تصعيد غير مسبوق.. كبار الحاخامات يدعون للعصيان والائتلاف الإسرائيلي في خطر
تصعيد غير مسبوق.. كبار الحاخامات يدعون للعصيان والائتلاف الإسرائيلي في خطر
التوتر بين التقاليد الدينية والالتزامات المدنية يرسم صورة للصراع في ضوء العلمانية المتزايدة
الأزمة تعكس الانقسام العميق داخل المجتمع الإسرائيلي حول دور الدين في تحمل الأعباء الوطنية
حقوقيون: إسرائيل على حافة الانهيار السياسي بسبب رفض الحريديم للتجنيد
حل الأزمة يتطلب توازناً حساساً بين احترام الحقوق الدينية ومتطلبات الخدمة المدنية
عدم تنفيذ قرار المحكمة قد يؤدي لفقدان الثقة في النظام القانوني والدستوري بإسرائيل
في مشهد يعيد للأذهان صدى القصص التاريخية التي تجسد الصراع الأبدي بين الإيمان والسلطة، أصدر كبار حاخامات الطوائف اليهودية المتشددة تعليمات صارمة إلى إدارات المدارس الدينية للطلاب اليهود الأرثوذوكس "الحريديم"، تدعوهم إلى تجنب الحضور إلى مكاتب التجنيد وقطع جميع العلاقات مع الجيش الإسرائيلي.
هذه الدعوة الصريحة للعصيان تأتي كرد فعل مباشر على قرار وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بإلزام 3 آلاف طالب من الحريديم بالتجنيد، في خطوة تهدد بإشعال فتيل التوتر بين المجتمع المتدين والدولة.
الحاخام دوف لاندو، زعيم تيار الحريديم الليتوانيين، قاد هذه الدعوة بشراسة، حيث وصف قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بإلزام الحريديم بالتجنيد بأنه "إعلان حرب على التوراة".
بالنسبة للحاخام لاندو وأتباعه، فإن التجنيد لا يمثل مجرد واجب وطني، بل يُعتبر خيانة للقيم الدينية وتهديدًا صريحًا لهويتهم الروحية. كلمات لاندو كانت مُحملة بعمق التاريخ والرمزية الدينية، حيث قال: "الاستسلام لأوامر التجنيد هو استسلام لحرب ضد الله وضد التوراة".
في تلك اللحظة، كانت كلماته تجسد التوتر العميق بين التقاليد الدينية والالتزامات المدنية، وترسم صورة لصراع بين الإيمان العميق والعلمانية المتزايدة. في قلب القدس، في منطقة ميا شاريم، تجمع الآلاف من الحريديم للاحتجاج، حاملين لافتات كتب عليها "نفضل الموت كيهود على أن نعيش كصهاينة".
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان الصور الأيقونية للاحتجاجات التاريخية التي قادتها مجموعات دينية في وجه الظلم والاستبداد مثلما قاوم اليهود في الماضي الفراعنة والرومان، يقاوم الحريديم اليوم ما يرونه قمعًا لحرية ممارسة عقيدتهم وتقاليدهم.
هذه الاحتجاجات ليست مجرد رفض للتجنيد، بل هي رفض للانصياع لسلطة يرونها تتعارض مع قيمهم الروحية.
ويشكل الحريديم نحو 13% من سكان إسرائيل، الذين يبلغ عددهم حوالي 9.7 مليون نسمة. تقليديًا، يُعفى هؤلاء من الخدمة العسكرية بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة.
ولكن، مع تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، قررت الحكومة الإسرائيلية اتخاذ خطوات لتجنيد هذه الفئة، في محاولة لتحقيق التوازن بين الاحتياجات الأمنية والمساواة الاجتماعية. وزير الدفاع يوآف غالانت أكد أن قرار التجنيد ليس محاولة لإثارة غضب الحريديم، بل هو جزء من خطة أوسع لدمجهم في المجتمع الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الهدف هو تجنيد 10 آلاف شاب من الحريديم بحلول عام 2026.
وأثارت هذه الخطوة ردود فعل غاضبة ليس فقط بين الحريديم، ولكن أيضًا بين الساسة الإسرائيليين.
وندد زعيم المعارضة، يائير لبيد، بشدة بدعوات الحاخامات للعصيان، معتبراً أنها تهدد قيم الجيش والدولة، لبيد دعا الحكومة إلى اتخاذ موقف حازم ضد هذه الدعوات، محذرًا من أن التساهل معها يعني التخلي عن الجنود وقيم الدولة.
وتعكس هذه التصريحات الانقسام العميق داخل المجتمع الإسرائيلي حول دور الدين في الدولة ومسألة المساواة في تحمل الأعباء الوطنية.
التوترات بين الحكومة والحريديم ليست جديدة، ولكنها تزداد حدة مع كل محاولة لفرض التجنيد الإلزامي.
في عام 2017، قضت المحكمة العليا بإلغاء الإعفاءات الجماعية التي كانت تمنح للطلاب الحريديم، معتبرة أنها تمييزية وغير دستورية. هذا الحكم أشعل موجة من الاحتجاجات والعصيان المدني، مما أدى إلى تأجيل تنفيذ القرار عدة مرات، ومع استمرار الضغط من كل الأطراف، يبدو أن المواجهة الحالية ستكون أكثر حدة وتعقيدًا. الأرقام والبيانات ترسم صورة واضحة عن حجم التحدي. وفقًا لإحصائيات الجيش الإسرائيلي، يبلغ عدد الشبان الحريديم المؤهلين للتجنيد حوالي 30 ألف شاب.
في السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة المجندين من هذه الفئة بشكل طفيف، لكنها لا تزال بعيدة عن الهدف الذي تسعى الحكومة لتحقيقه.
من ناحية أخرى، تُظهر الدراسات أن الغالبية العظمى من الحريديم ترفض فكرة الخدمة العسكرية بشكل قاطع، ما يجعل أي محاولة لفرض التجنيد بالقوة محفوفة بالمخاطر في هذا السياق المعقد، يبقى السؤال الأهم:
كيف يمكن التوفيق بين الالتزامات الدينية والواجبات الوطنية؟ وهل يمكن للحكومة أن تجد حلاً يرضي جميع الأطراف دون المساس بالقيم الأساسية لكل منها؟
في ظل هذه التحديات، تظل قصة الحريديم وتجاربهم في مواجهة التجنيد العسكري قصة إنسانية بامتياز. هي قصة تتحدث عن الصمود والإيمان والهوية، قصة تعكس الصراع الأبدي بين التقاليد والتحديث، بين الروح والجسد، بين الأرض والسماء، وكما قال الحاخام لاندو: "سينقذنا الله من أيديهم"، نجد في هذه الكلمات الأمل والإيمان، والتمسك بالجذور في مواجهة التحديات والصعاب.
الرأي العام الإسرائيلي
في استطلاع للرأي أجراه معهد إسرائيل للديمقراطية في فبراير الماضي، أظهرت النتائج أن 64% من الإسرائيليين و70% من اليهود الإسرائيليين يرون أن الإعفاء الحريدي "يجب تغييره".
تم إجراء الاستطلاع مع 750 بالغًا إسرائيليًا، 600 منهم تحدثوا باللغة العبرية و150 باللغة العربية.
وقالت المدعية العامة الإسرائيلية، غالي باهاراف ميارا، للمحكمة العليا إنه بمجرد انتهاء صلاحية ترتيبات الإعفاء، لن تتمكن الحكومة من تمويل المدارس الدينية بشكل قانوني.
وطرح رئيس معهد إسرائيل للديمقراطية والعضو السابق في الكنيست يوهانان بليسنر، سؤالاً يعكس جوهر الأزمة: "كيف يمكنك أن تتهرب من الخدمة وفي نفس الوقت تكون مؤهلاً للحصول على إعانات حكومية للدراسة في مدرسة دينية؟".
وأضاف بليسنر أنه إذا قطعت الحكومة تمويل المدارس الدينية، فإن ذلك "سيخلق وضعًا يمنع الحكومة من القدرة على المماطلة بشأن هذه القضية، لأن الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة لن توافق على الجلوس في ائتلاف لا يؤيد تمويل مؤسساتهم التاريخية".
والواقع أن المأزق الذي يواجهه نتنياهو هو أن ائتلافه الحكومي يعتمد على الأحزاب الحريدية للبقاء في السلطة.
عندما وصلت الحكومة إلى السلطة في أواخر 2022، وشكلت التحالف الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، شعر الحريديم بوجود فرصة، وقال بليسنر إن اتفاقهم الائتلافي ينص على "تحديد الإعفاءات كحق دستوري للمجتمع الحريدي، ورفع مستوى الدراسة في المدرسة الدينية إلى مستوى دستوري أعلى حتى من الخدمة العسكرية".
ورفضت الأحزاب الحريدية الجهود المبذولة لتجنيدهم باعتبارها هراوة سياسية يستخدمها أعداؤهم السياسيون، وليست حاجة عملية.
وقال عضو الكنيست عن حزب يهدوت هتوراة المتحد موشيه روث، في تصريحات نشرتها شبكة CNN: "لم يكن الجيش بحاجة إلى المزيد من القوى البشرية على الإطلاق.. هناك العديد من الفصائل السياسية والسياسيين الذين يستخدمون فكرة التجنيد والإعفاء لطلاب المدارس الدينية كنوع من المنفعة السياسية، للحصول على المزيد من الأصوات".
وقد تلقت هذه الفكرة ضربة بعد السابع من أكتوبر، حيث أصيب عدد كبير من الجنود الإسرائيليين بجروح في غزة وقام الجيش الإسرائيلي بإجراء استدعاءات مكثفة.
وأوضح الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي والعضو السابق في الكنيست عوفر شيلح، والذي ساعد في صياغة إحدى المحاولات التشريعية السابقة للحل، أن حاجة الجيش إلى التوسع بعد 7 أكتوبر وضعت عبئًا كبيرًا على الجمهور الإسرائيلي الذي يخدم بالفعل".
للحريديم خصوصية وتمييز
احتل الإسرائيليون المتدينون منذ فترة طويلة مكانة متميزة في المجتمع الإسرائيلي، حيث تحصل المدارس والمعاهد الدينية على إعانات حكومية سخية ومع ذلك، فإن شباب الحريديم، كما يعرفون بالعبرية، معفيون فعليًا من الخدمة العسكرية الإلزامية.
هذا الإعفاء كان مصدر إرباك للمجتمع الإسرائيلي منذ تأسيس الدولة، وأوضح الأعضاء الأقوياء في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنهم لن يساعدوه في تأجيل التعامل مع هذا الأمر دون دعم سياسي واسع النطاق.
وينظر اليهود الأرثوذكس المتشددون إلى الدراسة الدينية باعتبارها أساسية للحفاظ على اليهودية، وبالنسبة للعديد منهم، فإن الدراسة لا تقل أهمية عن الجيش للدفاع عن إسرائيل.
وفي الأيام الناشئة لإسرائيل، اتفق رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون مع حاخامات الحريديم على إعفاء 400 رجل يدرسون في المدارس الدينية من الخدمة العسكرية.
في عام 1948، كان عدد الحريديم في إسرائيل قليلًا ولم يكن للإعفاء تأثير عملي يذكر، ولكن في عام 1998، ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية هذا الإعفاء الذي طال أمده، وأعلنت أن السماح للحريديم بالخروج من التجنيد الإجباري ينتهك مبادئ الحماية المتساوية.
