«10 سنوات من هيمنة الحوثي».. مأساة اليمن تتفاقم ولا بوادر لحل الأزمة

«10 سنوات من هيمنة الحوثي».. مأساة اليمن تتفاقم ولا بوادر لحل الأزمة

عقد كامل مرّ منذ سيطرة ميليشيات الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014، وهي السيطرة التي شكلت بداية لتحولات كبرى في المشهد اليمني، سواء من الناحية السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية.

في هذا السياق، يمكن قراءة عشر سنوات من هيمنة ميليشيات الحوثيين على العاصمة اليمنية كمأساة متعددة الأبعاد، إذ لم تنحصر التداعيات في الداخل اليمني، بل تعدته لتأخذ طابعًا إقليميًا، مع تعقيدات الصراع بين القوى الدولية المؤثرة في الملف اليمني. 

وضمن هذه التحولات، نرصد في هذا التقرير بعضًا من الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية، مسلطين الضوء على الصعوبات الاقتصادية، والاعتقالات والانتهاكات الحقوقية، معتمدين في تحليلنا على البيانات والتقارير المتاحة.

تدهور كارثي للاقتصاد

على الصعيد الاقتصادي، يمكن القول إن السنوات العشر الماضية كانت الأكثر دمارًا للاقتصاد اليمني في تاريخه الحديث. 

فمنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء، شهد الاقتصاد اليمني تراجعًا غير مسبوق، مع تزايد مستويات الفقر والبطالة بشكل كبير، ووفقًا لتقارير البنك الدولي، فإن نسبة الفقر في اليمن قد ارتفعت لتصل إلى نحو 80% بحلول عام 2022، مقارنة بنسبة 49% في عام 2014. 

يعزى هذا التدهور إلى عدة عوامل، من أبرزها توقف دفع الرواتب في القطاع العام بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في 2016، فضلًا عن الحصار الاقتصادي المفروض من التحالف العربي بقيادة السعودية.

بحسب بيانات الأمم المتحدة، فإن نحو 24 مليون يمني (أكثر من ثلثي السكان) يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وهو ما يعكس مدى الانهيار الذي أصاب الاقتصاد المحلي. 

ويُقدّر البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي لليمن قد انكمش بنسبة تتجاوز 50% منذ بداية الصراع، حيث تحول الاقتصاد إلى حالة من الاعتماد الكامل على الواردات، مع توقف شبه كامل للإنتاج المحلي بسبب تدمير البنية التحتية وتردي الأوضاع الأمنية.

وشهدت العملة الوطنية انهيارًا دراميًا، حيث انخفض الريال اليمني من 215 ريالًا مقابل الدولار في عام 2014 إلى ما يزيد على 1,000 ريال للدولار الواحد بحلول 2022، هذا الانهيار تسبب في ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، ما جعل القدرة الشرائية للمواطنين تتلاشى بشكل شبه كامل، الأمر الذي زاد من تفاقم أزمة الغذاء. 

وتشير تقارير برنامج الغذاء العالمي إلى أن 16.2 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مع تحذيرات من أن اليمن يواجه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".

انهيار الخدمات الأساسية والبنية التحتية

الانهيار الاقتصادي لم يكن منفصلًا عن التدهور الكلي للخدمات الأساسية، التعليم والصحة كانا من القطاعات الأكثر تضررًا. فوفقًا لتقديرات اليونيسف، فإن أكثر من مليوني طفل يمني خارج المدارس بسبب الحرب، إما لأن مدارسهم تعرضت للقصف أو تم تحويلها إلى مراكز عسكرية. 

أما القطاع الصحي، فقد أُنهك بفعل تدمير المستشفيات ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، في وقت تعاني فيه البلاد من تفشي أوبئة خطيرة مثل الكوليرا، حيث سجلت منظمة الصحة العالمية أكثر من مليون حالة إصابة بالكوليرا منذ عام 2017 إضافة إلى ذلك، تسببت الحرب في تفشي أمراض أخرى كالدفتيريا وحمى الضنك، في ظل انهيار شبه كامل لنظام الرعاية الصحية.

وعلى صعيد البنية التحتية، أدت الحرب إلى تدمير واسع للطرق والمطارات والموانئ، ما زاد من عزلة اليمن وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية، تقرير صادر عن الأمم المتحدة أشار إلى أن نحو 70% من البنية التحتية في اليمن تعرضت لأضرار مباشرة أو غير مباشرة جراء الصراع، وأن إعادة بناء ما دُمر يحتاج لعشرات المليارات من الدولارات.

اعتقالات وانتهاكات حقوقية

وشكل الجانب الأمني والحقوقي أحد أعمدة الأزمة اليمنية في ظل سيطرة الحوثيين، فبحسب تقارير منظمات حقوقية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"، نفذت ميليشيات الحوثي خلال السنوات العشر الماضية حملات واسعة من الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري ضد المعارضين السياسيين والنشطاء المدنيين والصحفيين، وتشير التقارير إلى أن الآلاف من المعتقلين السياسيين يقبعون في سجون الحوثيين دون محاكمة، في ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية.

وتُقدر "رابطة أمهات المختطفين" وهي منظمة حقوقية محلية، أن الحوثيين يحتجزون نحو 1,800 مختطف في سجون سرية وغير رسمية، حيث يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة. 

وقد وثقت تقارير محلية ودولية انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، بما في ذلك استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات، وأحيانًا الإعدام خارج إطار القانون، في عام 2021، أعدمت جماعة الحوثي تسعة أشخاص علنًا بتهم تتعلق بالتجسس والتآمر مع التحالف العربي، في خطوة أثارت انتقادات دولية واسعة.

إلى جانب الاعتقالات التعسفية، فإن الحوثيين استهدفوا حرية التعبير بشكل منهجي، وفقًا لنقابة الصحفيين اليمنيين، تم توثيق عشرات الحالات من الاعتقالات والاعتداءات على الصحفيين، مع إغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية أو السيطرة عليها من قبل الحوثيين. 

فمنذ سيطرة الجماعة على صنعاء، تم قمع أي صوت معارض، حيث أصبحت وسائل الإعلام تحت رقابة صارمة، في حين جرى اعتقال أو ترهيب الصحفيين الذين حاولوا تغطية الوضع الإنساني أو توجيه انتقادات للحكومة الحوثية.

التجنيد القسري للأطفال

إحدى أكثر الجرائم المثيرة للجدل في ظل سيطرة ميليشيات الحوثيين هي تجنيد الأطفال للقتال في صفوفهم ضد القوات الحكومية.

ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في 2022، تم تجنيد نحو 10,000 طفل يمني من قبل الحوثيين منذ بداية الصراع، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية التي تمنع استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة هؤلاء الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عامًا، غالبًا ما يتم إرسالهم إلى خطوط المواجهة الأمامية، حيث يتعرضون لخطر الموت أو الإصابة.

هذا التجنيد القسري لا يُعتبر مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل هو عامل يسهم في استمرار دورة العنف في اليمن، حيث ينشأ جيل جديد من الشباب المتأثرين بالعنف والذين قد لا يجدون خيارًا آخر سوى القتال. 

وتشير التقارير إلى أن الحوثيين يعتمدون بشكل كبير على المدارس والمساجد لتجنيد الأطفال، مستخدمين الخطاب الديني والوطني لتبرير زجهم في الحرب.

الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع

الحرب في اليمن لم تعد مجرد نزاع داخلي، بل أخذت أبعادًا إقليمية ودولية معقدة، خاصة مع تدخل التحالف العربي من جهة، والدعم الإيراني المتزايد للحوثيين من جهة أخرى. هذا التداخل جعل الصراع اليمني أشبه بحرب بالوكالة بين القوى الإقليمية، وقد أثر هذا على مسار المفاوضات السياسية، حيث لم تنجح حتى الآن جميع الجهود الأممية والدولية في التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تنهي الحرب.

وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام 2021، فإن الحرب في اليمن أسفرت عن مقتل أكثر من 233,000 شخص، بينهم 131,000 نتيجة لأسباب غير مباشرة مثل الجوع ونقص الخدمات الصحية، هذه الأرقام تضع اليمن في مصاف أكثر النزاعات دموية وتعقيدًا في العالم.

عشر سنوات من سيطرة الحوثيين على صنعاء كانت مليئة بالمآسي الاقتصادية والإنسانية؛ تدهور الاقتصاد، انتشار الفقر، الاعتقالات والانتهاكات الحقوقية المستمرة، فضلًا عن التداعيات الإقليمية والدولية للصراع، كلها عوامل جعلت اليمن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العصر الحديث.

في ظل غياب أي حلول سياسية فعّالة في الأفق، يبقى السؤال مفتوحًا: إلى متى سيستمر هذا النزيف؟

تاريخ ميليشيات الحوثيين

ميليشيات الحوثيين، أو كما يُعرفون أنفسهم بجماعة "أنصار الله"، هي حركة سياسية ودينية تنتمي إلى الطائفة الزيدية، التي تشكل أحد فروع الإسلام الشيعي وتتركز أساسًا في شمال اليمن، خاصة في محافظة صعدة. 

جذور الحوثيين تعود إلى سلالة "آل الحوثي"، وهي عائلة دينية معروفة في المنطقة، حيث لعبت دورًا بارزًا في نشر الفكر الزيدي، ويعود الاسم إلى مؤسس الحركة حسين بدر الدين الحوثي، الذي بدأ نشاطه السياسي والديني في التسعينيات.

نشأت جماعة الحوثيين كرد فعل على التهميش السياسي والاقتصادي الذي كان يعاني منه الزيديون في شمال اليمن بعد فترة طويلة من حكم الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، الذي قاد البلاد منذ توحيد الشطرين الشمالي والجنوبي في عام 1990. 

حسين الحوثي، الذي كان يعتنق رؤية مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، أسس الحركة على أسس رفض النفوذ الأجنبي والمطالبة بالعدالة الاجتماعية، في عام 2004، قُتل حسين الحوثي في مواجهة مع القوات الحكومية، مما أدى إلى تصاعد الصراع بين الجماعة والحكومة اليمنية.

بعد وفاة حسين، تولى شقيقه عبدالملك الحوثي قيادة الحركة ومنذ ذلك الحين، دخل الحوثيون في سلسلة من الحروب مع الحكومة اليمنية، والمعروفة باسم "حروب صعدة"، والتي استمرت حتى 2010، ورغم هذه المواجهات الدامية، تمكن الحوثيون من تعزيز نفوذهم وتوسيع مناطق سيطرتهم في شمال اليمن.

الفراغ السياسي الذي أعقب ثورة 2011 في اليمن، والذي أدى إلى إطاحة علي عبدالله صالح، وفر فرصة للحوثيين لتوسيع نفوذهم بشكل أكبر، وبينما كانت البلاد تعيش في حالة من الفوضى والانقسامات السياسية، تحالف الحوثيون مع الرئيس المخلوع صالح، واستغلوا هذا التحالف في السيطرة على صنعاء في سبتمبر 2014، هذه السيطرة مثلت تحولًا حاسمًا في مسار اليمن، حيث تمكنت الجماعة من فرض نفوذها على الحكومة المركزية.

بدءًا من عام 2015، وبعد التدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية، انخرط الحوثيون في حرب إقليمية بالوكالة، حيث تدعمهم إيران في مواجهة التحالف العربي الذي يسعى لإعادة الحكومة المعترف بها دوليًا، ورغم الحصار والمواجهات العسكرية المستمرة، تمكن الحوثيون من الحفاظ على قبضتهم في شمال اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء، ما أدخل البلاد في نزاع طويل الأمد تسبب في أزمة إنسانية كبرى.

السيطرة الحوثية على أجزاء واسعة من اليمن لم تكن مجرد انتصار عسكري، بل أعادت تشكيل الخريطة السياسية والديموغرافية للبلاد، حيث تمكنت الجماعة من ترسيخ وجودها كقوة سياسية وعسكرية رئيسية، وهو ما جعل الصراع في اليمن يمتد لأكثر من عقد من الزمان، دون أن تلوح في الأفق حلول سياسية تنهي هذا النزاع.

تدهور شامل

وفي السياق قال الناشط الحقوقي اليمني، نجيب حميد، إن حصيلة عشر سنوات من سيطرة الحوثيين على صنعاء تبرز مجموعة واسعة من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، حيث تتقاطع الأزمة الإنسانية مع الانتهاكات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا الوضع المستمر يعكس تدهورًا شاملًا في التمتع بالحقوق الأساسية التي نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بدءًا من الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، التي أصبحت مهددة بشكل منهجي نتيجة سياسات الحوثيين وممارساتهم على الأرض.

وتابع حميد، في تصريحاته لـ"جسور بوست": الصعوبات الاقتصادية التي عانى منها الشعب لدينا خلال العقد الماضي تعكس انتهاكًا مباشرًا للحق في مستوى معيشي لائق، والذي يشمل الحق في الغذاء والماء والصحة والتعليم، وفقًا للمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكل شخص الحق في حياة كريمة توفر له ولأسرته الأساسيات الضرورية، إلا أن سيطرة الحوثيين على صنعاء واقتصاد البلاد ساهمت في تدهور شديد للوضع الاقتصادي.

واسترسل: الانهيار الاقتصادي في ظل حكم الحوثيين لم يكن نتيجة لعوامل طبيعية فقط، بل هو أيضًا نتيجة للسياسات الاقتصادية المتبعة من قبل الجماعة، وتعطيل الرواتب في القطاع العام منذ عام 2016، وتوجيه الموارد الوطنية نحو المجهود الحربي الذي أدى إلى حرمان الملايين من موظفي الدولة من دخلهم الأساسي، وهذا الوضع يشكل انتهاكًا للحق في العمل والحصول على أجر عادل، كما هو منصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وذكر أن الاعتقالات التعسفية التي نفذتها جماعة الحوثي تمثل انتهاكًا صارخًا للحق في الحرية والأمن الشخصي، وعلى مدار العقد الماضي نفذت الجماعة حملات واسعة من الاعتقالات، استهدفت المعارضين السياسيين والنشطاء والصحفيين، حيث تعرض العديد منهم للتعذيب وسوء المعاملة، وتم احتجازهم في ظروف غير إنسانية، وهذه الممارسات تُعد انتهاكًا لمبدأ عدم الإخضاع للتعذيب أو المعاملة القاسية، كما نصت عليه المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وأوضح نجيب: إلى جانب ذلك، حرية التعبير التي تشكل حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي، تم تقويضها بشكل كبير منذ سيطرة الحوثيين، فأغلقت العديد من وسائل الإعلام المستقلة وتم التضييق على الصحفيين، حيث يواجهون الاعتقال أو الترهيب إذا تجرؤوا على انتقاد الجماعة أو سياساتها، هذا التضييق على الحريات الإعلامية يعد انتهاكًا للحق في حرية التعبير والرأي.

وفي ما يخص الانتهاكات الحقوقية الأكثر حدة، قال إن تجنيد الأطفال في النزاع المسلح يُعد واحدًا من أبرز الجرائم التي تُرتكب في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، فتقارير الأمم المتحدة تشير إلى تجنيد آلاف الأطفال، وهو انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، وخاصة البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وهؤلاء الأطفال يُجبرون على ترك المدارس والانخراط في القتال، ما يحرمهم من حقهم في التعليم ويعرضهم لمخاطر نفسية وجسدية كبيرة.

