الديمقراطية في خطر.. كيف تُقوض التدخلات السياسية حرية الترشح والانتخاب في تونس؟
الديمقراطية في خطر.. كيف تُقوض التدخلات السياسية حرية الترشح والانتخاب في تونس؟
حقوقيون: الاعتقالات والضغوط السياسية تقيد المنافسة في السباق الرئاسي التونسي
رئيس المرصد التونسي: عدم تنفيذ مقررات المحكمة الإدارية يعرض السلطة للمساءلة ويهدد نزاهة الانتخابات
باحثة في القانون: محاكمة حرية التعبير والانقلاب على القوانين “تدهور حقوقي” كبير
برلمانية تونسية سابقة: القوانين الانتخابية الحالية وسيلة لإقصاء المعارضين
في ظل التوترات السياسية المتصاعدة في تونس، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بشكل مفاجئ أن القائمة النهائية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة تقتصر على ثلاثة مرشحين فقط، من بينهم الرئيس الحالي قيس سعيّد.
هذا القرار جاء رغم أن المحكمة الإدارية قبلت طعون ثلاثة مرشحين آخرين كانوا يأملون في المنافسة، وهو ما أثار موجة من الانتقادات والاتهامات بمحاولة الهيئة الانتخابية محاباة الرئيس سعيّد على حساب مبدأ التعددية والنزاهة في العملية الانتخابية.
تصرف الهيئة الأخير يهدد مصداقية الانتخابات ويضعف الثقة العامة في المؤسسات، خاصةً في ظل الأجواء السياسية المشحونة التي تشهدها تونس منذ عام 2021، عندما بدأ الرئيس سعيّد تعزيز قبضته على السلطة عبر مجموعة من القرارات المثيرة للجدل.
من بين المرشحين الثلاثة المستبعدين كان العياشي زمال، رجل الأعمال والنائب السابق الذي يشغل منصب الأمين العام لحركة "عازمون"، حيث تعرض زمال، الذي يمثل أحد أبرز المنافسين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لضغوط كبيرة وصلت إلى حد اعتقاله من قبل السلطات بتهمة "تزوير التزكيات".
هذا الاعتقال جاء في وقت حساس للغاية، قبل ساعات من إعلان القائمة النهائية للمرشحين، ما أثار موجة من الشكوك حول نوايا الحكومة ومحاولة تحييد منافس سياسي بارز.
بحسب مهدي عبد الجواد، عضو حملة زمال، فإن السلطات قامت باعتقاله من منزله وهو ما يعزز المخاوف من أن تكون هذه الإجراءات جزءًا من خطة أوسع لتقليص فرص زمال في المنافسة.
اعتقال زمال ليس الحادثة الأولى التي تشير إلى وجود ضغوط سياسية تُمارس ضد المرشحين المنافسين، فقد سبق أن خضع زمال للتحقيقات على مدى الأيام التي سبقت اعتقاله، وتم احتجاز المسؤولة عن حملته الانتخابية لفترة وجيزة قبل إطلاق سراحها.. هذه التحركات تعكس محاولات مستمرة لتقييد حرية الترشح وتقويض المنافسة الانتخابية النزيهة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويطرح تساؤلات جدية حول مدى شفافية العملية الانتخابية في تونس.
في هذه الأثناء، رفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية التي قضت بإعادة قبول ثلاثة مرشحين كانوا قد استُبعدوا سابقًا، هؤلاء المرشحون هم عبداللطيف المكي، القيادي السابق في حزب النهضة الإسلامي، والمنذر الزنايدي الوزير السابق، والمستشار السابق للرئيس المنصف المرزوقي، عماد الدايمي.
رفض الهيئة تنفيذ هذه الأحكام بحجة عدم استلامها النصوص الرسمية في الوقت المحدد أثار استياءً واسعًا، وألقى بظلال من الشك حول احترام الهيئة للقانون واستقلالية القضاء في البلاد، واعتبر هذا الرفض تهديدًا خطيرًا لمصداقية الانتخابات ويزيد من احتمالية تفاقم الأزمة السياسية التي تعصف بتونس.
في هذا السياق، أصدرت 26 منظمة حقوقية تونسية ودولية، بالإضافة إلى نحو 200 شخصية من المجتمع المدني، بيانًا مشتركًا يدعو إلى ضرورة احترام التعددية السياسية وضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية.
وشدد البيان على أهمية تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية باعتبارها الجهة الوحيدة المختصة بالنظر في نزاعات الترشح، محذرًا من أن عدم الالتزام بهذه القرارات من شأنه أن يقوض الثقة في العملية الانتخابية برمتها.
وأثارت تصريحات رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، التي ألمح فيها إلى إمكانية رفض طلبات الترشح إذا كان المرشحون يخضعون لملاحقات أو إدانات قضائية، قلقًا كبيرًا، حيث يخشى كثيرون من أن تكون هذه التصريحات تمهيدًا لاستخدام القضاء كأداة لإقصاء المنافسين السياسيين.
ولا تتوقف التحديات التي تواجه المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة عند الضغوط القضائية فقط، بل تتعداها إلى الشروط الصارمة التي تفرضها الهيئة لقبول الترشحات، إذ يتعين على المرشحين الحصول على تزكيات من 10 برلمانيين أو 40 مسؤولًا محليًا منتخبًا أو 10 آلاف ناخب، بالإضافة إلى تأمين 500 تزكية على الأقل في كل دائرة انتخابية.
هذه المتطلبات تضع عقبات كبيرة أمام المرشحين المستقلين أو الذين لا يتمتعون بدعم قوي من النخب السياسية، علاوة على ذلك يشكل شرط الحصول على "البطاقة عدد 3"، التي تصدرها وزارة الداخلية وتثبت خلو السوابق العدلية، تحديًا إضافيًا.
في ظل الضغوط السياسية المتزايدة، أصبح من الصعب على بعض المرشحين الحصول على هذه الوثيقة، ما يعرقل قدرتهم على الترشح ويعزز المخاوف من أن تكون هذه الإجراءات وسيلة لإقصاء المعارضة.
من بين الشخصيات التي واجهت هذه الصعوبات عصام الشابي وغازي الشواشي، اللذان كانا قد أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة، لكنهما اضطرا للتراجع بعد منع السلطات كليهما من توكيل ممثلين شخصيين لتقديم ملفات ترشحهما.. هذه التطورات تعكس مدى عمق الأزمة السياسية في تونس، التي تفاقمت منذ أن حل الرئيس سعيّد البرلمان واعتمد الحكم بالمراسيم.. المعارضة التونسية تصف هذه الخطوات بأنها جزء من خطة أكبر لتثبيت حكم استبدادي جديد في البلاد.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 2024، تتصاعد الانتقادات ضد الحكومة بشأن الضغوط المزعومة التي تمارسها على القضاء لقمع المنافسين السياسيين.
وتخشى المعارضة من أن تكون الانتخابات المقبلة مجرد واجهة لإضفاء الشرعية على ولاية جديدة للرئيس سعيّد، مما يقوض فرص العودة إلى المسار الديمقراطي.
هذه المخاوف تجد صدى في الأوساط السياسية والحقوقية على المستويين المحلي والدولي، حيث تزداد الشكوك حول قدرة تونس على إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب.
ويرى المراقبون أن تونس تمر بمرحلة حاسمة في تاريخها السياسي؛ تتزايد المخاوف من أن الانتخابات المقبلة قد تُستخدم لتعزيز نظام حكم استبدادي جديد بدلاً من أن تكون فرصة لإعادة بناء الديمقراطية التي تحققت بعد الثورة.
ومع تزايد الضغوط الدولية والمحلية على الحكومة لضمان نزاهة الانتخابات، يبقى السؤال المطروح هو: هل ستلتزم الحكومة بمبادئ الديمقراطية والعدالة، أم ستستمر في استخدام القضاء وأدوات السلطة الأخرى لتضييق الخناق على المعارضة وتوجيه مسار الانتخابات نحو نتائج محددة سلفًا؟
الدعوات المتكررة لمراقبة سير العملية الانتخابية عن كثب تتزايد من داخل تونس وخارجها، وتتركز على ضرورة ضمان احترام حقوق المرشحين والناخبين على حد سواء، في ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية والبيانات الصادرة عن منظمات حقوقية دولية، يبقى الوضع في تونس مفتوحًا على جميع الاحتمالات.
وبينما تسعى السلطة لترسيخ نفوذها وتوجيه مسار الانتخابات بما يخدم مصالحها، تزداد الضغوط عليها لإظهار التزام حقيقي بمبادئ الديمقراطية والعدالة.
ووفقًا لتقارير، يرى مراقبون أن قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باستبعاد ثلاثة مرشحين، رغم موافقة المحكمة الإدارية على عودتهم، يزيد الشكوك حول نزاهة الانتخابات، فرفض الهيئة تنفيذ أحكام المحكمة يشير إلى أزمة أعمق في النظام السياسي التونسي ويعزز المخاوف من تآكل الثقة في العملية الانتخابية، ومن الضروري أن تلتزم الهيئة بتطبيق القانون واحترام قرارات القضاء لضمان انتخابات شفافة وعادلة.
وفي غياب ذلك، قد تجد تونس نفسها على شفا مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، ما يهدد مستقبل الديمقراطية في البلاد.
رؤى متباينة لتوجيه المستقبل السياسي
تركز الأنظار على المرشحين الرئيسيين الذين يمثلون طيفًا واسعًا من التوجهات السياسية، كل منهم يحمل رؤية وبرنامجًا مميزين لمعالجة القضايا الملحة التي تواجه البلاد.
العياشي زمال، مهندس كيمياء وصاحب تجربة في القطاع الاقتصادي، يظهر كمرشح بارز على الساحة السياسية التونسية، في الخمسينيات من عمره، انتقل زمال إلى السياسة بعد نجاحه في تأسيس مشروع فلاحي جماعي بعد فترة من عضويته في البرلمان، أسس حركة "عازمون" التي يشغل منصب أمينها العام.
يركز برنامجه الانتخابي، المسمى "ميثاق"، على معالجة التحديات الاقتصادية عبر تعزيز الاستقرار السياسي وبناء الثقة بين مختلف فئات المجتمع، ويرى زمال أن الحوار والوحدة الوطنية هما الأساس لتحقيق التقدم، مع الالتزام بنبذ التناقضات الأيديولوجية والسعي نحو مصالحة شاملة دون إفلات من العقاب.
زهير المغزاوي، أمين عام حزب حركة الشعب، هو مرشح آخر يسعى للمنافسة على الرئاسة بتوجهاته القومية العربية، حصل المغزاوي على تأييد واسع من خلال جمع أكثر من 14 ألف تزكية شعبية وتزكيات برلمانية.
يطرح نفسه كمرشح يمثل جيل الثورة الثاني الذي شهد أحداث 25 يوليو 2021. يعرض برنامجه الانتخابي رؤية ترتكز على النضال داخل مؤسسات الدولة وإعادة تشكيلها بما يتوافق مع مصالح الشعب.
أما قيس سعيّد، الرئيس الحالي، فيبقى أكثر المرشحين إثارة للجدل… منذ توليه السلطة في انتخابات 2019، أقدم سعيّد على سلسلة من الإجراءات الراديكالية منذ 25 يوليو 2021، بما في ذلك حل البرلمان واعتماد الحكم بالمراسيم.
بينما يرى أنصاره في هذه الخطوات ضرورة لإنقاذ البلاد من الفساد والانهيار، يصفها معارضوه بأنها انقلاب على الديمقراطية، يسعى سعيّد للاستمرار في السلطة مع وعود بمواصلة الإصلاحات التي بدأها، مستهدفًا "تطهير الدولة" من الفساد.
تختلف رؤى زمال، والمغزاوي، وسعيّد، ما يجعل الانتخابات المقبلة حاسمة في تحديد مسار تونس السياسي للسنوات القادمة، في ظل مناخ سياسي معقد وتحولات اقتصادية واجتماعية بارزة.
جدل وانتخابات ساخنة
وتوقع رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، انتخابات رئاسية "ساخنة"، بها كثير من الجدل، مشيرًا إلى أنه وعلى الرغم من القضايا الموجهة ضد المرشح العياشي، فإنه يملك الحق في الترشح للرئاسة، في انتظار الإعلان الرسمي عن قائمة المرشحين، ومع ذلك، فإن الجدل حول ترشحه لا يتوقف عند هذا الحد، حيث تشير بعض الأصوات إلى تدخلات سياسية تهدف إلى منع منافسي الرئيس قيس سعيّد من الترشح، خاصة أولئك المنتمين للعائلة الدستورية والتجمعية.
وأكد عبد الكبير، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، أهمية تطبيق القانون واحترام أحكام المحكمة الإدارية، وفقًا للفصل 10 من قانون 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية، الذي ينص على أن عدم تنفيذ مقررات المحكمة الإدارية يعتبر خطأ فاحشًا يعرض السلطة الإدارية المعنية للمساءلة، منوها بأنه يتضح أمام الجميع أن الجدل حول ترشح المرشح الرئاسي الحالي، الذي كان جزءًا من نظام الرئيس زين العابدين بن علي الذي أطاحت به الثورة، يشمل أبعادًا قانونية مهمة، بعد فترة من اختفائه عقب الثورة، عاد هذا المرشح ليصبح نائبًا عن حزب "نداء تونس"، ثم شارك في تحالف مع حركة النهضة، ويُعتبر ممثلاً للحركات الدستورية والتجمعية في البلاد.
واسترسل عبد الكبير: في عام 2019 حصل على التزكيات اللازمة للترشح للرئاسة، ما أثار ردود فعل متباينة بين الأطراف السياسية… وخلال حملته الانتخابية، ظهرت ادعاءات بتورطه في تجاوزات تشمل جمع التزكيات بطرق غير قانونية ومحاولة إغراء بعض الأفراد بمبالغ مالية لدعمه.. في هذا السياق، تم إيقافه مؤخرا بعد مداهمة منزله، وأوقف أيضًا بعض الناشطين في حملته الانتخابية.
مصطفى عبد الكبير
وأتم: من الضروري أن تلتزم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالقانون، وأن تظل بعيدة عن أي تأثيرات سياسية أو تدخلات من السلطة التنفيذية، يجب على الهيئة السعي لضمان حقوق جميع المترشحين بما يتماشى مع القوانين الوطنية والدولية، وتأمين بيئة انتخابية نزيهة تحترم الحقوق السياسية والمدنية لكل المواطنين.
تدهور حقوقي
وفي السياق، قالت الصحفية التونسية وباحثة القانون، ريم بن خليفة، إنه وفي ظل الأحداث الأخيرة، يبدو أن جميع الأقنعة والادعاءات التي روج لها أنصار 25 يوليو، والمتعلقة بما يسمى "نظافة الرئيس" ومحاربته للفساد، قد سقطت تمامًا مع إقصاء جميع المترشحين وسجن بعضهم، إلى جانب أن تجاهل قرارات المحكمة الإدارية التي أعادت بعض المرشحين مثل منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي إلى السباق الانتخابي، يؤكد تدهور الوضع الحقوقي في البلاد.
وتابعت ريم في تصريحاتها لـ"جسور بوست": المحكمة الإدارية التي احتفظت بدرجة من الاستقلالية حتى في عهد بن علي، لم يُحترم حكمها، ما يشير إلى تحولات خطيرة في المناخ السياسي، هذا التدهور يتجلى أيضًا في محاكمة حرية التعبير والرأي، حيث انتقلنا إلى درجة قصوى من انتهاك الحرية والانقلاب على القوانين، معلنين بذلك فصلًا جديدًا من الاستبداد الذي كنا نعتقد أنه انتهى مع اندلاع ثورة 17 ديسمبر.
وأضافت: وبعد أكثر من عقد من التجربة الديمقراطية، نجد أنفسنا نعود إلى نقطة الصفر، وهذا الاستبداد الجديد لا يعتمد حتى على مؤسسات الدولة صوريًا، خاصة المؤسسة القضائية، بل يلغيهما تمامًا على نمط الاستبداد الشرقي القديم، ليعلن نفسه مصدرًا لكل السلطات والمؤسسات.
تحديات وشروط تعجيزية
وبدورها، قالت البرلمانية التونسية السابقة وخبيرة حقوق الإنسان، ليلى الحداد، إن حرية الترشح في الانتخابات جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن تحترمها الدول لضمان عملية انتخابية نزيهة وشفافة، لكن في تونس يواجه المرشحون تحديات كبيرة تتعلق بالشروط القانونية والإجرائية التي تُفرض عليهم، ما يثير تساؤلات حول مدى احترام حقوقهم في الترشح دون قيود تعسفية.
وأكدت الخبيرة الحقوقية في تصريحاتها لـ"جسور بوست"، أنه من الضروري تقييم مدى احترام حقوق المرشحين في تقديم ترشيحاتهم، حيث يواجه العديد من المرشحين المستقلين والمعارضين عقبات ملموسة تعرقل قدرتهم على الترشح بحرية، مما يشكل انتهاكًا للحق في المشاركة السياسية، فالشروط المعقدة، مثل الحاجة إلى تأمين تزكيات من عدد كبير من البرلمانيين أو المسؤولين المحليين أو الناخبين، تمثل عقبة كبيرة أمام المرشحين الذين لا يتمتعون بدعم من النخب السياسية. وهذا الوضع لا يقتصر فقط على تقييد فرص المرشحين في دخول السباق الانتخابي، بل يُضعف أيضًا التعددية السياسية ويحد من الخيارات المتاحة أمام الناخبين.
واستطردت أن دور القوانين الانتخابية في تسهيل أو عرقلة مشاركة المرشحين المستقلين والمعارضين يستدعي اهتمامًا خاصًا.. وبينما يُفترض أن تُصمم القوانين الانتخابية لضمان نزاهة الانتخابات وحماية العملية الديمقراطية، فإن الشروط المتشددة قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
في حالة تونس، تشكل الشروط المتعلقة بالتزكيات والبطاقة عدد 3، التي تصدرها وزارة الداخلية لإثبات خلو السوابق العدلية، مثالًا واضحًا على ذلك هذه الشروط التي قد تستخدم بشكل غير عادل لإقصاء المرشحين المعارضين أو المستقلين، خاصة إذا كانت هناك ضغوط سياسية على الجهات المسؤولة عن إصدار هذه الوثائق.
وأردفت: تُعد البطاقة عدد 3 تحديًا إضافيًا لحرية الترشح، حيث يمكن أن تُستخدم كأداة لمنع بعض الأفراد من الترشح، خصوصًا في ظل وجود تقارير عن ضغوط تمارس على السلطات القضائية لمنع إصدار هذه الوثيقة لبعض المرشحين المعارضين، هذا الاستخدام الانتقائي للقوانين يعزز المخاوف من تسييس العملية الانتخابية ويضعف الثقة العامة في نزاهة الانتخابات.
وأتمت: بناءً على هذه المعطيات، يتضح أن حرية الترشح في تونس تواجه تحديات كبيرة تعرقلها الشروط التعسفية والممارسات الانتقائية… لضمان انتخابات نزيهة تعكس الإرادة الحقيقية للشعب، يجب على السلطات التونسية إعادة النظر في هذه الشروط وتطبيق القوانين بشكل عادل وشفاف، بعيدًا عن أي تأثيرات سياسية تهدف إلى إقصاء المنافسين.
مشددة على أن حقوق الإنسان في الترشح والانتخاب هي حجر الزاوية لأي ديمقراطية حقيقية، وأي انتهاك لهذه الحقوق يشكل تهديدًا للمسار الديمقراطي برمته.