ورغم محاولات الحكومات والكنيست المتعاقبة حل هذه القضية، فإن المحكمة أخبرتهم مرارًا وتكرارًا أن جهودهم كانت غير قانونية، لقد نما المجتمع الحريدي بشكل ملحوظ، وهم يشكلون الآن 24% من الإسرائيليين في سن التجنيد، وفقًا للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
تصعيد خطير
وقال الحقوقي الأردني، نضال منصور، إن ما يحث تصعيد خطير، الإعفاء من الخدمة العسكرية الذي يتمتع به الحريديم كان دائمًا مصدر جدل في المجتمع الإسرائيلي، في البداية، تم الاتفاق على إعفاء عدد قليل من طلاب المدارس الدينية من الخدمة العسكرية للحفاظ على التوازن بين الهوية الدينية والواجب الوطني، لكن مع مرور الوقت وزيادة عدد الحريديم، أصبح هذا الإعفاء يُنظر إليه على أنه تمييز غير عادل يهدد مبادئ المساواة التي تقوم عليها الدولة، مؤكدًا أن الدعوة الأخيرة من كبار الحاخامات إلى الطلاب الأرثوذكس لرفض أوامر التجنيد وقطع جميع العلاقات مع الجيش تمثل تصعيدًا خطيرًا في هذا النزاع.
وتابع منصور، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، هذه الدعوة للعصيان ليست مجرد رفض لأوامر عسكرية، بل هي تحدٍ مباشر للنظام القانوني والدستوري في إسرائيل المحكمة العليا، التي طالما أكدت ضرورة المساواة في الخدمة العسكرية، تجد نفسها الآن في مواجهة تحدٍ مفتوح من قبل الحريديم الذين يعتبرون أن التمسك بالدراسة الدينية واجب ديني لا يمكن التنازل عنه.
واستطرد، التوتر بين الدين والدولة في إسرائيل يتجلى بشكل صارخ في هذه الأزمة، فبينما ترى الأغلبية العلمانية أن الخدمة العسكرية واجب مدني أساسي يجب أن يشمل جميع المواطنين دون استثناء، يرى الحريديم أن دورهم الديني يتطلب إعفاءهم من هذا الواجب، إنهم يعتبرون أن الدراسة الدينية لا تقل أهمية عن الدفاع عن الدولة، بل ربما تتفوق عليه باعتبارها حفاظًا على الهوية اليهودية.
واستكمل منصور، أن الائتلاف الحكومي بقيادة بنيامين نتنياهو يعتمد بشكل كبير على دعم الأحزاب الدينية المتشددة للبقاء في السلطة، هذا الاعتماد يجعل من الصعب على الحكومة اتخاذ موقف حازم بشأن قضية التجنيد، ووزير الدفاع يوآف غالانت أوضح أنه لن يدعم أي قانون لا يوافق عليه جميع أعضاء الائتلاف، ما يعكس حجم التوترات الداخلية والخلافات السياسية التي تعرقل التوصل إلى حل، الأزمة ازدادت تعقيدًا بعد الأحداث الأخيرة في غزة، حيث أصيب عدد كبير من الجنود واستدعت الحاجة إلى تعزيز القوات المسلحة، في هذه الظروف، يصبح تجنيد الحريديم ليس مجرد قضية عدالة اجتماعية، بل ضرورة عسكرية وأمنية.
وقال إن الحكومة تجد نفسها في موقف حرج، حيث يتطلب الحفاظ على الأمن القومي إشراك جميع شرائح المجتمع في الخدمة العسكرية، بمن في ذلك الحريديم. من جهة أخرى، فإن تهديد المدعية العامة الإسرائيلية بعدم القدرة على تمويل المدارس الدينية إذا لم يتم حل قضية التجنيد يعمق الأزمة، وقطع التمويل عن المؤسسات الدينية قد يؤدي إلى انفجار سياسي داخل الائتلاف الحاكم، حيث لن توافق الأحزاب الدينية المتشددة على البقاء في حكومة لا تدعم مؤسساتها التعليمية.
نضال منصور
وعن موقف الحريديم ودعوتهم للعصيان أشار إلى أنه يعكس توازناً دقيقاً بين الحفاظ على الهوية الدينية ومتطلبات الدولة الحديثة. الحل لهذه الأزمة يتطلب تفكيراً عميقاً وتوازناً حساساً بين احترام الحقوق الدينية ومتطلبات الخدمة المدنية، إنه تحدٍ ليس فقط للحكومة الإسرائيلية، بل للمجتمع بأسره في كيفية التوفيق بين التقاليد الدينية والتحديات العصرية.
الائتلاف الإسرائيلي في خطر
بدورها، أكدت الحقوقية الأردنية، نسرين زريقات، خطورة العصيان على الائتلاف الإسرائيلي، كذلك يشكل تحدياً كبيراً للحكومة الإسرائيلية والائتلاف الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو، هذا التحرك من قبل الحريديم يعكس توتراً عميقاً بين القيم الدينية للدولة اليهودية والضرورات العملية للدولة الحديثة، حيث يتوجب على الحكومة الموازنة بين الاحتياجات الأمنية ومبادئ المساواة من جهة، والمطالب الدينية والتقاليد التاريخية من جهة أخرى، الدعوة إلى العصيان الصادرة عن كبار حاخامات الحريديم ليست مجرد رفض لقوانين الدولة، بل هي تحدٍ صريح للنظام القانوني والدستوري في إسرائيل.
وشددت زريقات في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، على أن الاعتماد الكبير للائتلاف الحكومي على دعم الأحزاب الحريدية يجعل من الصعب على الحكومة تنفيذ قرار المحكمة دون التعرض لخطر انهيار الائتلاف، هذا الاعتماد يمنح الحريديم نفوذاً كبيراً في السياسات الحكومية، ويجعل من الصعب تحقيق أي تغيير في وضعهم القانوني دون موافقتهم.
ونوهت أنه في حال إصرار الحكومة على تنفيذ قرار المحكمة، فقد يؤدي ذلك إلى انسحاب الأحزاب الحريدية من الائتلاف، ما سيتسبب في أزمة سياسية قد تؤدي إلى انتخابات مبكرة.
وأضافت، زريقات، أنه على الجانب الآخر، عدم تنفيذ قرار المحكمة قد يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام القانوني والدستوري في إسرائيل، ما يعزز الانقسامات الاجتماعية ويضعف سلطة الدولة، هذا السيناريو قد يؤدي إلى زيادة التوترات بين الحريديم وبقية المجتمع، ويعزز الشعور بالظلم والتمييز لدى الفئات الأخرى من المجتمع الإسرائيلي.
وأكدت أن الوضع الحالي يعكس تحديات عميقة تواجه المجتمع الإسرائيلي في التوفيق بين الهوية الدينية والضرورات المدنية، الحريديم يرون في الإعفاء من الخدمة العسكرية جزءاً من حقوقهم الدينية والثقافية، بينما يرى بقية المجتمع أن المساواة في الواجبات الوطنية هي أساس العدالة والمواطنة. هذه التحديات تتطلب حواراً صريحاً وشاملاً بين جميع الأطراف المعنية لإيجاد حلول مستدامة تحترم التنوع الثقافي والديني في إسرائيل، وتضمن في الوقت نفسه العدالة والمساواة لجميع المواطنين.
نسرين زريقات
وأتمت، في ظل هذه التوترات، يبقى مستقبل الائتلاف الحكومي غير مؤكد، فالحكومة تحتاج إلى تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على دعم الحريديم وضمان تنفيذ قرارات المحكمة العليا، وأي فشل في تحقيق هذا التوازن قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية في إسرائيل، ما يعزز احتمالات إجراء انتخابات مبكرة قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في البلاد، هذه الأزمة تعكس التحديات العميقة التي يواجهها المجتمع الإسرائيلي في التوفيق بين تنوعه الثقافي والديني وبين مبادئ الديمقراطية والعدالة.