دراسة تكشف سر الفيضانات الكبرى وتقدم أدوات للتنبؤ بالمخاطر المستقبلية
دراسة تكشف سر الفيضانات الكبرى وتقدم أدوات للتنبؤ بالمخاطر المستقبلية
أجرى فريق من الباحثين بجامعة إنديانا الأمريكية دراسة رائدة تمكنت من فك لغز ظاهرة "انقطاع مجرى النهر"، وهي ظاهرة طبيعية خطيرة تحدث عندما يتغير مسار الأنهار بشكل مفاجئ، ما يؤدي إلى فيضانات مدمرة تهدد حياة الملايين حول العالم. وقد سلطت الدراسة، التي نشرتها مجلة Nature في عددها الأخير، الضوء على هذه الظاهرة التي أثرت على البشرية عبر التاريخ ولا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا للمجتمعات المعرضة للفيضانات.
تاريخ الفيضانات والانقطاعات المائية
تشير الدراسة إلى أن الانقطاعات المائية ساهمت في إحداث أكبر الفيضانات في التاريخ البشري، وتبقى تهديدًا مستمرًا للملايين اليوم.. على سبيل المثال، أدى انقطاع مجرى نهر كوسى في الهند عام 2008 إلى تهجير أكثر من 30 مليون شخص، وتسبب في خسائر مادية تجاوزت مليار دولار.
آلية انقطاعات مجرى النهر
قاد الدراسة الباحث جيمس جيرون، من قسم علوم الأرض والغلاف الجوي بجامعة إنديانا، وركزت على كيفية حدوث هذه الانقطاعات عندما يرتفع منسوب المياه في الأنهار بشكل مفاجئ، مما يدفعها إلى تغيير مسارها واختراق مناطق جديدة.. هذا التحول المفاجئ يتسبب في فيضانات كبيرة قد تدمر مساحات واسعة من الأراضي وتلحق أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية والممتلكات.
اكتشافات جديدة
من خلال استخدام تقنية الليدار المتقدمة لتحليل التضاريس، اكتشف الباحثون أن ارتفاع قاع النهر أو وجود مسار أكثر انحدارًا للمياه على جانبي النهر هما العاملان الرئيسيان وراء انقطاعات مجرى النهر. واستخدم الفريق بيانات الأقمار الصناعية لتحليل 174 حالة انقطاع نهري حول العالم، ووجدوا أن 74% من الحالات حدثت في مناطق قريبة من السلاسل الجبلية والمناطق الساحلية حيث تتراكم الرواسب.
أداة جديدة للتنبؤ بالمخاطر
طور الباحثون أداة جديدة تعتمد على بيانات الأقمار الصناعية لرسم خرائط "ممرات الانجراف"، وهي المسارات التي قد تسلكها الأنهار في حال انحرافها عن مجراها الطبيعي. هذه الأداة ستساعد الحكومات والمخططين في تحديد المناطق المعرضة لخطر الفيضانات المفاجئة واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة.
الأهمية للدول النامية
تكتسب هذه الدراسة أهمية خاصة في الدول النامية والمناطق الأقل تطورًا، حيث تكون الانقطاعات المائية أكثر تواترًا وفتكًا.. على سبيل المثال، أثرت الفيضانات الناجمة عن انقطاع مجرى نهر السند في باكستان عام 2010 على أكثر من 20 مليون شخص، ما يبرز مدى خطورة هذه الظاهرة في المناطق الضعيفة.
تحديات مستقبلية
على الرغم من الاكتشافات المهمة التي قدمتها هذه الدراسة، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه العلماء.. فالتغيرات المناخية تؤدي إلى زيادة تواتر الفيضانات، إضافة إلى توسع المدن في المناطق المعرضة لهذه الظواهر، مما يزيد من تعرض المجتمعات للخطر.
تتطلب مواجهة هذا التحدي تضافر جهود العلماء، والمهندسين، وصناع القرار لتطوير استراتيجيات أكثر فعالية للتنبؤ والتخفيف من الأضرار.
تشكل هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم أفضل لظاهرة انقطاعات مجرى النهر وتطوير أدوات أكثر دقة للتنبؤ بالمخاطر المرتبطة بها.
ومع ذلك، فإن التعامل مع هذا التحدي يتطلب تعاونًا عالميًا بين مختلف الجهات المعنية لتحسين استراتيجيات الوقاية وحماية المجتمعات المهددة بالفيضانات.