نيويورك تايمز: ضربات إسرائيل على مدارس غزة تضع المدنيين أمام معضلة مؤلمة

نيويورك تايمز: ضربات إسرائيل على مدارس غزة تضع المدنيين أمام معضلة مؤلمة

علقت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدرسة "التابعين" التي تؤوي نازحين في شمال غزة فجر أمس السبت، وأسفرت عن سقوط أكثر من 100 قتيل وعشرات الجرحى، قائلة إنها تكشف عن معضلة مؤلمة يواجهها المدنيون في القطاع، الذين يبحثون عن الأمان بعد 10 أشهر من الحرب.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، في تقرير لها، أن الخيار أمام هؤلاء المدنيين هو إما البقاء في المدارس التي تحولت إلى ملاجئ، على أمل الحصول على قدر ضئيل من الأمن وسط الظروف الميؤوس منها في غزة، أو أن يفروا منها لعلمهم أن الملاجئ نفسها قد تتحول إلى أهداف. 

وأشارت إلى أن العام الدراسي تم التخلي عنه في غزة، وتدفق عشرات الآلاف من المدنيين إلى مجمعات المدارس منذ الأيام الأولى من الحرب، في محاولة لبناء حياة مؤقتة في الفصول الدراسية والممرات، أو نصب خيام مؤقتة في ساحات المدارس.

ويقول السكان إن الأحوال بشعة، لكن المدارس التي توفر لهم جدرانًا وتتيح لهم قدرًا محدودًا من الصرف الصحي تجذبهم لسبب بسيط، ألا وهو أن البدائل أسوأ، فالغارات الجوية الإسرائيلية والهجمات البرية تتواصل في جميع أنحاء القطاع، والجوع الشديد ينتشر على نطاق واسع، والأمراض تتفشى بسرعة في المخيمات المزدحمة غير النظيفة وأنقاض المنازل السابقة.

ونتيجة لذلك، أصبحت المدارس خيارات مفضلة للكثيرين لأنها تعد بتوفير قدر أفضل من الأمن في الصراع الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 40 ألف شخص، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.

ويقول أحمد تحسين -البالغ من العمر 25 عاماً ويعيش في مدرسة حفصة الحكومية في مدينة غزة مع شقيقيه ووالديه لـ"نيويورك تايمز" عبر الهاتف- إنهم وصلوا إلى تلك المدرسة لتكون ملاذًا أخيرًا بعد فرارهم 10 مرات منذ بدء الحرب.

وقال إنه لا يفكر في الانتقال من المدرسة، رغم الاستهداف المستمر للمدارس، لأنه لا توجد منطقة آمنة في غزة، فالمناطق التي سبق أن أعلن رسميًا أنها مناطق آمنة "أصبحت الآن عكس ذلك تمامًا".

وقالت مديرة الاتصالات في "الأونروا" جولييت توما، إن حوالي 200 مبنى تابع للأمم المتحدة تعرض للقصف منذ بدء النزاع، وهو رقم لم يسبق له مثيل في تاريخ المنظمة، وقالت إنه خلال نزاع أقل حجمًا في غزة في عام 2014، لم يُقصف سوى مبنى واحد من مباني الأمم المتحدة.

وأعرب خبراء الأمم المتحدة في أبريل عن قلقهم إزاء ما قالوا إنه "تدمير منهجي" لمنظومة التعليم في القطاع -وهي العملية التي أطلقوا عليها “إبادة المدارس”- ورأت توما أن الهجمات الأخيرة سيكون لها تأثير أطول أمدًا بمجرد انتهاء الحرب.

وقالت توما، "لا يمكن استخدام العديد من هذه المدارس لأنها تعرضت للقصف أو قد تحتوي على ذخائر غير منفجرة"، مضيفة: "ماذا يعني ذلك بالنسبة لرحلة تعليم الأطفال في غزة؟".

وأكدت أن الأمم المتحدة قدمت إحداثيات جميع مبانيها في غزة إلى الطرفين المتحاربين، مضيفة أنها دعت أيضًا إلى إجراء تحقيق مستقل لتحديد ما إذا كانت المدارس قد استخدمت كقواعد عسكرية.

وقالت المسؤولة في الأونروا: "يجب ألا تُستخدم مرافق الأمم المتحدة أبدًا لأغراض عسكرية وقتالية، ويجب حمايتها في أوقات النزاع".

الحرب على قطاع غزة

اندلعت الحرب عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، حيث قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات كما تصاعدت وتيرة العنف في الضفة الغربية.

وأسفر القصف عن مقتل أكثر من 39 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 89 ألف جريح، إضافة إلى نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.

ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.

وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1140 شخصا بينهم أكثر من 600 من الضباط والجنود منهم 225 منذ بداية الهجوم البري في قطاع غزة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 6 آلاف جندي بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة. 

هدنة مؤقتة

وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية أصوات 120 صوتا، الجمعة 27 أكتوبر، مشروع قرار عربي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ووقف القتال.

في الأول من ديسمبر الماضي، انتهت هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة مصرية قطرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وفور انتهاء الهدنة، استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها القطاع والمطالبات الدولية والأممية بزيادة وتسهيل دخول المساعدات الإغاثية.

وتواصل إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة ورغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

ولا يزال الجيش الإسرائيلي مستمرا في قصفه مناطق مختلفة في القطاع منذ السابع من أكتوبر، مخلفا دمارا هائلا وخسائر بشرية كبيرة ومجاعة أودت بحياة العديد من الأطفال والمسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.


 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية