أشرف بروجردي.. حقوقية إيرانية اجتمعت في وداعها رموز النظام والمعارضة
أشرف بروجردي.. حقوقية إيرانية اجتمعت في وداعها رموز النظام والمعارضة
غيّب الموت الناشطة السياسية الإيرانية أشرف بروجردي عن عمر ناهز 68 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، لتُطوى صفحة من أكثر التجارب النسوية والسياسية تماسكاً في تاريخ إيران الحديث.
أثار خبر وفاتها الذي أُعلن فجر السبت في أحد مستشفيات طهران موجة حزن واسعة في الأوساط السياسية والثقافية والأكاديمية والحركة النسوية، بوصفها شخصية جمعت بين الانتماء الثوري والعمل المؤسسي والدفاع الهادئ والمثابر عن حقوق المرأة، بحسب ما ذكرت وكالة "اسنا".
شُيّع جثمان بروجردي عصر الأحد في عتبة «شاه عبد العظيم الحسني» جنوبي طهران، في جنازة اتسمت بحضور رسمي وحزبي لافت.
اصطفّ خلالها ممثلون عن التيارين الإصلاحي والمحافظ جنباً إلى جنب، في مشهد عكس مكانتها العابرة للاستقطاب السياسي، كما شارك ناشطون وناشطات من مختلف الخلفيات في تقديم واجب العزاء لشقيقها النائب المحافظ علاء الدين بروجردي، في لحظة نادرة من الإجماع الإنساني والسياسي.
جذور دينية ومسار سياسي
وُلدت أشرف بروجردي عام 1957 في مدينة النجف العراقية، حيث كان جدها المرجع الديني آية الله علي محمد بروجردي مقيماً قرب العتبة العلوية، ما منحها ارتباطاً مبكراً بالمؤسسة الدينية الشيعية والتاريخ السياسي لإيران.
ارتبط اسمها بالذاكرة الثورية، كونها أرملة الشهيد غلامعلي معتمدي، نائب وزير العمل في حكومة محمد علي رجائي، وأحد ضحايا تفجير مقر الحزب الجمهوري عام 1981، وهو الحدث الذي ترك أثراً عميقاً في مسيرتها الشخصية والعامة.
برزت بروجردي بوصفها ناشطة إصلاحية وقيادية إدارية، لا اسماً رمزياً فحسب، بل امرأة تولّت مناصب مفصلية في الدولة.
تقلدت عام 1997 منصب أول نائبة لوزير الداخلية في تاريخ إيران خلال الولاية الأولى للرئيس الأسبق محمد خاتمي، واستمرت في موقعها طوال ولايته الثانية، لتصبح وجهاً بارزاً في تعزيز المشاركة السياسية للمرأة وإحياء المجالس البلدية وإجراء أول انتخابات لها بعد سنوات من الجمود.
حملت الفقيدة دكتوراه في الفقه، وشغلت بين عامي 2013 و2016 منصب نائبة رئيس أكاديمية العلوم الإنسانية والأبحاث الثقافية، قبل أن تُعيَّن عام 2016 رئيسة لمنظمة الوثائق والمكتبة الوطنية، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب حتى عام 2021 في عهد الرئيس حسن روحاني.
شهادات في الأثر الإنساني
استذكرت الناشطة الإصلاحية فاطمة راكعي بروجردي بوصفها امرأة «ودودة ومتواضعة بابتسامتها الدائمة»، معتبرة أن هدوءها وصبرها جعلاها غير قابلة للهزيمة فكرياً وروحياً.
وأشادت معصومة ابتكار بدورها بوصفها من «النساء المجاهدات القادرات»، مشيرة إلى إسهامها في دعم المجتمع المدني ونمو المنظمات غير الحكومية، خصوصاً في مجالي المرأة والبيئة.
وسلّطت بروانه مافي الضوء على إصرارها المبكر على تمكين المرأة سياسياً، مؤكدة أنها أول من طرح بجدية تعيين محافظات من النساء بعد الثورة، رغم ما عانته من خسارات شخصية جسيمة.
إرث يتجاوز المناصب
مثّلت أشرف بروجردي نموذجاً مركباً للمرأة الإيرانية بعد الثورة، جامعة بين السياسة والثقافة والمعرفة والخبرة الاجتماعية.
ترك رحيلها فراغاً لا يُقاس بالمناصب التي شغلتها، بل بالأثر الذي أحدثته في فتح مسارات هادئة ومستدامة أمام مشاركة المرأة في صنع القرار، مؤكدة عملياً أن التغيير داخل البنى الراسخة ممكن بالصبر والعمل المؤسسي والإيمان العميق بالعدالة والمجتمع.