وأتم: ما نراه بعد عشر سنوات من سيطرة الحوثيين على صنعاء هو وضع إنساني وحقوقي مأساوي، يتمثل في تدهور الاقتصاد، وتفشي الفقر، وتزايد الاعتقالات التعسفية، وتقويض الحريات الأساسية، استمرار هذه الانتهاكات دون تدخل فعال من المجتمع الدولي يعمّق معاناة اليمنيين، ويخلق جيلًا محاصرًا بالعنف والفقر والتهميش، ما يجعل التمتع بحقوق الإنسان في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون أمرًا بعيد المنال.

أسوأ فترات اليمن 

وفي السياق ذاته، قال وكيل وزارة الصحة اليمني السابق، أحمد الكمال عبدالقادر، إنه ومنذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014، واليمن يعيش واحدة من أسوأ فتراته التاريخية، هذه السيطرة لم تكن مجرد تغيير في النظام السياسي، بل كانت بداية لانهيار شامل على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية؛ فاليمن، الذي كان يعاني بالفعل من مشكلات عديدة قبل هذه الأحداث، دخل في نفق مظلم بات من الصعب رؤية نهايته، مع تفاقم الأزمات بشكل متسارع وانتشار الفقر والمعاناة بين السكان.

وتابع عبدالقادر، في تصريحاته لـ"جسور بوست": تصاعدت وتيرة الانتهاكات الحقوقية بشكل غير مسبوق فالاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وعمليات التعذيب أصبحت ممارسات شائعة تستخدم لترهيب المعارضين وكتم الأصوات، فالمواطن اليمني في ظل حكم الحوثيين يعيش حالة من الخوف الدائم، حيث لا يمكنه التعبير عن رأيه بحرية دون الخوف من التعرض للاعتقال أو الترهيب، والصحفيون والنشطاء السياسيون هم الأكثر عرضة للاستهداف، حيث يواجهون الاعتقال أو الاختفاء إذا ما حاولوا تسليط الضوء على الانتهاكات أو انتقاد سياسات الجماعة.

وأشار إلى أن هذا القمع المنهجي أدى إلى تدمير الحياة السياسية في البلاد، وأي أمل في بناء نظام سياسي تعددي يضم كل الأطراف أصبح مستبعدًا في ظل غياب الحوار وتفضيل الحوثيين لسياسة الإقصاء والتخوين الحوار السياسي الذي يمكن أن يقود إلى حلول سلمية تم تهميشه تمامًا، ما أدى إلى تعميق الفجوة بين الأطراف المختلفة وتعقيد الأزمة أكثر.

وتابع: يتجلى واحد من أبرز الانتهاكات في تجنيد الأطفال، حيث يتم استغلال الأطفال كجنود في الصراع، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان واتفاقيات حماية الطفل.. وهؤلاء الأطفال يُجبرون على ترك مدارسهم والانخراط في الحرب؛ ما يحرمهم من حقهم في التعليم والحياة الطبيعية، ويضعهم في مواجهة مخاطر جسدية ونفسية هائلة، وحصيلة عشر سنوات من حكم الحوثيين هي فشل كامل على كل المستويات، فاليمن بات دولة منهارة، حيث يعاني المواطنون من الفقر، والقمع، وانعدام الأمان.

وأتم: سياسات الحوثيين التي تركز على تحقيق مصالح ضيقة على حساب مصالح الشعب اليمني حوّلت البلاد إلى ساحة حرب دائمة، وأدت إلى تدمير النسيج الاجتماعي، ما يجعل استعادة الاستقرار أمرًا في غاية الصعوبة، فاليمنيون اليوم محاصرون بين الفقر والحرب، وهم ضحايا لصراع طويل الأمد لا يبدو أنه سينتهي قريبًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية