عقب ارتفاع الإصابات والوفيات.. هل يطرق متحور كورونا أبواب العالم مجدداً عبر إيطاليا؟
عقب ارتفاع الإصابات والوفيات.. هل يطرق متحور كورونا أبواب العالم مجدداً عبر إيطاليا؟
بمخاوف جديدة يعود متحور فيروس كورونا المستجد (إكس إي سي) ليحتل صدارة اهتمام العالم بعد ارتفاع عدد الوفيات والإصابات في إيطاليا إلى أكثر من 11 ألفا، ما ينذر بشتاء مقلق في أوروبا.
والسبت الماضي، أعلنت وزارة الصحة الإيطالية في بيان، عن ارتفاع عدد الوفيات إلى 117 حالة، فيما بلغت الإصابات 11 ألفا و433 حالة، حيث كانت الفئات العمرية من 80 سنة فأعلى هي الأكثر تأثرًا بالمتحور الجديد من الفيروس.
وفي أغسطس 2024، تم اكتشاف المتحور (إكس إي سي) لأول مرة في ألمانيا، إذ قال الخبراء آنذاك إن التقديرات الأولية تشير إلى أنه يتسم بسرعة النمو مقارنة بالمتغيرات الأخرى المتداولة، لكنه ليس متحوراً جذرياً مختلفاً عن سابقيه.
عودة ظهور الفيروس
وأدت عودة ظهور فيروس كورونا في إيطاليا إلى زيادة ملحوظة في حالات دخول المستشفيات والعناية المركزة، واتباع الإجراءات الوقائية مثل ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، إذ يتفاقم الوضع بسبب تفشي الإنفلونزا، ما يؤدي إلى مزيد من الضغط على نظام الرعاية الصحية.
ويقول مديرو معاهد البحوث في الولايات المتحدة وأوروبا، إن متحور (إكس إي سي) لا يزال في بدايته، وقد بدأ يسيطر على المشهد ويكون المتحور السائد، ولكن ذلك الأمر من المتوقع أن يستغرق شهورا.
وتتزايد مخاوف الدول الأوروبية من انتشار فيروس كورونا المستجد نتيجة ظهور متغيرات جديدة للفيروس، ما يهدد بعودة موجات تفشٍ جديدة في بعض المناطق بالعديد من الدول الأوروبية.
وتأتي هذه المخاوف في سياق انتشار مصطلح "ترايديميك"، والذي يشير إلى التزامن بين انتشار فيروس كورونا والإنفلونزا وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، ما يزيد من الضغط على الأنظمة الصحية في الدول الأوروبية.
ويختتم عام 2024 الأشهر الأخيرة، وسط تزايد المخاوف من ظهور متحولات جديدة لفيروس كورونا، في مشهد أقرب لإعادة سيناريو عام 2019 الذي شهد النسخة الأولى لانتشار الفيروس، حيث لا يزال الفيروس يمثل تحديًا صحيًا على مستوى العالم.
وبعد 5 سنوات تطور الوضع مقارنةً بالسنوات الأولى للجائحة، حيث ظهرت متغيرات جديدة للفيروس، بعضها مثير للقلق بسبب القابلية العالية للانتشار أو التأثير المحتمل على فاعلية اللقاحات، الأمر الذي يستدعى متابعة منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الصحية الدولية عن كثب.
حقائق وإرشادات
وفيروس كورونا، هو مرض معدٍ يعاني معظم الأشخاص المصابين به من أمراض تنفسية خفيفة إلى متوسطة ويتعافون دون الحاجة إلى علاج خاص، ومع ذلك قد يصاب البعض بمرض خطير ويتطلب رعاية طبية، مثل كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة كالقلب والأوعية الدموية والسكري وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة أو السرطان.
وبحسب تعليمات منظمة الصحة العالمية (WHO)، يمكن لأي شخص أن يصاب بمرض فيروس كورونا أو يموت في أي عمر، وأن أفضل طريقة لمنع انتقال العدوى وإبطائها هي أن تكون على علم جيد بالمرض وكيفية انتشار الفيروس.
والحفاظ على مسافة متر واحد على الأقل من الآخرين قد يحمي من الإصابة بالعدوى، إضافة إلى ارتداء قناع مناسب، وغسل يديك أو استخدام مطهر يحتوي على الكحول بشكل متكرر، والحصول على التطعيم المناسب.
ويمكن أن ينتشر الفيروس من فم أو أنف الشخص المصاب في جزيئات سائلة صغيرة عند السعال أو العطس أو التحدث أو الغناء أو التنفس، وتتراوح هذه الجسيمات من قطرات الجهاز التنفسي الكبيرة إلى الهباء الجوي الأصغر.
ورغم التطورات المستجدة، فإن العديد من البلدان قامت بإعادة توجيه بعض الإجراءات الوقائية مثل ارتداء الكمامات في الأماكن الصحية والتجمعات العامة، لمحاولة السيطرة على الانتشار المتزايد للفيروس وحماية الفئات الأكثر ضعفا مثل كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
وبشكل عام فإن متحور كورونا الجديد مجرد عائلة فرعية من نفس سلالة أوميكرون، إذ يقول الخبراء إنّ مواكبة اللقاحات والجرعات المعززة من شأنه أن يوفر حماية كافية ضد الأمراض الشديدة والاستشفاء.
والطفرات هي عبارة عن تغييرات في التسلسل الجيني للفيروس؛ وتحدث بشكل طبيعي عندما يتكاثر الفيروس، ومع كل دورة من التكاثر، قد تحدث أخطاء صغيرة في نسخ المادة الجينية، وهذا يؤدي إلى ظهور متحورات جديدة.
وبحسب الأبحاث العلمية، فإن بعض هذه الطفرات قد تكون غير مؤثرة، بينما بعضها الآخر قد يمنح الفيروس ميزات جديدة مثل زيادة قدرته على الانتقال أو الهروب من الاستجابة المناعية.
ومن المتوقع أن ترتفع حالات الإصابة مع قدوم فصل الشتاء، نتيجة الطقس البارد وانتشار الفيروسات بشكل أكبر داخل الأماكن المغلقة، لكن قد لا يكون هذا الارتفاع مرتبطاً فقط بالمتحور الجديد.
أبرز الأعراض
وبحسب الأطباء والمتخصصين، فإن الأعراض المصاحبة للإصابة بفيروس كورونا المستجد (إكس إي سي) هي نفسها أعراض الزكام وارتفاع في درجة الحرارة والشعور بآلام والاعتلال العام والسعال أو الالتهاب في الحلق.
ووفق التقديرات الأولية، تتحسن حالة أغلب المصابين خلال أسابيع قليلة من الإصابة بالفيروس، لكن قد يأخذ التعافي وقتا أطول، حيث طرأ على الفيروس طفرات جديدة.
وأوصى الأطباء بضرورة الحفاظ على مسافات بين الأشخاص حتى لا تنقل إليهم العدوى، إضافة إلى عدم اللجوء إلى المعاناة في صمت، وطلب المساعدة في حالة الإصابة من الأصدقاء والعائلة، وحتى في حال ظهور أعراض خفيفة أو متوسطة يتعين على المصابين التوجه إلى المستشفيات فورًا.
وفي الغالب يشعر المصاب بضيق شديد في التنفس لدرجة تعجز معها عن التفوه بعبارات قصيرة أو تتردى القدرة على التنفس، ويستمر السعال لفترات طويلة، ويتعرق الجسم رغم الشعور بالبرد، وقد يتغير لون الجلد أو تظهر عليه بعلامات طفح أو ما يشبه كدمات صغيرة أو نزيف تحت الجلد، إلى جانب الإصابة بدوار والشعور باضطراب أو توتر أو بنعاس شديد، وتوقف التبول، أو انخفاض معدل التبول عن المعتاد.
مراقبة التطورات
وأعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء الوضع، حيث أشارت إلى زيادة في عدد الإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا بنهاية عام 2023 وبداية 2024، مع تسجيل ارتفاع في معدلات الدخول إلى وحدات العناية المركزة في بعض الدول.
وتواصل المنظمة الأممية مراقبة تطورات فيروس كورونا المستجد عن كثب، مع التركيز بشكل خاص على المتغيرات الجديدة للفيروس التي قد تشكل خطرًا أكبر على الصحة العامة، كما تصدر تحذيرات بشأن بعض المتغيرات المثيرة للقلق والتي قد تؤثر على فاعلية اللقاحات وزيادة معدلات الانتشار، إلى جانب التركيز على أهمية التطعيمات المستمرة، خاصة للفئات الأكثر عرضة للخطر، لضمان تحصين المجتمع ضد الفيروس.
بالإضافة إلى ذلك، أصدرت المنظمة توصيات مستمرة للحكومات حول كيفية إدارة الأزمات الصحية المستقبلية الناجمة عن الوباء، بما في ذلك تعزيز البنية التحتية الصحية والاستعداد لموجات محتملة من المتغيرات الجديدة، وأكدت أهمية الاستجابة السريعة لزيادة حالات العدوى والاهتمام بإجراءات الوقاية مثل ارتداء الكمامات في المناطق العامة وتجنب التجمعات الكبيرة.
ولا تزال منظمة الصحة العالمية تشدد على أهمية التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين الدول لضمان التعامل الفعال مع أي تطورات جديدة مرتبطة بفيروس كورونا في عام 2024.
انتشار مرتقب
بدوره، قال أستاذ أمراض الصدر والحساسية بكلية الطب جامعة الأزهر بمصر الدكتور طه عبد الحميد، إن المتحور الجديد (إكس إي سي) لن يكون هو النسخة الأشد قسوة من فيروس كورونا، لأن التركيب الجيني للفيروس متطابق بنسبة تتجاوز 90 بالمئة مع نظيره للفيروس التاجي، وبالتالي فإن الجهاز المناعي لجسم الإنسان أصبح في حالة أشبه بالتعود على الإصابة به ومقاومته.
وأوضح الدكتور عبد الحميد في تصريحه لـ"جسور بوست" أنه من المتوقع أن يتعرف جسم المصاب بسهولة على المتحور الجديد وينجح في إنتاج أجسام مضادة لمقاومته في حالة عدم التحول إلى التهاب رئوي، داعيا كل المصابين بأمراض صدرية أو أمراض مزمنة أو كبار السن إلى التوجه للمستشفيات سريعا فور الاشتباه بالإصابة بمتحور كورونا.
وأضاف: "من المرجح أن ينتشر هذا المتحور بصورة كبيرة في دول المنطقة العربية خلال فصل الشتاء المقبل، لا سيما في ظل تفشي عدة عوامل أبرزها انعدام الوعي الصحي للشعب العربي، وغياب ثقافة عزل المرضى داخل المنازل، وعدم التشديد على الإجراءات الوقائية في المواصلات والأماكن العامة".
وبدوره، أشار الطبيب بالحجر الصحي بمطار الأقصر الدولي وأخصائي أمراض النسا والتوليد بالقصر العيني الدكتور مينا نبيل، إلى أن سرعة علاج أعراض الإصابة بالمتحور الجديد من فيروس كورونا تساعد بشكل كبيرة على تعافي المصابين قبل تدهور الحالة الصحية إذا ما تحولت الإصابة إلى التهاب رئوي.
وأوضح نبيل في تصريحه لـ"جسور بوست" أن أعراض المتحور الجديد لن تختلف عن سابقيه، كما أن تعاطي اللقاحات سيكون له تأثير كبير على التعافي، لا سيما أن جميع المتحورات لفيروس كورونا تتشابه بشكل كبير مع نسخته الأولى "كوفيد 19"، الأمر الذي لن ينذر بتفاقم الأزمة الصحية في المنطقة العربية.
ودعا الطبيب المصري جميع المواطنين إلى توخي الحرص أثناء التواجد داخل التجمعات، والالتزام بالإجراءات الوقائية كالتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات الطبية، وسرعة التوجه للأطباء فور الاشتباه بالإصابة، وذلك لتحقيق التعافي السريع دون وقوع مضاعفات صحية خطيرة.