«التنمية الآسيوي»: فجوة تمويلية تهدد حقوق الفئات الضعيفة بآسيا أمام تغير المناخ

«التنمية الآسيوي»: فجوة تمويلية تهدد حقوق الفئات الضعيفة بآسيا أمام تغير المناخ

أطلق بنك التنمية الآسيوي تحذيرًا بشأن فجوة تمويلية كبيرة تعاني منها منطقة آسيا والمحيط الهادئ في جهود التكيف مع التغير المناخي، وفقا لصحيفة "فايننشال تايمز".

ووفق الصحيفة، أوضح البنك، الذي يتخذ من مانيلا مقرًا له، أن هذه المنطقة ذات الكثافة السكانية العالية تحتاج إلى زيادة ضخمة في التمويلات السنوية التي تتراوح ما بين 102 إلى 431 مليار دولار للفترة من عام 2023 إلى عام 2030، لتتمكن من مواجهة المخاطر المناخية المتزايدة.

يأتي هذا في وقت لم تتجاوز فيه التمويلات المتاحة في العام الماضي 2022 سوى 34 مليار دولار، وهو ما يعكس فجوة ضخمة بين احتياجات التمويل والتدفقات المالية الحالية.

وأشار البنك في تقريره إلى أن هذه الفجوة التمويلية الهائلة تشكل عائقاً كبيراً أمام قدرة الدول في المنطقة على حماية سكانها وضمان حقوقهم في بيئة آمنة ومستقرة. 

ويؤكد التقرير أن نقص التمويل يعيق القدرة على تنفيذ مشاريع مهمة تهدف إلى حماية المناطق الساحلية وسكانها من أخطار ارتفاع مستوى مياه البحر والفيضانات النهرية، فالمناطق الساحلية، التي تُعد من بين أكثر المناطق المأهولة بالسكان في آسيا، معرضة بشكل خاص لأخطار كبيرة نتيجة لارتفاع منسوب البحار وزيادة تواتر وشدة الفيضانات.

تمويل مشاريع الحماية

أوضح التقرير أن حوالي نصف التمويلات اللازمة في المنطقة ينبغي توجيهها نحو حماية المناطق الساحلية والمناطق المجاورة للأنهار، والتي تشهد كثافة سكانية مرتفعة وتتعرض بشكل مستمر لمخاطر الفيضانات وتآكل السواحل.

وأشار البنك إلى أن هذه المناطق تعد من بين الأكثر هشاشة في مواجهة التغيرات المناخية، لا سيما في ظل زيادة تواتر الظواهر المناخية القاسية كالأعاصير المدارية والتايفون، التي تؤدي إلى دمار واسع النطاق وتأثيرات سلبية على حياة الملايين.

وتوقع التقرير أن الأضرار الناتجة عن الأعاصير المدارية والعواصف قد تتضاعف في سيناريوهات الانبعاثات العالية، وذلك نتيجة تركيز هطول الأمطار وذوبان الجليد في الأنهار الجليدية.

تؤثر هذه الكوارث الطبيعية بشكل مباشر على قدرة السكان على الاستمرار في العيش في مناطقهم، مما يزيد من احتمالات النزوح الجماعي ويهدد حقوق الملايين في الوصول إلى الموارد الأساسية مثل المياه النظيفة والغذاء.

دعوة لزيادة التمويلات

وفي سياق التحذير من خطورة الأوضاع، دعا بنك التنمية الآسيوي الدول المتقدمة إلى زيادة التزاماتها المالية تجاه الدول النامية في جهود التكيف مع التغير المناخي. 

وأشار التقرير إلى أن قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة"كوب29" المزمع عقدها قريبًا ستكون فرصة حاسمة لزيادة الدعم المالي للبلدان النامية التي تتحمل العبء الأكبر من تأثيرات التغير المناخي، على الرغم من كونها الأقل مساهمة في الانبعاثات العالمية.

يغطي تقرير بنك التنمية الآسيوي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي تضم 49 عضواً من أعضاء البنك، بما في ذلك بعض الدول الكبرى المنتجة للنفط والغاز، مثل الصين، التي تعد أكبر ملوث عالمي، وأذربيجان، التي تستضيف قمة المناخ هذا العام وتستمر في زيادة إنتاجها من النفط والغاز.

ويحث التقرير على توجيه المزيد من التمويل من القطاعين العام والخاص، لحماية البنية التحتية الحيوية، وتأمين سبل العيش، وضمان الأمن الغذائي والمائي في مواجهة التحديات المناخية المتزايدة.

أرقام قياسية للحرارة

ووفقًا للبيانات الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يُتوقع أن يكون عام 2023 الأكثر حرارة في التاريخ، وذلك بعد تسجيله مستويات غير مسبوقة من انبعاثات الغازات الدفيئة.

وذكرت المنظمة أن الهدف الرئيسي لاتفاقية باريس للمناخ، والمتمثل في تقليص الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2019، لن يتحقق إلا من خلال تعهدات مالية ودولية ضخمة للحد من الاحترار العالمي.

ووفقًا للتقرير، فقد بلغت درجات حرارة سطح البحر، وحرارة المحيطات، وتحمضها، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتراجع الجليد البحري في القطب الجنوبي، وذوبان الأنهار الجليدية أرقامًا قياسية جديدة هذا العام.

وازدادت تواتر موجات الجفاف في بعض المناطق، بينما تعاني مناطق أخرى من أمطار غزيرة وفيضانات أدت إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة.

ويشير التقرير إلى أن هذه التغيرات المناخية المتسارعة تشكل خطرًا على استقرار النظام البيئي العالمي.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية

وأبرز بنك التنمية الآسيوي في تقريره الآثار السلبية للتغير المناخي على الاقتصاد والمجتمع في المنطقة، حيث أشار إلى أن هذه الآثار ستكون أشد وقعاً على الفئات الضعيفة والمجتمعات ذات الدخل المنخفض.

وبحسب التقرير، فإن سيناريو الانبعاثات العالية قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في آسيا والمحيط الهادئ بنسبة تصل إلى 17% بحلول عام 2070، وهو ما يعكس التأثيرات الاقتصادية السلبية الناتجة عن ارتفاع منسوب البحر والكوارث المناخية الأخرى.

ويحذر التقرير من أن هذه التغيرات ستؤثر بشكل سلبي على حقوق الأفراد في العمل والصحة والسكن، إذ ستزداد نسبة الفقر بسبب تراجع النمو الاقتصادي في بعض الدول.

يؤدي ذلك إلى تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية، حيث يصبح من الصعب على المجتمعات المتأثرة الحفاظ على سبل العيش، مما يزيد من احتمال الهجرة والنزوح الجماعي بحثاً عن بيئات أكثر استقراراً.

حث بنك التنمية الآسيوي على ضرورة التزام دول المنطقة، بمساعدة المجتمع الدولي، بتوفير التمويلات اللازمة لتعزيز الدفاعات الساحلية وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، وذلك لضمان حقوق الأفراد في العيش في بيئة آمنة ومستقرة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية