بعد انهيار لبنان.. القطاع الصحي في الإنعاش والمجهودات الذاتية أمل مرضى السرطان

بعد انهيار لبنان.. القطاع الصحي في الإنعاش والمجهودات الذاتية أمل مرضى السرطان

 

"جسور بوست" تحاور رئيس جمعية بربارة نصار لمحاربة السرطان في لبنان

نعتمد على التبرعات.. والجمعية بعيدة عن الطائفية والسياسة

ساعدنا أكثر من 2275 مريضا من كل المناطق اللبنانية ومن مختلف الجنسيات المقيمة في لبنان

الوضع سيئ.. وننظم احتجاجات لمناصرة المرضى في معركة الدواء

 

انهارت الدولة ومعها القطاع الصحي بلبنان، وبقيت الجهود الذاتية وحدها على الجبهة تنعش قلب المصابين بالسرطان، منهم هاني نصار رئيس جمعية بربارة نصار، أسّستها زوجته بربارة عام 2014 قبل أيام من وفاتها لدعم مرضى السرطان البالغين في لبنان.

استطاعت الجمعية، في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم، مساعدة أكثر من 2275 مريضا، من جميع أنحاء لبنان، ومن مختلف الجنسيات المقيمة به، وتخوض الجمعية معركة شرسة لتوفير أدوية المصابين، بعد انقطاعها وسط أزمة دوائية تشهدها لبنان حاليًا.

وسجل لبنان بحسب تقرير نشره "المرصد العالمي للسرطان" المنبثق عن منظمة الصحة العالمية في مارس 2021 نحو 28,764 ألف إصابة بمرض السرطان خلال السنوات الخمس الأخيرة، بينهم 11600 حالة عام 2020.

وكانت "الوكالة الدولية لأبحاث السرطان"، التابعة لمنظمة الصحة العالمية أشارت عام 2018 إلى أن لبنان، احتل المرتبة الأولى بين دول غربي آسيا، بعدد الإصابات قياساً بعدد السكان، وأن هناك 242 مصابا بالسرطان، بين كل 100 ألف لبناني. 

ويقول مدير العناية الطبية في وزارة الصحة اللبنانية جوزيف الحلو، إن موازنة الوزارة كانت توازي 300 مليون دولار قبل الأزمة، تعادل الآن 20 مليون دولار بعد انهيار العملة.

"جسور بوست" حاورت هاني نصار للوقوف على الوضع الصحي لمصابي السرطان، وأهداف الجمعية وما تقدمه للمرضى في هذا التوقيت الحرج الذي يمر به لبنان. 

عن الجمعية وأهدافها

بنبرة قائد وسط المعركة، تحدث هاني نصار عن نشأة الجمعية وأهدافها قائلًا: “بداية لم نحصل على تمويلات من أي جهة، فقط نعتمد على التبرعات والمجهودات الذاتية، والجمعية بعيدة كل البعد عن الطائفية والسياسة بلبنان، ساعدنا حتى 2021 أكثر من 2275 مريضا، من جميع أنحاء لبنان ومختلف الجنسيات”.

وعن تدشين الجمعية أضاف: "انطلقت الجمعية بفضل شجاعة بربارة نصار وعزمها على تحدّي المرض ونشر التوعية حول المرض ومساعدة أخريات يعشن التجربة نفسها، فكانت مثالاً للإيجابية والشجاعة وشكّلت قدوة طوال مراحل المرض، كانت أمنية بربارة الكبرى تأسيس الجمعية لمساعدة المرضى وأهلهم مادياً ومعنوياً، وتأمين تكاليف الدواء والاستشفاء من خلال المساعدات والحملات لمساعدة المرضى في لبنان وتوعية اللبنانيين على أهمية الوقاية من المرض". 

ويستطرد: "كافحت بربارة نصار لتحقق هذا الحلم قبل وفاتها، وكانت قامت بجهود جبارة لتثبت للعالم معنى الشجاعة وقدرة الإنسان على تحدّي المرض، ورغم ظروف العلاج وحالتها الصعبة، قامت برحلة العلم اللبناني وجالت خلال 80 يوماً مختلف المناطق اللبنانية، لتجمع التواقيع على العلم وتقدّمه بعدها إلى رئيس الجمهورية، وحتى عندما أعلن الأطباء عدم جدوى العلاج، وأن أيامها باتت معدودة، أرسلت لهم رسالة من أعلى قمم لبنان على طريقتها الخاصة في تحدّي المرض، وبعد 5 سنوات من تشخيص المرض لديها، الذي كانت قد بدأ بسرطان في الثدي وانتشر في جسمها، وقبل أيام من وفاتها، حققت حلمها الأكبر وحصلت على علم وخبر للجمعية لدعم مرضى السرطان، ثم توفيت فيما لم تفارق الابتسامة يوماً ثغرها وحافظت على إيجابيتها طوال فترة مرضها".

وعن أهدف الجمعية قال هاني: “دعم مرضى السرطان وأهلهم مادياً ومعنوياً من خلال مساعدات وحملات، تحسين ظروف استشفاء مرضى السرطان، المساهمة في توفير الأموال لتأمين تكاليف العلاج والاستشفاء للمريض المحتاج، مطالبة الدولة بالحرص على إلزامية التشخيص المبكر، المساهمة في إقامة مشاريع بهدف تأمين الأموال اللازمة لتحقيق أهداف الجمعية”.

مهمة صعبة

لا وجع يفوق وجع مرضى السرطان في لبنان الذين لم يعودوا يواجهون “المرض الخبيث” فقط، ولكنهم يخوضون معركة وجودية لتأمين الأدوية وتكاليف العلاج ما يؤثر على وضعهم النفسي، ويجعل استجابتهم للعلاج -متى توفر- بطيئة أو صعبة للغاية. 

يقول نصار: "إن لبنان يشهد إصابة 18 ألف حالة بالسرطان سنوياً، والأزمة لم تعد بالأرقام والنسب المرتفعة للمرض، وإن تحديد أسبابها ووضع أسس للحل بات ترفاً في بلد غير قادر على تأمين الدواء والعلاج للمرضى، ما يؤدي لوفاة عدد كبير منهم في منازلهم، الدواء متوفر بالقطارة وليس لكل المرضى، كثيرون يتلقون العلاج لمدة شهر ولا يستطيعون تأمينه خلال شهرين، ما يؤثر على عملية شفائهم ويؤدي لوفاة البعض، كما أن البعض الآخر وفي حال حصل على أدويته فهو غير قادر على تغطية تكاليف المستشفيات، التي بات بعضها يبتز المرضى بعد أن لامست فواتيرها أرقاماً خيالية، ما يجعل المئات يلازمون منازلهم بانتظار الموت". 

وتابع: "تكاليف علاج خيالية، لبنان به 445 دواء سرطان مسجلاً، وبالتالي حين يتم الإعلان عن وصول شحنة أدوية، نحن لا نتحدث عن كامل هذه الكمية إنما عن كميات قليلة باتت توزع أحياناً في يوم واحد في وزارة الصحة، وهناك أدوية مقطوعة منذ أشهر ما حتم علينا البحث عن أدوية في دول كالهند، بحيث نسعى لتأمين التواصل بين المريض والشركات المصنعة للحصول على أدويته بأسعار معقولة مقارنة بأسعار الدول المصنعة أوروبياً، ولكن حتى هذه المبالغ التي قد تتراوح بين 200 و500 دولار شهرياً مقارنة بـ6 آلاف للدواء المصنع في دول أوروبا، قسم كبير من المرضى غير قادر على تأمينها". 

أكاديمية للدعم النفسي

أطلقت جمعية بربارة نصار "أكاديمية بربارة نصار لمرضى السرطان"، في إطار حملة "مانحي الأمل" التي انتشرت في 14 دولة، وتستهدف الأكاديمية مساعدة المرضى والعمل على تنشئتهم علميًا ومرافقتهم نفسيا، فمن خلاله يتحول المريض من مجرد شخص مصاب بالسرطان، إلى خبير في مرضه يمنح الأمل لكل محتاج في بيئته، فقد خلقت الجمعية، مجموعات عدة، ينضم إليها مرضى السرطان، بحسب نوع المرض لديهم، ومرحلة المرض والمستوى الثقافي للمريض.

 

احتجاجات إذا لزم الأمر

إلى جانب معالجة مرضى السرطان، فإنها تناصرهم بوقفات احتجاجية إذا لزم الأمر، يقول نصار: "نحن نقف بجوار المريض لئلا يكون بمفرده في معركته، كما أن النضال الفردي في مطالبة المرضى بالأدوية غير الموجودة كالموروفين غير مؤثر، ولذلك نلعب دورًا أساسيًا لإعادة استيراد الأدوية ونظمنا عدة احتجاجات".

ويتابع ليس لدينا رفاهية الشجب، الأزمة الاقتصادية أثرت بشكل كبير على المجال الصحي ومرضى السرطان، والدولة الآن لا تستطيع دعم المرضى وتوفير احتياجاتهم الصحية، مريض السرطان يتناول أدويته شهرا ولا يجدها لشهرين، بالطبع لن يعيش، وتكون بمثابة إبادة جماعية لمريض السرطان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية