الحقوقي نبيل عبد الحفيظ لـ«جسور بوست»: حرب اليمن قتلت 350 ألفاً والنساء أكثر المتضررين

الحوثيون لم يتركوا انتهاكا إلا ومارسوه

الحقوقي نبيل عبد الحفيظ لـ«جسور بوست»: حرب اليمن قتلت 350 ألفاً والنساء أكثر المتضررين
الحقوقي نبيل عبد الحفيظ

أجرى الحوار: سلمان إسماعيل

مع تجاوز حرب اليمن حاجز الـ10 سنوات، عانى المدنيون والفئات الهشة انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في الحياة، والعمل، والتنقل، وحرية الرأي والتعبير، فضلا عن انهيار منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتدهور الاقتصاد اليمني وتفشي الأمراض والأوبئة، بسبب الحرب التي لا تتوقف.

وحصدت الحرب في اليمن مئات آلاف الأرواح بسبب الاستخدام العشوائي للسلاح من قبل ميليشيات الحوثيين، فضلا عن زراعة مليونين ونصف المليون لغم، لم تتمكن الحكومة الشرعية إلا من انتزاع نحو 20% منها، فيما تبقى تهديد كبير لحياة اليمنيين، اليوم وفي المستقبل، وسط تعنت حوثي يتهرب من أي التزامات واتفاقات جرت مع حكومة عدن.

وحل اليمن في المرتبة الأولى من حيث عدد الوفيات بين النساء الحوامل وحديثي الولادة، فضلا عن اضطرار المرأة اليمنية للعمل لتوفير قوت الأسرة بسبب مقتل الرجال في الحرب، وما لذلك من أثر مباشر على ظاهرة تسرب الفتيات من التعليم.

وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية نبيل عبد الحفيظ، تحدث إلى "جسور بوست" حول الآثار المدمرة لحرب اليمن على التمتع بحقوق الإنسان، وفتح جبهة مواجهة مع إسرائيل فيما تسميه سلطات الأمر الواقع في صنعاء بـ«جبهة إسناد» للمقاومة الفلسطينية، بشكل أثار جنون إسرائيل ودفعها لقصف ميناء الحديدة ومحيطه، وسط مخاوف من عدوان إسرائيلي على مناطق أخرى من اليمن.

وإلى نص الحوار:

كيف أثرت الحرب في اليمن على أوضاع حقوق الإنسان؟

بالتأكيد كان للحرب تأثير كبير على الأوضاع في اليمن واليمنيين، وعلى أوضاع حقوق الإنسان، فالحوثيون لم يتركوا انتهاكا إلا ومارسوه بأبشع الأشكال والأساليب والوسائل التي توفرت لديهم، ابتداء بحق الحياة الذي انتهك باستهداف المدنيين بشكل مباشر، وضرب الأحياء السكنية والقرى وغيرها، بالإضافة إلى عمليات القنص المستمرة وزراعة الألغام التي تخطت مليونين ونصف المليون لغم، زرعوها على الأرض، وما استطعنا إخراجه منها خلال السنوات العشر الماضية يقارب النصف مليون فقط.

ولماذا يعمد الحوثي إلى تفخيخ الأرض بالألغام؟

لدينا كما قلت أكثر من مليوني لغم تهدد الحياة اليمن، وهناك نحو 350 ألف إنسان قضوا في هذه الحرب، بسبب الاستخدام العشوائي للأسلحة من قبل الميليشيات الحوثية التي جرت البلاد إلى هذا المستنقع الخطير والذي أثر على عقد كامل من الزمان في اليمن وستنعكس آثاره أيضا على سنوات مقبلة إذا لم نستطع وقف الحرب بشكل أو بآخر.

وما تقييمك لوضعية حقوق المرأة اليمنية؟

المرأة اليمنية نالت قسطا كبيرا من الانتهاكات، وتعيش المعاناة بسبب الحرب، ففي كثير من الأحيان تحولت إلى العائل الوحيد للأسرة، بعد فقد الأب أو الابن أو الزوج أو العائل من الذكور للأسرة، بالإضافة إلى أننا نعاني من وجود أربعة ملايين ونصف مليون شخص من النازحين داخليا، الذين تنقلوا في مناطق عدة؛ هاربين من ويلات الحرب، وأغلبية هؤلاء من النساء والأطفال، كما أدت الحرب لتسرب عدد كبير من الفتيات من التعليم بنسبة تفوق نسبة الذكور، وهناك كارثة كبيرة أيضا من تداعيات الوضع الذي يعيشه اليمن تتمثل في ارتفاع نسبة الوفيات بين النساء الحوامل، أو حديثات الولادة، حتى أصبحنا في المرتبة الأولى عالميا في وفيات النساء الحوامل أو في أيام الولادة الأولى.

في ظل التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة.. هل تتوقع أن ينتقل العدوان إلى اليمن كما حدث في لبنان؟

بكل تأكيد، بعد ما قامت به قوات الاحتلال في جنوب لبنان يجعلها تعيش غرور القوة، والذي يشجعها على إبراز العضلات واستعراض القوة عبر تكرار استهداف اليمن من جديد، وهي مشاهد لن يكون الخاسر فيها إلا المواطن اليمني الذي لم يشعر أنه حقق شيئا ضد إسرائيل، رغم الاستعداد لتقديم التضحيات في سبيل القضية الفلسطينية. والجميع متفق على أن الأضرار التي تطول اليمن جراء التحركات الحوثية أكبر بكثير من إلحاق أي ضرر ولو بسيط بالعدو الإسرائيلي.

وهل تعتقد أن ما يقوم به الحوثيون يمثل دعما للمقاومة الفلسطينية في غزة؟

اعتادت إسرائيل القيام بأعمال عدوانية وحشية في محيطها، من وجهة نظر استراتيجية تريد من خلالها إيجاد مساحة كبيرة من الأمان، وما تقوم به الميليشيات الحوثية مجرد لعب دور بالنيابة عن إيران، فالخبراء والأسلحة والتخطيط لشن عمليات ضد دولة الاحتلال أو العمليات التي نراها في البحر الأحمر كلها بأصابع إيرانية، والحوثيون مجرد غطاء يتحدث فقط للرأي العام اليمني والعربي.

هناك من يقول إن الحرب في غزة وحّدت اليمنيين ضد عدو مشترك.. ما رأيك؟

القضية الفلسطينية قضية يتفق فيها اليمنيون بشكل غير عادي، سواء سابقا أو لاحقا، ولا توجد قضية توحد اليمنيين أكثر من قضية فلسطين التي يتفق حولها الكبير والصغير، والشعب والمسؤولون، ولكن لا يمكن القول إنها وحدت اليمنيين اليوم، لأنها دائما مسار اتفاق كل المجموع اليمني.

وما الذي حققته الصواريخ التي يطلقها الحوثيون تجاه إسرائيل؟

لا يوجد هدف واحد تم تدميره، ولم يسقط أي عنصر إسرائيلي قتيلا بسبب هذه العمليات، وهذا يحيلنا إلى القول بأن ما يفعله الحوثي فقاعة كبيرة لم تحقق شيئا، ومع ذلك اعتبرت تل أبيب وصول الصواريخ ذريعة لحق الرد المزعوم الذي يخول لها قصف ميناء الحديدة واستهداف المواقع اليمنية.

وبينما نتحدث الآن، هناك ضربات إسرائيلية لميناء الحديدة، واستهداف لمحطة كهرباء الحديدة، وهذا ينذرنا بأن الأيام القليلة المقبلة ربما تشهد تكثيف هذه الضربات الإسرائيلية على مناطق أخرى من اليمن.

بالعودة للحديث عن اليمن.. ما تقييمك لتفاعل الحكومة اليمنية مع آليات الأمم المتحدة ذات الصلة بحقوق الإنسان؟

انتظم اليمن بشكل كبير في تقديم التقارير الخاصة بالأمم المتحدة، فخلال الفترة الماضية قدمت وزارة حقوق الإنسان ومعها اللجنة الفنية الحكومية لإعداد التقارير الحقوقية، جملة كبيرة من التقارير؛ منها التقرير الخاص بالاستعراض الدوري الشامل قبل أشهر، بالإضافة إلى التقرير الثابت للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأيضا تقديم الردود على عدد كبير من المقررين الخواص، وتقديم التقارير الفصلية والسنوية إلى لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن، وهي حالة مستمرة من تقديم التقارير، بالإضافة إلى التقارير المقدمة إلى جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، رغم ضغوط الحرب.

وهل تضطلع بعثة الأمم المتحدة لليمن بالدور المنوط بها؟

بعثة الأمم المتحدة لليمن تتعامل بأسلوب هادئ ولغة رمادية، منذ أيام مارتن جريفيث وحتى خلال فترة المبعوث الحالي هانس غروندبرغ، ويستخدم المبعوث الأممي لغة غير متناسبة مع تعنت الحوثيين الذين يغالون في مطالبهم خلال أي عملية تفاوضية، ولا ينفذون جانبهم من أي اتفاق، والسؤال هنا: ما الذي التزم به الحوثيون من لقاءات جنيف الثلاثة، ولقاءات الكويت، وصولا إلى اتفاق ستوكهولم، يجب على المبعوث الأممي أن يجيب عن هذه التساؤلات التي تشغل كل اليمنيين والمتابعين للشأن اليمني.

وما السبيل إلى إنهاء الحرب في اليمن؟

الحكومة اليمنية أعلنت أكثر من مرة أننا نتفق تماما على أن التفاوض الجاد لإنهاء الحرب وفق المرجعيات الثلاث لإنهاء الانقلاب هو السبيل الأساسي لإنهاء الحرب، ولا نزال نقول إن هذه المرجعيات وهذا الاتفاق هو المخرج الوحيد إلى السلام، ونحن لا نريد الحرب، وبالتالي إذا تحول الحوثيون إلى حزب سياسي يخوض الانتخابات مثله مثل باقي الأحزاب، ويحترم نتائجها، فإن الحرب ستتوقف، والشعب هو من سيختار من يقود البلاد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية