في يومهم الدولي.. "الشعوب الأصلية" أصوات تحمي التنوع البيئي والثقافي واللغوي

9 أغسطس من كل عام

في يومهم الدولي.. "الشعوب الأصلية" أصوات تحمي التنوع البيئي والثقافي واللغوي

يحتفي العالم في التاسع من أغسطس كل عام باليوم الدولي للشعوب الأصلية، بصفتهم ورثة وممارسين لثقافات فريدة وطرق تتصل بالناس والبيئة، وقد احتفظوا بخصائص اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية تختلف عن خصائص المجتمعات السائدة التي يعيشون فيها، وعلى الرغم من الاختلافات الثقافية، فإن الشعوب الأصلية من جميع أنحاء العالم تشترك في مشكلات مشتركة تتعلق بحماية حقوقها كشعوب متميزة. 

اليوم الدولي 2024

يركز اليوم الدولي للشعوب الأصلية في العالم لعام 2024 على "حماية حقوق الشعوب الأصلية التي تعيش في العزلة الطوعية والاتصال الأولي"، باعتبارهم أفضل حماة للغابة.

وحيثما تتم حماية حقوقهم الجماعية في الأراضي والأقاليم، تزدهر الغابات جنبًا إلى جنب مع مجتمعاتهم، وليس بقاؤهم على قيد الحياة أمراً حاسماً فحسب لحماية كوكبنا، ولكنه أمر بالغ الأهمية لحماية التنوع الثقافي واللغوي.

وفي عالم اليوم شديد الترابط، يعد وجود الشعوب الأصلية في عزلة طوعية واتصال أولي بمثابة شهادة على نسيج الإنسانية الغني والمعقد، وستكون خسارة فادحة لعالمنا إذا توقفت هذه الشعوب عن الوجود.

تاريخ اليوم

يوافق اليوم العالمي للشعوب الأصلية 9 أغسطس من كل عام لتعزيز وحماية حقوق السكان الأصليين في العالم، ويقر هذا الحدث أيضا بالإنجازات والمساهمات التي تقوم بها الشعوب الأصلية لتحسين القضايا العالمية كحماية البيئة، وقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن هذا اليوم في ديسمبر 1994 لتخليد ذكرى أول اجتماع لفريق عمل الأمم المتحدة المعنى بالسكان الأصليين التابع للجنة الفرعية لدعم وحماية حقوق الإنسان عام 1982.

كما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة لأول مرة في ديسمبر 1994 أن يتم الاحتفال باليوم العالمي للشعوب الأصلية في العالم كل عام خلال العقد العالمي الأول للشعوب الأصلية في العالم (1995 – 2004).

وفي عام 2004، أعلنت الجمعية عقدًا عالميًا ثانيًا بعنوان "عقد للعمل والكرامة" من عام 2005 إلى 2015، وتم تشجيع الناس من مختلف الأمم للمشاركة في الاحتفال باليوم لنشر رسالة الأمم المتحدة عن الشعوب الأصلية، وقد تضمنت الأنشطة النقاشات التعليمية والأنشطة الصفية لنيل التقدير ولفهم أفضل للشعوب الأصلية.

شباب الشعوب الأصلية

ويركز اليوم العالمي للشعوب الأصلية على "شباب تلك المجتمعات بوصفهم الفاعلين للتغيير من أجل تقرير المصير"، ففي الواقع، يلعب شباب السكان الأصليين دورًا نشطًا في ممارسة حقهم في تقرير المصير، لأن مستقبلهم يعتمد على القرارات التي تُتخذ اليوم.

ويشترك صندوق الأمم المتحدة للسكان مع منظمات السكان الأصليين لدعم الوصول الكامل والمتساوي للصحة والحقوق الجنسية والإنجابية والتحرر من العنف لنساء وفتيات السكان الأصليين، ويعمل على المساعدة في تصميم وتنفيذ نهج متعددة الثقافات للصحة الجنسية والإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة.

في الوقت نفسه، يعمل شباب السكان الأصليين كعوامل للتغيير في طليعة بعض الأزمات الأكثر إلحاحا التي تواجه البشرية، ومن بينها ما يلي:

النشاط المناخي

يلعب شباب الشعوب الأصلية أدوارا مختلفة كثيرة في مجتمعاتهم المحلية، فعلى سبيل المثال، يقوم آباؤهم والمجتمع المحلي والطبيعة منذ سن مبكرة بتدريب الفتيان والفتيات على المشاركة في الأنشطة الأسرية والاختلاط بأقرانهم وشيوخهم من خلال الألعاب والتقليد والتعاون في أنشطة مثل الزراعة والرعي والبذر والأعمال المنزلية، فهم يشبون وهم في علاقة حميمة مع الأرض والتنوع البيولوجي.

