جاويد رحمان.. المحامي الذي كشف انتهاكات حقوق الإنسان في إيران

جاويد رحمان.. المحامي الذي كشف انتهاكات حقوق الإنسان في إيران
جاويد رحمان - المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران

في داخل هيكل الأمم المتحدة ومناصبها المختلفة على تعدد المؤسسات والهيئات التابعة لها، قد لا يوجد منصب أكثر إثارة من مسؤولية مقرر خاص معني بحالة حقوق الإنسان في دولة من الدول، ولا سيما إن كانت هذه الدولة صاحبة سجل خاص للغاية في الانتهاكات لحقوق الإنسان على جميع الأصعدة، من المرأة التي تم تكبيلها بقيود مفرطة في القسوة طوال عقود، أو الأطفال الذين باتت حقوقهم مهدرة بشكل عجزت أمامه كل المنظمات الدولية وحتى الأقليات الذين لا يزالون يطمحون في الحصول على الحد الأدنى من حقوقهم كمواطنين.

ضغوط عدة ومفارقات بلا نهاية وتخوفات مستمرة، يجد المقرر الخاص بحالة حقوق الإنسان في أي دولة نفسه أمامها، فالدولة المعنية لا تأخذ أبدًا موقف المدافع عن الحالة الحقوقية بداخلها، ولكنها تنتقل إلى مركز الهجوم مستهدفة المقرر بكل السبل والوسائل المتاحة، فوسائل إعلامها تتحول إلى منافذ نقد لاذع له، ومسؤولوها لا حرج لديهم في استخدام أعنف التصريحات في الهجوم عليه من أي منبر أو نافذة أتيحت لهم.

لا يوجد مثال أقرب لكل ما سبق إلا المحامي جاويد رحمان، الذي عين في يوليو 2018 مقرراً خاصاً لمراقبة حالة حقوق الإنسان في إيران، البلد الذي يحتل مرتبة متقدمة في تصنيف يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، ولا يتفاعل مع أي مبعوث أو مسؤول أممي، ويكفي أن إيران وقت تعيينه لم تكن قد سمحت لأي من المقررين الأمميين بزيارة البلاد منذ عام 2005.

تولى الرجل المنصب حتى رحل عنه بعد تعيين ماي ساتو كمقررة خاصة رابعة معنية بحالة حقوق الإنسان في إيران، وطوال فترة عمله قدم الرجل تقارير مختلفة عن انتهاكات قامت بها الدولة الإيرانية ضد حقوق مواطنيها، وتفاعلت معها المؤسسات الدولية التي لمست في الرجل اختلافاً عن سابقيه، على رأسها جراءة وقوة التقارير التي يقدمها.

تقارير حقوقية

لم تترك تقارير الرجل كبيرة ولا صغيرة في إيران تتعلق بحقوق الإنسان إلا وكان لها نصيب، من مسلسل الإعدامات وقمع الاحتجاجات وحقوق النساء والأطفال والسجناء.

ولم تتوقف تقارير المقرر عند الوقت الحالي فحسب، بل وتطرق إلى فترات زمنية ماضية، فكان تقريره الأخير عن عمليات الإعدام الإجرامية في إيران في عامي 1981 و1982، ومذبحة عام 1988، وأكد الرجل أنه وجد خلال بحثه أدلة على "إبادة جماعية" و"جرائم ضد الإنسانية" ضد الأقليات والجماعات العِرقية، بمن في ذلك البهائيون والأكراد والسجناء السياسيون الذين أُعدموا في عامي 1981 و1988.

ووصف الرجل ما رصده خلال توليه المسؤولية قائلاً "الفظائع المرتكبة في جميع أنحاء إيران هي أسوأ وأفظع انتهاكات حقوق الإنسان في التاريخ الحديث، والتي تم التخطيط لها من قبل مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى".

تقدير دولي واسع

حظي جاويد رحمان بتقدير دولي واسع إزاء ما قدمه، فمؤخراً قدمت منظمة عالم بلا إبادة تكريمًا خاصاً له تقديراً لالتزامه الثابت بحقوق الإنسان الدولية وجهوده في تعزيز العدالة لضحايا مجزرة 1988 للسجناء السياسيين في إيران.

ولد جاويد رحمان في 1967 بمدينة فيصل آباد، وهي ثالث أكبر مدن باكستان، تخرج في جامعة البنجاب، في باكستان بعد دراسة القانون، وأيضًا حصل على بكالوريوس القانون من جامعة ريدينج، وحصل على ماجستير في القانون الدولي، من جامعة هل، ومن الجامعة نفسها حصل أيضًا على الدكتوراه عن "تحليل حقوق الأقليات في القانون الدولي.

جاويد رحمان الآن هو أستاذ قانون في جامعة برونيل بلندن، وكان سابقاً أستاذاً للقانون في معهد العدالة الانتقالية بجامعة أولستر (2002-2005) ومحاضراً في كلية الحقوق بجامعة ليدز (1996-2002)، وعمل سابقاً مع الأمم المتحدة في قضايا حماية الأقليات وحظر التعذيب.

مسيرة أكاديمية 

ويتمتع بمسيرة أكاديمية متميزة مع إنجازات كبيرة، حيث نشر أكثر من 180 بحثاً، بما في ذلك 20 كتاباً ألفها أو شارك في تأليفها أو تحريرها، ويعتبر كتابه الضخم "القانون الدولي لحقوق الإنسان" أحد أكثر التحليلات موثوقية وشمولاً للموضوع، وله كتب أخرى منها "كشف الأخلاق الدينية"، و"حكم القانون وحرية التعبير والشريعة الإسلامية" و"ممارسات الدولة الإسلامية والقانون الدولي والتهديد من الإرهاب"، و"الإرهاب والقانون الدولي".

ويتولى مسؤولية المحرر العام المنسق ورئيس تحرير الكتاب السنوي الآسيوي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، وسلسلة القانون الإسلامي في سياقه، والدستورية المقارنة في الدول ذات الأغلبية المسلمة، وأشرف على 25 طالب دكتوراه وفحص أكثر من 150 طالب دكتوراه في جامعات مختلفة.

في عام 2010، أثناء زيارة البابا بنديكتوس الخامس إلى المملكة المتحدة، تمت دعوة الأستاذ رحمان لمقابلة البابا وحصل على الميدالية البابوية تقديراً لخدماته في تطوير الحوار بين الأديان والعمل على حرية الدين أو المعتقد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية