بعد انتشارها في عدة دول.. «جسور بوست» تحاور صاحب مبادرة ذاتية لمساندة اللاجئين
بعد انتشارها في عدة دول.. «جسور بوست» تحاور صاحب مبادرة ذاتية لمساندة اللاجئين
المبادرة تقوم على مبدأ إنساني وحقوقي وتستهدف مساندة الآخر دون اعتبارات الدين أو اللون أو اللغة
المساعدات جميعها فردية وذاتية ولا يمولنا رجال أعمال ولا نعمل بالسياسة
رأيت ويلات الحروب.. وأكثر ما مر بي من فظائع إخراج الناس من أسفل منازلهم أو إعادة فتيات مخطوفات إلى أسرهن
المبادرة ساعدت أفراداً من العراق وسوريا واليمن وأوكرانيا.. ونهتم أكثر باللاجئين
المساعدة عن طريق صفحة المبادرة على “فيسبوك”.. نُدوّنْ عن الحالة وعلى من يرغب في المساعدة التواصل معها مباشرة
دوري همزة وصل بين المحتاج والمتبرع.. وهناك مساعدات كثيرة تقدم حول العالم
توعية اللاجئ أنه ليس عبئاً وإنما فرد يستطيع العمل والمساهمة في نهضة الدولة المضيفة
أفضل الأعمال الإنسانية تلك التي لا تنتظر مقابلاً لها، بل تنبع من القلب ومن رغبة لدى الإنسان في العطاء وعمل الخير، ينطلق الإنسان المتطوع من إحساسه بالمسؤولية تجاه من وما حوله ومحيطه الإنساني والمكاني، أينما حل يُزهر، كنبتة ينال شذاها القريب والبعيد وبلا مقابل.
من هؤلاء نادر العوا هولندي من أصل عربي، دشن مبادرة "الإنسان أخو الإنسان"، تعد همزة وصل تصل اللاجئين وغيرهم من المحتاجين من دول عربية وأوروبية، بغيرهم ممن يستطيعون تقديم المساعدة، دون اعتبار لاختلاف العرق أو اللغة أو الدين.
وتنشط المبادرة في أوقات الأزمات العالمية كالغزو الروسي لأوكرانيا مؤخرًا، وقبلها فاجعة "كوفيد-19"، وانفجار المرفأ في بيروت، والحرب في سوريا والعراق واليمن وغيرها.
وتنتشر المبادرة في الشرق الأوسط وبعض دول أوروبا منها" هولندا، تركيا، سوريا، العراق، مصر، المغرب"، وهي فردية لا تنتمي لحزب ولا طائفة، وسيلة تواصلهم الموقع الشهير "فيسبوك".
وطبقًا لأرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كان هناك بحلول منتصف عام 2021 حوالي 26.6 مليون لاجئ، و4.4 مليون طالب لجوء، في مختلف أنحاء العالم، وتقاعس المجتمع الدولي عن تقديم الدعم الملائم للوصول لها.
ووفقًا للتقرير السابق، فكثيرًا ما كان أولئك عرضة لسلسلة من الانتهاكات، بينما ساد الإفلات من العقاب عن أنماط الانتهاكات واسعة النطاق، مثل رد اللاجئين والمهاجرين على أعقابهم والعنف الجنسي.
"جسور بوست" حاورت صاحب المبادرة، للوقوف على طبيعة عملها وما تقدمه للاجئين حول العالم من خدمات.
المبادرة واجب إنساني
قال نادر العوا: "إن قوامها فكرة، وسبب استمرارها مبدأ إنساني وحقوقي، وهو أن مساندة الآخر حق فرضته الأخوة وواجب إنساني، ولذا تسمى المبادرة بـ"الإنسان أخو الإنسان"، وهي عامة تتسع للجميع أوروبي وعربي، لا تمييز فيها على أساس الدين أو اللون أو العرق، هدفها أن نكون إخوة متحابين، مثلما قال الرسول "المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا"، بدأت كفكرة في عام 2005، وكانت وسيلتنا للتواصل الموقع الشهير "فيسبوك"، واستمرت واشتد عودها في المحن التي مر بها العالم حتى يومنا هذا، من ثورات وحروب وأوبئة كـ"كوفيد-19"، كان التركيز وقت إنشائها على اللاجئين خاصة من العراق إلى سوريا، وكنا نحن الأنصار الذين استقبلناهم كما فعل الرسول، خاصة أنه لم يكن هناك كثير من منظمات وجمعيات المجتمع المدني مثل الآن، وبسبب ذلك تعرضوا لكثير من الاستغلال والوصم والتمييز".
وعن فكرة المبادرة يتابع نادر، "ذهبت لعائلة لاجئة كأخ، وليس كفاعل خير أو متطوع، بدأت أساعدهم كيف يؤجرون منزلًا، وأين هي أماكن العيادات والأسواق وغيرها من الأمور الحياتية، ثم ذهبت إلى عائلة ثانية وثالثة وتضاعف العدد، فبدأت في توسيع الدائرة، أصل من يرغبون في المساعدة بالأسر، كنت أولًا أجري للأسرة مقابلة أستمع إليهم وأتأكد من احتياجهم فعليًا بالحديث مع الأطباء المشرفين على حالتهم أو مسؤولي المدارس، وبعد فترة قصيرة أصبحت مسؤولًا عن ما يزيد على 2000 أسرة، وبدون مقابل.
لا نسمح لأحد باستغلالنا
قال نادر: "إن المساعدات جميعها فردية وذاتية، ولا يمولنا رجال أعمال ولا نعمل بالسياسة، وظيفتي تتلخص في الكتابة عن الحالة على صفحة المبادرة على "فيسبوك"، وعلى من يرغب في المساعدة التواصل معي وبدوري أصله بالحالة، نعم أنا همزة وصل بين المحتاج والمتبرع ليس أكثر، وهناك مساعدات كثيرة، وتأتي المساعدات من أشخاص يريدون التبرع وعمل الخير، وهؤلاء أيضًا أجري معهم مقابلات لتفادي الباحثين عن الشهرة الذين يستغلون المحتاجين أو المرضى النفسيين، وأصل الطرفين ببعض وينتهي دوري المقتصر على تآخي العالم وهكذا أكون ساعدت آلافا من البشر".
ويضيف: "بهذه الطريقة نستطيع مساعدة الفقراء واللاجئين في العالم، حيث لا يتجاوز عددهم 50 مليون لاجئًا، بينما تعداد العالم يزيد على 6 مليارات، فلو كل 4 أفراد من المقتدرين ساندوا، فردًا لاجئًا لانتهت مشكلتهم".
وعن الخبرة في المساعدة من أين اكتسبها وكيف يوظفها شرح نادر: "الخبرة اكتسبتها من تطوعي مع الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني منذ كنت طالبًا أدرس في مصر، وكانت هذه الجمعيات تساعد اللاجئين السودانيين، ولكن عندما انتقلت إلى سوريا وجدت نفس الوضع فاستمر نشاطي، حتى بعدما أصبحت مواطنًا هولنديًا لم أتوقف، من المهم جدًا أن يبدأ الإنسان بنفسه، ابدأ بنفسك، وستتغير حياتك بعدها، ولربما هذا السبب في التحاقي بعمل في الأمم المتحدة، ولم يكن يخطر على بالي، لقد كان شيئا خرافيًا".
وعن أكثر ما قدمه من مساعدة وضح نادر: "أكثر الحالات التي ساعدت بها، ليست حالات معينة، كل ما يمر به إنسان في هذا العالم رأيته وحاولت المساعدة به، الحروب ليس بها خطأ وصواب ولا تخضع لقوانين، لكن فيها أناسا إما أن تستغل المحتاج، وآخرين يساعدونك مساعدة حقيقة، لقد رأيت كل ويلات الحروب وآثارها على الشعوب، من تشرد وأمراض وجروح، من أكثر ما مر بي من فظائع إخراج الناس من أسفل منازلهم حال القصف، أو إعادة فتيات مخطوفات إلى أهاليهن، أشياء صعبة خاصة الذين يتعرضون لمجاعة، وقصف يحاوطك ضرب النار وأنت لا حول ولا قوة لك".
دعم نفسي للاجئي أوكرانيا
وعن نوع المساعدات التي قد تقدمها المبادرة للاجئين استطرد نادر: "اللاجئ الأوكراني تساعده الدول المستضيفة، من حيث توفير السكن والعلاج والمدارس، ولكنه يحتاج لدعم نفسي، لكن من يحتاج فعلًا إلى مساندات مادية هم اللاجئون العرب، الذين يتعرضون لمشاكل كثيرة، ويستخدمون أحيانًا كفزاعة للشعوب تُلقى عليهم إخفاقات الدول، وما نوعي به اللاجئ أنه ليس عبئا، إنما هو فرد يستطيع العمل والمساهمة في نهضة الدولة المضيفة، كما يحدث الآن مع اللاجئين السوريين في لبنان، حيث يلقى عليهم اللوم فيما يحدث لهم من انهيار".
وتابع: “نقدم أيضًا المعلومات وننقل لهم الخبرة، فأول شيء يحتاجه اللاجئ المعلومات، عن أماكن السكن والطعام منخفض السعر، والعلاج والمدارس ومصاريف الدراسة، ومن المهم جدًا أن يشعر اللاجئ بأن هناك من يقف بجانبه، إن لم يكن دعمًا ماديًا فليكن دعمًا معنويًا، مما يوفر له الراحة،وكل إنسان يستحق أن يكون له أخ إنسان”.