بين السبورة والسجون.. قمع مستمر يخنق أصوات المعلّمين في إيران

بين السبورة والسجون.. قمع مستمر يخنق أصوات المعلّمين في إيران
وقفة للمعلمين في إيران- أرشيف

في إيران، حيث يُفترض أن يحمل المعلّم رسالة العلم والمعرفة، يجد الآلاف من العاملين في قطاع التربية أنفسهم محاصرين بين مطرقة المطالب المعيشية وسندان القمع الأمني. 

فمنذ احتجاجات 2021، لم تغلق بعد ملفات المعلمين في المحاكم، بل ازدادت تعقيدًا مع استمرار الاعتقالات، والفصل من العمل، وأحكام السجن التي طالت أبرز الوجوه النقابية، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الثلاثاء.

وعلى الرغم من الوعود التي حملتها حكومة الرئيس مسعود بزشكيان بإحداث إصلاحات في السياسات التعليمية والتربوية، فإن المعلمين يؤكدون أن شيئًا لم يتغير؛ فما زالت المطالب تُقابل بالاستدعاءات الأمنية، وما زال صوت النقابات المستقلة يُخنق في صالات التحقيق، بدلًا من أن يُسمع في قاعات الحوار.

معلمون يفضلون الصمت

في زاوية صغيرة من صالون محكمة أو ممرات وزارة التربية، تنتظر ملفات معلمين اعتُقلوا أو فُصلوا بسبب مشاركتهم في وقفات سلمية. 

محمد حبيبي، المتحدث باسم المجلس التنسيقي للنقابات المهنية للمعلمين، يقول إنّ الحكومة الجديدة لم تُحدث أي تغيير في التعامل مع مطالبهم، بل إن كثيرًا من المعلمين يفضّلون الصمت وعدم كشف معاناتهم للإعلام خوفًا من الملاحقة.

وفي مايو 2021، على سبيل المثال، اعتُقل عدد من معلمي محافظة فارس، ومن بينهم أفشين رزمجوي، المعلّم المتقاعد من شيراز، الذي صدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات بتهمة "العمل ضد أمن الدولة". 

وعلى الرغم من تخفيف الحكم لاحقًا إلى عامين، خرج رزمجوي من السجن بسوار إلكتروني يقيّد حركته ضمن نطاق لا يتجاوز الألف متر، ما جعله عاجزًا عن العودة إلى عمله الطبيعي في التدريس.

أحد مؤسسي نقابة المعلمين

المشهد ذاته تكرر في بوشهر مع محمود ملاكي، أحد مؤسسي نقابة المعلمين، الذي فوجئ بقرار فصله من عمله بعد عقدين من الخدمة، رغم نفيه المشاركة في احتجاجات ديسمبر 2021. 

أما في كِرمان، فقد طالت الأحكام ثمانية معلمين بالسجن، فيما واجه أبوالفضل خوران حكمًا بخمس سنوات على خلفية مشاركته في مراسم إحياء أحد قتلى احتجاجات 2021.

من بين أبرز الوجوه النسائية في هذه الاحتجاجات، تبرز كوكب بداغي بكاه، المعلمة من مدينة إيذه، التي تواجه حكمًا بالسجن ست سنوات بسبب خطاباتها العلنية، وتقول إنها منذ ديسمبر 2021 تُستدعى مرارًا للتحقيق، فقط لأنها طالبت علنًا بحقوق المعلمين ورفعت صوتها من أجل زملائها المعتقلين.

أزمة بلا أفق

المطالب التي رفعها المعلمون منذ 2021، والمتعلقة بتحسين الرواتب وإقرار الرتب المهنية، لا تزال قائمة دون استجابة حقيقية، لكن أثمانها تضاعفت: اعتقالات، فصل من العمل، تقييد للحريات، وأحكام قاسية تجعل مهنة التدريس في إيران محاطة بخطر دائم.

وبينما يردّد الرئيس بزشكيان في خطابه أن "إصلاح البلاد لا يتم بالشعارات ولا بالقوة"، يرى المعلمون أن الشعار الذي يواجهونه في حياتهم اليومية هو السجن والإقصاء، لا الإصلاح ولا الحوار.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية