مهسا أميني.. عامان على وفاة "شرارة الاحتجاجات".. هل أصبحت حقوق الإيرانيات حلم؟
مهسا أميني.. عامان على وفاة "شرارة الاحتجاجات".. هل أصبحت حقوق الإيرانيات حلم؟
بعد عامين من الانتفاضة.. قراءة في وضع المرأة الإيرانية بعد مهسا أميني
حقوقية: في ذكرى مهسا أميني، لماذا ما زالت المرأة الإيرانية تعاني تحت وطأة القوانين القمعية؟
أكاديمي: قوانين إيران الجديدة للنساء مجرد حبر على ورق
في لحظة من الانكسار والانتفاضات الكبرى، ارتفعت أصوات النساء الإيرانيات ضد قسوة النظام، بعدما انتهت حياة مهسا أميني، الشابة البالغة من العمر 22 عاماً، في سبتمبر 2022.
وفاة أميني، التي سببها التعذيب على يد "شرطة الأخلاق" الإيرانية بسبب عدم التزامها بقوانين الحجاب، أشعلت انتفاضة غير مسبوقة في تاريخ إيران الحديث، جاءت تلك الاحتجاجات كصرخة للحرية، وكنداءٍ جريءٍ للمساواة والعدالة.
ومع مرور عامين على تلك الأحداث الجسام، يبقى التساؤل الملح: هل تحقق التغيير المنشود في وضع المرأة الإيرانية، أم أن الأوضاع لم تتغير بشكل جوهري، بل ربما زادت سوءاً؟
منذ وفاة أميني، شهدت إيران سلسلة من الأحداث التي أدت إلى إعادة تقييم وضع المرأة، ولكن لا يزال هناك قلق عميق بشأن فاعلية هذه التغييرات، في هذه الفترة الانتقالية، فرضت الحكومة الإيرانية قيوداً أكثر صرامة في محاولة لكبح الاحتجاجات، وفي الوقت نفسه قدمت وعوداً بالإصلاحات التي لم تترجم دائماً إلى واقع ملموس.
في الأشهر التي تلت وفاة مهسا أميني، واصل النظام الإيراني قمع المعارضين، وقام باعتقالات واسعة شملت العديد من النشطاء والحقوقيين.
وفقاً لتقرير "منظمة العفو الدولية" الصادر مؤخراً، تم اعتقال أكثر من 800 ناشط حقوقي، من بينهم العديد من النساء، في إطار حملات القمع التي تلت الاحتجاجات.
هذه الحملة لم تقتصر على قمع المحتجين فحسب، بل شملت أيضاً استهداف النساء اللاتي شاركن في الاحتجاجات، وهو ما يعكس استمرار النظام في إتباع سياسات قمعية تجاه النساء.
رغم هذه الحملة القمعية، أظهرت النساء الإيرانيات شجاعةً ومرونةً، واستمررن في نضالهن من أجل حقوقهن.
لكن على الصعيد القانوني، لم تشهد المرأة الإيرانية تغييرات جذرية، بينما أعلنت الحكومة عن بعض التعديلات القانونية، مثل القوانين الجديدة التي تتعلق بالعمل والحقوق العائلية، فإن هذه التعديلات لم تكن كافية لمواجهة القضايا الهيكلية التي تؤثر على وضع النساء.
وفقاً لدراسة أجرتها جامعة طهران في يونيو 2024، لا تزال الفجوة بين الجنسين في سوق العمل قائمة، حيث لا تشكل النساء أكثر من 22% من القوى العاملة، وتظل نسبة النساء في المناصب العليا أقل من 15%.
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أيضاً تظل تحدياً كبيراً، على الرغم من تحسينات نسبية في مجال التعليم، حيث ارتفعت نسبة التحاق الفتيات بالمدارس الثانوية إلى 97%، إلا أن هذه الزيادة لم تؤدِ إلى توفير فرص متساوية في العمل أو الحياة السياسية.
تقارير منظمة "التربية والتعليم الدولية" تكشف أن الفجوة بين الجنسين في التعليم العالي ما زالت قائمة، حيث تشكل النساء نحو 30% فقط من الطلاب في البرامج العلمية والهندسية.
علاوة على ذلك، لا تزال القيود على الحريات الشخصية ثابتة؛ فقوانين الحجاب الإلزامي، التي تُعد أحد أبرز علامات القمع ضد النساء، لا تزال سارية وتفرض على النساء ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
وذكرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها الصادر في 2024 أن هذه القوانين قد زادت من تقييد حرية النساء، حيث يتعرض العديد منهن للتهديدات والاعتقالات بسبب مخالفة قوانين الحجاب.
وتُظهر التقارير حول العنف الأسري والتعنيف ضد النساء أن هذه المشكلات ما زالت تتفاقم، دراسة أجرتها منظمة "النساء ضد العنف" في أبريل 2024 أظهرت أن نحو 45% من النساء الإيرانيات يعانين من شكل من أشكال العنف الأسري.
هذه الأرقام تعكس ضعف فاعلية السياسات الحكومية في معالجة قضايا العنف ضد النساء، رغم التصريحات العلنية التي تدعو إلى تحسين وضع النساء وحمايتهن.
في الوقت ذاته، فإن التأثيرات النفسية لا يمكن تجاهلها؛ دراسة من جامعة شيراز في فبراير 2024 توضح أن العديد من النساء الإيرانيات اللاتي تعرضن للعنف أو التهديدات السياسية يعانين من مستويات مرتفعة من القلق والاكتئاب، يضيف التقرير أن النساء اللائي شاركن في الاحتجاجات أو تعرضن للضغوطات السياسية هن أكثر عرضة للتأثيرات النفسية السلبية، ما يشير إلى حاجة ملحة لتوفير دعم نفسي واجتماعي ملائم.
وعلى الرغم من الجهود الدولية لمطالبة الحكومة الإيرانية بتحسين وضع النساء، فإن الاستجابة كانت محدودة، التزام إيران بالإصلاحات القانونية استمر دون تحقيق نتائج ملموسة.
التقارير الصادرة عن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان" في مايو 2024 تسلط الضوء على أن العديد من التوصيات الدولية لم تُنفذ، وأن الحكومة الإيرانية قد تجاهلت الدعوات المستمرة لإصلاحات أعمق.
ويرى حقوقيون أن وضع المرأة الإيرانية بعد مرور عامين على وفاة مهسا أميني ما زال يعاني من تحديات كبيرة على الرغم من بعض التحسينات القانونية والمشاركة الاجتماعية، فالقضايا الرئيسية مثل القمع السياسي، والتمييز في سوق العمل، والانتهاكات الحقوقية ما زالت قائمة، وأن التغيير الحقيقي يتطلب إرادة سياسية قوية والتزاماً حقيقياً من قبل الحكومة الإيرانية، إلى جانب دعم المجتمع الدولي لضمان تحقيق الحقوق الأساسية للنساء.
تاريخ حقوق المرأة في إيران بين النضال والتغييرات السياسية
التاريخ الطويل لقضايا حقوق النساء في إيران يعكس التفاعل المستمر بين القوى السياسية والاجتماعية التي شكلت مسار حقوق المرأة عبر العصور.
قبل الثورة الإسلامية عام 1979، كانت إيران تشهد حقبة من التحديث الاجتماعي والسياسي، خاصة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، بدأت أولى الخطوات نحو تحسين حقوق المرأة في أوائل القرن العشرين، حيث لعبت النساء دوراً محورياً في الحركة الدستورية الإيرانية في أوائل القرن العشرين، وساهمن في النضال ضد الحكم المطلق ودفعن باتجاه التعليم والعمل.
في عام 1936، أصدر الشاه رضا بهلوي قراراً بحظر ارتداء الحجاب، وهي خطوة تعتبر جزءاً من سياسة التحديث القسري التي هدفت إلى "تحرير" النساء وجعلهن جزءاً من المجتمع الحديث؛ كما أسهمت قوانين أخرى في تحسين حقوق المرأة، مثل السماح لهن بالدراسة والعمل والمشاركة في الحياة السياسية.
في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانت حقوق النساء جزءاً من "الثورة البيضاء" التي أطلقها الشاه محمد رضا بهلوي، وقد تم منح النساء حق التصويت في الانتخابات في عام 1963، كما تم إدخال إصلاحات قانونية مثل "قانون حماية الأسرة" الذي صدر عام 1967 والذي أعطى المرأة حقوقاً أكبر في حالات الطلاق وحضانة الأطفال، ومع ذلك كانت هذه الإصلاحات تثير الجدل بين رجال الدين المحافظين وبعض شرائح المجتمع، الذين رأوا فيها محاولة لفرض الحداثة الغربية على المجتمع الإيراني.
لكن مع نجاح الثورة الإسلامية عام 1979، حدث تحول جذري في حقوق النساء، بعد الثورة، تم إلغاء العديد من الإصلاحات القانونية التي كانت تمنح النساء مزيداً من الحقوق.
فرض الحجاب الإجباري، وتم تقليص حقوق النساء في مجالات مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال والعمل، وتحولت إيران إلى دولة تعتمد على تفسير صارم للشريعة الإسلامية، وهو ما أثر بشدة على دور النساء في المجتمع.
ورغم ذلك، كانت هناك تحركات نسائية مستمرة لمقاومة هذه القيود، في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت النساء الإيرانيات بتنظيم أنفسهن من جديد للمطالبة بحقوقهن، وشهدت إيران حركة نسوية متنامية تسعى إلى استعادة بعض المكتسبات التي فقدتها بعد الثورة، لكن السلطات الإيرانية غالباً ما تعاملت مع هذه التحركات بقمع شديد، حيث تم اعتقال العديد من الناشطات والزج بهن في السجون.
لم تتوقف الأحداث الكبرى التي أثرت على حقوق النساء في إيران عند الثورة الإسلامية، على سبيل المثال، احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009 التي اندلعت بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل، أظهرت دور النساء في قيادة الاحتجاجات والمطالبة بالتغيير، ورغم أن الحركة قوبلت بقمع شديد، فإن النساء الإيرانيات أظهرن مراراً وتكراراً أنهن لن يتراجعن عن مطالبهن.
بمقارنة هذه الأحداث مع الوضع الحالي بعد وفاة مهسا أميني عام 2022، يمكن القول إن هناك بعض الدروس التي لم تؤخذ في الاعتبار بشكل كافٍ؛ والانتفاضات التي شهدتها إيران في أعقاب وفاة أميني أثبتت أن قضية حقوق النساء لا تزال مركزية في نضال المجتمع الإيراني من أجل الحرية والكرامة.
وعلى الرغم من وعود الحكومة بالإصلاح، فإن النساء ما زلن يعانين من قمع النظام وقيوده الصارمة، ما يشير إلى أن الإصلاحات القانونية والاجتماعية لم تصل بعد إلى مستوى التطلعات الشعبية.
إصلاحات محدودة وقمع مستمر
وبدورها، قالت الحقوقية الكويتية البارزة، مها البرجس، إن حجم هذه التغييرات وتأثيرها العملي يثير تساؤلات حول مدى جديتها وفاعليتها في تحسين أوضاع النساء، على صعيد الحقوق المدنية والسياسية للنساء، فقد أثارت الاحتجاجات مطالب بتوسيع الحريات الشخصية وحقوق النساء في الاختيار، خاصة في ما يتعلق بالحجاب الإجباري الذي فرضته السلطات الإيرانية لعقود.
وفي تصريحات لـ"جسور بوست" أكدت على أنه ورغم الضغط الشعبي الكبير والمطالب الدولية، فإن الحكومة الإيرانية لم تجرِ تعديلات جذرية على القوانين المتعلقة بفرض الحجاب، فما زالت النساء يتعرضن للعقوبات إذا ما خالفن هذه القوانين، ما يعد انتهاكاً صارخاً للحق في الحرية الشخصية والاختيار، وهو حق مكفول بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يضمن حرية الرأي والتعبير، في هذا السياق، لم تحقق الاحتجاجات تقدماً ملموساً في تخفيف القيود الصارمة على حريات النساء.
وأضافت: شهدت إيران بعد الاحتجاجات ضغطاً داخلياً ودولياً لتعديل القوانين لحماية النساء من العنف، فتم إدخال بعض الإصلاحات القانونية المتعلقة بالعنف الأسري، مثل تشديد العقوبات على مرتكبي العنف ضد النساء، ولكن التنفيذ العملي لهذه القوانين يظل دون المستوى المطلوب، وعدد الحالات التي يتم فيها تقديم الجناة إلى العدالة يظل محدوداً، وغالباً ما تواجه النساء صعوبات كبيرة في الوصول إلى العدالة بسبب البيروقراطية والتقاليد الاجتماعية التي تجعل من الصعب عليهن التبليغ عن الجرائم، هذا الوضع يتعارض مع المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، التي تطالب الدول الأعضاء بضمان حماية النساء من العنف في الحياة الخاصة والعامة.
وذكرت: في ما يتعلق بحقوق العمل فإن أوضاع النساء في سوق العمل الإيراني ما زالت تعاني من تمييز هيكلي، رغم أن بعض الإصلاحات سعت إلى تحسين ظروف العمل والمساواة في الأجور، إلا أن النساء لا يزلن يواجهن تحديات كبيرة في الحصول على فرص عمل متكافئة مع الرجال.
واسترسلت خبيرة حقوق الإنسان: معدلات مشاركة النساء في القوى العاملة ما زالت منخفضة مقارنة بالرجال، وتواجه النساء تحديات أكبر في الحصول على مناصب قيادية أو فرص ترقية، وتشير التقارير إلى أن النساء في إيران يشكلن أقل من 20% من القوى العاملة، وهذا يتناقض مع التزامات إيران بموجب اتفاقية منظمة العمل الدولية الخاصة بالمساواة في العمل (الاتفاقية رقم 100) التي تنص على حق الجميع في المساواة في الأجور والعمل بغض النظر عن الجنس.
وأوضحت: تظل هناك فجوة واضحة بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي على الأرض، فالتنفيذ المتساهل للقوانين المتعلقة بحماية النساء يؤدي إلى بقاء الانتهاكات بدون عقاب، ويضعف من قدرة النساء على الاستفادة من الإصلاحات القانونية، هذا يشير إلى أن السلطات الإيرانية لم تلتزم بشكل جدي بتطبيق القوانين بما يتوافق مع المعايير الدولية لحماية حقوق المرأة، فالتحدي الأساسي هنا يكمن في الفساد المؤسسي والتمييز الممنهج الذي يمنع النساء من الوصول إلى العدالة.
وأتمت: رغم أن الاحتجاجات أدت إلى بعض الإصلاحات القانونية المحدودة، فإن تلك الإصلاحات لم تترجم إلى تغييرات ملموسة وحقيقية في حياة النساء الإيرانيات، فما زالت القوانين القمعية قائمة، وما زالت النساء يواجهن قيوداً قانونية واجتماعية كبيرة تمنعهن من ممارسة حقوقهن الأساسية، ويجب على السلطات الإيرانية الالتزام بتعهداتها الدولية والعمل بجدية على تنفيذ الإصلاحات القانونية بما يضمن حماية حقوق النساء وتحقيق العدالة الاجتماعية.
إصلاحات حقوق المرأة في إيران.. بين الوعود والتحديات القانونية
وبدوره، قال الخبير القانوني والأكاديمي، مصطفى السعداوي، إن ما شهدته إيران مؤخراً من موجة الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات حقوقية وقانونية لحماية النساء، حبرٌ على ورق، فرغم بعض التعديلات التشريعية التي ركزت على قضايا العنف ضد النساء، حقوق العمل، وفرض الحجاب، فإن الواقع لا يعكس تحسناً جوهرياً في أوضاع المرأة الإيرانية، وتبقى الفجوات القانونية والتحديات التنفيذية حاضرة بقوة، ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية الإصلاحات المعلنة.
وتابع في تصريحاته لـ"جسور بوست": على صعيد قوانين العنف ضد النساء، أدخلت الحكومة بعض التعديلات التي تهدف إلى تشديد العقوبات ضد مرتكبي العنف الأسري وحماية النساء بشكل أفضل، ومع ذلك فإن هذه القوانين لم تصل إلى المستوى المطلوب، ولا تزال بعض أشكال العنف تُصنف كقضايا عائلية خاصة، ما يحد من التدخل القانوني الفعلي بالإضافة إلى ذلك، لا توفر القوانين الإيرانية حماية كافية للنساء من التحرش الجنسي في أماكن العمل أو في الأماكن العامة؛ ما يجعل البيئة الاجتماعية أكثر خطورة بالنسبة لهن.
وذكر الخبير القانوني أنه على الرغم من الإصلاحات التي تسعى إلى تعزيز المساواة في الأجور وحماية النساء من التمييز، فإن التطبيق على الأرض يظل بعيداً عن الطموحات، ومنظمة العمل الدولية تشير إلى أن النساء الإيرانيات يواجهن تمييزاً هيكلياً مستمراً، سواء في فرص العمل أو الترقية؛ ما يعرقل تحقيق العدالة الفعلية في سوق العمل، علاوة على ذلك تظل بعض القوانين المتعلقة بالعمل تُميز ضد المرأة، حيث تحصر فرص النساء في قطاعات معينة، ما يُقيّد مساهمتهن الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أن قوانين الحجاب الإلزامي تشكل إحدى القضايا المركزية في النقاش الحقوقي، ورغم الضغط الدولي والاحتجاجات الداخلية، ما زالت الحكومة الإيرانية تتمسك بفرض الحجاب كجزء من الهوية الثقافية والدينية، هذا الإلزام يتعارض بشكل واضح مع مبادئ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يكفل حرية الاختيار والمعتقد، ففرض الحجاب على النساء الإيرانيات لا يعكس فقط قمعاً اجتماعياً، بل أيضاً انتهاكاً لحقوقهن الأساسية في الحرية الشخصية.
وأشار سعداوي إلى أن النساء يواجهن تحديات كبيرة في الحصول على حماية قانونية فعالة، فعلى الرغم من وجود بعض القوانين التي تم تحديثها لحماية حقوقهن، فإن التنفيذ يظل مشكلة أساسية، وللارتقاء بحقوق المرأة في إيران يجب أن يتم إدخال إصلاحات جوهرية تُعالج الفجوات الحالية، وينبغي أن تكون القوانين المتعلقة بالعنف ضد المرأة أكثر شمولية وصرامة، بحيث تشمل جميع أشكال العنف بما في ذلك التحرش والتمييز، علاوة على ذلك ينبغي تعزيز دور المؤسسات القضائية في تطبيق القوانين ومراقبة تنفيذها بشكل فعال.
واستطرد: في ما يتعلق بالحجاب، يجب أن تتم إعادة النظر في هذا القانون بما يتماشى مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، وضمان أن تكون حرية الاختيار جزءاً لا يتجزأ من الحقوق المكفولة للنساء، فالمعضلة الكبرى تكمن في وجود نظام قانوني يتعارض في بعض جوانبه مع المعايير الدولية، ورغم أن إيران قد صادقت على العديد من الاتفاقيات الدولية، فإن تطبيق تلك المبادئ على الصعيد الداخلي لا يزال ضعيفاً، فالدستور الإيراني ينص على المساواة بين الرجال والنساء، إلا أن الواقع يظهر تبايناً كبيراً بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي، ما يجعل الإصلاحات غير كافية لتمكين المرأة الإيرانية من حقوقها بشكل كامل.
وأتم: يمكن القول إن التشريعات والإصلاحات التي تم إدخالها منذ وفاة مهسا أميني لم تحقق حتى الآن تقدماً ملموساً يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.. فلا تزال هناك حاجة ماسة لإصلاحات قانونية عميقة تشمل تعزيز المساواة بين الجنسين، وحماية حقوق المرأة من التمييز والعنف، وضمان حرية الاختيار… تحقيق هذا الهدف يتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني، مع مراقبة دولية فعالة لضمان أن حقوق المرأة في إيران ليست مجرد وعود فارغة، إنما واقع ملموس.