«جراح لا تلتئم».. نيويورك تايمز: النساء في دارفور يواجهن الجوع والاغتصاب الجماعي

«جراح لا تلتئم».. نيويورك تايمز: النساء في دارفور يواجهن الجوع والاغتصاب الجماعي

 

يعيش اللاجئون السودانيون الذين يعبرون النهر إلى تشاد أوقاتًا مأساوية، إذ يفرّون من مجاعة تلتهم وطنهم، بينما يواجهون تهديدًا آخر يُعَدّ من أقسى أشكال العنف هو الاغتصاب الجماعي، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”. 

ويُعَدّ هذا الاعتداء الجنسي بمثابة سلاح يُستخدم لإرهاب المجتمعات وتفكيكها، مما يُظهر الأبعاد الإنسانية والحقوقية التي تتجاوز الجوانب التقليدية للصراع.

تروي سعاد أروقود، التي تُعاني من فقدان ابنتها البالغة عامين بسبب سوء التغذية، كيف تعرضت لاعتداء وحشي على يد عناصر من قوات الدعم السريع. 

قالت سعاد لـ“نيويورك تايمز”، إنها في قريتها، شهدت عمليات اغتصاب علني لنساء وفتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و20 عامًا، مما يشير إلى أن العنف الجنسي يُستخدم كوسيلة لترهيب المواطنين، حيث يُلقّب الضحايا بألقاب عنصرية تُصوّرهم كـ"عبيد" بلا حقوق.

حرب الجوع والاغتصاب

تُشير سعاد إلى أن قوات الدعم السريع تعرقل عمليات الزراعة من خلال التهديد بالقتل أو الاغتصاب، مما يؤدي إلى نقص المواد الغذائية. 

تقول سعاد، إن الأطفال يُعانون من المجاعة، والنساء يُجبرن على ترك حقولهن خوفًا على حياتهن، مشيرة إلى أن هذه الدائرة الجهنمية تُظهر كيف أن العنف الجنسي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأزمات الإنسانية، مما يزيد من تعقيد مشهد الهجرة والمجاعة.

ووصفت العديد من النساء كيف هاجمت قوات الدعم السريع قريتهن واغتصبت العديد من جيرانهن، بينما نجحن أنفسهن بطريقة ما في الفرار، كانت الآلام في أصواتهن، وارتعاش أيديهن، والدموع في عيونهن تكذب روايات الهروب المعجزة.

الخوف من الوصم

وروت إحدى الأمهات الشابات التي وصلت لتوها من السودان إلى تشاد في البداية كيف تعرض قرويون آخرون للاغتصاب، لكنها نجت، وبعد المقابلة، خرجت من كوخها بعيدًا عن أختها وأطفالها لتتوسل طلبًا للمساعدة.. لقد تعرضت للاغتصاب في الواقع قبل ستة أيام وكانت تخشى الحمل.

وأوضحت أنها حملت طفلها على ظهرها لأنها اعتقدت أن هذا قد يكون حماية، فغالبًا ما تفضل العناصر المسلحة اغتصاب الفتيات الصغيرات والعذارى، لكنها قالت إن مسلحين يرتديان زي قوات الدعم السريع أمسكا بها وألقيا الطفل على الأرض، ثم اغتصبها أحدهما بينما كان طفلها يبكي.

وبعد ذلك، أخذت الطفل وهربت إلى تشاد، لكن هناك ثقافة من العار والصمت حول العنف الجنسي ولم تخبر أختها حتى، تحدثت فقط لأنها كانت يائسة ولم تكن تعرف كيف تجد المساعدة.. أخذتها إلى مستشفى محلي، حيث تمكن أحد الأطباء من مساعدتها.

سياسة العنف المتعمدة

تُظهر الروايات أن العنف الجنسي في السودان ليس مجرد نتيجة ثانوية للنزاع، بل هو سياسة ممنهجة تُستخدم لطرد الجماعات العرقية من أراضيها. 

تُشبه هذه الممارسات ما حدث خلال الإبادة الجماعية في دارفور قبل عقدين، حيث كان الاغتصاب يُستخدم كوسيلة للتطهير العرقي في المنطقة.

وتشير الأرقام إلى أن أكثر من مليوني سوداني فرّوا من بلادهم منذ بدء النزاع الأخير، مما يُعطي فكرة عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها السودان.

تحديات اجتماعية

على الرغم من الفظائع، تُواجه الناجيات من العنف الجنسي وصمة عار مجتمعية، فمعظم النساء اللاتي تعرضن للاعتداء لا يجدن الدعم اللازم، مما يزيد من عزلة الضحايا. 

في بعض الحالات، يُطلق الأزواج النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب، بينما يُمارس المجتمع ضغوطًا كبيرة على العائلات التي تُواجه هذا النوع من العنف، مما يُفاقم من الأزمات الاجتماعية والنفسية.

حلول الإنسانية وحقوقية

يُشير الخبراء إلى أن معالجة أزمة المجاعة والاغتصاب الجماعي تتطلب أكثر من مجرد توفير الغذاء والدواء، فيجب التركيز على إنهاء تدفق الأسلحة، وفرض اتفاقيات سلام فعّالة، ومحاسبة المعتدين على العنف الجنسي. 

يُعتبر دعم حقوق المرأة وحمايتها جزءًا أساسيًا من أي جهد إنساني، حيث يجب تعزيز القوانين التي تحمي النساء من الاعتداءات وضمان وصولهن إلى العدالة.

ويظهر الوضع في السودان بوضوح كيف أن الحروب الأهلية تُمزق النسيج الاجتماعي وتُنتج أزمات إنسانية معقدة، فالاغتصاب الجماعي ليس فقط جريمة ضد الأفراد، بل هو اعتداء على حقوق الإنسان الأساسية، ويتطلب استجابة شاملة من المجتمع الدولي لحماية الضحايا وتعزيز العدالة. 

ويؤكد الحقوقيون أن الناجين من هذه الكوارث يحتاجون إلى دعم ورعاية خاصة، بينما يجب على العالم ألا يتجاهل الآثار الإنسانية المروعة لهذه الأزمات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية