«لحمايتها من تغيرات المناخ».. قصور ألمانيا تحاول إنقاذ أشجارها المعمرة

«لحمايتها من تغيرات المناخ».. قصور ألمانيا تحاول إنقاذ أشجارها المعمرة

يعاني عدد كبير من الأشجار القديمة في ألمانيا أضراراً جسيمة بسبب التغير المناخي؛ ما دفع المتنزهات التاريخية إلى البحث عن حلول فعّالة لإعادة تأهيل غاباتها المتضررة.

في حديقة باد موسكاو، التي تقع في شرق ألمانيا، تُظهر الطبيعة إحدى قصبات الدردار التي تنمو داخل جذع شجرة معمرة، تُعتبر شاهدة على الزمان حيث يتجاوز عمرها المئة عام.. وقد تعرضت هذه الشجرة، التي كانت تُعاني من هجمات الطفيليات، إلى الانهيار أثناء عاصفة قوية، وفق وكالة "فرانس برس".

تُعد منطقة موسكاو واحدة من أكبر المناطق ذات المناظر الطبيعية في وسط أوروبا، وقد تم إدراجها ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، وهنا، تُعتمد طرق تقليدية ومستدامة تُعرف بـ"التجديد الطبيعي" لإعادة الحياة إلى الغابات.

أكثر مقاومة للتهديدات المختلفة 

يختار البستانيون بعناية أفضل البذور من الأشجار المستوطنة ليحلوا محل البذور القديمة دون استخدام التلاعب الجيني أو أي مساعدات خارجية. 

تقول يانا كريتشمر، البستانية ونائب مدير الحديقة، إن زرع قصبة الدردار في جذع عمره 150 عامًا يتيح لها الاستفادة من جذور الشجرة القديمة، ما يجعلها أكثر مقاومة للتهديدات المختلفة.

تواجه كريتشمر تحديات كبيرة تشمل نقص المياه، والجفاف، وتفشي الآفات، وهي تدرك تمامًا المخاطر التي تهدد الأشجار التي تعتبرها "رفاقًا قدامى". 

وتعبر عن إحباطها قائلة: "أشعر بالإحباط عندما أرى أننا نضطر كل عام إلى قطع المزيد من الأشجار".

جذور من بداية القرن التاسع عشر

تعود جذور العديد من النباتات في حديقة باد موسكاو إلى زمن الأمير هيرمان فون بوكلر موسكاو، الذي أنشأ هذا المتنزه في بداية القرن التاسع عشر على نمط المتنزهات الإنجليزية، والذي يتضمن قلعة والعديد من المباني الملحقة.

في العام الماضي، تم تسجيل فقدان 180 شجرة قديمة من نوع الزان والدردار والبلوط على مساحة تتجاوز 550 هكتارًا؛ ما أدى إلى تآكل المناظر الطبيعية وتدهور النظام البيئي. 

من خلال "التجديد الطبيعي"، تأمل الحديقة في إعادة الحياة إلى 99% من الأشجار المهددة بالزوال.

الطبيعة ترشدنا إلى الطريق 

يعتبر نقل الحمض النووي جزءًا من العملية، حيث يساعد الأشجار القديمة على تعليم الأشجار الجديدة كيفية التكيف مع المناخ المتغير بشكل متزايد. 

تؤكد كريتشمر: "الطبيعة ترشدنا إلى الطريق، وما على البشر إلا أن يفتحوا أعينهم".

ورغم إمكانية استيراد أنواع أجنبية أكثر مقاومة، فإن كورد بانينغ، مدير حديقة موسكاو، يحذر من أن ذلك لن يكون مستدامًا أو ذكيًا، مؤكدًا أن "التجديد الطبيعي" يوفر الأموال والمياه.

في باد موسكاو، تتعرض الأشجار لأضرار من نوعين من النباتات الغازية: فطر الصوفان وخنفساء اللحاء، التي تهاجم الأشجار من الداخل. 

تؤكد كريتشمر أنه "عادة، عندما تلاحظون ذلك، يكون قد فات أوان إنقاذ الشجرة".

تسبب نوبات الجفاف من عام 2018 إلى عام 2020 في إضعاف الأشجار المعمرة بشكل كبير. 

وفي ميونيخ، يُعاني قصر نيمفينبورغ من غزوات فطريات الفيتوفتورا التي تحرم الأشجار من الماء.

يُشير مايكل ديغل، مهندس المناظر الطبيعية في الحديقة، إلى أن "الأشجار تجد نفسها في حالة من الإجهاد الجاف، حتى في السنوات التي يكون فيها هطول الأمطار كافيًا".

مشاريع الإدارة المستدامة للأشجار

منذ عام 2018، يعتمد مشروع "الإدارة المستدامة للأشجار" في ميونيخ وباد موسكاو على أجهزة استشعار المياه وتقنيات التقليم الحديثة.

تقول فيرا فيسينغر، المهندسة من هيئة إدارة قصور بافاريا: "نحاول إنشاء نظام مستقر قدر الإمكان، يتكيف بشكل أفضل مع ندرة الحرارة والمياه".

منذ عام 2021، تتعاون باد موسكاو ونيمفينبورغ مع نحو عشر حدائق أخرى في مجموعة عمل مخصصة لتكييف المواقع مع تغير المناخ. 

وقد حذرت دراسة نُشرت في يونيو الماضي من "الاقتراب من الحدود القصوى" بسبب التغيرات المناخية.

استثمار على المدى الطويل

تشير الحسابات إلى أنه سيتعين استثمار ما بين 200 و250 مليون يورو على المدى الطويل لتكييف الحدائق التاريخية الرئيسية. 

وفي نهاية سبتمبر، خلال يوم وطني مخصص لتغير المناخ، ستنظم حديقة باد موسكاو جولة إرشادية لعرض الأضرار التي لحقت بالمتنزه، ما يتيح لـ"ينا كريتشمر" فرصة شرح أهمية الأشجار ككائنات حية معقدة، وليست مجرد قطع من الخشب.

تعتبر هذه الجهود خطوة مهمة نحو حماية التراث الطبيعي والثقافي لألمانيا، في وجه تحديات تغير المناخ المستمرة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية