«مخاوف وانتقادات».. فايننشيال تايمز: تأجيل أوروبا لقواعد حماية الغابات يثير قلق نشطاء البيئة
«مخاوف وانتقادات».. فايننشيال تايمز: تأجيل أوروبا لقواعد حماية الغابات يثير قلق نشطاء البيئة
أعلنت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، عن نيتها تأجيل تنفيذ قانون جديد لمكافحة إزالة الغابات لمدة عام، بعد أن أثار القانون جدلاً واسعاً بين الشركاء التجاريين.
يأتي هذا القرار بعد ضغوط متزايدة من عدة دول وجمعيات صناعية، حيث أثار القانون قلق المصدرين بسبب احتمال تأثيره على توريد سلع رئيسية مثل القهوة، والكاكاو، وزيت النخيل، والتي يعتمد عليها السوق الأوروبي بشكل كبير، وفق “فايننشيال تايمز”.
ينص القانون الجديد على منع استيراد السلع إلى دول الاتحاد الأوروبي إذا تم إنتاجها في مناطق تضررت من إزالة الغابات، وهو جزء من استراتيجية الاتحاد لحماية البيئة والحد من التغير المناخي.
تأجيل القانون وتأثيره
وفقًا لبيان المفوضية الأوروبية الذي نُقل عبر صحيفة "فايننشيال تايمز"، جاء اقتراح التأجيل بعد تلقي ملاحظات من الشركاء الدوليين الذين أشاروا إلى حاجتهم لمزيد من الوقت للاستعداد للتوافق مع المتطلبات الجديدة.
ومن المقرر أن يتم تنفيذ القانون في 30 ديسمبر 2024، على أن يُعطى المصدرون مهلة 12 شهرًا إضافية للتكيف مع هذه القواعد الصارمة.
يجب أن يتم التصديق على الاقتراح من قبل البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبل أن يدخل القانون حيز التنفيذ.
وسيتم تصنيف الدول المصدرة إلى أوروبا حسب مستويات الخطر من ناحية إزالة الغابات، حيث ستعتبر معظم الدول "منخفضة المخاطر"، مما يقلل من التدقيق الذي سيُفرض على صادراتها.
محتوى القانون
يستهدف القانون منع المستهلكين الأوروبيين من المساهمة غير المباشرة في إزالة الغابات من خلال المنتجات التي يستهلكونها.
يشمل ذلك السلع التي تُعد من أبرز أسباب إزالة الغابات مثل القهوة، والكاكاو، والمطاط، والخشب، وزيت النخيل.
ويسعى القانون لضمان أن أي سلعة يتم استيرادها إلى الاتحاد الأوروبي لا تأتي من مناطق تم تدمير غاباتها.
وبالنسبة للدول التي تعتبر ضمن "مخاطر متوسطة أو عالية"، ستخضع صادراتها لرقابة مشددة لضمان الامتثال الكامل لمتطلبات القانون.
ردود الفعل على القانون
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت الانتقادات من قبل عدد كبير من الشركات والجمعيات الأوروبية، حيث دعت 27 جمعية أعمال أوروبية، بمن في ذلك ممثلو المزارعين وناشرو المجلات ومصنعو السلع المختلفة، إلى تأجيل تنفيذ القانون.
وحذروا من أن التنفيذ الفوري قد يؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع في أسعار السلع مثل القهوة وفول الصويا ولحوم البقر والمطاط، مما ينعكس سلباً على الأسواق والمستهلكين.
ودعمت بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، دعوات التأجيل، معتبرة أن الوقت الإضافي ضروري لضمان استعداد السوق للتكيف مع التغييرات الكبيرة التي سيجلبها هذا القانون.
انتقادات الجماعات البيئية
على النقيض من ذلك، أعربت الجماعات البيئية عن قلقها من تأجيل القانون. واعتبر مدير السياسات الأول في منظمة "مايتي إيرث"، جوليان أورام، أن هذا التأجيل يشكل "تخريبًا للطبيعة" ويهدد بتسريع التدمير الصناعي للغابات الاستوائية.
وأشار أورام إلى أن هذا التأجيل يضع أهداف المناخ وحماية الغابات في خطر، ويخدم فقط مصالح شركات تجارية تشتكي من عدم قدرتها على الامتثال السريع للقانون.
وأشار أيضًا إلى أن المفوضية الأوروبية، برئاسة أورسولا فون دير لاين، خضعت لضغوط جماعات الضغط الزراعية والتجارية.
موقف الدول المنتجة
هاجمت عدة دول منتجة للسلع الأساسية مثل البرازيل والهند القانون باعتباره يمثل سياسة تجارية حمائية، على سبيل المثال، عبر مزارعو زيت النخيل في إندونيسيا عن مخاوفهم من أن قواعد مشاركة البيانات المطلوبة للامتثال بالقانون قد تكون عائقاً كبيراً أمامهم.
تشترط إندونيسيا، أكبر مورد لزيت النخيل للاتحاد الأوروبي بنسبة 40% من واردات الاتحاد من هذه السلعة، الحصول على إذن حكومي لمشاركة المعلومات الجغرافية المتعلقة بالأراضي الزراعية، وهو ما لم يتحقق بعد. وتشير التقارير إلى أن الحكومة الإندونيسية ما زالت ترفض الالتزام بأمر المحكمة العليا في البلاد لعام 2017 لنشر خرائط وبيانات مفصلة عن مزارع زيت النخيل، متذرعة بمخاوف تتعلق بالأمن القومي والخصوصية.
تشمل القوانين الإندونيسية حظراً على مشاركة البيانات المتعلقة بحدود الأراضي الزراعية وخرائط الامتيازات، مما يزيد من تعقيد عملية التوافق مع قانون الاتحاد الأوروبي الجديد.
وقد حذرت جمعية زيت النخيل الإندونيسية من أن بعض المنتجين قد يجدون صعوبة في الامتثال دون الحصول على موافقة حكومية على مشاركة هذه البيانات، مما قد يؤدي إلى عدم التزامهم بالقانون الأوروبي.
المخاوف الاقتصادية
في ضوء تلك التعقيدات، حذرت فيديول، وهي الجمعية التي تمثل صناعة الزيوت النباتية في الاتحاد الأوروبي، من أن القانون قد يؤدي إلى نقص كبير في المنتجات الزراعية الأساسية مثل زيت النخيل والقهوة.
وأشارت إلى أن المستوردين الأوروبيين قد يواجهون صعوبات في الامتثال للقانون إذا لم يتم تعديل القوانين الوطنية في الدول المصدرة.
كما أن نظام تكنولوجيا المعلومات الذي يُستخدم لتسجيل الشحنات على مستوى العالم قد يتعرض لضغوط كبيرة بسبب حجم البيانات المطلوب تقديمها من قبل المصدرين للامتثال للقواعد الجديدة.
وقد اتفقت المفوضية الأوروبية على تكثيف المناقشات مع إندونيسيا لمعالجة مخاوفها بشأن خصوصية البيانات وتوفير حلول تسهل الامتثال دون التضحية بأمن البيانات الوطنية.