بعد شائعات ومعلومات مغلوطة.. 2000 مسجد في بريطانيا تحت تهديد اليمين المتطرف
بعد شائعات ومعلومات مغلوطة.. 2000 مسجد في بريطانيا تحت تهديد اليمين المتطرف
بات نحو 2000 مسجد في بريطانيا تحت تهديد اليمين المتطرف، بعد شائعات ومعلومات مغلوطة رافقت مقتل 3 فتيات على يد شاب يبلغ من العمر 17 عاما، حيث حاول البعض استغلال الحادث لإثارة موجة من العنف والفتن.
وتزايدت الشائعات على الإنترنت حول هوية الشاب مرتكب الجريمة، والتي زعمت أنه شاب مسلم، لتشعل غضب آلاف البريطانيين وتتسبب في مواجهات مع الشرطة تتواصل لليوم الخامس على التوالي، اليوم الأحد.
تمثل هذه الاضطرابات أزمة للجالية المسلمة في البلاد، لكنها تشكّل كذلك أكبر تحد يواجهه رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر بعد شهر واحد من توليه المنصب.
وتسلط أعمال الشغب الضوء على المحرضين من أنصار اليمين المرتبطين بـ"الهوليغانز"، وهم فئة من مشجعي الكرة المعروفين بأعمال الشغب في الملاعب، في وقت تحقق فيه الشعارات المناهضة للهجرة بعض النجاح الانتخابي اللافت والمؤثر في السياسة البريطانية.
ومن قبل وقوع الحادث، كانت بريطانيا تعاني من ارتفاع العنف لتسجل أكثر من 6.6 مليون جريمة في عام 2023/ 2024.
ويأتي حادث الطعن ليزيد من مخاوف زيادة معدلات العنف والجريمة المرتفعة أصلا، ما يفتح الباب للمزيد من التساؤلات حول مستقبل الجاليات المسلمة في البلد الأوروبي.
تهديدات مستمرة
وصل تهديد للأمينة العامة للمجلس الإسلامي البريطاني، زارا محمد، مفاده "سنهاجمكم"، والتي تقول إن "مسلمين آخرين تساءلوا إذا كان ينبغي مواصلة الأنشطة المعتادة مثل الدروس المخصصة للأطفال واجتماعات النساء وغيرها"، مشددة على أن بعض المساجد لا يمكنها تحمل كلفة الاستعانة بحراسات خاصة.
وقالت زارا محمد، إن المسلمين في بريطانيا يعيشون في حالة من القلق، مشددة على أن تجمعات اليمين في جميع أنحاء المملكة المتحدة تستهدف المساجد تحديدا، بحسب وكالة فرانس برس.
وفي السياق، عززت الشرطة البريطانية من تواجدها حول المساجد، في حين توعّد رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، برد حازم على أعمال "الكراهية" التي يقودها اليمين المتطرف.
من جانبه، حاول القضاء البريطاني تهدئة الغضب ومواجهة الشائعات، عندما قرر، على خلاف القانون الذي يحظر الكشف عن هوية المشتبه بهم الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما في المملكة المتحدة.
وأمر القاضي أندرو ميناري بالإفصاح عن هوية منفذ الهجوم ويدعى أكسل روداكوبانا، المولود في ويلز لأبوين من رواندا، بهدف وقف انتشار المعلومات المضللة.
مساجد تحتاج للحماية
وكشف شوكت واريتش، الذي يشغل حاليا منصب مدير شركة تدعى "أمن المسجد"، وتقدم خدمات أمنية لحماية المساجد، أن شركته تلقت طلبات من "أكثر من 100 مسجد" تستطيع توفير تكاليف الحراسة من بين 2000 مسجد في البلاد.
أزمة نفقات التأمين واجهت مسجد عبدالله كويليام في مدينة ليفربول بالشمال، لكن إدارة المسجد قررت الاعتماد على تضامن السكان، وهم ليسوا جميعا مسلمين، عندما جاؤوا بأعداد كبيرة لحماية الموقع، يوم الجمعة الماضي، بعد انتشار شائعات بشأن احتمال مهاجمته.
ويحكي دانيال أحد المتطوعين لحماية مسجد عبدالله كويليام: "أنا هنا للتضامن مع جيراني، إنهم يعيشون في حيي، في مدينتي".
وفي لندن، يعبّر مصلّون في المسجد المركزي في العاصمة عن قلقهم البالغ من المظاهرات المعادية للإسلام وأعمال العنف التي اندلعت قبل عدة أيام.
تجاهل التهديدات
تتهم الأمينة العامة للمجلس الإسلامي البريطاني، زارا محمد، السياسيين البريطانيين بتأجيج المشاعر المعادية للمسلمين، قائلة: "ما يحدث لا يأتي من عدم".
وأوضحت أن المشاعر المعادية للمهاجرين والإسلام تنتشر على نطاق واسع، بما في ذلك في صفوف الطبقة السياسية، مستشهدة بخطاب وزيرة الداخلية المحافظة السابقة، سويلا برافرمان.
وهاجمت "برافرمان" المهاجرين، وكذلك النائب عن حزب الإصلاح اليميني المناهض للهجرة، لي أندرسون الذي أثار الجدل قبل أشهر عندما اتهم عمدة لندن صادق خان، بأنه "يخضع لسيطرة الإسلاميين".
من جانبها، كشفت مديرة جمعية "تيل ماما"، إيمان عطا، التي ترصد الأعمال المعادية للإسلام والمسلمين في بريطانيا، أن "الأمر ليس جديدًا، لكن حجم الظاهرة يتزايد، وتجاهل السياسيين يدفع المتطرفين إلى أن يصبحوا أكثر جرأة للتعبير عن تطرفهم في العلن" بحسب وكالة فرانس برس.
ارتفاع معدلات الجريمة
التهديدات ضد المسلمين ليست منفصلة عن المشهد العام في بريطانيا، حيث سجلت الشرطة في إنجلترا وويلز ما يقرب من 6.66 ملايين جريمة في عام 2023/ 24، مقارنة بنحو 6.74 مليون جريمة في عام 2022/23 بحسب موقع ستاتيستا.
التوترات الأخيرة تطرح تساؤلا مهما حول قدرة الشرطة على مواجهة الجرائم بما لديها من القوى العاملة والموارد، لا سيما مع بدء اتخاذ إجراءات تقشفية عام 2010.
وتسببت الإجراءات التقشفية في خفض أعداد ضباط الشرطة بمقدار 20 ألف ضابط، قبل أن تحاول تقليل الفجوة مرة أخرى في عام 2019 بموجب برنامج يُعرف باسم رفع مستوى الشرطة، بحسب صحيفة الغارديان.
رغم ذلك اضطر 6 آلاف ضابط إلى العمل بعيدا عن الخطوط الأمامية لسد الثغرات الناجمة عن أزمة التمويل، بحسب تقرير للصحيفة في يناير الماضي
وتعمل الشرطة على خفض الجريمة لكنها تواجه ضغوطا تمويلية شديدة وعجزا نقديا قدره 3.2 مليار جنيه إسترليني، بحسب ما قال رئيس مجلس رؤساء الشرطة الوطنية، جافين ستيفنز.
يأتي ذلك، رغم إعلان الحكومة البريطانية زيادة قدرها 20 ألف شرطي بالفعل بحلول مارس من العام الماضي 2023، ليصبح إجمالي قوة الشرطة العاملة في إنجلترا وويلز نحو 150 ألفا.