب مع الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية وينتهك حقوق الإنسان الأساسية التي يحميها القانون الدولي".
ومن بين أولئك الذين ما زالوا محتجزين، وفقا لمحامي الدولة، كان أكثر من 2000 شخص محتجزين كمقاتلين غير شرعيين، مقارنة بـ 30 مقاتلا فقط محتجزين في نفس الفئة خلال الحرب بين إسرائيل وغزة في الفترة 2008- 2009.
وقال الجيش الإسرائيلي لـ"واشنطن بوست"، في يناير، إن قانون حماية المدنيين يزيل أي شخص "من دائرة الأعمال العدائية" و"يمنح العديد من الضمانات الإجرائية والحقوق الأساسية".
وفي أوائل مايو، قدمت منظمة "هموكيد" الحقوقية، ومقرها إسرائيل، التماسا إلى الحكومة لتحديد مكان عامل طبي فلسطيني اعتقلته القوات الإسرائيلية خلال غارة في فبراير على مستشفى ناصر في جنوب غزة.
ورد محامو الحكومة الإسرائيلية بأنهم غير ملزمين بتقديم المعلومات لأن غزة تعتبر "منطقة معادية".