مفوض حقوق الإنسان يدعو إلى احترام حقوق الشعوب الأصلية والاستفادة من معارفها
مفوض حقوق الإنسان يدعو إلى احترام حقوق الشعوب الأصلية والاستفادة من معارفها
شدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك على أهمية الاعتراف بمعارف وتجارب الشعوب الأصلية وتقديرها.
وسلط الضوء على التحديات المستمرة التي تواجهها الشعوب الأصلية، بما في ذلك إنكار حقوقها، والتهديدات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والمخاطر الناجمة عن الأضرار البيئية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام الدورة السابعة عشرة لآلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية، التي بدأت أعمالها في جنيف، الاثنين، وتستمر حتى 12 يوليو، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وقال مفوض حقوق الإنسان إن أصوات وتجارب الشعوب الأصلية استبعدت وأُسكتت لفترة طويلة للغاية، مشيرا إلى أن المجتمع العالمي سيكتسب الكثير من خلال الاستماع إلى أصوات ومعارف هذه الشعوب.
وأضاف قائلا: "من الأهمية بمكان تقدير معارف ووجهات نظر الشعوب الأصلية وتكريمها. تظل المعرفة العلمية والممارسات المستدامة المتوارثة عن الأجداد بالغة الأهمية للحفاظ على التنوع البيولوجي في العالم.
تشير التقديرات إلى أن الشعوب الأصلية لها روابط مباشرة بحوالي 13 في المئة من سطح الأرض، ما يعني أن خبرتهم ومعارفهم ضرورية لإيجاد حلول جماعية للأزمة الثلاثية التي يعاني منها كوكبنا.
وقال فولكر تورك إن إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، ومنذ اعتماده قبل 17 عاما، أثر على السياسات الوطنية والأطر القانونية في جميع أنحاء العالم. ففي الفترة بين عامي 2007 و2023، طبق 791 حكما أصدرته المحاكم الدستورية والعليا في أمريكا اللاتينية الإعلان في قضايا تتعلق بحقوق الأرض، والتشاور المسبق، والوصول إلى العدالة، والتعليم، وقضايا أخرى. وقال إنه يحرص دائما على الاجتماع مع المحاكم العليا خلال زياراته القطرية، ومناقشة القضايا المتعلقة بحقوق الشعوب الأصلية.
حرمان من الحق في التنمية
وأبدى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان أسفا إزاء حقيقة أن الشعوب الأصلية لا تزال محرومة من التمتع الكامل بحقوقها الإنسانية، بما فيها الحق في التنمية، منبها إلى أنه غالبا ما يتم تجاهل المعارف التقليدية لهذه الشعوب. ويتم مصادرة أراضي وأقاليم وموارد أجدادهم أو تسليحها بما يتعارض مع المادة 30 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية".
وأضاف أن الشعوب الأصلية وغيرها من الشعوب التي تعتمد على الأرض والبيئة لكسب عيشها تواجه خطر احتضار النظم الإيكولوجية واستنزافها. وأضاف: "أخبرني السكان الأصليون الذين التقيت بهم في بلدان حول العالم وفي الأسبوع الماضي هنا في جنيف أن هذا يحدث بوتيرة مثيرة للقلق. ويواجه أفراد الشعوب الأصلية ممن يتحدثون تهديدات".
ترهيب غير مقبول
وفقا للبيانات التي جمعها مكتب المفوض السامي، شهد عام 2023 مقتل ما لا يقل عن 42 مدافعا عن حقوق الإنسان من السكان الأصليين في 11 دولة، معظمهم بسبب دفاعهم عن البيئة وأراضيهم وأقاليمهم ومواردهم، ومن المرجح أن الأرقام الفعلية ربما تكون أعلى من ذلك. و
أشار فولكر تورك إلى أن هؤلاء النشطاء لا يزالون يواجهون الترهيب والانتقام بسبب تعاملهم مع الأمم المتحدة، مؤكدا أن "هذا أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف".
ودعا مفوض حقوق الإنسان إلى إجراء إصلاحات شاملة للقوانين والسياسات، فضلا عن زيادة المساءلة عن انتهاكات حقوق الشعوب الأصلية. وحث الدول على إنشاء آلية حماية للمدافعين عن حقوق الإنسان للسكان الأصليين، وضمان المساءلة الكاملة عند إجراء محاولات لإسكاتهم.
الشعوب الأصلية هي جماعات اجتماعية وثقافية متميزة تتشارك في روابط جماعية متوارثة عن الأجداد بالأراضي والموارد الطبيعية التي تعيش عليها أو تشغلها أو التي نزحت منها. وترتبط الأراضي والموارد الطبيعية التي تعتمد عليها، ارتباطاً وثيقاً بهوياتها وثقافاتها وسبل كسب معيشتها وكذلك رفاهتها المادية والروحية. وغالباً ما تكون لديها زعامات أو تنظيمات عرفية تمثلها على نحو متمايز أو منفصل عن المجتمع العام أو الثقافات السائدة. ويحافظ العديد من الشعوب الأصلية على لغة أو لهجة مميزة، غالباً ما تكون مختلفة عن اللغة أو اللغات الرسمية للبلد أو المنطقة التي يقيمون فيها؛ ومع ذلك، فقد الكثيرون أيضاً لغاتهم أو شارفوا على ذلك بسبب تعرضهم للطرد من أراضيهم أو الانتقال إلى مناطق أخرى أو داخلها. وهم يتحدثون أكثر من 4000 لغة من لغات العالم البالغ عددها 7000 لغة على الرغم من أن بعض التقديرات تشير إلى أن أكثر من نصف لغات العالم معرضة للزوال بحلول عام 2100.
يُقدر عدد أفراد الشعوب الأصلية في مختلف أنحاء العالم بنحو 476 مليون شخص، ورغم أنهم لا يمثلون إلا نحو 6% من سكان العالم، فإنهم يشكلون نحو 19% من الفقراء المدقعين. ويقل العمر المتوقع لأفرادها عن العمر المتوقع لغيرهم من السكان في العالم بما يصل إلى 20 عاماً. وتفتقر الشعوب الأصلية في أحوال كثيرة إلى الاعتراف الرسمي بأراضيها ومناطقها ومواردها الطبيعية، وغالباً ما تكون آخر من يستفيد من الاستثمارات العامة في الخدمات الأساسية ومرافق البنية التحتية، كما أنها تواجه حواجز عديدة تعوق مشاركتها الكاملة في الاقتصاد الرسمي، والتمتع بالحق في الاحتكام إلى القضاء، والمشاركة في العمليات السياسية واتخاذ القرار.
وقد أدى هذا الإرث من عدم المساواة والإقصاء إلى أن تكون مجتمعات الشعوب الأصلية أكثر عرضة لآثار تغير المناخ والأخطار الطبيعية، بما في ذلك تفشي الأمراض مثل فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).