تتغير طرق العيش لشباب السكان الأصليين بسبب السياقات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية المتطورة، على سبيل المثال، أنظمة التعليم التي لا تشمل أو تقدر الواقع الثقافي لمعارف السكان الأصليين، أو إساءة استخدام تقنيات الاتصالات الجديدة التي تنمط أساليب حياة السكان الأصليين، أو التوسع في شركات استغلال الموارد التي تقوض قيم السكان الأصليين ومجتمعاتهم.

عمل شباب الشعوب الأصلية من أجل تغيير هذا الواقع وأصبحوا لاعبين رئيسيين في حركة النشاط المناخي العالمية، وطرحوا حلولا بديلة فريدة لتغير المناخ والقضايا التي تضر بأراضيهم وأقاليمهم ومواردهم وحقوقهم، يمكن أن تقدم القضايا التي أثارها شباب السكان الأصليين في النقاش حول تغير المناخ رؤى مهمة حول العمل المناخي والإدارة المستدامة للموارد.

التعبئة من أجل العدالة

يؤثر التمييز على حياة شباب السكان الأصليين بطرق تؤذي احترامهم لذاتهم وثرائهم الروحي ولغتهم وجذورهم الثقافية، ويواجه الكثيرون صدامات وتأثيرات ثقافية تدفعهم بمرور الوقت إلى اكتساب هوية غريبة عن مكانهم الأصلي.

وعلى الرغم من هذه التحديات، يشارك الشباب في منظمات السكان الأصليين في المناطق الحضرية والريفية، وكذلك خارج الحدود الوطنية، مما يعيد إحياء هوياتهم الثقافية ويعززها، وهم ينظمون أنشطة متنوعة لتعزيز الهوية الثقافية، والمشاركة في التجمعات، وتقاسم المساحات الثقافية مع شيوخ السكان الأصليين، وإنشاء شبكة تضامن.

لقد أصبح الجيل الجديد من المدافعين عن السكان الأصليين القوة الدافعة للتغيير المجتمعي من خلال التعبئة الاجتماعية، والاستفادة من المنصات عبر الإنترنت لعرض ثقافاتهم ولغاتهم وأنظمة معارفهم والاحتفاء بها مع جمهور أوسع، وتسليط الضوء على الظلم داخل مجتمعاتهم.

الروابط بين الأجيال

عندما يجدون مكانهم في المجتمع، تصبح الهوية أساسية لشباب السكان الأصليين، وترتبط الهوية الفردية والجماعية بالأرض واللغة وسبل العيش التقليدية والاحتفالات والفنون والحرف اليدوية وأفراد الأسرة والمجتمع ككل، ويتم نقل الهوية من خلال الروابط الأسرية، مع مشاركة تاريخ الأرض ونقل المعرفة، وبالتالي، من المهم إجراء حوار بين الأجيال بين الشباب والشيوخ.

التحديات المشتركة

تتعرض مجتمعات السكان الأصليين وتراثها الفريد للخطر الشديد المتمثل في اندثار لغات الشعوب الأصلية، كذلك يتعرض له تنوعنا العام وقدرتنا على الإبداع والابتكار بحد ذاتها، وتسعى اليونسكو من خلال السنة الدولية للغات الشعوب الأصلية لعام 2019 إلى تركيز الاهتمام على هذه المسائل الحاسمة واتخاذ إجراءات من أجل العمل الجماعي على الصعيد العالمي لمعالجته.

ويعيش حوالي 200 مجموعة من السكان الأصليين حاليًا في عزلة طوعية وفي اتصال أولي، وهم يعيشون في الغابات النائية الغنية بالموارد الطبيعية في بوليفيا والبرازيل وكولومبيا والإكوادور والهند وإندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة وبيرو وفنزويلا.

وقد اختاروا العيش منفصلين عن بقية العالم، ونمط تنقلهم يسمح لهم بالمشاركة في التجمع والصيد، وبالتالي الحفاظ على ثقافاتهم ولغاتهم، حيث تعتمد هذه الشعوب بشكل صارم على بيئتها، وأي تغييرات في بيئتها الطبيعية يمكن أن تضر ببقاء الأفراد والمجموعة ككل.

وعلى الرغم من حقهم في الحكم الذاتي على النحو المنصوص عليه في إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، تواجه الشعوب الأصلية التي تعيش في عزلة طوعية وتواصل أولي تحديات فريدة غالبًا ما يتجاهلها العالم المحيط.

وتؤدي التطورات في الزراعة والتعدين والسياحة والموارد الطبيعية في أراضيها إلى إزالة الغابات لمساحات واسعة من غابات الشعوب الأصلية، وتعطيل أسلوب حياتهم وتدمير البيئة الطبيعية التي قاموا بحمايتها لأجيال.

بالنسبة للشعوب الأصلية فإن أحد أخطر التهديدات الناجمة عن الاتصال الخارجي هو التعرض للأمراض، وبسبب عزلتهم، لا يملكون الدفاعات المناعية ضد الأمراض الشائعة نسبيا، وعلى هذا النحو، فإن الاتصال القسري بالعالم الخارجي يمكن أن يؤدي إلى عواقب مدمرة، ويمكن أن يدمر مجتمعات بأكملها.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية