باستنساخ قانون "غزو لاهاي".. تحركات إسرائيلية حثيثة لمواجهة "الجنائية الدولية"
باستنساخ قانون "غزو لاهاي".. تحركات إسرائيلية حثيثة لمواجهة "الجنائية الدولية"
تقدم نائب حزب الليكود الإسرائيلي، عاميته هاليفي، بمشروع قانون جديد ونشره الكنيست على موقعه الرسمي، لمواجهة أي تحركات من المحكمة الجنائية الدولية ضد مسؤولين إسرائيليين.
القانون ينص على أنه يتوجب على إسرائيل تجميد أي أصول تابعة للمحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى منع موظفيها أو أي شخص يساعدها من دخول البلاد، وإذا اعتقلت المحكمة أي إسرائيلي، فيكون واجبا على الحكومة استخدام جميع الوسائل المتاحة لتحريره.
ويأتي مشروع القانون الإسرائيلي في محاولة لاستنساخ القانون الأمريكي المعروف باسم "قانون غزو لاهاي" الذي يسمح بالأعمال العسكرية ضد المحكمة لمنع اعتقال أي مسؤول أمريكي.
ويسعى مشروع القانون الإسرائيلي لطرد المحكمة تماماً من إسرائيل والأراضي الفلسطينية ويمنع أي تواصل معها، بما في ذلك تهديد بالعقوبة بالحبس حتى 5 أعوام لأي شخص يقدم معلومات للمحكمة أو يعمل لصالحها "بدون إذن"، ويطول حتى "مكاتب البريد" التي ترسل مستندات على عنوان المحكمة.
ويبدو من هذه التحركات الحثيثة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يأخذ احتياطاته قبل إقرار هذا القانون.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، إنه سيتجنب التوقف في أوروبا خلال رحلته المرتقبة بعد أسبوعين إلى الولايات المتحدة الأميركية، وذلك خشية الاعتقال إثر طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحقه على خلفية جرائم في قطاع غزة.
تفاصيل القانون المقترح
ويقول النائب عاميت هاليفي من حزب نتنياهو الحاكم، إن مشروع القانون الذي تقدم به يوفر الحماية الكاملة "لجنود الجيش والمسؤولين السياسيين والموظفين العموميين وأي شخص آخر قد يتضرر من أنشطة المحكمة الجنائية في لاهاي بسبب مسألة تتعلق بفعل أو امتناع عن فعل تم ارتكابه كجزء من عملهم أو خدمتهم أو مساعدتهم لدولة إسرائيل أو حلفائها".
وتمنع نصوص المشروع السلطات الإسرائيلية والشركات والصحف والمواطنين والمقيمين، وحتى مكاتب البريد، من التعاون مع المحكمة الجنائية بأي شكل من الأشكال ولو كان ذلك مجرد إدلاء بشهادة أو اطلاعهم على صورة أو مستند أو ملف رقمي.
لا يمكن على سبيل المثال لمكتب البريد الإسرائيلي نقل مذكرة أو إخطار أو طلب رسمي من المحكمة لأي جهة أو مواطن في إسرائيل ولا يمكنه نقل أي مستندات أو معلومات من شخص في إسرائيل إلى المحكمة في لاهاي.
ويفرض مشروع القانون على أي هيئة أو شخص الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة، التي ترفض التعاون مع المحكمة بأي شكل.
ويحظر البند السادس من القانون المقترح، تسليم أي شخص من إسرائيل إلى المحكمة في لاهاي "من قبل أي سلطة ولن تساعد أي سلطة في نقل شخص إلى محكمة الجنايات في لاهاي بسبب أمر يتعلق بعمل المحكمة".
ويمنع القانون تقديم أي دعم لمحكمة لاهاي أو ممارسة أي نشاط اقتصادي معها من أي نوع، كما يحظر تنفيذ أي نشاط للمحكمة "في أراضي دولة إسرائيل" ويحظر دخول أي شخص يساعد المحكمة لإسرائيل أو إقامته فيها.
وبالإضافة للحماية والحصانة المطلقة التي يوفرها القانون لأي إسرائيلي من الملاحقة الدولية، ينص القانون أيضاً في بنده الـ12 على أن تتحمل الدولة كامل نفقات الدفاع عن أي "مواطن أو جندي أو موظف عمومي أو مسؤول منتخب ضد أنشطة المحكمة الجنائية في لاهاي".
وتفرض المادتان 17 و18 من القانون المقترح، عقوبة بالحبس تصل إلى 5 سنوات على أي شخص يقدم معلومات أو خدمات للمحكمة الجنائية في لاهاي أو يقوم بأي أنشطة بالنيابة عنها أو لصالحها دون الحصول على إذن من السلطات الإسرائيلية الرافضة لأنشطة المحكمة.
مواجهة المحكمة بالقوة
وتفرض المادة 11 من القانون المقترح على السلطات الإسرائيلية استعمال "أي وسيلة متاحة لها ضد المحكمة في لاهاي بسبب أنشطتها ضد دولة إسرائيل أو ضد مواطنيها".
الفقرة الثانية من المادة تُحاكِي نظيرتها من القانون الأمريكي المعروف باسم "قانون غزو لاهاي"، وتفرض المادة "على الحكومة العمل بكل الوسائل المتاحة لها على إطلاق سراح أي شخص محتجز بسبب أنشطة المحكمة الجنائية في لاهاي".
وعبارة "جميع الوسائل الضرورية والمناسبة" تعني اجتياح هولندا بالقوة إذا لزم الأمر من أجل إطلاق سراح أي شخص محتجز من قبل المحكمة.
ويأتي التحرك البرلماني الإسرائيلي في ظل كشف مجلة +972 وصحيفة الغارديان في مايو الماضي، عن تورط الحكومة الإسرائيلية لسنوات طويلة بالتجسس على موظفي وقضاة المحكمة الجنائية والأشخاص والمؤسسات المتعاونين معها والشهود والضحايا.
وقضت محكمة لاهاي في عام 2021 بأن لها ولاية اختصاص قضائية في التحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بموجب انضمام فلسطين لميثاق روما في عام 2014.
ومع ذلك، فقد أثارت المحكمة الجنائية عاصفة من الانتقادات في نهاية شهر يونيو الماضي، عندما قررت تأجيل إصدار مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت، بسبب طعن تقدمت به الحكومة البريطانية حول الولاية القضائية للمحكمة للتحقيق مع إسرائيل، لأن الأخيرة ليست عضوا في ميثاق روما، وفلسطين ليست دولة رسمية مستقلة كاملة العضوية.
وبعد انتصار حزب العمال في الانتخابات البريطانية، يوم الاثنين 8 يوليو الجاري، قالت صحيفة الغارديان إن الحكومة الجديدة من المتوقع أن تسحب الطعن المقدم أمام المحكمة، وإزالة تلك العقبة في طريق إصدار مذكرات الاعتقال.
وسيمنع صدور تلك المذكرات نتنياهو ووزير دفاعه من زيارة أكثر من 124 دولة حول العالم من الدول الموقعة على ميثاق روما، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي بأكمله.